hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

عند اقترابي من المنزل لاحظت أن الضوء كان ينبعث من الباب المفتوح لغرفتي. سمعت
في الظلام الذي خيم على جانب «! برينديك » : بعد ذلك صوت مونتجومري وهو يصيح
ذلك المستطيل البرتقالي.
وفي غضون «! مونتجومري » : واصلت الركض، وسمعته ثانيةً، فأجبته على وهن
لحظات كنت قد وصلت إليه مترنحًا.
أين » : أمسك بي من بُعد، فانعكس الضوء المنبعث من الباب على وجهي، وقال
«. كنت؟ لقد انشغل كلانا للغاية، فغفلنا عنك ولم نتذكرك إلا من نصف ساعة مضت
قادني إلى داخل الغرفة، وأجلسني على الكرسي المريح القابل للطي. أعماني الضوء
،« لم نظن أنك ستبدأ في استكشاف جزيرتنا دون إعلامنا » : بعضالوقت. قال مونتجومري
«! لقد كنت خائفًا! لكن … ماذا … برينديك » : ثم أضاف
خار ما تبقى لديّ من قوة، فسقط رأسي على صدري. وأعتقد أنه شعر بنوع من
«! بالله عليك! أغلق ذلك الباب » : الرضا في إعطائي البراندي. قلت له
ثم أغلق الباب واستدار ناحيتي «؟ لقد التقيت ببعض غرائبنا، أليس كذلك » : قال
ثانيةً. لم يطرح عليّ أي أسئلة، لكنه أعطاني المزيد من البراندي والماء، وألح عليّ لتناول
الطعام. كنت في حالة انهيار. تلفظ مونتجومري بشيء مبهم عن نسيانه تحذيري،
وسألني باختصار عن الوقت الذي غادرت فيه المنزل، وما رأيته. وأجبته بالاختصار
أخبرني ما الذي يعنيه كل » : نفسه في جُمل غير مكتملة. قلت وأنا في حالة شبه هيسترية
«؟ ذلك
ليس الأمر على هذا القدر من البشاعة، لكن أعتقد أنك قد نلت كفايتك » : أجاب
أصدرت أنثى الكوجرصرخة ألم حادة، فأخذ مونتجومري يتلفظ بالسباب «. ليوم واحد
«. وما يعج به من قطط « جاور » اللعنة! هذا المكان أسوأ من شارع » : هامسًا، ثم قال
«؟ ما ذلك الشيء الذي تتبعني، يا مونتجومري؟ أكان حيوانًا أم إنسانًا » : قلت
«. إذا لم تنم الليلة، فستُجَن بحلول الغد » : وكان رده
«؟ ما ذلك الشيء الذي تتبعني » : وقفت في مواجهته، وسألته
نظر إليّ مباشرة في عيني، ولوى فمه بازدراء. بدا الفتور في عينيه اللتين كانتا
«. وفقًا لما رويته أظن أنه كان عفريتًا » : تنبضان بالحياة منذ دقيقة واحدة، وقال
شعرت بحنق شديد زال بالسرعة نفسها التي انتابني بها. دفعت نفسي في الكرسي
ثانيةً، وضغطت بيديَّ على جبيني. شرعت أنثى الكوجر في التأوه من جديد.
اسمع يا برينديك! » : جاء مونتجومري من خلفي، ووضع يده على كتفي، ثم قال
ليس لي ذنب في خروجك إلى هذه الجزيرة السخيفة. لكن الأمر ليس على ذلك القدر من
السوء الذي تشعر به يا رجل. أعصابك منهارة، وسأعطيك شيئًا يساعدك على النوم.
«. سيستمر ذلك … عدة ساعات. لذا، يجب أن تنام، وإلا فلن أكون مسئولًا عن العواقب
لم أرد عليه. انحنيت للأمام، وغطيت وجهي بيديَّ. عاد مونتجومري في الحال ومعه
قدر صغير يحتوي على سائل داكن اللون. أعطاه لي، فأخذته دون مقاومة، وساعدني
بعد ذلك في الوصول إلى الأرجوحة الشبكية.
استيقظت من النوم في وضح النهار. ظللت مستلقيًا بعضالوقت، محدقًا في السقف
فوقي. فلاحظت أن العوارضالخشبية بالسقف كانت مصنوعة من ألواح إحدى السفن.
