darbovar

شارك على مواقع التواصل

يتحرك مسرع في الشارع لا يعلم إلى أين سيذهب والمخاطر تطارده من كل اتجاه والأمطار تزداد في الهطول وهو يفكر بما فعله واكتشافه الذي سيغير الكثير، خلال القرون الماضية من بداية الخلق والبشر أثبتوا سيادتهم على العالم بسبب معرفتهم أنهم أذكى الكائنات ومع كل حقبه زمنية يتطور العالم أكثر والأشياء التي جعلت من حياتنا أكثر سهولة اليوم و غدًا ستكون أشياء غير صالحة للعصر القادم.
لأنه بسبب اكتشافه هذا سيتراجع البشر للمرتبة الثانية في انفرادهم بأنهم أذكى الكائنات، ماذا لو البشر الذين تعودوا دائماً على سيادة العالم ظهر شيءٌ يهدد وجودهم، ماذا إذا كان العصر القادم سيجعل الحياة البشرية بدائيةٌ للغاية وإن السلطة والسيطرة التي تَعَوَّدَ عليها البشر ستنتقل لجنس آخر سيجعل الحياة أسهل
وإذا استخدم اكتشافه في مكانه الصحيح سيكون في خدمة البشر إذا استطاعوا التقبل والتعايش معاً في سلام، الروبوتات لم يمر على وجودها الكثير من الزمن هنا لكن برمجة البشر لها تجعلها خاضعة لأوامرهم ومتطلباتهم، ماذا إذا كانت الروبوتات تمتلك وعيًا وادراكًا تاما للعالم من حولها، في بداية مشروعهم نجحوا في نقل الدماغ البشري في جسم آلي لكن مع هذا الاكتشاف لن يكونوا بحاجة لذلك بعد الآن، تحقيقه لهذا كان مكلفا جدا أصبح مطاردًا من شركائه لأنهم لديهم أجندات خفية، ترك زوجته ووضع ابنه تحت وصاية صديقه المقرب، على الرغم من معرفته بأن هناك خيرًا في اكتشافه لكن حين ينظر إلى التاريخ يكتشف كثير من الاختراعات تمت إساءة استخدمها وراح بسببها الكثير من الضحايا، وفاته وتأمينه للسر سيجعل العالم يتحرك بشكل طبيعي حتى إذا تأخر التقدم، ليعيش العالم في استقرار قليل، فاق من شروده على مكابح سيارات سيدين سوداء تحاوطه من كل اتجاه تحرك أشخاص ملثمين ومسلحين حوله وهمَّا في استعداد تام لإطلاق الرصاص لكنهم ينتظرون خروج شخص ما من السيارة، تحرك في اتجاهه وهو ينظر إلى صديقه القديم وهو في حالة استسلام للنهاية وقال له وهو يقترب مسرعًا منه
- تهرب تروح فين يا قدير
ابتعد قدير بضعة خطوات للخلف وهو ينظر حوله، اقترب منه دكتور: رشيد الغازي صديقه وكان من المقربين إليه قبل أن يعلم نواياه الحقيقة في طريقة استخدام مشروعة،
- بص للمستقبل هيبقى عامل ازاي بص لحياة ابنك ، بص لمرضك اللي بيقضي عليك ، أنت ليه بتعاند؟ ، أنت هتبقى على قمة العالم يا قدير باكتشافك ده احنا هنقدر نفيد البشرية
ابتسم قدير ولاحظ إن الأمطار توقفت عن الهطول أنزل رأسه للأسفل وقال
- هفتقد كل ده ، الحياة الطبيعية كل ما كنا بنتقدم اكتر كنا بنتراجع اكتر في حاجات تانيه كتير ، مفيش حاجه تقدر تقولها تغير قراري أنا فكرت كتير هموت وأنا فخور مش هفكر في احتمالات اللي هيحصل بعدي .
لاحظ إشارة زرقاء تضئ من الساعة الذي يرتديها وهذا معناه أن هناك نظام تم الاتصال به، لكن صوت الساعة جعل كل من حوله بما فيهم رشيد الغازي يتحركون بالقرب منه وهم في أهب الاستعداد لأطلاق الرصاص، ابتسم قدير .
