darbovar

شارك على مواقع التواصل

(رامي)
ما إن اقترب سمير من سوهاج حتى قام بإفاقة رامي من نومه المتقطع حيث كان يهتز بشدة طوال الطريق، حتى أن سمير شعر عليه بالخوف؛ فهو لم يستيقظ حتى الآن، وعزم على أخذه إلى منزله؛ ليرى ما قصة هذا الرجل.
دخل سمير حاملًا رامي على كتفه، ففزعت زوجته سلمى بهذا المنظر؛ لأنها ظنت أن زوجها صدمه بسيارته، ولكنه طمأنها أنه فقط مريض، وقد حمله إلى هنا؛ لتفحصه والدته الحكيمة.
بعد ساعة أتت الست أمينة والدة سمير إلى المنزل، وما أن خطت بقدميها إلى البيت سرت في جسدها قشعريرة أخذت تسري به دون توقف، حتى سقطت على ركبتيها، واستمرت على هذا الوضع لمدة كبيرة، بينما يحاول سمير إمساكها، وهي تردد:
_ليس مرة أخرى .... ليس مرة أخرى..
حاول سمير معها حتى بدأت تهدأ
_سمير: مالك يا ماما؟ إيه اللي حصل؟
_الست أمينة : مش هعيده تاني، مش هعيده تاني أبدًا، لا لا أبدًا، إيه الريحة دي؟ إيه القوة اللي في المكان دي؟ إيه الظلال اللي حواليا دي؟ هيمسكوني!
لا أنا عملت كل حاجة بس مكانش قصدي؛ كنت خايفة بدافع عن نفسي، ليه راجعة تاني؟ عارفة إن أنا السبب، سيبيني في حالي، ابعدي عني!
_سمير: مالك يا ماما فوقي!
_سلمى : اهدي يا ماما، اهدي يا حبيبتي، وقوليلنا ايه اللي حصل.
لم تكد تبدأ الست أمينة في الحديث، حتى اهتزت جوانب المنزل بأكملها، النوافذ تُفتَح وتُغلق، المرايات تتفجر، والأبواب تتطاير في الجو، البيت بأكمله يهتز بقوة.
صرخ سمير في زوجته أن تحمل والدته معه، ولكن خرج صوتًا من العدم، ليهدأ كل شيء:
_لم أنسَ يا أمينة، تذكري ما فعلتِه.
ارتعبت أمينة إثر هذا الصوت، حتى وقعت مغشيًا عليها... استغرق سمير قرابة الساعة يحاول إفاقة والدته بعدما فقدت الوعي، ثقُل لسانها، وبدأت في التأتأة حتى هدَّأها سمير، كما شرعت سلمى في البكاء على حماتها التي تبدو خائفةً من كل ما حولها.
_سمير: اهدي يا ماما اهدي أنتِ هنا بيننا، قوليلنا ايه اللي حصل؟
_الحكاية بدأت في أكتوبر ١٩٩١.
أكتوبر١٩٩١
_إيه يا حبيبتي الحفلة عجبتك؟ كنتِ مولعاها رقص يا أمينة!
_أمينة : يا راجل اسكت، وأنت اللي مكنتش بترقص يعني يا صابر؟
_صابر : استني بس كدا، هي العربية سخنت كدا ليه، انزلي يا أمينة كدا.
رفع صابر غطاء السيارة الأمامي، ليجد جزءًا كبيرًا منها متهالك، فوقفا قرابة الساعة الواحدة والربع بعد منتصف الليل على أمل أن تمر أي سيارة تأخذهما معها، مرت الساعة ولم تمر أي سيارة، فحمل صابر مصباحًا يحاول تفحص الطريق، فوجد بيتًا من القش على قرابة المائة والسبع عشرة مترًا، فأخذ بيد أمينة لهذا البيت حتى وصلا إليه، فأحست أمينة بأنفاسٍ تقترب منها، وأصوات همسٍ تتحدث إليها، ولكنها بدأت تقنع نفسها أن هذه مجرد هلاوس.
وقف صابر أمام تلك العشة، ليشعر بشيء يتحرك أسفله، فوقف يرتعش من الخوف، كما أن أمينة شعرت بنفس الشيء، ليرتعب جسدها هي الأخرى.
خرجت قطة سوداء لتقف أمامهما تزمجر، حتى ارتعبت أمينة، فصرخت، فهربت القطة داخِلةً إلى هذا المنزل، وبعد أقل من دقيقة فتحت الباب امرأة صغيرة بوشاح أسود متحدثةً إليهما:
