GilbertKeith

شارك على مواقع التواصل

بهذه الكلمات، رَدَّ الأب «. نعم، دائمًا ما أحبُّ الكلاب، ما دام الناس لا يعتبرونها آلهة »
براون على رفيقه الذي كان يُحادثه.
يبدو أنَّ أولئك الذين يتكلمون بسرعةٍ ليسوا سريعين دائمًا في الإنصات. بل في بعض
الأحيان، يُولِّد ذكاؤهم نوعًا من الغباء. وقَد كان صديق الأب براون ورفيقه هنا شابٍّا
مُتحمِّسًا ينساب من فمه سيلٌ من الأفكار والقصص ويُدعى فاينس، وكانت لديه عينان
زرقاوان مُتَّقدتان وشعرٌ أشقر لا يبدو مُصفَّفًا بفرشاة شعر فقط، بل بِرياح العالم بينما
كان يعدو خلالها. لكنَّه أوقَف سيل كلماته بسبب حيرةٍ لحظية قبل أن يفهم مقصد الأب
براون البسيط جدٍّا.
هل تعني أنَّ الناس يُبالِغون في تعظيمها؟ حسنًا، لا أعرف. إنها مخلوقات » : وقال له
«. رائعة. أحيانًا أعتقد أنها تعرف أكثر كثيرًا ممَّا نعرف
لم يقل الأب براون شيئًا، لكنَّه واصَل التربيت على رأسكلب الريتريفر الضخم بطريقةٍ
توحي بأنَّه شِبه شاردٍ، لكنَّها كانت مُهدِّئة على ما يبدو.
عَجَبًا، يوجد كلبٌ في القضية التي جئتُ » : استأنف فاينس ثرثرته الفردية، قائلًا
إنَّها قصة غريبة، لكنِّي أرى .« قضية القتل غير المرئي » لمعرفة رأيك فيها، والتي يُسمُّونها
أنَّ الكلب هو أغرب ما فيها. بالطبع ثمة أشياء غريبة أخرى كلُغزِ الجريمة نفسه، وكيفية
«… مقتل دروس العجوز على يد شخصٍآخر مع أنَّه كان وحده تمامًا في كوخه الصيفي
توقفَت اليد التي كانت تربت على الكلب للحظة عن حركتها المنتظمة، وقال الأب براون
«؟ إذًا، لقد كان كوخًا صيفيٍّا، أليس كذلك » : في هدوء
وحي الكلب
اعتقدتُ أنَّك قرأتَ كُلَّ تفاصيلها في الصحف. انتظر لحظة؛ أعتقدُ أنَّ » : أجاب فاينس
أخرج قُصاصةَ صحيفة من جيبه وأعطاها إلى «. لدي قُصاصةً ستُخبِرك بكل التفاصيل
القَس، الذي بدأ في قراءتها، مُمسِكًا إيَّاها بالقرب من عينَيه الرامشتَين بإحدى يدَيه بينما
واصل بيده الأخرى التربيت بطريقةٍ شِبه شاردة على الكلب. كان يبدو كالرجل الذي وَرَد
في حكايةٍ دينية قديمة والذي لم يدَع يده اليُمنى تعرف ما فعلَته يده اليُسرى.
كان العديد من القصص الغامضة، التي تحكي عن رجالٍ قُتِلوا خلف أبوابٍ ونوافذَ
مقفلة؛ وقتلةٍ هَرَبوا بلا وجود وسيلةٍ للدخول والخروج، قَد تحقَّق في سياق أحداثٍ غير
طبيعية وقعت في كرانستون على ساحل يوركشاير، حيث عُثِر على الكولونيل دروس
مطعونًا من الخلف بخنجرٍ لم يُرَ على الإطلاق في مسرح الجريمة ولا حتى في الحيِّ كله على
ما يبدو.
في واقع الأمر، لم يكن من الممكن دخول الكوخ الصيفي الذي قُتِل فيه الرجل العجوز
إلَّا عبر مدخل واحد، وهو البوابة الرئيسية العادية المُرتفعة قليلًا عن الممشىالذي يقع وسط
الحديقة ويُؤدي إلى المنزل، ولكن يبدو أنَّ سلسلةً من الأحداث التي يُمكن تسميتُها مجازًا
بالمُصادفة تُشير إلى أنَّ الممشىوالمدخل كانا قيد المُراقبة بالفعل وقت وقوع الجريمة، وهناك
مجموعة من الشهود الذين يُؤكِّد بعضُهم كلامَ بعض. يقع الكوخ الصيفي في أقصىطرف
الحديقة، حيث لا يوجد مخرج أو مدخل من أي نوع. أمَّا الممشى الموجود وسط الحديقة،
فيقع بين صفَّين من نباتات العائق الطويلة مزروعٍ أحدهما على مَقربةٍ شديدة من الآخَر،
لدرجة أنَّ أي خطوة خارج الممشى ستترك أثرها، وكان الممشى والنباتات يمتدَّان مباشرةً
حتى عتبة باب الكوخ الصيفي، وبذلك فمن المستحيل عدمُ ملاحظة أي انحراف عن هذا
المسار المستقيم، ولا يمكن تخيُّل أي طريقةِ دخولٍ أخرى.