أدرت بعد ذلك رأسي، ورأيت وجبة مُعدة من أجلي على المائدة. أدركت حينها أنني جوعان،
واستعددت للنزول عن الأرجوحة التي بدت كأنها توقعت ما أنوي فعله، فالتفَّتْ وقذفت
بي على الأرضلأسقط على أطرافي الأربعة.
نهضت وجلست أمام الطعام. كنت أشعر بألم في رأسي، ولم يكن بوسعي تذكر
سوى تفاصيل مبهمة عما حدث الليلة السابقة. هب نسيم الصباح عليلًا من النافذة
غير المصقولة. وأدى ذلك النسيم — بجانب الطعام — إلى شعوري بالراحة. عندئذٍ
انفتح الباب الموجود خلفي، كان ذلك الباب الداخلي الذي يطل على فناء المنطقة المسيجة.
ثم أغلق «. هل أنت بخير؟ إنني مشغول للغاية » : استدرت، ورأيت وجه مونتجومري. قال
الباب. اكتشفت بعد ذلك أنه قد نسي أن يوصده.
تذكرت بعد ذلك تعبير وجهه الليلة الماضية، واستعدت بذلك كل ما مررت به. في
اللحظة ذاتها التي عاد إليّ ذلك الشعور بالخوف، سمعتصرخة من الداخل. لكن هذه
المرة لم تكنصرخة أنثى الكوجر.
أنزلت اللقمة التي ترددت في تناولها، وأخذت أنُصت. لم أسمع سوى صمت، فيما
عدا همس نسيم الصباح، فبدأت أكُذب أذنيّ.
واصلت تناول الطعام بعد توقف طويل، لكن ظلت أذناي متنبهتين. عندئذٍ سمعت
صوتًا آخر منخفضًا وخافتًا للغاية. جلست متخشبًا في مكاني. وبالرغم من انخفاض
الصوت وخفوته، فقد خلف بداخلي أثرًا أقوى من كل ما سبق لي سماعه من أصوات
بغيضة خلف الجدار. فما كان هناك مجال للشك هذه المرة في طبيعة تلك الأصوات
المتقطعة الخفيضة؛ لا شك على الإطلاق في مصدرها. كانت تأوهات يتخللها نشيج ونهيج
من الألم. لم يكن حيوانًا تلك المرة، بل إنسانًا يتعذب!
عندما أدركت ذلك نهضت، وقطعت الغرفة في ثلاث خطوات، أمسكت بمقبضالباب
المؤدي إلى الفناء، وفتحته بقوة.
وأخذ كلب صيد مذعور ينبح «! برينديك! قف » : صاح مونتجومري معترضًا إياي
ويزمجر. لاحظت وجود دم في الحوض، كان لونه بنيٍّا وبعضه أحمر قرمزي. شممت
رائحة حمضالكربوليك المميزة. رأيت بعد ذلك من باب مفتوح في الخلف، في ضوء الظل
الخافت، شيئًا مشدود الوثاق مضمدًا أحمر تملؤه آثار الجروح. ظهر بعد ذلك رأس
مورو العجوز، وقد بدا عليه الشحوب والفزع، ليحجب ذلك المشهد عن نظري.
وفي لحظة أمسك بي من كتفي بيدٍ ملطخة باللون الأحمر، وأدار جسدي ليدفعني
بعد ذلك بقوة دون توانٍ إلى غرفتي. رفعني كما لو كنت طفلًا صغيرًا، وسقط جسمي
بالكامل على الأرض. صفق الباب، وحجب بذلك التوتر الشديد الذي بدا على وجهه.
سمعت بعد ذلك صوت المفتاح في القفل، وصوت مونتجومري مجادلًا مورو.
«! لقد دمر عمل العمر كله » : سمعت مورو يقول
وقال كلامًا آخر لم أتمكن من سماعه. «… إنه لا يفهم » : فرد مونتجومري
«. لكن لا يمكنني تضييع الوقت في ذلك » : قال مورو
لم أسمع باقي المحادثة. استجمعت قواي لأنهض، وقفت مرتعدًا، وعقلي مشوش
تمامًا بأبشع الهواجس. أخذت أتساءل: هل يُعقل أن يكون تشريح البشر أحياءً أمرًا
ممكنًا؟ خطر السؤال بذهني كبرق خاطف في سماء أفكاري العاصفة. ووصل فجأة
الرعب الذي خيم على أفكاري إلى إدراك بيِّن للخطر المحدق بي.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.