Darebhar

شارك على مواقع التواصل

لم يختر البشر نصيبهم ومعاناتهم سوى إنسانٍ واحد؛ هو الذي اختار نصيبه ومعاناته ولم يتنازل!


قبل أن يستيقظ في اليوم التالي كتب على صفحته:
"وسأظل أهرب من الواقع حتى أجد واقعًا يتناسب مع خيالي وتوقعاتي؛ فواقعي لا يناسبني، حيث أشعر أن روحي تنتمي إلى مكانٍ ما وأشخاصٍ آخرين! ربما تنتمي إلى الجنة وإلى أرواحٍ أخرى! إلى متى سأعيش هذه المعاناة وأخرج من عقلي لأرتاح قليلًا؟! فأنا لا أعلم ما الأفضل. أعيش في الواقع وأعاني؟ أم أهرب منه وأبقى في الخيال و.. أعاني أيضًا؟!"
أين ذهب البشر؟! فتح "آدم" نافذته التي تطل على الأشجار والشوارع، ولكنه لم يكن يومًا عاديًا كبقية الأيام؛ كانت الشوارع تخلو من جميع الكائنات! شعر "آدم" أنه في عالمٍ آخر؛ فركض مسرعًا إلى المرآة؛ ليطمئن إذا كان متواجدًا أم لا. وجد في المرآة شابًا في الثلاثينات ولكنه يبدو كأنه على مشارف الموت؛ فالسن ليس له علاقة بالكبر والشيخوخة فنحن نشيخ بجروحنا وليس بعدد السنين.
نظر "آدم" في مرآته التي طمأنته بأنه حي، ولكنه خاف أكثر بأنه وحيد الآن أكثر من وحدته التي يعيشها.
رغم أن "آدم" في ريعان شبابه، ولكن لديه الكثير من الندوب التي وراءها الكثير من القصص والحكايات، إنه شاب شكله وسيم، وملامحه طفولية، ولكنه غير مهندم يترك شعره وذقنه على حريتهما، لا يهتم بملابسه فلماذا يهتم بنفسه بينما لا يوجد أحد يهتم به أو يأبه بوجوده؟! إنه يميل إلى الانطوائية، توفي والداه في سنٍ صغيرة، يعيش وحيدًا حياة رتيبة، يغرق في غرفته بين الكتب، يسكن في شقة بسيطة، بينما يسكن أيضًا في ماضيه وآلامه، ودومًا يشعر أنه لا يوجد أحد يفهمه، وهذا لأنه لا يفهم نفسه! ولا يفهم ماذا يحدث الآن؟!
ظل يمشي ذهابًا وإيابًا في غرفته متوترًا لا يعرف ماذا يفعل؟!
ثم تذكر شيئًا فأخذ ورقةً وقلم وظل يكتب أشياءً غير مفهومة ويرسم أحداثًا، ثم يمسك بالموبايل ويتصفح بعض المواقع، يذهب إلى مكتبته ويزيح كتبًا كثيرة ثم يمسك كتابًا ويقلب صفحاته بسرعة وهو يشعر بالفزع؛ فيقع منه الكتاب ثم يجري كالمجنون في الشوارع!
رغم وحدة "آدم" القاتلة لكنه أخذ العالم، والبشر، والحياة كأنهم شيءٌ مضمون، ورغم وحدته لم يتخيل أنه سيستيقظ يومًا ولن يجد أي كائن حي حوله! ظل يجري ولا يعرف أين يذهب؟! شعور مميت أن تذهب إلى هدف لا تعرفه؛ فتنتظر شيئًا ينتشلك مما أنت فيه، ولكن الحقيقة هي أن الأشياء هي التي تنتظرنا أن ننتشلها.
رأى "آدم" سياراتٍ متصادمةً ببعضها البعض، ورأى طائراتٍ ساقطةً من السماء! اقترب ليبحث عن أي شخصٍ بداخلهم، ثم التفت سريعًا ناحية المرآة الجانبية لسيارة متهشمة؛ فوجد وجهه المليء بالذعر وعينيه الجاحظتين بينما هو يسمع ضربات قلبه كالطبل التي لا يُسمع غيرها مع معزوفة ذات إيقاعٍ سريعٍ يقوم بها شهيقه وزفيره المعبران عن ذهوله الشديد!
