Darebhar

شارك على مواقع التواصل

كانت قد استيقظت في السابعة صباحا منتظرة استيقاظه لتحادثه فقد كان مشغولاً عنها منذ فترة بالعمل وبالكاد تراه فمالت عليه بنعومة لتوقظه:
- صباح الخير
- ¬¬¬¬¬¬اممم
- حبيبي، صباح الخير اصحى هتتأخر كده
- هي الساعة كام؟
- الساعة سبعة إلا ربع
- سبعة إلا ربع!، إيه اللي مصحيكي بدري كده
- قلت أسمع كلامك وأجرب أصحى بدري مرة، أخد اليوم من أوله زي ما بتقول
- واو!
- منبهر مش كده؟
- جدا على فكرة، أخيرا قررتي تسمعي كلامي مرة أنا مش مصدق
- بطل تتريق عليا.
- خلاص يا ستي متزعليش، أنا قايم أخد شور، وعلى فكرة فرحان كتير أنك صحيتي بدري.
وعندما خرج وبدأ بارتداء ملابسه:
- رامي، حبيبي!
- نعم
- حبيبي!
- نعم، نعم، نعم، عاوزة إيه يا روحي؟
- كنت بفكر...
- ياااااه الموضوع خطير للدرجة دي، مكنتش متخيل إنه يوصل لدرجة كنت بفكر، ربنا يستر!
- أنا بتكلم بجد على فكرة!
- خلاص بجد اتفضلي أنا بسمعك
- أنا زهقت من اسمي
- نعم!! يعني إيه زهقتي من اسمك؟
- لا بجد أنا بفكر أغيره
- تغيريه! حببتي إيه الكلام اللي إنتي بتقوليه ده، مفيش حد بيزهق من اسمه!
- لا عادي في ناس كتير بتزهق من اسمها
- حببتي ده اسمك مش تسريحة شعرك!، مينفعش كل لما تزهقي منه تغيريه
- لا أنا مش هغيره كل شوية ولا حاجة هي المرة دي بس، بفكر أخليه ساندي، إيه رأيك؟
- ساندي! يعني هي فرقت تسنيم من ساندي، واشمعنى ساندي يعني؟
- مش عارفة بس أنا حباه كتير وتحس إنه اسم رقيق كده ولذيذ.
- ممكن أسألك سؤال؟ هي دي فكرتك ولا فكرت سوزي؟
- وإيه دخل سوزي في الموضوع، لا طبعا فكرتي أنا!
- حببتي متكدبيش عليا بليز!
- أنا مش بكدب
- على فكرة لو في حد المفروض يغير اسمه يبقي هي مش إنتي، إيه اسم سوزي ده أصلا، ومن غير تغير ولا حاجة اسم تسنيم لايق مع سوزي كتير كمان ومش محتاج يتغير
- بس اسم ساندي لايق أكتر
- شفتي هو ده اللي أنا بتكلم فيه من زمان بمجرد ما تقولك أي حاجة بتقتنعي بيها فورا لدرجة إنها هتخليكي تغيري اسمك!
- على فكرة اسمي وأنا حرة فيه
فصرخ في وجهها بغضب:
- اسمك مش هيتغير مفهوم، روحي قولي للست سوزي لو عايزة تغير حاجة تغير هي اسمها!
لم تتحمل هذا الصراخ في وجهها فتركت الغرفة وخرجت وهي تبكي، فشعر بالذنب لأنه صرخ في وجهها هكذا فخرج مسرعاً خلفها:
- خلاص!، خلاص والله مكنش قصدي متعيطيش بقا إنتي عارفة إني مش بتحمل أشوفك تعيطي، أنا آسف متزعليش مني، أنا مكنش قصدي أزعلك والله!
- أنت شرير على فكرة عشان أنت كل مرة بتعمل معايا كده
- يا حببتي يعني أنا سايب الشركة واتأخرت على شغلي عشان خاطرك وتقوليلي بعمل معاكي كده كل مرة، ده إنتي مفيش حاجة بتطلبيها أنا مبنفذهاش، لكن متوصلش لتغيير اسمك عشان سوزي عاوزة كده!
- على فكرة أنا كمان عاوزة كده مش هي بس يعني
- بس أنا مش عاوز كده أنا عاوز حببتي وروح قلبي تسنيم، عاوز تسنيم اللي حبتها واتجوزتها واللي لسه بعشقها بعد تلات سنين جواز وكأني لسه عرفها من شهرين، لكن ساندي، مين ساندي دي أنا لا أعرفها ولا عمري شفتها ولا عمري حبتها، أنا حبيت واتجوزت تسنيم، وهفضل طول عمري متجوز وبحب وبعشق تسنيم وبس، فهمتي يا روحي، عرفتي أد إيه أنا بحبك
- وأنا كمان بموت فيك
- يبقي متزعليش مني ومتعيطيش تاني أبداً وعشان خاطري أنا متغيريش اسمك لأني بعشقه وبعشقك، اتفقنا
- اتفقنا مع أنك شرير ومطلع عيني، بس عشان خاطرك أنا أعمل أي حاجة في الكون كله
- بحبااااااك وأنا اتأخرت أوي ولازم أمشي دلوقتي متنسيش عيد ميلاد حسام أجي ألاقيكي جاهزه هنمشي الساعة تلاتة العصر عشان نلحق نوصل، أخرك يا روحي تلاتة ونص أكتر من كده مش هينفع، تسنيم عشان خاطري أجي ألاقيكي جاهزة !
- خلاااص حاضر
- يلا سلام يا روحي
ثم قبلها وذهب
*****

الساعة الثالثة عصراً
لمحت سيارته تدخل من مدخل الفيلا فجرت مسرعة لترتدي ملابسها فلقد عادت فوراً من النادي تعرف أنها تأخرت وأنه سيغضب قليلاً ولكنه لن يضايقها بعد ما أبكاها هذا الصباح
- تسنيم، تسنيم!
تتحدث لنفسها: أف شكله متنرفز ربنا يستر
لم ترد فنده مرة أخرى بغضب
- يا تسنيم!
خرجت مرتدية روب الحمام
- نعم يا حبيبي
- إنتي مش سمعاني بنده وإنتي لسه ملبستيش لحد دلوقتي، إنتي بتهزري!
- معلش يا حبيبي اديني خمس دقايق وهكون جاهزة دلوقتي
- خمس دقايق!! إنتي من أمته بتجهزي في خمس دقايق؟
- خلاص معلش نص ساعة بالضبط وهكون جاهزة
- وديه بقا هتلبسي فيها ولا تعملي شعرك ولا تحطي ميك أب؟
- فيه إيه يا رامي أنت جي متنرفز كده ليه قولتلك نص ساعة وهكون جاهزة
- نص ساعة وهتكوني جاهزة والسواق بتاع حضرتك الخدام اللي إنتي متجوزاه يقعد يستناكي لحد ما تلبسي وتتكرمي عليه وتنزلي عشان نمشي صح!
- فيه إيه يا رامي أنت بتكلمني كده ليه؟!
- فيه إن حضرتك كان قدامك من الصبح لحد العصر عشان تلبسي وأنا مأكد عليكي مرتين قبل ما أنزل!
