Darebhar

شارك على مواقع التواصل

انتبه!!
فأنت على وشك الاصطدام بجبلٍ مهيب، كلما حاولت الفكاك تنشق صخرةٌ عن الجبل وتسقط لتسحق رأسك. لا سبيل إلى العودة؛ فأنتَ قيد التجربة الآن. استسلم، واستكمل القراءة وتلقي الصخور المتساقطة بصبرٍ؛ علَّك في النهاية تخرج سليم الروح.


حام المقدم حول جسدها المسترخي على الأرجوحة المظللة بنسيجٍ بلاستيكي أزرق وأصفر يحاكي زرقة البحر وصفرة الرمال الناعمة الساكنة عليه، يصحبه المصور الجنائي المنهمك بالتقاط مئات الصور للجثة على وضعها الذي وُجدت عليه. وبحركةٍ ميكانيكية من إبهامه يبحث المحقق عن تطبيق التسجيل الصوتي على هاتفه المحمول، من ثَمَّ يبدأ في التحدث وتسجيل الواقعة بنبرةٍ روتينية:
- إنه في تمام الساعة التاسعة والعشرين دقيقة، من صباح السبت، أول أكتوبر 2021، حضرنا نحن المقدم إسلام الحسيني، بقسم شرطة العلمين إلى فيلا (15 أ) الكائنة بمجمع هاسيندا؛ إثر تلقينا بلاغٍ عن وجود جثة سيدةٍ في حديقة الفيلا. وبحضورنا وفريق البحث الجنائي وبمعاينة مسرح الجريمة تبين التالي:
الجثة لسيدة خمرية، في منتصف العقد الثالث من العمر، ترتدي فستانًا أزرق سليمًا لا يشوبه تمزق، يتكتل الزبد حول فمها، أمامها منضدة عليها كوبٌ من الشاي، تتجمع الزرقة في الجزء السفلي من قدمها المتدلي عن الأرجوحة؛ أي أنها أسلمت الروح على هذه الوضعية ولم يتم تحريكها.
يشير المقدم بسبابته إلى أحد أفراد فريق البحث؛ حيث موقع المنضدة:
- لا تنسَ الكوب؛ فالبصمات واضحة.
ثم يلتفت فيؤكد على المصور:
- هل التقطت صورًا من مختلف الزوايا؟
فيجيبه المصور بإشارة الموافقة من إبهامه، وبهزَّة تأكيدٍ من رأسه.
ثم يلتفت للنقيب:
- ارفع الجثة وحرز المضبوطات، لا يزال اليوم طويلًا.
وبإشارةٍ من يد النقيب تقدم ثلاثة أفرادٍ يحملون حقيبةً بلاستيكية زرقاء كبيرة، وبمهارةٍ وخفةٍ حملوا الجثة وأحكموا إغلاق الحقيبة البلاستيكية بزمامٍ منزلقٍ، وتوجهوا نحو سيارة الدفع الرباعي التي اخترقت الرمال، وقبعت في انتظار فريق البحث خارج باب الفيلا المطلة على البحر المتوسط في المدينة الساحلية الفارهة.
تقدَّم اثنان من فريق البحث الجنائي؛ ليستكملا التقاط العينات من محيط الجثة، والمقدم يتابعهما عن بعدٍ؛ ليتأكد أنهما لم يتخطيا أي دليلٍ. اقتحم عسكري المشهد مهرولًا وناداه:
- إسلام باشا.
فالتفت إليه المقدم بحركةٍ بطيئةٍ دون أن يرد النداء.
العسكري متهدجة أنفاسه:
- عثرنا على جثةٍ ثانيةٍ قرب الشاطئ.
فيطرق المقدم ويتمتم:
- وهذا يعني أنَّنا لم ننتهِ بعد؟!
ثم يرفع صوته ويتوجه إلى فريق البحث:
- مشَّطوا الشاطئ بالكامل، وشاطئ القريتين السابقة واللاحقة، وأرسل أحدهم ليأتي لنا بالطعام والماء، لن نتحرك قبل استجواب القرية بأكملها.
غادر كلٌ لتنفيذ مهمته، بينما همهم المقدم لنفسه: "خمس سيَّدات مجتمعٍ، وجثتان! وما خفي كان أعظم!".

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.