مشى "آدم" كثيرًا وهو يبحث عن أي دليلٍ؛ حتى يفهم ماذا حدث؟! ينظر حوله فيجد الفراغ والصمت المخيف، أين ذهب هذا الضجيج الذي كان لا يستطيع أن ينام بسببه؟! هل افتقد ذلك؟!
ما أعجب الإنسان! يتمنى أن يخلو العالم من الصخب والبشر المزعجين، لكن عندما تتحقق أمنيته ينظر إلى السماء ويقول: "كنت أمزح.. فأنا وحدي الآن وأحتاج أُناسًا حولي!".
كان "آدم" يعتاد على أن يذهب إلى مقهى هادىء يشبه طبيعته الهادئة، مر بجانبه فوجده خاليًا من أي دابةٍ! فدخله بهدوءٍ وتعجب من وجود كل شيء، ولكن أين الناس؟ وأين صوت الأواني المزعج؟!
تسحَّب إلى مكان العاملين الذي كان دومًا يجتاحه الفضول ليدخله، فوجد ماكينة القهوة التي كان النادل يعطيه منها، تخيل أنه إذا استبدل المرات التي شرب فيها قهوته بعملاتٍ نقدية فسيكون لديه ثروة طائلة؛ "فآدم" والقهوة لا يفرقهما إلا الموت.
كان "آدم" على مشارف اليأس في أن يعرف ماذا يحدث حوله، انتقل من المقاهي إلى كثيرٍ من الأماكن، توجه إلى أماكن أكثر ازدحامًا مثل الأسواق، ولكنه بعد أن كان يشعر بالضياع والملل شعر للحظةٍ أنه قد امتلك العالم!
وبينما هو في طريقه إلى اللا شيء، فكر في أنه لا يملك من الأمر شيئًا، لماذا لديه من الفضول ما يجعل عقله يجن هكذا؟! فهو وحيدٌ عندما كان العالم يضج بالناس وأبواق السيارات، والآن هو وحيدٌ أيضًا، لكن ربما الشعور بالوحدة يختلف عن العيش وحيدًا فأيهما أصعب؟! وهذا ما كان يفكر فيه "آدم" ولم يجد إجابةً؛ فهو يعيش معذبًا في كلا الحالتين.
قرر "آدم" أن يحاول الاستمتاع بوقته بدون بشر؛ فدخل يأكل في المطاعم مجانًا ولكنه قام بطهي الطعام، ودخل السوق ليأخذ بعض الأغراض التي يمكنها أن تساعده في تلك الأوقات العصيبة، ولكن ما كان يحاول أن يوقفه ولا يستطيع هو عقله، الذي يصرخ دومًا بأفكارٍ غريبة لا متناهية كالطفل الذي يبكي ولا تعرف سبب بكائه!
"آدم" يعرف جيدًا أن الحياة كما يراها وليست كما تبدو؛ فبدأ يومه برؤية جميع السيناريوهات السوداوية، ولكن في لحظةٍ قام بالضغط على زرٍ جعله يفكر بشكلٍ أفضل؛ فنحن نعيش حياتنا كحُلمٍ سنستيقظ منه في وقتٍ ما، فلماذا لا نحلم قليلًا ونخلق الأمل؟! فبدون ذلك سنعيش كالأموات حيث ينهش القلق روحنا ويغيم اليأس حياتنا.
تذكر "آدم" شيئًا في غاية الخطورة، ثم نظر إلى ساعته فرأى أنه قد مرت ثلاث ساعاتٍ على استيقاظه، واكتشافه خواء العالم من البشرية. يا ليت عقولنا تتوقف قليلًا ولا تكدر صفو حياتنا! فعاد "آدم" ليجري بدون وجهةٍ معينة إلى أن تعب من التفكير والجري بدون هدفٍ.