- محصلش حاجة أنا بس الوقت سرقني في النادي وإحنا بنلعب تنس وعشر دقايـ...
- آآآه وإيه اللي وداكي النادي من أصله وإنتي عارفة إننا هنمشي العصر من البيت؟
- سوزي اتصلت بيا وكانـ...
قاطعها بغضبٍ شديد:
- سوزي!، سوزي تتصل بيكي تجري لكن أنا أأكد عليكي مرتين عشان أجي تكوني لابسة، مش مهم طز فيا!، كلامي ملهوش أي لزمة بالنسبالك!
نظرت إليه في ذهول فلم تعرف كيف ترد فكلامه نوعاً ما صحيحاً فلم يكن لديها مبرر لهذه المرة، فأكمل هو:
- مبترديش ليه؟
ثم هدأ قليلاً وأكمل أمام نظرات اندهاشها
- عشان كلامي صح مش كده، أنا بجد مش مهم بالنسبالك على الأقل مش أهم من الست سوزي، لا كلامي بيفرق معاكي ولا نفسي في إيه ولا أنا عايز إيه، أنا ببساطة مليش لازمة في حياتك!
ثم جلس على أحد الكراسي ليلتقط أنفاسه فأتت نحوه ببطء
- أنت ليه بس بتقول كده، حبيبي أنت عارف أنا بحبك قد إيه وعارف كويس أني مقدرش أعيش من غيرك أبداً!
- يبقا احملي!
ابتعدت عنه قليلاً ونظرت إليه نظرة عاتبة
- أحمل، كل ده عشان الحمل!!
- أنا نفسي أخلف نفسي يبقي عندي عيال نفسي أبقى أب!
- وأنا قولتلك أصبر عليا شوية
- وتلت سنين مش كفاية؟
- سنة كمان وهحمل
قام من على الكرسي ليواجهها وجهاً لوجه
- سنة، أنا لسه هستني سنة كمان، حرام عليكي كده كتير إنتي مش نفسك تبقي أم؟
فنظرت إليه نظرةً، تكاد تنطق عينيها من شدة الغضب ثم أدارت وجهها عنه
- لا مش نفسي وفيها إيه لما تستنى سنة كمان يعني، أنا حرة يا أخي أنا مش عاوزة أحمل دلوقتي!
- بس أنا عاوز
- قولتلك كمان سنة!
فرد عليها بغضب شديد
- يا حببتي طب فهميني إنتي ليه مش عايزة تحملي؟
- أنا قولتلك قبل كده أنا مش مستعدة إني أحمل دلوقتي
- ليه بقا، أنا عاوز أعرف ليه؟!
- أنت مش بتشوف الستات الحوامل بيبقوا عاملين إزاي بيتخنوا وجسمهم بيبوظ وبعدين الولادة دي صعبة أوي، أنت عارف إنها تاني أقوى ألم بعد الموت محروق!
لم يصدق ما يسمعه متى أصبحت بهذا القدر من التفاهة تلك لم تكن المرأة التي أحبها هي لا تشبهها حتى!
وأكملت هي أمام دهشته بنبرة استهتار:
- وكمان أنا قولتلك لو مستعجل أوي على الأولاد اتبنى.
- اتبنى!، اتبنى إيه إنتي اتجننتي؟
- فيها إيه يعني ناس كتير بتعمل كده عندك مثلاً أنجولينا جولي شوف اتبنت كام واحد، خليك flexible يا حبيبي كل الناس المودرن بتعمل كده!
رد عليها باستهزاء:
- Flexible عوزاني أكون مرن وأروح اتبنى عشان إنتي مش عاوزة تحملي، أروح أجيب عيل مش ابني ولا ابنك ولا من صلبي وأربيه ويورثني وعادي كده!
- حبيبي بلاش تبقي بلدي إيه من صلبي دي؟
هي تعرف إنها تضغط عليه وتعرف جيداً أن ما تقوله مستحيل وأنها تستفزه وبشدة لكنها دائماً ما تقوم بهذا معه وهو دائماً ما يتحملها لأنه يعشقها ولأنها تعرف هذا تستمر في الضغط عليه، ولكن هذه المرة قد نفد صبره فلكل إنسان قدرة تحمل وهنا تنتهي قدرته، ثلاث سنوات من التحمل والصبر من أجل حبها ولكنه الآن انفجر مثل البركان الثائر ليدمر كل ما كان بينهم في بضع جمل قليلة وليواجهها بأسوء ما فيها وفي أقل من دقيقة ينهي كل شيء:
- بصي بقا أنا جبت أخري معاكي وقدامك أسبوع واحد تقرري هتحملي ولا لا وإن كان قرارك لا أنا هكون متجوز في اليوم التامن!
ردت في دهشة شديدة لم تكن تتوقع هذا أبداً:
- تتجوز!!
- أيوة هتجوز حقي الشرعي مدام الست هانم مراتي أتفه إنسانة في الكون ومش عايزة تحمل عشان جسمها ميبوظش!
- أنا مش تافهة
- لا إنتي بني أدمة تافهة وكل المهم في حياتك النادي والجم والهدوم والمجوهرات والست سوزي بتعتك اللي إنتي مستعدة تعملي أي حاجة في الكون عشانها لكن أنا طز أولع بجاز مليش أي لزمة عندك، نفسي في إيه عاوز إيه مش مهم!
صمت وكأنه يقول لنفسه كفى ولكنه أكمل:
- وطول ما الكردت كارت بتعتك فيها فلوس إنتي مبتفتكرنيش أنا دوري في حياتك إني أكون البنك بتاعك وبس، لكن تشوفيني عاوز إيه أو تهتمي بيا لأ!، طول ما أنا ساكت خلاص مش مهم طول ما أنا مستحمل يبقى أضغط عليه أكتر، لكن تسمعي كلامي مرة لأ إزاي تسمعي كلامي، إيه الهبل اللي أنا بقوله ده اتجننت أنا عشان أقولك اعملي ماجستير طيب اشتغلي طيب افتحي مشروع وأنا هدعمك وهقف جمبك بس اعملي أي حاجة جد ولا مفيدة مرة في حياتك!
كانت تستمع له والدموع تنزل من عينيها رغماً عنها فكل كلمة كان ينطق بها كانت تكسر جزءاً من قلبها فهي تعشقه حد الجنون ولكن كل ما يقوله صحيح هي لم تهتم به وبما يريد يوماً والأسوأ أنه يراها بتلك الطريقة، مجرد إنسانة تافهة فاشلة.
فصرخت فجأة في وجهه وهي تبكي:
- أنت أناني!
- أنا اللي أناني؟
- أيوه أنت لأن أنا اللي هحمل وأنا اللي هيبقى في بطني كائن حي يتغذى على جسمي وعضمي مش أنت وأنا كمان اللي هولد وهتوجع مش أنت وأنا اللي هرضع ويطلع عيني مع البيبي مش أنت!
فأكمل أمام دموعها في منتهي البرود وكأنه تحول إلى صخر فجأة:
- الموضوع منتهي قدامك أسبوع يا تحملي يا هتجوز عليكي!
لم تصدق ما تسمع فهو لم يرها ولا مرة تبكي وتركها كان دائما ما يحتضنها ويهدئها فكيف لم تؤثر فيه دموعها إلى هذا الحد!