_انتوا مين؟
_صابر : بتأسف لحضرتك جدًا، احنا كنا راجعين من القاهرة، بس العربية اتعطلت، واستنينا كتير أي عربية تعدي وتاخدنا معاها، بس للأسف مفيش إلا بيت حضرتك هو اللي قريب.
سمعت الفتاة صوت والدتها من الداخل يقول : دخليهم يا بدوية.
دخل صابر وأمينة إلى ذاك المنزل، ليجدا جلود لحيوانات من أبقارٍ وذئاب، كما وجدا جماجم لحيواناتٍ كذلك.. تجاوز صابر كل ما يراه، وشكرهما على ضيافتهما، حتى أتت بدوية بطبقين من البلاستيك يحويان مشروبًا؛ لتعطيهما إياهما، ولكن عنفتها والدتها بصوتٍ عالٍ: مش حالًا.
جلسا أمينة وصابر في ركنٍ من الأركان ليتحدثا عن الحفلة، وما حدث بها من رقصٍ وغيره حتى أتت إليهما بدوية:
_أستاذ صابر ماما عايزاك.
نظر صابر إليها غير مدرك لسبب الدعوة، لكنه ذهب معها، ونظر إلى الست حية :- نعم حضرتك؟
_حية بحزم : أنت الراجل الوحيد اللي لمس بنتي، يبقى لازم تتجوزها!
فزع صابر من تلك الكلمات:
_حضرتك أنا ملمستش بنتك، احنا لسه جايين حالًا، وأنتِ بنفسك اللي دخلتينا البيت.
_الست حية : مش جوا البيت، أنت لمستها برا البيت.
_صابر: أنا والله لسه جاي مع أمينة حالًا حتى اسأليها.
_الست حية : ممكن تقوللي أمينة دي تبقى مين؟
تردد صابر في الإجابة؛ فهو يعلم من داخله أنها امرأة من منطقته في سوهاج يقضي معها بعض الوقت ليس إلا.
_الست حية : يبقى مش مراتك! يعني لازم تصلح الغلطة!
_صابر بصراخ : أنا معملتش حاجة، ومش متجوز حد.
ثم تحرك من أمامها، ولكنه رأى القطة تزمجر من جديد، ليرتعش جسده من الخوف : ابعدي القطة دي من هنا!
_نظرت حية له بغضب : أبعِد بنتي من هنا؟ أنت اتجننت؟
شهق صابر شهقة عمره، ليجد حية تقف أمامه وقد ذاب جلد وجهها، وظهر وجه بلحم من الداخل، وفتحت فمها لتخرج مادة غريبة رائحتها أشبه برائحة القمامة، ما أن استنشقها حتى وقع أرضًا، فسحبته القطة إلى غرفة في الأسفل.
تطلعت أمينة إلى الست حية التي أخذت تنظر إليها كأن عينيها تصلبت عليها هي فقط.
_أمينة : حضرتك بتبصيلي كدا ليه؟ وفين صابر جوزي؟
_حية : جوزك؟ أنتِ فاكراني عبيطة يا بت أنتِ، دا واحد بتسهري معاه مش أكتر، لكن مش جوزك!
_وقفت أمينة بعصبية : أنتِ بتقولي إيه يا ست أنتِ؟
نظرت حية إلى ظل أمينة خلفها، لتراه قد تشكل إلى صورة طبق الأصل منها، وقد وقف أمام أمينة بأعين مشتعلة.
ما أن رأت أمينة شكلها حتى أخذت تتراجع للخلف، وتنادي صابر بأعلى صوت؛ ليكون معينًا لها، لكن من منهما يحتاج إلى معينًا الآن، وكلاهما في حالٍ أسوأ من الآخر؟
أخذت أمينة تركض حتى اقتربت من الباب، وفتحته لتهم بالخروج والركض، ولكنها وجدت نفسها كأنها فتحت الباب؛ لتدخل إلى البيت مرة أخرى!
_لا يوجد مهرب يا صغيرتي.
ليقفز ظل أمينة عليها بأعين دامية، فتحت فمها، ثم غرست أسنانها في رقبة أمينة التي صرخت صراخًا لولا المبالغة، لقلتُ سمعهُ كل من في الكون، إلى أن لطمتها أمينة، وهمت لتركض، ولكنها وجدت القطة تجر رأس صابر!


الحياة تشكل لك فرص، لكن لن تعطيك كامل الفرصة، صدقني!
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.