ثم وجد محطة بنزين، فلم يفكر في شيء إلا أن يشتري كوبًا من القهوة الساخنة من المقهى الذي أمامه؛ فدخل وأخذ زجاجة مياهٍ فارتشف حتى ارتوى، ثم بدأ في صنع كوبٍ من القهوة وابتسم محدثًا نفسه: "الإنسان ده غريب أوي، لما كان حواليه ناس كان بينعزل ويبعد عنهم، وبعدها لما صحي ملقاش حد نزل يدور عليهم!".
خرج "آدم" بقهوته ضاحكًا وهو لا يفهم أي شيء، لكنه قد بدأ في أن ييأس من علمه الذي لم يكتمل بعد رغم ثقافته، ويئس من فضوله الذي فشل في إرضائه!
"آدم" دومًا يريد أن يعرف كل شيء رغم أنه متيقنٌ بأن هذا شيءٌ مستحيل، وهذه هي معجزة الإنسان في الكون؛ يجد نفسه قادرًا على أن يفهم كل شيءٍ ويفعل كل شيءٍ، لكنه يكتشف أنه عاجزٌ أمام كل شيء! وبينما يستكمل "آدم" مسيره تاركًا عقله يضج بالتفكير، ومحاولًا تهدئة ضجيجه بقهوته الداكنة، وجد ما لم يكن في الحسبان.. وجد ما يشلّ زحام أفكاره!
***
وقف للحظةٍ بعد أن سمع صوتًا يحسبه من الهلاوس والأوهام التي دومًا تطرأ على ذهنه، لكن هذا صوتٌ مألوف! صوت بكاء فتاةٍ يعرفه؛ فهو كان يحب أن يسمع صوت ضحكتها، وصوت بكائها أيضًا؛ فيشعر أنه أمام فتاة قوية، ولكنها كاملة الأنوثة، والرقة، والدلال يجد نظراتها حادة مثل طباعها كأنه لديها سور حادٍ تحتمي به، ولكن بداخلها طفلة شقية وبريئة.
التفت "آدم" حوله وهو يجهل مصدر هذا الصوت! فوجد سيارتها وهي تجلس بداخلها تبكي؛ فهي لا تبكي بسهولة ولا تبكي أمام أي شخصٍ، ولكن "آدم" اعتادت البكاء أمامه؛ فهو صديقها المقرب وبئر أسرارها الذي تعتبره الأخ الذي عوضها الله به.
هي لا تحب أن تبكي كثيرًا؛ حتى لا تشفق على نفسها فتتظاهر أنها ليست ضعيفة، في حياتها قد تكون بكت أربع مرات، فقبل أن تذرف دموعها تجد كرامتها قد أمسكت بجفونها وبأنفاسها، كأن هناك قنبلةً موقوتة أوشكت على الانفجار.
"فريدة" تكره البكاء منذ أن كانت طفلة وتراه ضعفًا، فالبكَّائون هم الأكثر احتياجًا لمن حولهم، بينما هي تجد أنها لا تحتاج إلى أحدٍ، ولكن في مواقف كهذه هي في أشد الاحتياج لأي شخصٍ!
اقترب "آدم" من السيارة قليلًا؛ فشعرت بفزعٍ وصرخت بتلقائية مفرطة وعيناها ممتلئتان بالدموع، ثم صمتت مبتسمةً وكأنها وجدت طوْق نجاةٍ، ومسحت دموعها وهدأت قليلًا؛ فنظر "آدم" في عينيها مبتسمًا وكأنه يرى حُلمًا جميلًا قائلًا وهو ينظر لها مشدوهًا:
– فريدة!.
"فريدة"، فتاة ثلاثينية، ومن أجمل الفتيات التي تراها الأعين، خاصةً أعين "آدم"، عندما ذهب إلى المدرسة رأى فتاةً فائقة الجمال، عيناها واسعتان كلؤلؤتين بداخلهما دائرتين لونهما ينتقل من الأزرق تارة والأخضر تارة أخرى؛ فتبتسم بشفتيها المموجتين لتمتزج مع كسرة عينيها الملونتين، ثم ترفع يدها برقة لتضع خصلةً من شعرها وراء أذنها فتجده شعرًا ذهبيًا يشبه آشعة الشمس المتلئلئة، فيطير مع الهواء كأمواج البحر الهادىء وينزل إلى خصرها ليتراقص كذيل الحصان الناعم. من ينظر لها ويقف أمامها تتسارع دقات قلبه لا إراديًا؛ فهو يقف أمام أنثى جمالها لا يقاوم، فمن نصوعة بشرتها تنير المكان، ولكن.. أحيانًا شدة الجمال لا يكون في مصلحة صاحبه؛ حيث أن الكثير من الرجال يشعرون بأنها سترفضهم من فرط جمالها وأنوثتها؛ ولأنها أيضًا تقع في أيدي من يستغلون تلك الشفاه الحمراء وذلك الجسم المرسوم بدقة.