فردت بطفولة والدموع منهارة على خديها وكأنها تستجديه ليراجع رأيه:
- لكن أنا مش عاوزة أحمل!
- يبقي هتجوز عليكي!
وأعطها ظهره ليذهب فأمسكت ذراعه تستوقفه:
- أنا مش هستحمل إنك تتجوز عليا، رامي لو اتجوزت عليا أنا هسيبك!
- احملي وأنا مش هتجوزعليكي
وأزال يدها من على ذراعه وذهب وهو يقول:
- أنا ماشي وإنتي لما تجهزي أبقي تعالي، سلام
بمجرد خروجه من الباب جلست على الأرض وانهارت في البكاء، ما الذي حدث وكيف حدث كل هذا؟ يتزوج عليها هل جن جنونه!، لا لن تستسلم كان مجدر كلام في لحظة غضب لن يتركها وهي لن تحمل سوف تضغط عليه وسوف تصل لما تريد في النهاية فهي دائما ما تفعل وسوف يعود هو ليعتذر على ما قاله لها وهي لن تسامحه بسهولة، ثم قامت ومسحت عينيها من الدموع وهي تقنع نفسها بأن كل ما حدث كان مجرد لحظة غضب وسوف يعود لرشده الليلة ويطلب منها مسامحته ولكن ما لم تكن تعرفه أنه كان جاد جداً فيما قال وأنه سوف ينفذ وعيده إذا لم تنصاع لرغبته هذه المرة وأنه بدأ بالفعل في التفكير بمن سيتزوج إذا لم توافق وتحمل، وعندما قامت لتذهب إلى غرفتها لتبدأ بارتداء ملابسها والاستعداد لعيد ميلاد أخيها وكأن شيئاَ لم يكن دخلت أمها:
- إيه ده إنتي لسه ملبستيش؟
- أديني خمس دقايق وهكون جاهزة
- إيه ده مال عينك إنتي كنتي بتعيطي؟
- لأ
- طب فين رامي؟
- سبقنا
- سبقنا! هو مش كان المفروض هيوصلنا!
- آه بس عشان اتأخرت في اللبس سبق هو عشان يساعد حسام في التحضيرات وقالي إنه مطمن لأن حضرتك معايا
- طيب، هعديها بمزاجي لحد لما أعرف إيه اللي حصل!
ردت باختناق:
- محصلش حاجة يا ماما
- طيب خلاص روحي البسي بسرعة عشان نلحق نمشي!
فتوجهت إلى غرفتها وارتدت ملابس عادية وربطت شعرها للخلف وبالكاد تضع مكياج على وجهها وفي يدها اليمين فستان السهرة وفي يدها الأخرى شنطة بها باقي كماليات الفستان، نظرت إليها والدتها في دهشة:
- بنطلون جينز وتيشيرت!
- خدت كل حاجة معايا لما أوصل هناك هلبس براحتي وكمان كده هيبقى أريح في السواقة
- ليه هو السواق فين؟
- موجود يا ماما، موجود، لكن أنا اللي عايزة أسوق!
- المسافة طويلة وكمان هو إنتي عارفة الطريق؟
- آه عرفاه ويلا عشان اتأخرنا
لم تكن تعرف الطريق ولكنها سمعت رامي يتحدث البارحة في الهاتف مع أخاها وهو يصف له الطريق وفي كل الأحوال سوف تشغل الGps وسوف تصل بسهولة أو هكذا تعتقد!، ودخلا السيارة وبدأَ في التحرك، وبعد عدة دقائق:
- مش هتحكيلي بقا إيه اللي حصل!
- محصلش حاجة!
- تسنيم!
- نعم
- بطلي تكدبي عليا!
- محصلش حاجة مهمة
- مش ده اللي واضح!
فلم ترد
- تسنيم أنا بكلمك عيب كده!
فردت بغضب:
- وأنا مش عاوزة أحكي ممكن تسبيني براحتى!!
فصمتت والدتها قليلاً ولكنها كانت تشك أنهما تشاجرا بسبب عدم حملها فكل الخلافات التي كانت بينهم في الفترة الماضية كانت بسبب الحمل، فقالت فجأة:
- اتخانقتوا بسبب الحمل مش كده؟
فأخرجت تسنيم نفساً قوياً من صدرها فهي تتمنى لو تصمت والدتها وتتركها فيما هي فيه، آخر ما تحتاجه الآن هو أن تدخل مع والدتها في جدال آخر بسبب الحمل أو أن تضطر لسماع محاضرة أخرى من محاضراتها حول تحمل المسئولية، ولكن كان هذا مستحيلاً مع امرأة ذو شخصية قوية لا تتوقف إلا بعد الحصول على ما تريد والآن هي تريد أن تعرف ما حدث، لم ترد تسنيم بسبب انهماكها في كيفية إيقاف هذا النقاش ولكن بلا جدوى فلقد ردت والدتها على صمتها بغضب شديد:
- تسنيم هو أنا هفضل أكلم في نفسي كده بطلي شغل العيال ده بقا!
فردت هي الأخرى في غضب:
- نعم يا ماما نعم!
- إيه اللي حصل؟
- آه يا ماما اتخانقنا بسبب الحمل وكالعادة عاوزني أحمل وأنا مش عاوزة!
فضحكت أمها بسخرية شديدة، فثار غضب تسنيم إلى أقصى الحدود لم تعد تميز فيما تفكر أو ماذا تقول أمام استمرار والدتها في التحدث:
- وطبعا إنتي قولتيله يصبر شوية ما تلت سنين صبر مش كفاية بالنسبالك أنا مشفقة عليه والله ومش عارفة إنتي هتبطلي التفاهة بتاعتك دي وتكبري إمتى وتبدئي تتحملي المسئولية هو إنتي كنتي فاكرة الجواز ده إيه لعبة!، ده مسئولية ومسئولية كبيرة كمان وإنتي متعرفيش عنها حاجة ولا بتنفذي منها حاجة وهو خلاص جاب أخره، وفي أثناء تحدث والدتها وهي تقود على أعلى سرعة بدون أن تشعر من شدة الغضب فلم تنظر ولا مرة واحده لل Gps لتعرف أين هي فقط تقود بسرعة وغضب! ووالدتها تكمل:
- وزي ما هو ضحى كتير إنتي كمان لازم تبدئي تضحي عشان جوازك يستمر!
ثم لاحظت السرعة التي تقود بها ابنتها ونظرة الغضب التي على وجهها:
- ما تهدي شوية ولا إنتي عايزة تقتلينا!
ففرملت السيارة فجأة فكادت رأس والدتها تصطدم بالزجاج ولو لم يكن الطريق فارغ لكانت تسببت في حادث فظيع!:
- إنتي مجنونة إيه اللي هببتيه ده كنتي هتموتيني!
وفي النهاية لم تعد تتحمل فانفجرت في وجه والدتها:
- حرام عليكي بقى حرام عليكي كفاية!
نظرت إليها والدتها والدهشة تملأ عينيها فلم تحدثها ابنتها هكذا من قبل، وأكملت تسنيم:
- مش إنتي اللي كنتي بتقوليلي متحمليش وإن الحمل وحش وأنه بهدلة!، مش إنتي اللي كنتي بتقعدي تحكي لصحابك قدامي عن أد إيه ضحيتي عشان خاطر بابا وحملتي بيا وبأخويا، وإن إنتي مكنتيش عيزانا أصلا لكن هو اللي ضغط عليكي!
