نظرتُ نحو الشجيرات التي تقبعُ خلفي بِسُرعة ، أبحث بلهفةٍ عن مصدر الصوت ، كان أَشبَهَ بالخلاص، وكيف لا يكون كذلك ؟
وبينما أُحَدُّثُ نفسي رأيتُها هناك ببن الأشجار امرأة فاتِنَة الجمال ذاتُ شَعرٍ أشقرَ حريري ، وعينين زرقاوين عمقُهما عمق المحيط ، ترتدي رِداء أبيض يكادُ لا يُظهر منها شيئاً.
- نادتني بإستِماته: ألا تسمعينَني أقولُ لكِ اختبئي بِسُرعه، إنهم قادِمون نحونا .
تقدمتُ نحوها بشيءٍ مِنَ التردد ، كُنتُ أعلم أنّ لا مَفرّ لي الآنَ ولا مَسكن ، وكُنتُ أعلمُ جيداً أن هذه المرأةَ قد تكون خلاصاً ولكنها أيضاً قد تكونُ العكس ......
عندما صِرتُ بجانِبها مباشرةً أخذَتْ بيدي وبدأتْ تركُض وكأنّ وحشاً مُفتَرِساً يكادُ يَفتِكُ بِنا ولا يوجَدُ في عينيهِ أيُّ رحمَةٍ،
- المرأة: أتمنى أن تُسرعي قليلاً حتى نُضلِلَهُم اقتربنا من الملجأ شُدي قَدَمَكِ قليلاً.
- رين: أنا أحاول ....... أعتقد ذلك على الأقل ، يبدو كما لو أن أولئك الأشخاص خطيرون ، هل هم كذلك ؟
- المرأة : يبدو ذلك في الواقع ، لقد ظهروا تزامناً مع أحداث النيازك المتساقطة وهم يغزون كل مكان ويبحثون عن شيء كمن يبحث عن القشةِ في العجين ، ولكن يا صغيرة أنتي في خطر ولم تُدركي ذلك بعد ؟!
قالت ذلك بشيءٍ مِنَ الجدّيّةِ الساخِره ، حسناً لا ألومها أنا مُدرِكةٌ لما يحدُثُ تماماً لكنني تائِهةٌ تماماً ، كمن يمشي في طريقٍ فارِغ هو مُدرِكٌ لذلِكَ الفراغ لكن إِدراكُهُ لا يُغير من حقيقَةِ أنّهُ ......... "ضائِع" أو ربما هكذا خُيِّلَ إليّ..... ، ولم أردَّ على سؤالها.
كُنتُ أتبعها تماماً متناسيةً الطريق الذي سلكناه ، متناسيةً تماماً أن السماءَ تُمطِر نيازكاً ، وأن هناك مجموعةً غريبة ترتدي عباءات سوداء يملأون الغابة يُشكِلون خطراً مُحتملاً ، وأن الغموض الذي يلتفُّ حول هذا الكتاب سينكشف قريبا، وأنه سيقودني نحو طريق لا رجعةَ مِنه.
استيقظتُ من أحلام اليقظةِ الخاصةِ بي عند ذلك الكهف المُعتِم بطبيعته، ولكن تلك الطحالِبُ المضيئة التي تملأ ذلك الشلال بِقعر ذلك الكهف تُنير الطريق على الأقل.
كُنتُ أسيرُ خلف تلك المرأة كصغير البطّ الذي يَتبَعُ والِدَته ، وبعد دقائق من الصمت قررت البطة الأم أن تكسِرَ ذلِك الصمت قائلة: ما الذي كُنتي تفعلينهُ وحدكِ في الغابةِ أيتُها الصغيره ، من الواضح أن عمركِ لا يتجاوزُ ثلاثةَ عشرَ عاماً ، ولكن الأهم من ذلك من أينَ جئتي بهذا الكتاب الذي في يَدك ،
في الحقيقة بدا لي كما لو أنها تعرف الجواب مُسبقاً .