بينما "آدم" لا يفكر مثل بقية جنسه؛ ولذلك هي تشعر معه بالأمان أكثر من غيره، فإن رؤيته للفتاة الجميلة ليس له علاقة بشهوته المكبوتة، ولكنه يسرح في جمال صنع الإله، فكيف خلق أنثى بمثل هذا الجمال وبهذه الدقة والإبداع؟!
"آدم" و"فريدة" أصدقاء منذ زمنٍ بعيد، بعد المدرسة دخلا الجامعة سويًا، ولكن بعد تخرجهما ابتعدا قليلًا نظرًا لمشاغل الحياة الصاخبة.
بينما "آدم" لا يقتنع بذلك؛ فهو دومًا يحب أن يتواصل مع من يحبهم، ولا يعطي لظروفه الأولوية كالبقية وهذا ما يجعله مشتتًا.
رغم أن "فريدة" تتمتع بجمالٍ فريدٍ من نوعه وأنوثة تجعل العقل يجن، ورقتها تجعلك تذوب وتسرح بعيدًا، لكنها شخصية قوية، عملية، دومًا تتعامل بالمنطق أولًا ثم العاطفة، لا تحب أن تفصح عن مشاعرها، تهتم ببطولتها في "الجمباز"، تعشق الرياضة وخاصةً "الكيك بوكسينج"؛ وذلك لأنها قد مرت بتجارب مريرة كثيرة نجحت في أن تكسر قلبها، وتفتت كرامتها التي أصبحت تعجز عن إمساك دموعها كالسابق.
لم تجد "فريدة" شيئًا في الحياة سوى حماية نفسها والتفكير في ذاتها؛ فوضعت الحب جانبًا، الذي كان ولا يزال سببًا في إعطائها إثبات بأنها جميلة ومرغوبة.
ولكنه أصبح السبب الذي يجعلها تنظر في المرآة، فتشعر أنها قبيحة ومنبوذة! ما أعجب الحب الذي يجعلنا نحلّق في السماء بحريةٍ، ثم نصطدم بنسرٍ جامح ليأخذنا بين أظافره فيطلق سراحنا لنسقط في هاوية الخذلان!
"فريدة" تعددت علاقاتها على عكس "آدم" الذي تراه دومًا من الشخصيات النادرة، النقية الذي لم يشوبه خبث الرجال، ولا يزال على سجيته كالأطفال؛ ولذلك تحبه كثيرًا وتعتبره أخًا لها لم تلده أمها؛ فليس لديها إخوة غيره.
"فريدة" لم تفكر فيه كأي شيءٍ آخر حتى لا تخسره، فأحيانًا عندما يتدخل الحب بين الأصدقاء نخسر الحب ونخسر الأصدقاء، وهي ليس لديها الآن شيئًا تخسره، إلا "آدم" الذي يشعرها بأن الحياة لا زالت حياة.
أما هو، فيحترم رغبتها ليس أكثر؛ فالأهم من كل ذلك ألا يخسرها كصديقةٍ أو كأختٍ.. لا يهم، فيكفيه أن يؤنس بها ويشعر بحبها له؛ فهي دومًا الوحيدة التي تعطيه شعورًا خاصًا بأنه لا يشبه الآخرين، وتعطيه شعورًا أهم وهو أنه موجود في الأوقات التي يشعر فيها أنه ميت؛ فالمَعَزة الخاصة تكون أهم من الحب أحيانًا، ولكن من حينٍ لآخر يجد "آدم" قلبه يتدخل فيما لا يعنيه ليجعله يرى "فريدة" كفتاة أحلامه.