- إيه اللي إنتي بتقوليه ده لا طبعا إنتي فاهمة غلط!
- بجد والله أمال مين اللي قال لو عليا أنا مكنتش عايزة عيال أصلاً، ولا لما قعدتي تحكيلي أد إيه لما حملتي بيا حياتك باظت وخربت بسببي وقعدتي تقوليلي تعبت ودخت وكنت برجع كتير ومبقدرش أخرج ولا أشوف صحابي وتخنت وجسمي باظ وحياتي الاجتماعية أدمرت وشغلي خرب ولا ألم الولادة ولا بهدلة الرضاعة وطلع عينك عشان ترجعي زي ما كنتي رياضة وجيم وجلسات وغيره ولا لما حكيتيلي عن الاكتئاب اللي جالك لما حملتي بحسام والدكتور اللي كان بيجي يعالجك في البيت، ثم صمتت قليلاً تفكر هل تقولها أم لا ولكن لم يمنع عقلها لسانها تلك المرة ولم توقفها دموع والدتها التي تملأ عينيها من فظاعة ما تقول فاستمرت:
- لكن أحلي حاجة في كل ده إنك بعد ما ظبطي نفسك وجسمك ورجعتي لشغلك سبتينا للدادة تربينا بعد ما بابا مات ولا مرة اهتميتي ولا سألتي حياتكم عامله إيه ولا عاملين إيه في المدرسة، يا ترى تعرفي إيه اللي كنت بعمله لما أضايق وأنا في ثانوي ولا تعرفي إيه هوايتي المفضلة ولا لو أنا عندي هواية أصلاً ولا إيه هي أكتر لعبة أخويا كان بيحبها في إعدادي ولا حتى إيه أكتر أكلة بنحبها إنتي متعرفيش عننا حاجة، فمتجيش في الأخر تنصحيني أعمل إيه ومعملش إيه وإنتي السبب في اللي أنا فيه، أنا وحسام ربينا نفسنا بنفسنا مع بعض، نعرف كل حاجة عن بعض الحلوة والوحشة وأدق أدق تفاصيل حياتنا نعرفها عن بعض هو عيلتي كلها وهو الوحيد اللي فاهم أنا مش عاوزة أحمل ليه، تعرفي قالي إيه لما لقاني مرة بعيط بسبب موضوع الحمل، حضني وباسني وقلي متقلقيش إنتي هتكوني أم ممتازة هتكوني أحلى أم في الدنيا احملي ومتخافيش وأنا هساعدك وهبقى خالو مفيش منه، الوحيد اللي فاهم أني هتجنن وأكون أم لكن مش قادرة بسببك، واسألي نفسك مين فينا اللي المفروض يتحمل مسئولية حياته، لأن أنا قضيت طفولتي كلها بتحمل مسؤليتك إنتي، أنا اللي كنت بذاكر لحسام وأنا اللي كنت بحضر كل دروس السباحة بتاعته وأنا اللي كان بيجري لأوضتها لما يجيله كابوس وهو في تانية وتالتة ابتدائي وأنا كنت أكبر منه بس بأربع سنين، يا ترى قد إيه أنا تافهة لأن كل لما بتقوليلي كده بفكر مين فينا اللي بجد تافه!
ثم صمتا الاثنان وكانت الدموع تنزل من عيني والدتها ببطء لم تكن تتخيل أنها سبب تعاسة ابنتها والأسوأ أنها لم تكن تعرف أن كل هذا الغضب والكره تحمله لها ابنتها في قلبها كل هذه السنين لم تكن لديها أدنى فكرة عما سببته لها من مشاكل وآلام نفسية ولا تعرف مدى الأضرار التي تسببت بها في حياة حسام، ما حكته تسنيم كان كباب جهنم الذي فتح في وجهها!
يا إلهي كم تؤلم الكلمات، بعض الكلمات قد يكون وقعها على الإنسان أقوى من طلق الرصاص ووقع كلمات تسنيم على والدتها كان كالمدفع الذي يطلق القذائف على قلعة كانت تظن أنها محصنة وإذ بها تجد نفسها أمام المدفع عبارة عن رماد وحطام لا يصلح لبناء حائط، ثم عادت تسنيم لتقود السيارة مرة أخرى في وسط صمتهما وهي مازالت لا تعرف لأين تتجه، ثم فجأة عادت إلى رشدها ونظرت إلى الدموع التي لا تتوقف عن النزول من عيني والدتها بدون أي صوت ولا حراك، فقط دموع تنزل من عينيها المفتوحتين وبدأت تستوعب ما قالت وتلوم نفسها مئة مرة على ما فعلت ولكن فيما ينفع الندم بعد الدمار فالتفتت لوالدتها وقالت في ندم شديد وصوت باكي:
- ماما أنا آسفة
فلم ترد والدتها فهي مازالت تستوعب ما قد قيل واستمرت تسنيم في القيادة، وبعد قليل قالت والدتها بدون شعور:
- مش صح، إنتي وأخوكي أغلى حاجة في حياتي!
وعندما سمعت تسنيم هذه الكلمات حمدت الله على أنها لم تكمل ما لديها فماذا كان سيحدث لو أخبرتها بالباقي!
- ماما، أنا بجد آسفة!
فهزت رأسها بدون كلام وبدأت بالنظر إلى الطريق من حولها هي لا تعرف أين هما ولا توجد أي سيارات حولهما!
- تسنيم هو إحنا فين؟
- بصراحة مش عارفة
- يعني إيه مش عارفة!
- وإحنا بنتخانق أنا تهت ومخدتش بالي من الطريق والنافيجاشن شكله علق.
- خلاص اركني نسأل أي عربية معدية ده إن عربية عدت من المكان المقطوع ده!
ركنت السيارة على جانب الطريق وترجلا منها:
- طيب لما إنتي تايهة من بدري ليه مقولتيش أو حتى وقفنا نسأل من بدري بدل ما إحنا لوحدنا الله أعلم فين!
- كنت عايزة أعرف أوصلنا لوحدي، بس باين إن عندكم حق أنا فاشلة في كل حاجة.
- لا إنتي مش فاشلة إن شاء الله هتعدي عربية ونعرف نعمل إيه ومحدش هيعرف حاجة.
وبعد مرور نص ساعة من الصمت المتبادل بينهم قالت والدتها:
- أنا آسفة يا تسنيم بس كده مينفعش إحنا لازم نكلم حد الدنيا ضلمت علينا وممكن يحصلنا أي حاجة ومحدش هيعرف!
- هي الساعة كام دلوقتي؟
- الساعة ستة إلا ربع، معلش أنا هتصل برامي
- لا يا ماما اتصلي بأي حد تاني، اتصلي بحسام
- يعني أخض صاحب العيد ميلاد، لا مش هينفع أنا هتصل برامي
- ماما لو سمحتي فكري في أي حد تاني غيره!
