batolali

شارك على مواقع التواصل

خرج من منزله وهو غاضب وذهب إلى المقهى حيث يجلس صديقه أشرف ... جلس عمرو بجواره وهو يتأفف بضيق مما دفع أشرف لسؤاله رغم أنه يعرف الإجابة:

-"هل تشاجرت مع والدتك مرة أخرى؟"

صمت عمرو ولم يتحدث وعندما رأى أشرف صمته قال:
-"إذن فعلتها مجددا ، ألا تمل تلك المرأة أبدا من إهانتك؟!"

زفر  عمرو بحنق وقال:
-"لم تكتفي بالإهانة فقط بل قارنتني بنور وتفوقها وأخلاقها".

ربت أشرف على كتفه وطلب من النادل أن يجلب لهما الشيشة وكأسين من الشاي .

مرت ساعة وما زال عمرو وأشرف يتحدثان وتحسن مزاج عمرو كثيرا من وراء هذا الحديث.

صدع رنين هاتف أشرف فأجاب وكانت المتصلة هي والدته التي أخبرته بأنه عليه الحضور فورا إلى المنزل ، ذهب أشرف إلى منزله وشعر بالصدمة عندما أخبرته شهيرة بأن شقيقته حامل ... شعر وكأن والدته صعقته بالكهرباء وهي تخبره بهذه الفاجعة التي ستجلب لهم العار.

لم يستمع إلى نداء والدته من خلفه وهو يتوجه إلى غرفة شقيقته ... انتفضت حنان بفزع عندما رأت أشرف دلف إلى الحجرة وأغلق الباب خلفه بالمفتاح ، نظر لها بغضب بينما هي بادلته نظرته بالذعر والخوف ، توجه نحوها وأمسكها بعنف من شعرها وهو يضربها ويكيل لها اللكمات بلا رحمة وهتف وهو يلهث:

-"سأقتلكِ ولن أرحمك أيتها السافلة الحقيرة".

كانت حنان تصرخ بشدة وتتوسل له أن يتركها ولكنه لم يهتم بتوسلاتها ولا بطرقات والدته على الباب ، واستمر في ضربها وهو يهتف بفحيح مرعب:

-"أخبريني من هو والد طفلك يا ساقطة وإلا سأقتلك؟"

أردفت من بين توسلاتها:
-"عمرو".

اتسعت عيناه بصدمة وهو يدفعها لتسقط أرضا وهتف بصدمة وعدم استيعاب:

-"عمرو!! تقصدين صديقي الغالي الذي أعتبره بمنزلة شقيقي؟!"

أومأت حنان برأسها من بين بكائها ليجلس أشرف كالمغيب على السرير يخلل أصابع يده في خصلات شعره ويشده بقوة.

طعنة القريب تكون دائما مؤلمة وقاسية ، صديقه الذي لطالما اعتبره شقيقه تعدى على حرمته دون أن يحترم صداقتهما.

أليس هو من يشاركه في طباعه ويكسر قلوب الفتيات؟ أليس هو من كان يشجعه عندما يخوض رهانا مع أصدقائه في الإيقاع بفتاة فشلوا جميعا في الإيقاع بها؟ أليس هو من كان يضحك ويسخر عندما يترك عمرو فتاة ويخبره بأنها تترجاه ألا يفضحها؟

الآن فقط عرف المعنى الحقيقي للغدر والخيانة الذي شعرت به كل امرأة لعب بقلبها وتركها ورأى كيف تكون خيبة الأمل في أقرب الأشخاص.

أمسك حنان من رقبتها بقوة وظل يضغط عليها حتى خرجت روحها من جسدها ، نظر إلى جثتها بحسرة قبل أن يخرج المدية من جيبه ويشق بها رسغه.