وقَد شَهِد باتريك فلويد، سكرتير القتيل، بأنَّه كان في وَضعٍ أتاح له مُلاحظة الحديقة
كُلِّها من الوقت الذي ظهر فيه الكولونيل دروس آخرَ مرة على قيد الحياة في المدخل إلى
الوقت الذي وُجِد فيه مقتولًا؛ حيث كان، أي فلويد، يقف على قمة سُلَّم متنقل ويُقلِّم
السياج النباتي المُحيط بالحديقة. وأكَّدت جانيت دروس، ابنة القتيل، ذلك قائلةً إنَّها كانت
تجلس فيشُرفة المنزل طَوال ذلك الوقت، ورأت فلويد في أثناء عمله. وأيَّد ذلك أيضًا دونالد
دروس، شقيقها الذي كان ينظر إلى الحديقة من الأعلى عبر نافذة غرفة نومه مرتديًا
رداءه الصباحي، والذي رأى فلويد يُقلِّم الأشجار بعضًا من ذلك الوقت؛ لأنَّه نهض من
سريره متأخرًا. وأخيرًا، تتفق هذه الأقوال مع كلام الطبيب فالنتين، أحد الجيران، الذي
ذهب للتحدُّث إلى الآنسة دروسفي الشرفة لبعضالوقت، وكلام السيد أوبري تريل محامي
الكولونيل، الذي يُفتَرَضأنَّه آخر من رأى القتيل حيٍّا، ربما إذا استثنينا القاتل.
اتفقوا جميعًا على أنَّ تسلسل الأحداث كان كالتالي: في حوالي الساعة الثالثة والنصف
عَصرًا، سارت الآنسة دروس على الممشى إلى حيث كان والدها لتسأله متى يريد تناول
الشاي، لكنَّه قال إنه لا يريد أي شيء وكان ينتظر رؤية مُحاميه تريل، الذي كان من
المقرَّر أن يأتيَ إليه في الكوخ الصيفي. ثم انصرفت الشابة والْتقَت بتريل بينما كان يدلف
من المدخل الرئيسي إلى الممشى، وأرشَدَته إلى مكان والدها، فدخل حسب توجيهاتها. وبعد
حوالي نصف الساعة، خرج مرةً أخرى بصُحبة الكولونيل الذي أوصله إلى الباب، والذي
كان واضحًا للعيان أنَّه بصحةٍ طيِّبة، بل ومعنويات عالية. وقد كان الكولونيل منزعجًا
بعض الشيء في وقتٍ سابق من اليوم بسبب مواعيد نوم ابنه غير المنتظمة، ولكن بَدا أنَّ
مِزاجه تحسَّن ووصل إلى حالته الطبيعية المثالية، وكان ودودًا بشدة في استقبال الزوار
الآخرين، ومنهم اثنان من أبناء أخيه، زاراه أثناء اليوم نفسه، ولكن لم تكن لديهما شهادةٌ
يُدليان بها لأنَّهما كانا يتمشَّيان في الخارج طوال وقت وقوع الجريمة. وفي الواقع، يُقال إنَّ
العلاقة بين الكولونيل والطبيب فالنتين لم تكن على أحسن ما يُرام، لكنَّ هذا الجار لم يُجرِ
سوى لقاءٍ قصير مع ابنة دروس، التي يُفترَضُأنَّه مُعجبٌ بها بشدة.
يقول المحامي تريل إنَّه ترك الكولونيل وحده تمامًا في الكوخ الصيفي، وهذا ما أكده
فلويد الذي كان يرى الحديقة كُلَّها من الأعلى، والذي لم يَر أيَّ شخص آخر يعبر المدخل
الوحيد إلى المنزل. وبعد ذلك بعشر دقائق، خرجت الآنسة دروس مرَّة أخرى إلى الحديقة،
ولم تكد تصل إلى نهاية الممشى حين رأت والدها، الذي عَرَفته بمِعطفه الكتَّاني الأبيض،
مستلقيًا بلا حراك على الأرض. فأطلقَت صرخةً جلبَت الآخرين إلى المكان، وحين دخلوا
الكوخ الصيفي، وجدوا الكولونيل ميتًا على الأرضبجانب كُرسيِّه المصنوع من الخيزران
الذي كان مقلوبًا أيضًا. وشَهِد الطبيب فالنتين، الذي كان ما يزال بجوار المنزل، بأنَّ الجرح
كان ناجمًا عن طعنةِ خِنجر من نوعٍ ما دخلت تحت لوح الكتف الخلفي واخترقت القلب.