وقال رشيد:
- قدير دي فرصتك الأخيرة إنك تتراجع شيل ايدك من على الساعة، وخلينا نتكلم
قال قدير:
- مفيش فايدة
كان قد أتخذ قراره بالفعل وحين بدء يضع إصبعه علي على الساعة تلقى وابلٌ من الرصاصات سقط أرضًا وهو يحاول أن يقول شيئًا لكن جسده لم يساعده مات قدير ومات معه كل شيء، اقترب رشيد من ساعة قدير وهو يفحصها ليكتشف أنه مجرد انذار زائف، جلس بجانب جثة صديقة القديم وهو يقول:
- مش عارف ليه وصل بينا الصراع لكده ، حاولت معاك صدقني ماكنتش عايز ده بس في تضحيات لا بد منها
- ضحي بشخص في سبيل مستقبل أفضل لمليارات من البشر محدش هيسأل ولا هيفتكر مين صاحب التضحية ،ده لو شايف اللي عملته ده تضحية والناس هتفتكرك بيها ، لكن الواقع إن موتك ملهوش مغزي
ثم سكت قليلاً وأكمل :
- التاريخ مبيفتكرش المهزوم .
يقف ثم يلقي نظرة أخيره عليه. ويأمر رجاله بأن يتولوا أمر جثت قدير ثم ركب د : رشيد السيارة وأنزل الزجاج وقال :
- حافظوا عليه
ثم ارتدى نظاراته ورفع الزجاج وغادر.
***
واقفة مادلين بجسدها النحيل وشعرها القصير وبعينيها الخضراء ونظراتها الحادة تتابع بانتباه كامل نتائج الروبوتات الأخيرة؛ لتقديمها لزين تضيف بعض التحديثات لمعالجة المشاكل التي تتعلق بالتكييف وتحديد الاولويات التي قد تولد أخطاء تعيق قدرتهم على القيام بوظيفتهم المبرمجين من أجل القيام بها، تظهر أمامها على الشاشة، يتم تحميل التحديث يرجي الانتظار، ثم يظهر شيء يجعلها تترك مكانها وتتجه إلى مكتب زين تضع بصمتها يفشل مرورها تلغي جدار الحماية وتدخل بعض البيانات عبر جهازها اللوحي تضع بصمتها مره أخرى يستجيب الباب وينفتح وتعيد تشغيل جدار الحماية يقف زين شارد الزهن بطوله الفارع وجسده العريض ويقول دون أن يلتفت لها
- قولتلك متعمليش كده
قالت بحس فكاهي:
- ممكن أكون مسمعتكش كويس
تابع وهو ما زل يعطي ظهره لها بدون أن يلتفت
- أتمنى يكون إلى هتقوليه مهم
سارعت مادلين في الشرح بحماس، وقالت:
- وأنا بعمل فحص كامل لنظام الروبوتات العاملة اكتشفت إن في شذوذ مش طبيعي في بعض الشخصيات
قال زين:
- ممكن يكون مجرد خلل
قاطعته مادلين، وقالت:
- لا يا زين الموضوع أكبر من كده احنا بنتكلم عن روبوتات احنا اللي مبرمجينها الطبيعي إن يبقي في تأخر في الاستجابه مش تعديل في التشفير
في هذه اللحظة التفت زين لها، وقال:
- قصدك تقولي ايه ؟
قالت مادلين:
- مش متصلين بنظامنا حاولت أدخلهم النظام عندنا لكن قابلت تشفير مشفتهوش قبل كده
قال زين مفكراً قليلاً:
- يعني إنتي بتقوليلي إن في روبوتات قدر نظامنا يرصدها لكن مقدرش يتعامل مع تشفيرها ؟
ابتسمت مادلين وقالت:
- ده شيء وارد لحد ما اعرف مين اللي عدل على شفرتهم
قال زين:
- وايه اللي يأكد كلامك ده ممكن يكون خلل في النظام وَلَّدْ شذوذ في شخصياتهم
قالت مادلين بثقه:
- لا بردو يا زين دي روبوتات مش متصلة بنظامنا اصلاً برمجتهم مش ....