حضر ابن عم أشرف بعدما اتصلت به شهيرة وكسر الباب ... صرخت شهيرة بعدما رأت أشرف غارقا في دمائه وحنان ساكنة ولا تتحرك وتأكدت أنهما فارقا الحياة .
•••••••••••••••••
مرت خمس سنوات قبل أن يذعن لرجاء والدته ويفكر بجدية في أمر الزواج ، فهو لم يعد يحتمل الحاح والدته عليه بعدما علمت ما فعله بحنان وانتحار أشرف بعدما قتلها ... لا يزال يتذكر دعوات شهيرة عليه بأن يخسر كل من يحبهم ويبقى وحيدا ليس له أحد.

لا تزال صفعة والدته وكلامها المؤنب يترددان في أذنه بعدما حضرت شهيرة لمنزلهم وألقت دعواتها ولعناتها في وجه عمرو .

ظلت والدته طوال هذه السنوات تبحث له عن عروس مناسبة ولكن كل محاولاتها بائت بالفشل بسبب سمعة عمرو السيئة ، ولكنها استطاعت في النهاية العثور على فتاة اسمها "هنا" من أسرة حالتها المادية سيئة ، فاستغلت والدة عمرو الفرصة وتقدمت لخطبتها ووافق والد هنا أمام اغرائات ووعود عمرو بأن يتكفل بكل شيء ولن يتزوج هنا ويأخذها سوى بحقيبة ملابسها فقط.

تزوج عمرو وهنا ومرت الأيام وكانت حياتهما سيئة فعمرو لم يكف عن مصادقة الفتيات ومغازلتهن ... ظنت هنا في البداية بأنه سيتغير مع مرور الوقت ولكنه ظل كما هو ولم يتغير وتحملت الأمر من أجل "إيمان" ابنتهما التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات.

وفي أحد الأيام ، خرجت هنا من غرفتها وتوجهت إلى الصالة وسمعت صوت عمرو وهو يتحدث مع إحدى الفتيات ويطلب منها أمور مخجلة وما أغاظها وأشعل غضبها هو الضحكات الخليعة التي أصدرتها تلك الفتاة.

كزت هنا على أسنانها بغيظ وأخذت الهاتف بعنف من يده وحطمته وظلت تدهسه بقدمها غير عابئة بنظرات عمرو الغاضبة المصوبة نحوها.

-"اللعنة عليك!! ماذا أفعل لك لتكف عن أفعالك؟!"

كانت هنا تصرخ بهذه الكلمات وعمرو ينهال عليها بالضرب والسباب اللاذع ... صعدت والدة عمرو إلى الشقة بعدما سمعت صراخ هنا واستطاعت بصعوبة أن تبعد عمرو عنها وهي تقول:

-"ماذا فعلت لك لتضربها بهذه الطريقة الهمجية؟"

أجابها عمرو بغيظ وهو يشير إلى هاتفه المحطم:

-"كسرت هاتفي ودهسته كالفيل بقدمها".

صاحت هنا بسخط:

-"لما لا تخبر والدتك بالسبب الذي جعلني أكسر الهاتف؟"

-"ولك عين للحديث يا حقيرة؟!"

هتف بها عمرو وهو يجر هنا من شعرها ولكن تدخلت والدته وأبعدته عنها وهي تصيح:

-"ابتعد عنها وأخبرني ماذا فعلت لتكسر لك هاتفك؟"

أخبرتها هنا بأمر المكالمة والفتاة ... نظرت له والدته بخيبة أمل وهي تقسم داخلها بأنها لم تعد تحتمل أكثر.

أمسك عمرو هنا من ذراعها وعاد لضربها مرة أخرى ... نظرت له والدته بجمود وعدم استيعاب لما يحدث حولها ، ووضعت يدها على قلبها الذي بدأ يؤلمها بشدة ، واستندت على حافة الطاولة وحاولت أن تتحدث ولكنها لم تستطع وسقطت أرضاً.

صرخت هنا بقوة وتوجهت نحوها على الفور ، واتصل عمرو بالإسعاف الذي حضر بعد مدة قصيرة ونقل والدة عمرو إلى المستشفى.

خرج الطبيب بعد فترة من غرفة العمليات ونظر لعمرو بوجوم وهو يقول:

-"البقاء لله".