ثم رن هاتف والدتها:
وفي هذه الأثناء كان رامي خارج القاعة يحاول الاتصال بتسنيم ولكنها لم ترد عليه ولذلك قرر الاتصال بوالدتها فهو لا يستطيع التوقف عن القلق بشأنهما، ثم أتى حسام إليه:
- في إيه خرجت ليه!
- أبداً تسنيم وماما اتأخروا وقلت أطمن عليهم
- والله شكلك خربها مع تسنيم
- أنا مش عارف مامتك مبتردش ليه هي كمان!
- طب استني هتصل أنا
ثار غضب تسنيم عندما أرادت والدتها الرد على مكالمة رامي فأخذت الهاتف من يديها بعنف لم تتوقعه والدتها منها:
- ماما لو سمحتي مترديش عليه
- إيه اللي إنتي بتعمليه ده هاتي التليفون
- لأ!، كلمي أي حد تاني غيره، وكمان حضرته مش عايز حتى يكلف نفسه ويرن عليا فبيتصل بيكي إنتي على أساس إني مليش لازمة يعني!
- هاتي التليفون يا تسنيم وبلاش شغل الأطفال ده إحنا تايهين!
ثم رن الهاتف مرة أخرى وهو في يد تسنيم:
- كفاية عناد وهاتي أرد
- ده حسام هرد أنا، ألو
- ألو، إيه يا بنتي خضتونا انتوا فين دلوقتي واتأخرتوا كده ليه!
- معرفش إيه اللي حصل بس إحنا تهنا؟
- تهتوا!، ليه يا بنتي الطريق سهل وهتلاقي اليفط تدلك على المكان
- معرفش كنت بتكلم أنا وماما وتهنا!
نفذ صبر رامي وهو يستمع لحسام يحدثها فأخذ الهاتف من يده بدون أي إنذار وحدثها ولكن بغضب شديد:
- ممكن أعرف تلفونك فين ولا الحيوان اللي اتصل بيكي حوالي خمستاشر مرة مكنش ينفع تردي عليه في مرة وتقوليلي إيه الطريق ولا إحنا تهنا ولا أي زفت!!
زاد غضبها عندما سمعته يتحدث إليها هكذا:
- موبيلي معايا ومرنش ولا مرة وكمان أتصل بيك بتاع إيه مش أنت اللي سبتني ومشيت أنت حتى مسألتش إذا كنت عارفة الطريق ولا لا!
- مرنش إزاي بقولك اتصلت بيكي 15 مرة وكان بيرن شوفي بقا سياتك عملاه صامت ولا نسياه وكمان أنا نسيت إنتي ليه متتصليش تسألي!
- أنا استحالة أتصل بيك بعد اللي أنت عملته!
- كنتي اتصلي بحسام بأي حد لكن إزاي، عنادك وكبريائك دول هيودوكي في داهية!
- أنت شايف أني عنيدة؟
- ويا ريت بعقل ده عناد بهبل!
- أنا هوريك إيه هو العناد على حق
ثم أغلقت الهاتف في وجهه وجعلته في وضع الطيران حتى لا يتصلا مرة أخرى ودخلت إلى السيارة وبدأت بإدارة المحرك:
- ماما لو سمحتي اركبي!
- إنتي بتعملي إيه قالولنا نستنى مكنا وهما هيجوا
- لو سمحتي يا ماما اركبي أنا مش هستنى في حتة!
- وأنا مش هروح في حتة
فأدارت مسارها وعكست السيارة لتمشي في الطريق عائدة عكس الإتجاه
- إنتي مجنونة وافرضي عربية قابلتك هتعملي إيه؟
- بقالنا نص ساعة ولا عربية واحدة عدت لو سمحتي اركبي وإلا همشي من غيرك!
فركبت والدتها رغم إرادتها فعيني ابنتها كانتا مليئتين بالغضب والإصرار وكانت والدتها تتساءل ماذا حدث بينهما أوصلها لتلك الحالة وقادت تسنيم السيارة على سرعة عالية وبدون انتباه وإذ بسيارة أمامهما تقود في عكس اتجاههما وتلتفت تسنيم لتجد جزء ممهد من الصحراء وعليه آثار سيارة فانحرفت إليه بسرعة فكادت أن تنصدم بالسيارة الأخرى وتسير في هذا الطريق بضع ثواني مهدئة سرعة السيارة لكي تتوقف:
- إنتي مجنونة إيه اللي خلاني أسمع كلامك وأركب معاكي إنتي كنتي هتموتيني!
وكأن عقلها كان متوقف عن العمل لم تسمع ما تقوله والدتها ولا تعرف من أين أتتها الفكرة ولكن شيئاً ما همس لها استمري بالقيادة وستجدي طريق العودة وهكذا فعلت:
- تسنيم وقفي العربية دي فوراً وأنزلي وأنا اللي هسوق!
لكن لا حياة لمن تنادي، لم تكن تسنيم في وعيها نوعا ما، فقد كان مسيطراً عليها نوبة غضب ولم تكن تستمع إلى الكلمات التي تخرج من فم والدتها فقط كانت تستمع إلى صوتها المرتفع بشدة يرن كالأجراس في أذنيها ليزيد من حدة غضبها فزادت من سرعة السيارة وبدت كأنها تلاحق شيئا ما، وإذ بأجراس صوت أمها تتوقف وتتلقي تسنيم صفعة قوية على وجهها لتوقظها من شرودها، وتنظر للأمها بدهشة وكأنها قد قتلتها فهذه المرة الأولى في حياتها التي يضربها أحد والأسوأ أنها صفعة على الوجه ثم تصرخ والدتها:
- حسبببببببببببببببببي
فتضغط على الفرامل بقوة فقد كادت أن تقتل ثلاث أشخاص جالسين على الأرض في وسط اللاشيء، وتستمر والدتها في الحديث:
- إنتي إيه اللي بتهببيه ده كنتي هتودينا في داهية وبقالي ساعة قاعدة أكلم فيكي ومبترديش وكنتي هتموتيني وكمان دلوقتي كنتي هتقتلي تلاتة إنتي إيه اللي بيحصلك مبترديش عليا ليه!
استمرت تسنيم بالتحديق في عيني والدتها لثوانٍ وكأن والدتها كانت تتحدث بلغة غريبة عنها ثم قالت بهدوء :
- هما ليه مقموش!
- مين دول؟
- اللي أنا كنت هموتهم، هما ليه لسه قاعدين ومقموش؟!
فعلى وجه والدتها نظرة دهشة مرعبة جراء ما قالته تسنيم وأخذت تتنفس ببطء لتهدأ وتفكر وتنظر حولها فلا تجد إلا الكثير من الرمال ومستودعاً ضخماً من الصفائح المعدنية رمادية اللون وهؤلاء الرجال الثلاثة فقط وتلتفت لتسنيم لتحدثها وإذ بها تفتح زجاج السيارة لمحادثة هؤلاء الرجال، فتصرخ والدتها همساً:
- تسنيم، اقفلي الإزاز تاني إحنا منعرفهمش!
فلم تعيرها تسنيم أي انتباه وبدأت بالتحدث إليهم رغم شكلهم المخيف فلقد كانوا جالسين بشكل غريب وموجهة أبصارهم إلى السماء وملابسهم بالية وأجسامهم هزيلة بشكلٍ ملفت، فتنحنحت (أحمم) قليلاً ثم قالت في تردد:
- أنا آسفة ... معلش مكنتش واخدة بالي!