وقَد فتَّشَت الشرطة الحيَّ بحثًا عن سلاحٍ كهذا، ولكن لم يُعثَر على أيِّ أثرٍ له.
إذًا، كان الكولونيل دروس يرتدي معطفًا » : قال الأب براون وهو يُنزِل القصاصة
«؟ أبيض، أليس كذلك
إنَّها عادةٌ تعلَّمها في المناطق الاستوائية؛ » : أجاب فاينس بنبرةٍ يعلوها بعض التعجُّب
إذ خاض بعض المغامرات الغريبة هناك، على حدِّ قوله، وأظنُّ أنَّ سبب كرهه لفالنتين
يرجع إلى أنَّ الطبيب آتٍ من المناطق الاستوائية أيضًا، لكنَّ الأمر برُمَّته لغزٌ جهنمي؛ فأقوال
الشهود دقيقة جدٍّا. صحيحٌ أنني لم أرَ الحادثة، أي إنني لم أكتشفها وقت وقوعها؛ لأنني
كنت في الخارج أتمشَّى مع ابنَيْ أخيه الشابَّين والكلب؛ أقصد الكلب الذي أردتُ أن أحُدِّثك
عنه، لكنِّي رأيت مسرح الجريمة كما وُصِف؛ رأيت الممشى المستقيم الممتدَّ بين الزهور
الزرقاء إلى المدخل المظلم، ورأيت المحاميَ يسير عبره مرتديًا ثوبه الأسود وقُبَّعته الحريرية،
ورأيت الرأسالأحمر للسكرتير فلويد يبرز عاليًا فوق السياج النباتي الأخضرفي أثناء تقليمه
بمِقصالأشجار. لا يُمكن لأحدٍ أن يُخطئ ذلك الرأسالأحمر، حتى لو رآه من أيِّ بُعد؛ وإذا
قال الناس إنَّهم رأوه هناك طوال الوقت، ينبغي أن تكون متيقنًا من أنَّهم رأوه بالفعل.
كان هذا السكرتير ذو الشعر الأحمر، فلويد، شخصًا غريبًا جدٍّا، شخصًا دائم الحركة
كعَدَّاء لاهثٍ يؤدي دائمًا مهامَّ جميع الآخرين، كما كان يؤدي عمل البستاني وقت تلك
الحادثة. أعتقدُ أنَّه أمريكي؛ لذا فمن المؤكَّد أنَّه يؤمن بوجهة نظر الأمريكيين تجاه الحياة،
«. فليباركهم الرَّب
حينئذٍ، حلَّ صمتٌ لحظي، ثم تكلَّم «؟ وماذا عن المحامي » : وهنا سأله الأب براون
أرى أنَّ تريل رجلٌ فريد؛ فثيابه » : فاينس ببطءٍ مُقارنةً بسرعته المعتادة في الكلام، قائلًا
السوداء الجميلة كانت توحي بأنَّه متأنق، ولكن لا يُمكن وصفه بأنَّه يتبع الموضة؛ فقد
كان لديه سالفتان سوداوان طويلتان كثيفتان لم يُرَ مثلهما منذ العصرالفيكتوري. وكان
وجهه رزينًا جميلًا مثل سلوكه، لكنَّه كان يتذكر أن عليه الابتسامَ بين الحين والآخر. وحين
كان يُبيِّن أسنانه البيضاء، كان يبدو أنَّه يفقد قليلًا من وقاره، ويَظهر على ملامحه تملُّقٌ
خافت. وربما كان ذلك بسبب شعوره بالارتباك ليس إلَّا؛ لأنه كان يضبط رابطة عنقه
ودَبُّوسها، اللذَين كانا يحملان حُسنًا وغرابةً في الوقت نفسه مثله تمامًا، بشيء من التوتر
أيضًا. ليتني أستطيع معرفة هوية القاتل، ولكن ما الفائدة إذا كان الأمر برُمته مستحيلًا؟
لا أحد يعرف هوية الفاعل، ولا الطريقة التي من الممكن أن يكون قد ارتكب بها جريمته،
«. لكنِّي سأذكر استثناء واحدًا؛ ولذا ذكرت القصة كُلَّها. أقصد أنَّ الكلب يعرفهوية القاتل
كنت هناك بصفتك صديق الشاب دونالد، » : تنهَّد الأب براون ثم قال بنبرةٍ شاردة
«؟ أليس كذلك؟ ألم يتمشَّ معك