هبطت "فريدة" من السيارة في فرحٍ وسقطت من "آدم" الأغراض التي كان يحملها، ثم وجد نفسه غارقًا بين أضلعها، احتضنته بشدةٍ وكأنها كانت تخاف أن تظل وحدها أو أن تجد شخصًا غير "آدم"، وهو أراد أن يطول العناق إلى ما لا نهاية. فعندما نحتضن من نحب نجد أنفسنا في ملاذنا الآمن حيث أن قلوبنا تلتصق ببعضها وأرواحنا تتلاقى وتطمئن.
اعتقد "آدم" و"فريدة" أيضًا أنهما سيظلان وحدهما، لكن عندما وجدا كل منهما الآخر فهدأ روعهما، وشعرا أنه حتى إن كان هذا آخر يومٍ على الكوكب فعلى الأقل ستنتهي حياتهما معًا، وأرواحهما ستسافر سويًا.
وخلال احتضانهما تذكر كل منهما شريط الحياة يمر عليه كأنه فيلمٌ سينمائي، ثم نظرا إلى بعضهما ونسي "آدم" كل شيءٍ حوله كعادته عندما ينظر في عينيها؛ لقد أراد أن يظل بين أذرعها ولا ينفك عنها؛ فعناق من نحب يكون سكنًا وسكينة.
ابتسمت "فريدة" ابتسامتها الساحرة على غير عادتها؛ فابتسامتها "لآدم" لها طابع خاص، ثم أومأت برأسها حيث أنه لا يوجد لديها ما تقوله؛ فهي لا تفهم أي شيءٍ وتتوقع أن "آدم" لديه كل الإجابات؛ حيث أنها تعرف جيدًا مدى ثقافته وكان له الفضل في تخرجها من الجامعة بسبب مساعدته لها.
فَهَم "آدم" من نظراتها الممتلئة بالفرح، والدهشة، والخوف أيضًا فأحب أن يطمئنها قليلًا رغم أن القلق يكسو قلبه، لقد أحب أن يعبر لها عن فرحته العارمة التي كانت واضحة على تعبيرات وجهه البلهاء فقال:
– كنت حاسس إني هشوفك!
فضحكت ساخرةً:
– أنا كنت حاسة إني هموت لوحدي هنا، هي الناس راحت فين؟!
يتضايق "آدم" أحيانًا من برود "فريدة" في ردودها؛ حيث أنه فائض المشاعر لكنها لا تشبع احتياجه العاطفي؛ فهي عملية للغاية بينما هو رومانسي وعاطفي ويمشي وراء قلبه الذي لا ينصفه في كثير من الأوقات، على عكسها تمامًا وكأن "فريدة" جعلته يستفيق فنظر إلى ساعته سريعًا، فوجد أنه قد تبقى ست ساعاتٍ، فتغيرت تعبيرات وجهه ونظر لها نظرةً تعبر عن قلقه، بينما هو لا يريد أن يقلقها، ولكن من فطنتها شعرت بأن هناك شيئًا يخبئه؛ فنظرت بجدية واقتضب جبينها قائلةً:
– هو فيه إيه بالظبط؟!
– لا.. لا مفيش حاجة.
– آدم، طمنني بجد إيه اللي بيحصل هنا؟! أنا مش فاهمة حاجة.
– معرفش، أو يعني بصراحة كده أنا أعرف حاجات مطمنش، بس خايف أقلقك.. أقولك ولا...؟!
ابتلعت "فريدة" ريقها في ذعرٍ وكأنها ابتلعت لسانها ولم تعرف بماذا تجيبه، نظر "آدم" في ساعته وأمسك يدها المرتعشة برفقٍ، وأخذها ليجعلها تجلس على السيارة وتهدأ قليلًا ثم جلس بجانبها يربَّت على كتفها، ولم يسمع سوى صمتها وعقله يجهل ماذا يفعل؟ هل يعطي أمرًا إلى لسانه لينطق بالمعلومات التي يعرفها؟ أم يظل صامتًا حتى لا يضاعف قلق "فريدة"؟
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.