ظلت هنا تبكي بشدة ومرت أيام العزاء بصعوبة عليها فمن كانت تحميها من بطش عمرو انتقلت إلى الرفيق الأعلى وتركتها بمفردها.

لم يتوقف عمرو عن عادته وعندما كانت تعترض هنا كان يضربها بشدة وأكثر من السابق فقد أصبح على يقين بأنه لن يحميها أحد منه إلى أن أتى ذلك اليوم الذي طفح كيلها منه وتركت له المنزل وطلبت الطلاق وتنازلت عن كل شيء حتى ابنتها الوحيدة تركتها له ، وبعد انقضاء فترة العدة تزوجت برجل أخر .

كبرت إيمان وتعرفت على شاب اسمه حازم وأحبته كثيرا وفي أحد الأيام استقلت القطار لتذهب إلى جامعتها وأرسلت رسائل صوتية لحازم تعبر له فيها عن شدة حبها له.

مرت دقيقة قبل أن تسمع صوت ضحكاته هو وأصدقائه ... بحثت حولها بعينيها إلى أن وجدته يجلس بالقرب منها برفقة أصدقائه ولم ينتبهوا لها.

كادت تقترب منهم ولكنها تراجعت عندما رأته يضحك بسخرية ويعطي الهاتف لأصدقائه ليسمعوا رسائلها ، وبكت بشدة عندما سمعت أحدهم يهتف بسخرية:

-"الفتاة غارقة بعشقك حتى النخاع ... لما لا تتزوجها؟"

زم حازم شفتيه بلا مبالاة وهتف باستنكار:

-"أتزوجها!! ماذا تقول يا صديقي هل جننت؟! عندما أفكر بالزواج فلن أرتبط بتلك الفتاة التي تواعدني وتتحدث معي دون ارتباط رسمي بيننا".

خرجت على الفور من القطار عندما توقف ومرت بضعة أيام قبل أن ترى حازم برفقة فتاة أخرى ، وعندما واجهته بكل شيء أهانها بقسوة أمام أصدقائه وبعثر كرامتها ودهسها بحذائه.

لم تحتمل إيمان ما حدث فكتبت رسالة إلى والدها تخبره فيها بالأمر قبل أن تنتحر.

يتمنى لو أنه توقف عن كل ذلك عندما علم بإنتحار أشرف وقتله حنان ولكنه ظل على وضعه ولم يفهم بأنها إشارة له من الله بأن يتوب ويتعظ.

غادر المقبرة متوجها إلى منزله وهو يتمنى أن يموت ويرتاح من شعور الندم الذي يجتاحه في الآونة الأخيرة ، كاد يستقل سيارته ولكنه تفاجأ بوجود طليقته التي وقفت أمامه وتحدثت وهي ترمقه بكره وحقد:
-أنت هو السبب في موت ابنتي ، المسكينة دفعت ثمن أخطائك في الماضي".

أزاحت دموعها بقوة وهي تتابع:

-"صديقك المقرب انتحر بسببك بعدما قتل شقيقته وتلك الفتاة انتحرت بعدما علمت بأمر الفيديو الذي صورته لها ورغم كل ما حدث لك لم تبتعظ ولكنك استمريت في أخطائك ليكون عقاب الله لك هو ابنتك ، الصغيرة التي لم يكن لها دخل في كل تلك الأمور هي من اختارها الله لتكون عقابك في الدنيا على كل ما اقترفته من آثام".

تركها ورحل غير قادرا على مواجهة حديثها الذي يؤنبه أكثر ويجعله يتذكر والدته التي توفت وهي غاضبة عليه وشقيقته التي تزوجت وسافرت برفقة زوجها وقطعت علاقتها به فقد تحققت دعوات شهيرة عليه بأن يخسر كل شيء .

هل ظننت أيها العابث بأن كل فعلته لن يكون له عقاب؟ هل اعتقدت بأن أفعالك في الماضي مجرد لهو ولن تحاسب عليها؟
خسئت أنت ومن هم مثلك ، ما رآيته الآن هو عقابك في الدنيا فقط وينتظرك في الآخرة العقاب الأشد والأقوى.

النهاية
# batol

1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.