نعم. لقد خَلد ذلك الوغد إلى النوم في صباح ذلك اليوم، » : أجاب فاينس مُبتسمًا
واستيقظ عصرًا. فتمشَّيت مع ابنَيْ عمَّه، اللذَين كانا ضابطَين شابَّين من الهند، وكانت
محادثتنا تافهة جدٍّا. أتذكر أنَّ أكبرهما، الذي أعتقد أن اسمه هربرت دروس ولديه خبرةٌ
كبيرة في تربية الخيول، لم يتحدث عن أي شيء سوى الفَرَسة التي اشتراها والطابع
الأخلاقي للرجل الذي باعها له، بينما بدا شقيقه هاري مكتئبًا وسط انهماكه في تذكُّر حظِّه
السيئ في مونت كارلو. ذكرتُ ذلك فقط لأرُِيَك أنَّه، في ظل ما حدث أثناء تمشيتنا، لم يكن
«. هناكشيءٌ غريب بشأننا. إن الكلب كان الكائن الغامضالوحيد بيننا
«؟ ما نوع ذلك الكلب » : سأله القس
من السلالة نفسها التي ينتمي إليها هذا الكلب. وهذا ما أوحى إليَّ » : أجاب فاينس
بسرد القصة، لا سيما حين قُلتَ إنَّك لا تؤمن بتعظيم الكلاب. كان كلبًا أسود ضخمًا
من سلالة الريتريفر، ويُدعى نوكس [اسم إلهة الليل عند الرومان]، وهو اسمٌ موحٍ؛ لأنَّني
أعتقد أنَّ ما فعله يُعَد لغزًا أكثر غموضًا من جريمة القتل نفسها. إن منزل دروسوحديقته
تقعان على شاطئ البحر كما تعرف، وقَد تمشَّينا بطول الرمال حتى ابتعدنا عن المنزل
حوالي ميلٍ واحد، ثم استدرنا ومشينا في الاتجاه المعاكس للعودة إليه. وفي أثناء سيرنا،
وهي مشهورة في الحيِّ لأنَّها ،« صخرة الحظ » مررنا بصخرةٍ غريبة بعض الشيء تُسمَّى
واحدةٌ من تلك الأمثلة على حجرٍ متوازن بالكاد على حجرٍ آخر، لدرجة أنَّ لمسةً واحدة
ستُسقِطه. وصحيحٌ أنَّها ليست شاهقة الارتفاع، لكنَّ شكلها الخارجي الذي يُوحي بأنَّها
على وشك السقوط جعلها تبدو موحِشة ومشئومة قليلًا، على الأقل بالنسبة لي؛ لأنني لا
أظن أنَّ رفيقَيَّ الشابَّين المَرِحَين مُبتلَيان بمُخيِّلةٍ واسعة تُصوِّر لهما الأشياء كيفما تُصوِّرها
لي. ولكن ربما كان السبب في ذلك التصوُّرِ الذي طرأ على بالي أنني بدأت أشعر بوقوع
خَطبٍ ما؛ لأنَّني تساءلت في تلك اللحظة نفسِها عمَّا إذا كان الوقت قد حان للعودة إلى
المنزل لاحتساء الشاي، وحتى في ذلك الحين، أعتقد أنَّني شعرتُ سَلفًا بأنَّ الوقت سيُسهِم
إسهامًا كبيرًا في الخَطب الذي راودني. لم تكُن لديَّ ساعةٌ، وكذلك هربرت دروس؛ لذا سألنا
أخاه، الذي كان خلفنا ببعضالخطوات، بعدما توقَّف لإشعال غليونه أسفل السياج النباتي
المُحيط بالمنزل. وحينئذٍ، صاح مُعلِنًا التوقيت، الذي كان الرابعة والثلث، بصوتٍ عالٍ شَقَّ
سكون الشَّفَق الذي كان قد بدأ يُخيِّم علينا، لدرجة أنَّه على نحو ما بدا وكأنَّه يُعلِن أمرًا
مُروِّعًا. بل إنَّ شروده وهو يَصيح بالتوقيت جعله يبدو كذلك بدرجةٍ أكبر، لكنَّ هذا ما
يحدث دائمًا مع نُذُر الشؤم، وقد كانت دقات عقارب الساعة بالأخص مشئومةً للغاية في
عصر ذلك اليوم؛ فوفقًا لشهادة الطبيب فالنتين، فَارَق دروس المسكينُ الحياةَ في حوالي
الساعة الرابعة والنصف.