فلم يرد عليها أحد ولم يلتفت إليها أحد حتى، فرفعت نبرة صوتها قليلاً قائلة:
- لو سمحت!، لو سمحت!
فالتفت إليها أحدهم ببطء شديد وأرعبها منظر وجهه فبدت عينيه وكأنهما محفورتين في وجهه وجلد وجهه مجعد بشكلٍ لم تره من قبل وعندما حاول الوقوف ليتوجه إليها فقادت سيارتها للأمام محدثة والدتها:
- شكلهم مخيف أوي، بصي أنا هلف وهرجع تاني من نفس الطريق اللي جينا منه ولما نطلع على الإسفلت بره ساعتها نشوف هنعمل إيه
- ما أنا بقول كده من بدري نلف ونرجع ومحدش راضي يسمع!
فلم ترد واتجهت بسيارتها إلى اليمين لكي تستدير وتعود كما جاءت ولكنها نسيت نافذة السيارة مفتوحة وإذا بأحدهم يلقي شيئاً ما بداخل السيارة وحاولت القيادة بسرعة، ولكن قد فات الأوان فلقد رصدتهم كاميرات المراقبة المتناثرة على الجدران الحديدية الصدئة لهذا المكان المجهول الذي كان أمامهم يشبه المستودع ولكنه ضخم، وفجأة لم تعد تسنيم ترى الطريق بوضوح لتستمر في القيادة وكذلك والدتها وأصبحت السيارة تدور بهما في متاهات، ولكن كلما كانت تسنيم تفتح عينيها محاولة الأستفاقة كانت ترى رجلاً يرتدي بالطو أبيض يقترب منهم ببطء إلى أن رأته أمامها ولكنها لم تكن تمتلك القوة لتسأله عما يحدث معهم، وفي الوقت الذي اتجه إليهما مسرعاً في دهشة شديدة أتى خلفه طبيب آخر وممرضة وكلاهما مرتديان كمامات وطرق ذلك الدكتور على زجاج السيارة من ناحية والدتها ولكن لم تستجب ثم ذهب ناحية تسنيم ولكنها لم تستجب كذلك ليتأكد من أن المنوم أتم عمله على أكمل وجه، فابتعد الطبيب الأول عن السيارة ليفتحها الطبيب الأخر والممرضة ليتأكدا من هويتهما ثم اتصل بالمكان بالداخل وقاما بنقل تسنيم للكرسي الخلفي ثم قاد السيارة إلى داخل هذا المكان الغريب....
الصداع .... كل الإفاقات تبدأ بالصداع ذلك الصراع البشع في العقل لإستعادة التوازن، تلك المطرقة التي تدب على رأسك في منتصف الصمت لتنتشلك من اللاشيء إلى الوجود، وهكذا بدأت تسنيم بالإفاقة من حالة اللاوعي التي كانت عليها، الأضواء شديدة وموجهة عليها من كل اتجاه لا تكاد تستطيع أن تفتح عينيها تحاول تحريك يديها لكنهما مقيدتين وكذلك قدميها وكل ما يوجد حولها هو الأبيض، أربعة حوائط بيض وكذلك الكراسي التي ينامون ممددين عليها، تلك التي تشبه شازلونج الطبيب النفسي التي تشعرك بالأمان والحميمية لتبدأ بالتحدث عن أسوأ وأعمق ما فيك، ولكن تلك الكراسي لها شعور مختلف لها هيبة مختلفة حتى الكاميرات التي في أركان الحوائط بيضاء، يدب الرعب في قلبها لا تعرف ما الذي حدث لهم لما هي في هذا المكان المريب، آخر ما تتذكره أنهم كانوا يحاولان العودة بالسيارة، ما الذي حدث بعدها تحاول جاهدة التذكر ولكن بلا جدوى!
تتمنى لو أنها استمعت لوالدتها منذ بادئ الأمر ولم تقد السيارة إلى هذا المكان، يا إلهي كم ستصرع رأسي بعد الخروج من هنا بأنها كانت على صواب، ثم تتذكر والدتها فتلتفت يميناً ويساراً لتراها بجانبها ولكن على بعد ما يقارب الأربعة أمتار فتصرخ عليها بصوت مرتفع، ولكن أعلى ما لديها الآن هو الهمس فلم تقدر على رفع صوتها عن مجرد همسات خافتة ولكن ظنت بأنها كانت تصرخ بأعلى ما لديها من صوت:
- ماما ... يا ماما! ... ماما فوقي بقا ... يا ماما!
أفاقت والدتها بعد دقيقة ونص من إفاقة تسنيم وبدون أي مساعدة من همسها المتواصل كل تلك المدة، ليدب الصداع في رأسها كذلك لتميز صوت ابنتها الذي كان همساً وتحول ببطء إلى صراخ:
- ماما أنا خايفة أوي!
تنظر حولها لترى الكاميرات والأضواء وأنهما مقيدتان بالكامل فتبدأ دقات قلبها في الصعود والهبوط بشدة وبصوت مسموع في أذنيها أفقدها القدرة على التركيز وأصابتها بالزعر الشديد فهي لا تدرك ما الذي حدث!
- ماما أنا خايفة!
- هو أنت فاكرة إيه اللي حصل أنا مش فاكرة حاجة
- ولا أنا فاكرة حاجة
- أخر حاجة فكرها إننا كنا بنلف بالعربية عشان نرجع على الطريق
- آه وأنا كمان ومعرفش جينا هنا إزاي أنا خايفة أوي
- اهدي اهدي متقلقيش
ولكن لم يترك لهما متسع من الوقت ليستوعبا ما الذي حدث فالحائط الذي أمامهما بدأ في التحرك ببطء نسبياً إلى أعلى ليتضح لهما ما يوجد خلف الزجاج الشفاف الذي يفصل بين الغرفتين، غرفة شاسعة بيضاء بها كل ما يمكن تخيله من المعدات الطبية المعروفة والمجهولة، يوجد بها خمسة أشخاص، فهناك طبيب جالس أمام مجموعة من أجهزة الحاسوب وممرضتان واقفتان جانباً وطبيب آخر جالس أمام جهاز غريب وطبيب يقف أمام الزجاج، لم يعطوهم وقتاً للاستيعاب الأمر أو التفكر فيما يحدث أو أين هما فكانا كما يروهم بوضوح يسمعونهم بوضوح كذلك، فذلك الطبيب كان يقول موجهاً كلامه للطبيب الذي يقف أمام الزجاج:
- دكتور الفيروس جاهز للتجربة
- تمام جهزوا غرفة التجارب والعينتين
- دكتور حضرتك هتجرب على العينتين مرة واحدة؟
- مش ناقصة وجع دماغ خلينا نخلص منهم!
فيتدخل الطبيب الجالس أمام الحاسوب:
- طب على الأقل نتكلم معاهم ونعرف هما مين!
- ملكش دعوة أنت بحاجة وخليك في شغلك أنا المسؤول هنا
- دول غير التنيين، أكيد ليهم أهل وهيدوروا عليهم!
- هتتسجل قضيتهم ضد مجهول
- وأفرض حد قدر يوصلنا؟
- يوووه قولتلك خليك في شغلك!