وقبل ما تُكْمِل قاطع حديثها ثم قال بذهول
- مش من خلالنا
هنا التقطت مادلين أنفاسها وجلست وهي تقول
- مش المفروض ده يحصل الا لو كان حصل قبل وجودنا ومفيش أي بيانات لوجودهم في نظامنا
تحرك زين حولها وقال:
- تعرفي إن كان في نظام قديم قبل نظامنا ده ؟
قالت مادلين:
- سمعت إنه فشل وبعديها اتمسح
تابع زين وقال:
- اتمسح لأن كان في خلل في الشفرة بتاعتهم
ثم تمشى وهو يشرح
- اللي بنعمله مع الزوار اننا بنديهم فرصه يقرروا ينقلوا وعيهم ولا لاء ، بس الزوار مش بيمتلكه قدرات هما بس خدوا اللي هما عايزينوا اللي هي الحياة الأبدية مش فارق معاهم هما في جسم اصطناعي ولا بشري ، حصل لبعض الزوار بعد نقلهم خلل مقدرناش نوصل لسببه، الخلل ده وَلَّدَ وعي وادراك كامل مع قدرات للتخاطر وكمان الانتقال والمفروض إنهم يكونوا خالدين بس
قالت مادلين:
- بدون أي اضافات
ثم تابع زين:
- بالظبط جه قرار بتحميل وعيهم داخل النظام لتحديث وسد الثغرات وفي حاله الفشل بِنْفَعَّل وضع الإبادة
ثم تابع وهو يتذكر ما حدث وقال:
- وهنا احنا مسحنا النظام كله عشان نقدر نحتوي اللي حصل ده
تفاجأت مادلين وقالت:
- محتوهم ؟
قال زين:
- لاء كنا هنستنا لما يمحونا هما ! وأكمل
- إنتي فاهمه يعني أيه حاجه زي دي تحصل وتكون تحت سيطرتنا ومره واحده تحصل طفرة تخلي نظام مش مبرمج اصلا أنه يتصدى لحاجه مَوَجِهَّاش قبل كده
قالت مادلين:
- طب ومخدتوش نسخة من الشفرة ليه وَدَخَّلْتُوهَا في النظام، كان ساعتها هَيِتْعَرَّفْ عليهم وهيرصد أي تحرك ليهم !
سكت زين قليلاً ثم أكمل وقال:
- القرار كان جاي من فوق مكنش في مجال للمناقشة وأنا كنت بتمنى اللي بتقوليه ده يحصل ،بس زي ما أنتي عارفه كل واحد هنا لي دور لازم يلتزم بي ، هنا أنا رئيسك بس في قواعد وصلاحيات أنا نفسي مقدرش أتعداها
قالت مادلين:
- طب ده بردو مش اجابه عن اللي بيحصل دلوقتي مدام تم تفعيل وضع الإبادة وقضيتوا عليهم ، أُمَّال دول ظهروا منين ؟
رد زين وقال:
- في أشخاص مكنوش ضمن قائمه الإبادة فأكيد لما عرفوا هربوا ده شيء وارد ومقنع للي بيحصل دلوقتي
قالت مادلين:
- ممكن يكونوا وصلوا لطريقة لنشر الشفرة ؟
قال زين:
- احنا منعرفش الخلل ده جه منين احنا نظامنا قوي وأي روبوت بنصممه بنبقى متأكدين إن مفيش فرصه لاختراقه او تعديله ، بس بردو منتمناش إن ده يكون السبب لأنها هتبقي كارثه ، في وقت زي ده معناها اننا هندخل حرب واحنا ملناش سيطرة عليها

قالت مادلين:
- وهنعمل أي يا زين؟
قال زين:
- عطليهم كلهم واربطيهم بنظامنا وساعتها هتقدري تكشفي عن أي معلومات أو بيانات عن مين إلي بثة ممكن كل ده يكون مجرد خلل في برمجتهم بس كان محجوب لفترة لحد ما حصل شيء حفزه فظهر ، و هنتأكد إنهم مش هيفتكروا حاجه عن ماضيهم
ثم قال محذراً :
- خلي بالك يا مادلين أنتي بتتعاملي مع شخصيات شبيه لينا مش مبرمجين ، ليهم وعي مستقل ومنعرفش النظام اللي بيجيبو منه المعلومات ، والأهم محدش يعرف حاجه عن اللي رصدتيه ده حتى أعضاء المجلس مش لازم يعرفوا
صمتت مادلين قليلاً ثم قال زين منهياً المحادثة :
- دلوقتي تابعي اللي بتعمليه لو حصل حاجه بلغيني بيها
ثم قال بلهجةٍ صارمة:
- تقدري تتفضلي
فاقت مادلين من شرودها وهي تقول:
- أيوه

لاحظ زين أنها لم تسمع ما قاله من قبل فقال
- اطلعي بره يا مادلين
انتفضت مادلين وغادرت مسرعة
أمسك زين بهاتفه وارسل رسالة مكتوب بها
- محتاجين نتقابل في أسرع وقت يا سمر الموضوع خطير ..
*************
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.