حسنًا، اقترحا مواصلة التمشية عشردقائق أخرى، وتعلَّلا بعدم وجود سببضروري
يدفعنا إلى العودة إلى المنزل فورًا، فسِرْنا إلى مسافةٍ أبعدَ قليلًا بطول الرمال، ولم نكن
نفعل شيئًا مُهمٍّا؛ إذ كنا نُلقي حجارة للكلب ونطلب منه أن يُحضِرها ونرمي له عصا
السير خاصتَنا في البحر ليسبح ويُحضِرها. أمَّا أنا، فَبدا لي أنَّ وَقع الشَّفَق على نفسييزداد
ثقلًا بغرابةٍ، وكانت ظلال صخرة الحظ ذات الجزء العلوي الثقيل واقعةً عليَّ كحِملٍ يُثقِل
كاهلي. ثم حدث الشيء الغريب؛ كان نوكسقد أعاد عصا السير الخاصة بهربرت من البحر
للتو، ثُمَّ رمى شقيقه بعصاه أيضًا في البحر، فسَبَحَ الكلب مرة أخرى، ولكن في الوقت الذي
لَا بُد أنَّ عقارب الساعة كانت تُشير فيه إلى الساعة الرابعة والنصف بالضبط، توقَّف عن
السباحة. ثم عاد مرةً أخرى إلى الشاطئ ووقف أمامنا، قبل أن يرفع رأسه فجأة ويُطلِق
نُباحًا، أو بالأحرى عويلًا مُوحيًا بوقوع مصيبة، قد يكون أشدَّ عويلٍ سمعتُه على الإطلاق.
ولكن لم يستطع «؟ ما الذي أصاب الكلب بحق الجحيم » : وهنا تساءل هربرت قائلًا
أيٌّ مِنَّا الإجابة. ثم حَلَّ صمتٌ طويل بعدما تلاشى نُباح الكلب وعويله على الشاطئ المُقفَر
الكئيب، قبل أن يُكسَر هذا الصمت مُجَدَّدًا. يا للهول! لقد كُسِر بصرخةٍ خافتة بعيدة بَدَت
كصرخة امرأة من داخل حديقة منزل وراء السياج النباتي. لم نكن نعرف ماهيتها آنذاك،
«. لكننا عرَفنا بعد ذلك. لقد كانت الصرخة التي أطلقتها الفتاة حين اكتشفَت جُثَّة أبيها
«؟ أظن أنَّكم عُدتم إلى المنزل حينئذٍ. فما الذي حدث بعد ذلك » : قال الأب براون بصبر
سأخبرك بما حدث بعد ذلك. حين عُدنا إلى تلك الحديقة، » : فقال فاينسبنبرةٍ مُتجهمة
كان أول ما رأيناه هو تريل المحامي؛ كأنني أراه الآن بقبعته السوداء وسالِفَتيه السوداوين
اللتَين كانتا بارزتَين أمام منظر الزهور الزرقاء الممتدة إلى الكوخ الصيفي، بينما كان غروب
الشمس والشكل الخارجي الغريب لصخرة الحظِّ يَلوحان في الأفُق. وصحيحٌ أنَّ الظلال
كانت تُخيِّم على وجهه وجسده لأنَّه كان واقفًا أمام الشمس وقت غروبها، لكنني أقسِم أنَّ
أسنانه البيضاء كانت ظاهرةً، وأنَّه كان يبتسم. وحالما رأى نوكسذلك الرجل، اندفع نحوه
ووقف في منتصف الطريق، وظَلَّ ينبح عليه بجنون كأنَّه يريد أن يفتك به، مُطلِقًا سيلًا
من صيحاتٍ تكاد تُشبه الشتائم من فَرط الكراهية الواضحة فيها. وحينئذٍ، انحنى الرجل
«. فجأة وركضعلى الممشى الواقع بين النباتات
هذا يعني أنَّ الكلب » : وهنا وقف الأب براون فجأة بنفاد صبرٍ مُفزِع. وصاح قائلًا
اتهمه، أليس كذلك؟ لقد أدانه الوحي الذي نزل على الكلب. فهل رأيتَ نوعية الطيور التي
كانت تُحلِّق آنذاك، وهل أنت متيقنٌ ممَّا إذا كانت تطير في الجانب الأيمن أم الأيسر؟ وهل
استشرتَ قساوسة الرومان بشأن القرابين التي يريدونها ليشرحوا تلك العلامات ويخبروك
بما تقوله الآلهة؟ لا شَكَّ أنَّك لم تنس أن تشُقَّ بطن الكلب وتتفحَّص أحشاءه؛ فهذه هي
نوعية الاختبارات العِلمية التي يبدو أنَّكم تثقون فيها أيُّها الإنسانيون حين تُفكِّرون في
«. انتزاع حياة رجُلٍ وتدنيسشرفه
يا إلهي! ماذا » : جَلس فاينس فاغرًا عينَيه لوهلةٍ قبل أن يستجمع أنفاسه ويقول
وهنا عاد القلق إلى عينَيِ القس، لكنَّه كان أشبه بقلق رجلٍ «؟ دهاك؟ ما الذي فعلته أنا الآن
اصطدم بعمودٍ أثناء ركضه في الظلام، وتساءل للحظةٍ ما إذا كان قد ألحق ضررًا بذلك
العمود أم لا.