- مهو بالعقل اتنين ستات عرفوا يوصلوا لهنا البوليس مش هيعرف على الأقل نعرف وصلوا لهنا إزاي، والمفروض نبلغ أستاذ إمام قبل ما نعمل أي حاجة؟
- عندك حق في موضوع البوليس ده لكن ملكش دعوة بأستاذ أمام أنا هنا المسئول طول ما هو مش موجود!
أنهى حديثه مع زميله وتوجه بالحديث لهم:
- عاملين إيه دلوقتي الصداع قل ولا لسه؟
أخذت والدة تسنيم ثواني لتفصل نفسها عن الرعب الذي أحدثه ما سمعتهم يتحدثون عنه لتستطيع الرد عليه فلربما تستطيع إنقاذ نفسها وابنتها:
- الحمد لله أحسن
- ممكن أعرف أنتوا جيتوا هنا إزاي؟
- بنتي كانت بتسوق بسرعة عالية وإحنا كنا بنتخانق وبعدين تهنا فلفينا ورجعنا من نفس الطريق تاني قابلتنا عربية فدخلنا في الصحراء عشان منعملش حادثة وعقبال ما هدت السرعة وفرملت وقفنا بالظبط قدام تلات رجالة قعدة في الأرض وشكلهم غريب جداً ولفينا عشان نرجع تاني، دي آخر حاجة أنا فكراها
- أمممم بس كده هو ده كل اللي حصل؟
- أنا مش بكدب حضرتك متعرفش أنا مين، اسمي مدام رقية الحسيني وديه بنتي تسنيم وأنا امرأة أعمال مشهورة وغنية جداً وابني برضو وجوز بنتي رجال أعمال أغنياء ومعروفين!
- وأنا دكتور حمدي وده دكتور طارق عادي جدا إنتي بقا بتعرفينا بنفسك ليه؟
- بص هنديكوا اللي أنتوا عوزينه بس سبونا نروح!
- للأسف مش هينفع
- بقولك إحنا معروفين وابني وجوز بنتي عارفين إننا تهنا وزمانهم بيدوروا علينا والبوليس لو اختفينا مش هيهدى غير ما يلاقينا!
- إنتي بتهدديني؟
- لا والله، أنا بس بقولك سبنا وهديكم الفلوس اللي أنتوا تقولوا عليها وأنا وبنتي ولا كأننا شفناكم بس نروح!
- ثانية واحدة
وفي ذلك الوقت كانت تسنيم فقدت السيطرة على عقلها من شدة الصدمة فكانت كل ما تفكر فيه هو دكتور حمدي فأخذت تحدث نفسها:
- هو بيبصلي كده ليه وليه مبتسملي كده هو يعرفني؟!
ثم أخذت تفكر في مدى غرابته هو يمتلك كل صفات الجمال والجاذبية التي تحبها في الرجال فهو واثق من نفسه، جميل الملامح، ذو عينين مكحلتين من كثافة الرموش وثاقبتا النظر، طويل ومفتول العضلات نوعا ما ذو بشرة سمراء لامعة، فيه شبه كبير من رامي في شكله وجسمه حتى وقفته، بعكس طارق فهو متوسط القامة مترهل قليلا، لديه بطن دائرية واضحة، أبيض اللون، فقالت لنفسها وهي تهز رأسها:
- أنا لازم أقوله محتاج يعمل تان لونه باهت خالص ولازم يلعب رياضة عشان يخس، باين عليه صغير والكرش مش ظريف خالص في سنه ، ولا حتى في البالطو نافع، ثم تذكرت لون -التان- حمام الشمس الذي قامت به من ثلاثة شهور في شرم مع سوزي والذي ما زال بقايا لونه على بشرتها حتى الآن، التان بتاعي كان تحفة عجب رامي أوي لما أرجع لازم أعمل واحد تاني مع سوزي .. سوزي! وحشتني أوي، يترى لما أحيكلها على كل اللي حصل ده هتصدقني؟
وفي الوقت الذي كانت تسنيم تفقد عقلها فيه كانت والدتها تستجمع كل ما فيها من قوة وتركيز لكي تجد حلاً في الخروج من تلك المصيبة محاولة التفاوض معهم وهي الآن تنتظر أن يفكرا في تركهما يذهبا لحاليهما:
فاستدار محدثاً طارق
- عجبك كده أديك شجعتها سمعت كلامك وبتحاول تتذاكى عليا!
فلم يرد طارق فقد فقدَ الأمل فهو يحاول التأكد من هويتهما أولاً فترد هي بسرعة:
- لا والله أبداً أنا بقول الحقيقة طب حتى ابحث عنا على الإنترنت!
فلم يعيرها أي انتباه كان متحمسا جداً لتجربة آخر اختراعاته وكانا ممتازين لذلك فأشار حمدي إلى الممرضتين ليبدأ بعملهما أما طارق فقد أدخل اسمها على جوجل وبدأ بالبحث عنهما، وعندما دخلتا الممرضتين أيقنت والدتها أنهما هالكتان لا محالة، فقد كانت تحمل كلاً منهما حامل محلول وجهاز ذو مجسات غريبة وبدءا في وضع المجسات على رأسيهما وقلبيهما وهنا بكت والدتها وبدأت بالترجي:
- والله أنا مش بكذب ابحث بس عن اسمي أو اسم جوزي أو حتى ابحث عن اسم رامي سعيد جوز بنتي أرجوك جرب!
أما تسنيم فقد شغل تفكيرها ذلك الجهاز ذو المجسات فأخذت تقول لنفسها وهي مبتسمة:
- البتاع ده ملمسه ناعم أوي وساقع شوية، بس جميل!
فلفتت تسنيم إنتباه حمدي بابتسامتها فوقف أمامها مبتسماً هو الآخر فبادلته الإبتسامة فأمال رأسه إلى اليمين فأمالتها معه، ثم أمالها إلى اليسار فأمالتها كذلك فانفجر من الضحك بينما تغرز الممرضة إبرة الكانولا في ذراعها لينتشلها الوجع مع صوت ضحكه مما هي فيه فتقول للممرضة في رعب شديد:
- إيه ده إنتي بتعملي إيه؟!
فابتسمت ولم ترد فتحدث نفسها:
- إيه الهبل ده أنا اتجننت ولا إيه هو أنا بجد هموت هنا خلاص كده، أنا مش عاوزة أموت لسه في حجات كتير معملتهاش، أنا لسه ما سافرتش باريس!
ثم تقول لنفسها مرة أخرى:
- باريس إيه إنتي هبلة! إيه اللي بتفكري فيه ده؟!
ثم تعود لتفكر لماذا لا تصرخ وتبكي كوالدتها؟... ولما لا تري شريط حياتها في ومضات سريعة كما يذعم الذين اقتربوا من الموت، أليست هي على وشك أن تموت؟ ولما يفكر البشر بأشياء غريبة في لحظاتهم الأخيرة، هل هي محاولة بائسة أخيرة من اللاوعي للشعور بالحياة؟!