- رين (بشيءٍ من التردد) : آه......عمري في الواقع خمسةَ عَشَرَ عاماً ، أما عن هذا الكتاب لقد نسيتُ تماماً أنّي لا أزالُ أحمِلُه، في الواقع أنا لا أذكُرُ الكثير ، جُلُّ ما أذكُره هو أنني استيقظتُ وأنا أحملُ هذا الكِتاب وفي نفسي شيء من الصدمة والاستغراب . (وأشاحت ناظِرها كمن يُخفي الكثير )
- المرأة: أشكُرُ صراحتك، ولكن لا أعتقد أنكِ تبوحين إلا بالقليل .....ولكن أتمنى لو أنكِ صريحة فيما سألتُكِ عنه تحديداً دون التهرب من السؤال.
- رين تقول بشيء من السُخرية : عفواً ، أنا لا أعرِفُكِ حتى لِذا أنا من يُقرر في ماذا سأكون صريحةً معك .
بالمناسبة ما اسمك؟
- المرأة: لديكِ طبعٌ جادٌّ قليلاً، اسمي هو ميومي معناه جمال البحر وله رمزيه خاصة سُميت بذلك تيمناً بلون عيني ، وأنتِ ما اسمكِ أيتها الصغيرة ؟
- رين : أظُنّ أنّهُ رين .........
- ميومي ترد بشيء من الاتسغراب:
تَظُنين؟!
دعي هذا جانباً ، في الواقع أنتي لم تلتقي بي صُدفةً ولكن لا أود منكي أن تجزعي أردتُ أن آخذكِ لشخصٍ ما يود إخباركِ بشيء مُهم حول ما يحصل في هذا البُعد من الزمن .
- رين : حول ما يحصل في هذا البُعد ؟!
من الذي تريدين أخذي له ؟
وفي منتصف الحديث وصلنا نحو طريقٍ مَسدودٍ في ذلك الكهف ، طريق لم تَكُن تَصِلُهُ اضواءُ الطحالِبِ حتى رغم وجودِها مُنتشِرةً في الأرجاء .
أخذت ميومي بِعصى خشبيه عن الأرض ووضعت بعضاً من الطحالِب عليها وأخذت تُشعِلُها وتُمررها على الحائِط ، وهناك بدأت تلمع تلك الكلمات كما في الكتابِ تماماً ،رموزه غريبة تلمع للحظة وتخبو في اللحظة التالية ولكنّ الغريب هو أنني أفهمها ، والأغر من ذلك هو ذلك الشعور الغريب الذي يعتريني عندا أقرأ تلك الكلمات، لم أستطع إستكمال حديثي مع ميومي بسبب انغماسي في ....... في الواقع لا أعرف ولكنني كنت منغمسة ومنفصله عن الواقع.
- ميومي : رائعٌ جِداً أخبرني ذلك العجوز أنّ عليّ أن أسلُكَ هذه الطريق وأخبرني بِخُدعةِ الطحالب، ولكن الألغاز أيضاً هذا كثير أنا مُتأكِدةٌ أنّهُ كانَ يَعرِفُ بالأمر ولكنّهُ يُحِبُّ أن يُصعِّبَ الأمور ويجعلُها أكثر إثارة.
كُنتُ أستمِعُ لحديثها وأخفي تماماً فهمي لأي شيءٍ مما يَحصُل ، كمن ارتكبَ جُرماً وعاد إلى مَسرحِ الجريمةِ مع الحرس والأمن .
كان يتوسط الجدار اللغزُ التالي :
" ليسَ كُلُّ طريقٍ مسدود هو كذلك رما يكون خريطتك نحو الطريق ، ولتفتح الأبواب في مُنتصفِ الظلام توقف عن الحذر كثيراً فعندما تَعبُر الممرات المُظلِمة ستجد مُرادك هناك "
قالت رين ذلك بصوت عالٍ دون أن تنتبه .
- ميومي : أنتي استطعتي قراءة ذلك ودون تدريبٍ حتى يبدو أن قُدرَتكِ هي المعرِفة .
- رين : قُدره، أنا حقاً لم أعد أفهم شيئاً .
وفجأةً بدأتُ أسمُع صوت قَرع أقدام تقترب نحونا .
- ميومي : لا بُدَّ أنهم يُلاحقوننا علينا حلُّ هذا اللغز للهروب بسرغة.
كُنت أشعر بالجزع ولكنني بالكاد أسيطر على نفسي ، التقطتُ أنفاسي واستدرتُ نحو الحائط وأنا مُنهمِكةٌ في التفكير كيف أُخرج من هذه الورطة .
........يتبع