أنا في غاية الأسف. اعذرني على وقاحتي الشديدة، وأرجوك أن » : فقال بحزنٍ صادق
«. تسامحني
أحيانًا أظُنُّك لُغزًا أكثر غموضًا من أي لغزٍ » : نظر إليه فاينس باستغرابٍ، ثم قال
آخر. ولكن على أيِّ حال، فإذا كنت لا تؤمن بلُغز الكلب، فلن تستطيع أن تتجاهل لُغز
الرجل نفسه على الأقل؛ إذ لا يُمكنك إنكارُ أنَّه في اللحظة نفسها التي خَرَج فيها الكلب من
البحر ونَبح نُباحًا شديدًا، خَرَجت روح سيِّده من جسده بضربةِ قوَّةٍ خفية لا يستطيع أيُّ
إنسانٍ فانٍ اقتفاء أثرها أو حتى تخيُّلها. أمَّا بخصوصالمحامي، فلا أشُكُّ فيه بناءً على ما
فعله الكلب فقط، بل توجد تفاصيلُ أخرى غريبة أيضًا. إنَّ انطباعي عنه هو أنَّه شخصٌ
مريب ومعسول الكلام ذو ابتسامة مصطنعة، وقد بدا لي أحد تصرُّفاته المُريبة تلميحًا
إلى ارتكابه الجريمة. تعرفُ أنَّ الطبيب وأفراد الشرطة جاءوا إلى مسرح الجريمة بسرعةٍ
بالغة، وأعيدَ فالنتين إلى مكان الحادث بينما كان يبتعد عن المنزل، واتصل بالشُّرطة فورًا.
وهذا — إلى جانب الكوخ المنعزل، وقِلة الأشخاصالذين كانوا هناك وقت وقوع الجريمة،
ومسرح الجريمة المنغلق على نفسه — سَهَّل إمكانية تفتيش جميع مَن كانوا بالقُرب منه،
وقد خضع الجميع لتفتيش دقيق بحثًا عن سلاح الجريمة. وكذلك مُشِّطَ المنزل والحديقة
والشاطئ بالكامل من أجل الغرض نفسه. يكاد اختفاء الخنجر أن يكون جنونيٍّا تمامًا
«. كاختفاء القاتل
وبدا أنَّه أصبح مُنتبهًا فجأة. «! اختفاء الخنجر » : قال الأب براون مومئًا برأسه
حسنًا، لقد أخبرتك بأنَّ تريل كان يُحرِّك رابطة عنقه » : واصل فاينس كلامه قائلًا
ودبوسها، ولا سيما الدبوس، بشيءٍ من التوتر. وكان الدَّبوس مُبهرجًا ذا طرازٍ قديم، مثله
تمامًا. وكان يحتوي على حَجرٍ كريم يضم حلقاتٍ ملونةً متحدةَ المركز تُشبِه العين، وقد
انزعجت من تركيز تريل الشديد عليه بالأخص، كما لو كان مَسخًا عملاقًا ذا عينٍ واحدة في
وسط جسده، لكنَّ الدبوس لم يكن كبيرًا فحسب، بل طويلًا أيضًا، وهنا خَطَر على بالي أنَّ
توتره المستمر إزاء ضبطه كان ناجمًا عن أنَّه أطولُ مما يبدو؛ أطول إلى حَدٍّ يُكافئ طول
«. خنجرٍ في الواقع
هل خَمَّن أحدٌ استخدام » : وهنا أومأ الأب براون إيماءة تَنُم عن تفكيرٍ عميق، ثم قال
«؟ أيِّ أداة أخرى في تنفيذ الجريمة
أجل، خَمَّن أحدُ هذَين الشابَّين، أقصد ابنَيْ عم دونالد دروس، استخدامَ » : أجابفاينس
أداة أخرى.صحيحٌ أنَّ الانطباع الأول الذي يأخذه المرء عن هربرت وهاري دروسلا يوحي
بأنَّ أيٍّا منهما قد يُدلي بمساعدةٍ في التحريات العلمية، ولكن بينما كان هربرت مُجرَّدضابطٍ
تقليدي من سلاح الفرسان لا يهتم إلَّا بالخيول وبأن يكون واجهةً مُشرِّفة للسلاح الذي
ينتمي إليه، كان شقيقه الأصغر هاري يعمل في الشرطة الهندية، وكانت لديه بعضالدراية
بمثل هذه الأمور. وفي الواقع، كان يتحلَّى بذكاءٍ كبير فريد من نوعه، وأتخيَّل أنَّه كان أذكى
من اللازم؛ أعني أنه ترك الشرطة بسبب خَرق بعضاللوائح الروتينية والإقدام على بعض
المخاطر وتحمُّل عواقبها على مسئوليته الشخصية. على أي حال، يُمكن القول إنَّه كان
مُتحرِّيًا عاطلًا عن العمل، وألقى بنفسه في هذه القضية بحماسةٍ تفوق حماسة الهواة. وقد
تجادلنا بشأن أداة الجريمة جدالًا أفضىإلىشيء جديد. بدأ الجدال باعتراضه على وصفي
«. لنُباح الكلب في وجه تريل، وقال إنَّ الكلب لا ينبح حين يكون في أسوأ حالاته، بل يزمجر
«. إنَّه مُحقٌّ تمامًا في ذلك » : قال القس
ثم واصل ذلك الشاب كلامه مضيفًا أنني ما دُمت أعتبر زمجرة الكلب دليلًا، فقد »
سَمِع نوكس يزمجر في وجه أشخاصٍآخرين قبل ذلك، من بينهم فلويد السكرتير. فأجبته
بأنَّ حُجَّته مردود عليها؛ بسبب استحالة إلقاء تُهمة ارتكاب الجريمة على شخصَين أو
ثلاثة، لا سيما فلويد، الذي كان بريئًا كتلميذٍ طائش، وكان على مَرأًى من الجميع طوال
وقت وقوع الجريمة حين كان يُقلِّم الجزء العلوي من السياج النباتي بينما كان تطايُر
شعره الأحمر واضحًا كببغاء قرمزي.