- يعني الواحد فينا عمره ما بيفكر بجد في أنه ممكن يموت دلوقتي، دلوقتي حالاً!، أو كمان دقيقتين أو بكرا الصبح مثلاً، ديما وإحنا داخلين ننام بنفكر هنعمل إيه بكرا الصبح لما نصحي لكن عمرنا ما بنفكر هنعمل إيه لو مصحناش!، يمكن لأن ساعتها مش هيبقى في حاجة بأدينا نعملها!! هو أنا معرفش كتير عن الدين لكن واثقة إننا هنتحاسب، يااااه ياترى أنا ممكن أخش الجنة؟!
ما أغرب الإنسان عند الاقتراب من الموت!، ذلك المجهول المخيف، تحدث أغرب الأشياء للناس في تلك اللحظات الأخيرة، بحيث تبدأ الحوادث بالعمل بشكل خارق، فترى كل شيء، وتسمع وتشعر بكل شيء حتى أنك تتذكر كل شيء، وكأن الحوادث تستجمع كل ما حولها من حياة في ثوانيها الأخيرة لتعيشها كساعات أو أيام إن أمكن، فكل ما في الإنسان يتمسك بالحياة إلى آخر نفس.
ومع ذلك فلكل قاعدة شواذها فهي تتذكر ندى ابنة خالتها التي تصغرها بسنتين عندما كانت تغرق في البحر وهؤلاء الشباب يحاولون إنقاذها، كم كان مخيفاً هذا المشهد، وعندما أفاقت سألتها ما كان شعورها وهم يحاولون إنقاذها، فأخبرتها أن كل ما كان يشغل بالها هو ذلك البيكيني الذي ترددت في شرائه البارحة وأنها حقاً تريده وستذهب اليوم لشرائه، لقد صدم تسنيم هذا الرد وقالت لنفسها ما أتفهها! لابد أنها مجنونة! ولكنها الآن تستوعب الأمر قليلاً فلم يكن بيدها حيلة، فلقد فكرت كما كانت تفكر دائماً حتى عندما كانت تموت كان عقلها يعمل بنفس الطريقة التي كان يعمل بها دائماً، ثم تحدث نفسها:
- يا تري رامي هيعمل إيه من بعدي أكيد هيتجوز ويخلف ويجيب عيال كتير وساعتها هيبقى فرحان، يمكن وجودي في حياته هو سبب تعاسته!
دخلت الممرضتين مرة أخرى وكانتا ترتديان قفازين أبيضا اللون سميكين وتضع كلا منهما على رأسها ما يشبه الخوذة ولكنها محكمة الغلق على رقبتيهما وبها مستنشق للهواء عند الأنف والفم وتحمل كلا منهما حقنة كبيرة بها سائل أصفر يميل للسواد.
وهنا بدأت والدتها بنطق الشهادة مراراً وتكراراً بصوت منخفض، أما تسنيم فقد قررت أنها لا تريد الموت، ليس الآن وليس هنا لن تكون تلك نهايتها فأغمضت عينيها وبدأت تقنع نفسها بأن هذا كله مجرد كابوس مرعب وأنها مازالت نائمة تحلم وستستيقظ منه بعد قليل، لتجد نفسها بالبيت على سريرها بجانب رامي ولم يحدث بينهما أي مشاكل ولم تقل ما قالته لوالدتها ولم تته والأهم من ذلك أنها ليست هنا الآن ليست في ذلك المستودع الغريب وأن ما يحدث ليس أكثر من كابوس!، لكن الإحساس بإبرة الكانولا في يدها يخبرها عكس ذلك وصوت بكاء أمها وهي تنطق الشهادة يؤكد لها بأنها لا تحلم فربما يجب عليها هي الأخرى نطق الشهادة الآن!
وقفت كل ممرضة منهما بجانب إحدى السريرين وانتظرت الإشارة من د/ حمدي للحقن، فأشار إليهما بالبدء.
فقالت التي تقف بجانب سرير تسنيم وتسنيم تنظر إليها بغرابة شديدة وخوف أشد
- الساعة 6:00pm التجربة السادسة للفيروس رقم 9، عدد العينة: 2، نوع العينة: أنثى
وستتم التجربة على العينتين في نفس الوقت مع مراعاة اختلاف الأعمار في تأثير الفيروس على الجسم المستضيف، وستتم التجربة بحقن الفيروس في محلول معلق لمراقبة التغيرات الناتجة عنه بدقه ولقياس الوقت الكافي لتوقف قلب العينتين عن النبض بهذه الطريقة.
فرد د/ حمدي:
- ممتاز احقنوا الفيروس
فوضعت كلا الممرضتين الحقنة في المحلول ثم حقنته ببطء وتغير لون المحلول إلى لوناً يشبه الرصاصي وطاف على ماء المحلول من الأعلى بعض النقاط الصفراء التي تشبه الزيت وأمسكتا بغالق الكنولا لكي يسمحا للمحلول بالمرور لجسديهما وخوف تسنيم وولدتها وصل إلى أشده وبدءا بالتوسل للممرضتين لأن يتوقفا عما يفعلانه ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنهما تمثالين من حديد مجردين من كل المشاعر الأدمية وقبل أن يصل المحلول إلى جسديهما بثانيتين فقط، صرخ د/ طارق:
- لا استني وقفوا التجربة فوراً!
فأشار للممرضتين لينتظرا والتفت له بغضب وقال:
- فيه إيه يا بني متسبني أشوف شغلي بقا!
- ده أنت عكيت عك السنين شوف المقالة دي!
فأراه مقالة على الإنترنت عن الأسماء التي ذكرتها والدتها لكي يعلم أنها لم تكن تكذب وفي آخر المقال صورة أصابت حمدي بالرعب واعتلى الخوف ملامحه لدرجة أرعبت من حوله، ثم ألقي بجسده على الكرسي الذي بجانبه وهو يحدث نفسه بهمس:
- أنا رحت في داهية!
فأمر د/ طارق الممرضتين بأن تخرجا من الغرفة وفصل الكنولا عن ذراعي العينتين وعزل الغرفتين عن بعضهما البعض مرة أخرى ليعود الجدار الأبيض أمام وجهي تسنيم وأمها وهما لا يفهمان ما الذي يحدث لكنهما سعيدتين لأنهما لم يحقنا بذلك الفيروس ولكن هذا لا يعني أنهما في أمان فماذالا في رعب شديد مما حدث للتو وماذالا لا يفهمان أي شيء.
وقف د/ طارق بجانب د/ حمدي وهو يقول بفخر نوعا ما:
- ها هتعمل إيه دلوقتي؟
- مش عارف مفيش حل غير أني أقوله على اللي حصل وهو يقرر نعمل إيه، ده إن ما قتلنيش الأول!
- أساسا بعد اللي شفوه وسمعوه مينفعش يعيشوا وفي نفس الوقت مينفعش نموتهم هتعمل إيه بقا يا فالح!، قولتلك مدخلهمش! قولتلك الأمور هتكبر لكن أنت مبتسمعش لحد!
- أبوس إيدك نقطني بسكاتك خليني أفكر في البلوة اللي أنا فيها دي!
- أنا هتصل بيه وخلاص وربنا يسترها بقا
- وهيسترها معاك بتاع إيه على أساس بتكفل يتامى ولا مبتسبش فرض؟!
- قولتلك اخرص بقا وسبني فحالي
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.