Darebhar

شارك على مواقع التواصل

يقع البار في منتصف شارع شامبليون، وهو أحد أهم شوارع وسط البلد بالقاهرة، والذي يتميز بالبنايات العريقة ذات الطراز الأوروبي المبهر، متوسطة الارتفاع واسعة المسافة، عريضة الأعمدة والحوائط، شاهقة ارتفاع الأسقف، قليلة الإضاءة ومن الداخل كثيرة الغرف والنوافذ.
ويوجد البار أسفل إحدى تلك البنايات، لكنه لم يتميز فقط بطابع البناية إنما يتميز بالكثير من الأشياء التي تجعله في اختلافٍ جوهري عن بقية المحال من حوله، وأيضًا في اختلاف عن بقية الأماكن التي تعمل في تقديم المشروبات الروحية.
بدايةً من شهرته الواسعة في منطقة وسط البلد نظرًا لقدمه وعراقته، كما أن المنطقة تعج بالأجانب الذين يقبلون على تلك المحال، ويعرفه الكثيرون منهم بموقعه المتميز، واسمه ذو الشهرة الواسعة في منطقة وسط البلد، بار شفيق نسبةً إلى صاحبة اليهودي الديانة والمولود في مصر، الذي تنازل عن المحل إلى الخواجة سري أكثر المترددين على البار حينها حيث اشترط على الأستاذ سري ألا يغير اسمه أو نشاطه، وقد كان سبب التنازل عن المحل هو بدء خروج اليهود من مصر عامي 1956/ 1957، وقد فرح الأستاذ سري فرحًا بالغًا موافقًا على شروط خواجة شفيق.
كما انتقل لقب خواجة إلى الأستاذ سري مصري الجنسية مسلم الديانة منذ ذلك الوقت.
أما عن الشكل من الداخل بداية من الباب المتحرك ذي اللون البني الداكن، والذي لا ينفذ من خلاله الضوء إلا عند دخول وخروج الزبائن، وما إن مررت من الباب إلى الداخل إلا وينتابك الشعور بأنك في منتصف الليل في أي وقتٍ من اليوم!
تجد على اليمين رفًا خشبيًا بطول المحل، يوجد عليه عدد من الطفايات صدفية الشكل شديدة البياض قديمة الصنع، أمامه عدد من الكراسي الخشبية طويلة الأرجل بنية اللون مستديرة القاعدة، يثبت ذلك الرف على الحائط الأحمر الداكن المعلق عليه عدد من الصور لأنواعٍ مختلفة من الخمورالعريقة، وبعض من صور فنانيين عالميين مثل: مارلين مونرو، أنتوني كوين، ألفيس بريسلي. ومن الكتاب مثل: أجاثا كريستي، والرئيس إيزنهاور، وغيرهما.
أما على يسار الباب توجد طاولة صغيرة مستديرة بنية اللون أيضًا من الخشب الزان يوجد حولها عدد من الكراسي الخشبية، معتدلة الظهر ذات أرجل متوسطة الطول، كما تتميز بالمساند الجانبية منحنية التصميم، مغطاة بمفرش جلدي أبيض منقوش عليه زجاجات من البيرة خضراء اللون، معروفة النوع في الكثير من الدول الأوروبية والعديد من دول العالم،
يوضع عليها نفس الطفاية الصدفية الموجودة على الرف الخشبي.
يوجد أمام الطاولة من الداخل البار الخشبي العريض بنفس اللون البني الداكن الذي يطغى على أثاث المحل، يوضع عليه شامبانيرة مملوءة بقطع الثلج ويوجد أخرى في منتصف البار، وعدد من الكاسات مختلفة الأحجام إنجليزية الصنع.
كما يوجد بالطرف الآخر من البار وقبل نهايته حوض صغير به حنفية مياه نحاسية، وبجواره حامل صغير يوضع عليه عدد من المناشف المختلفة الألوان، يعلو البار ثلاثة من الكشافات القمعية الشكل فضية اللون بها لمبات صفراء الإضاءة، وتدلى تلك الكشافات من السقف الشاهق إلى أسفل.
يقف خلف البار جلال، ذو البشرة السمراء، أسود العين، أكرت الشعر شديد السواد يرتدي تي شيرت أبيض مرسومًا على صدره كأس من الخمر ممتلئًا جاهزًا للتناول، لكن تظهر من نحافته.
في الثلاثين من عمره، يوجد خلفه عدد من الأرفف الخشبية تتراص عليها أنواع مختلفة من الخمور المعروفة الأنواع، غير الأصلية.
حيث يضع الزجاجات الأصلية أسفل البار؛ لأنه لا يطلبها إلا الزبائن الأجانب والبعض القليل من المصريين أو العرب الذين لا يبالون بالثمن. يجاور جلال رفيقه كيمو الصغير الذي يبلغ من العمر ست عشرة سنة، معتدل الجسم أبيض البشرة بني الشعر.
يقوم كيمو بدور النظافة في المكان ومساعدة جلال أحيانًا.
في نهاية البار على اليسار يوجد باب خشبي به شرّاعة زجاحية صغيرة، بداخله حمام للرجال وآخر للنساء.
بعد ذلك الباب في نهاية المحل يوجد عدد من الطاولات المماثلة لتلك التي توجد في أول المحل على اليسار.
يجلس على إحدى تلك الطاولات عم سيد في بزته الرمادية الصيفية، يبلغ من العمر خمسة وأربعين عامًا وتظهر شيبته على شعره ولحيته الرماديين يتخللهما الكثير من الخصلات البيضاء، وقد بدأ في تناول الكاسات المعتقة الأصلية في سعادة غامرة وهو يدندن في صحة الشيخ سيد، ويكررها عدة مرات دون أن يشعر بوجود عم أحمد زينهم وهو يجلس أمامه بالجهة الأخرى من الطاولة.
كما أن عم أحمد لم يحاول لفت نظره لوجوده، وقد تركه يستمتع بتلك الكاسات التي لا يحتسي منها إلا قليلًا عند وجود الخواجة سري فقط صاحب المكان.
لكن عم أحمد كان يتأمله ويتعجب من تخمينه وفوزه بذلك الرهان!
البالغ ثلاث كاسات أصلية باهظة الثمن، وقد تكفيه وحدها لنهاية اليوم دون أن يحتسي شيئًا من بقية نصيبه من الزجاجتين المسموح له بهما.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.