أعلم بوجود صعوباتٍ على أيِّ حال، ولكني أريدك أن تُرافقني لحظةً » : فقال رفيقي
كان هذا في اليوم «. إلى الحديقة. أريد أن أريَكَ شيئًا لا أعتقد أنَّ أيَّ شخصٍ آخر قد رآه
نفسِه الذي اكتُشِفت فيه الجريمة، وكانت الحديقة ما تزال على حالتها بالضبط؛ إذ كان
السُّلَّم منصوبًا بجوار السياج النباتي، وبعدما اصطحبني رفيقي إلى هناك، توقَّف أسفل
السياج النباتي مباشرةً، وأخرَج شيئًا كان عالقًا من باطن أوراق السياج. لقد كان المقص
«. المُستخدَم في تقليم السياج النباتي، وكان أحد حَدَّيه مُلَطَّخًا ببقعة دم
«؟ لماذا كان المحامي هناك » : ثم حَلَّ صمتٌ قصير، قبل أن يقول الأب براون فجأة
أخبرنا بأن الكولونيل استدعاه لتغيير وصيَّته. وبالمناسبة، كان هناك » : أجاب فاينس
شيء آخر بشأن تلك الوصية يجب أن أذكره. أتعلم أنَّ الوصية لم تكن موقَّعةً بالفعل في
«؟ الكوخ الصيفي في عصرذلك اليوم
«. أفترضأنَّها لم تكن موقَّعة، بسببضرورة حضور شاهدَين »
لقد جاء المحامي في اليوم السابق بالفعل، ووُقِّعَت الوصية آنذاك، لكنَّه استُدعي »
مرةً أخرى في اليوم التالي؛ لأنَّ الرجل العجوز ساوره شكٌّ حِيال أحد الشاهدَين، وأراد أن
«. يطمئن
«؟ من هما هذان الشاهدان » : سأله الأب براون
هذا مَربط الفرس؛ الشاهدان هما فلويد السكرتير، وفالنتين، » : أجابه فاينس بلهفةٍ
هذا الجَرَّاح الأجنبي أو أيٍّا كانت هُويته، وقد نشبت بينهما مشادة. وهنا يجب عليَّ القول إنَّ
السكرتير شخصٌمُتطفل يتدخَّل في شئون الآخرين. وهو أحد أولئك الأشخاصالمتهورين
السريعي الانفعال الذين تتحول حماستهم مع الأسف إلى المشاكسة والريبة العدائية، وإلى
الشك في الناسبدلًا من الثقة بهم؛ فهذا النوع من أصحاب الشعر الأحمر والحماسة المتقدة
كجمرةٍ حمراء دائمًا ما يكون إمَّا ساذَجًا يُصدِّق كلشيء، وإما شكَّاكًا يرتاب في كلشيء،
وإمَّا كِلَيهما في بعض الأحيان. ولم يكن مُجرَّد شخص متعدد المهارات والحِرَف، بل كان
أدرى من جميع أصحاب الحِرَف أنفسِهم، ولم يكن مُلِمٍّا بكلشيءٍ فحسب، بل كان يُحذِّر
كل شخصٍمن جميع الأشخاصالآخرين. وصحيحٌ أنَّ كل ذلك يجب أن يُؤخَذ في الاعتبار
عند تفسير شكوكه حيال فالنتين، ولكنَّ في هذه الحالة بالأخص، ثمة شيئًا آخر وراء هذه
الشكوك؛ إذ قال إنَّ اسمه الحقيقي ليس فالنتين، وأكَّد أنَّه رآه في مكانٍ آخر يُعرَف فيه
باسم دي فيلون. وذَكَر أنَّ ذلك سيُبطِل الوصية، وبالطبع كان لديه إلمام كافٍ بالمعلومات
القانونية ليشرح للمحامي قول القانون في تلك المسألة. لقد كان كلاهما؛ أي فلويد وفالنتين،
«. يستشيطان غضبًا مُخيفًا
غالبًا ما يكون الناس هكذا حين يشهدون على وصيَّةٍ، » : ضحك الأب براون، ثم قال
وأحد الأسباب هو أنَّ هذا يعني أنَّهم لن يستطيعوا الحصول على أي نصيبٍ من التَّرِكة
بموجب الوصية، ولكن ماذا قال الطبيب فالنتين؟ لا شك أن السكرتير المُلِم بكل شيءٍ كان
يعرف تفاصيل عن اسم الطبيب أكثر ممَّا يعرفها الطبيب نفسه، ولكن حتى الطبيب ربما
«. كان يعرف بعضالمعلومات عن اسمه الشخصي
لقد تعامل الطبيب فالنتين مع كلام فلويد » : سَكَت فاينس لحظةً، قبل أن يَرُد قائلًا
بغرابة. وهنا يجب القول إنَّ فالنتين رجلٌ غريب. صحيحٌ أنَّ مظهره لافتٌ للنظر، لكنَّه
أجنبي جدٍّا. وهو شابٌّ لكنَّ لحيته مُشَذَّبة تشذيبًا مُربَّعًا. ووجهه شاحبٌ للغاية، شاحب
إلى حدٍّ مُخيف – وجاد بدرجةٍ مُرعِبة. وتبدو عيناه مَشوبتَين بنوعٍ من الألم، وكأنه يحتاج
إلى ارتداء نظَّارةٍ، أو يُعاني صداعًا عند التفكير، لكنه شديد الوسامة، ودائمًا ما يرتدي
ثيابًا رسمية؛ إذ يَعتمر قُبَّعة عالية ويرتدي معطفًا داكنًا ويُعلِّق فيه وردةً حمراء صغيرة.
ويتسم أسلوبه بالبرود والغطرسة إلى حدٍّ ما، وهو كثيرًا ما يُحدِّق في الآخرين بنظراتٍ
مُقلِقة للغاية. وحين اتُّهِم بتغيير اسمه الحقيقي، اكتفى بالتحديق مثل أبي الهول، ثم قال
بشيءٍ من السُّخرية إنَّه يعتقد أنَّ الأمريكيين ليس لديهم أسماء كافية ليُغيِّروا فيما بينها.
وأعتقدُ أنَّ الكولونيل أيضًا استشاط غضبًا آنذاك، وانهال على الطبيب بسيلٍ من كل الكلمات
الغاضبة الممكنة، بل وكان أشد غضبًا بسبب طموحات الطبيب لنيل مكانٍ مستقبلي في
عائلته، ولكن كان ينبغي ألَّا أهتم كثيرًا بذلك لولا بضع كلماتٍ سمعتها بالصدفة لاحقًا
في وقتٍ مبكر من عصر يوم الحادثة. ولا أريد أن أذكر الكثير منها؛ لأنها لم تكن من
نوعية الكلمات التي عادةً ما يرغب المرء في التنصُّت عليها. فبينما كنت أسير صوب البوابة
الأمامية مع رفيقَيَّ والكلب، سمعت أصواتًا أخبرتني بأنَّ الطبيب فالنتين والآنسة دروس
انزويا لحظةً في رُكنٍ غير مرئي من المنزل خلفصفٍّ من النباتات المزهرة، وكانا يتحادثان
بهمساتٍ عاطفية، وقد تحوَّلت في بعض الأحيان إلى هسهسات؛ لأنَّ كلامهما كان يتفاوت
بين شجار حبيبَين ومواعدةٍ غرامية بينهما. وبوجهٍ عام، لا يُحب المرء أن يُكرِّر نوعية
الكلمات التي قالاها، ولكن في قضيةٍ مؤسفة كهذه، يتحتَّم عليَّ القول إنني سمعت كلماتٍ
تكرَّرت أكثر من مرة بينهما عن قتل شخصٍما. في الواقع، بدا أنَّ الفتاة كانت تتوسل إليه
ألَّا يقتل شخصًا، أو تقول له إنَّه لا يوجد استفزازٌ يمكن أن يُبرِّر قتل أي شخص، وهذا
«. كلامٌ من الغريب توجيهه إلى رجل مهذب أتى لاحتساء الشاي
هل تعلم ما إذا كان الطبيب فالنتين قد بدا غاضبًا بشدة بعد لقائه مع » : سأله براون
«؟ السكرتير والكولونيل؛ أعني موقف الشهادة على الوصية
بكل المقاييس، لم يكن غاضبًا نصف غضب السكرتير؛ فالسكرتير هو » : أجابه الآخر
«. الذي ذهب مُستعرًا من شدة الغضب بعد الشهادة على الوصية
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

فصول العمل

الفصل الأول الفصل الثاني
اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.