monaelkoney

شارك على مواقع التواصل

لماذا يحب الملحدون رواية أولاد حارتنا
قرأت رواية أولاد حارتنا التى كتبها الاديب العالمى نجيب محفوظ والتى نال بفضلها جائزة نوبل والتى كاد بسببها أن يغتيل وتم تكفيره أيضا من قبل البعض . أن أى شخص مهما كان موقفه من الرواية لا يمكن أن ينكر عبقرية الرواية وعبقرية كاتبها ، فقد أستطاع أن يجمع تاريخ البشرية منذ نشأتها حتى يومنا هذا فى رواية من عدة صفحات لا فى كتاب وليس الكتاب كالرواية فالكتاب ثقافة ،أما الرواية ثقافة وأبداع ، وقد وصل نجيب محفوظ ألى أعلى درجات الابداع .
دعونا نحلل الرواية بشكل موضوعى . أن المتزمتين من الرواية كانت حجتهم أن نجيب محفوظ قد صور الذات الالهية فى شخصية الجبلاوى جد أهل الحارة وأنه جعل من الانبياء فتوات حارة ، ولنلتمس له أن الله تعالى قد شبه نفسه بمشكاة ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد شبه نفسه بلبنة ، وأن التشبيه مباح فى الرواية مادام يخدم الفكرة . لقد قام نجيب محفوظ بأختيار الاسماء بشكل دقيق ومبهر فنجد أن أدريس هو أبليس, وأن ادهم هو أدم ،وقدرى قابيل ،وهمام هابيل .حتى الانبياء كان أختيار أسماءهم رمز لرسالتهم موفق ألى أعلى درجة فنجد جبل هو النبى موسي عليه السلام الذى كلمه الله من جبل الطور ، وأن رفاعة هو النبى عيسي الذى رفعه الله اليه ، وأن قاسم هو النبى محمد عليه الصلاة والسلام وكنيته أبا القاسم ، وفى النهاية عرفة هو العلم والمعرفة والتكنولوجيا.
أن تحليل الرواية قد يتطلب منا مئات الاوراق ولكننا سنقوم بتبسيطها قدر المستطاع وتحليل الفكرة الاساسية بعيدا عن الافكار الفرعية الكثيرة ,وحتى نستطيع فهم الرواية سنقوم بتقسيمها الى ثلاثة أجزاء، الجز الاول خاص بأدهم وأبليس وخطيئتهما وخطيئة أبناءهما وكيف غفر الجبلاوى لادهم ، الجزء الثانى خاص بالفتوات الثلاثة جبل ورفاعة وقاسم وتنفيذهم لوصايا جدهم ونصرتهم لأهل الحارة ، الجزء الثالث خاص بعرفة وسحره الذى جعل الناظر يستوحش ويستعبد أهل الحارة . أما عن الجزء الخاص بأدهم وأدريس فقد قام الجبلاوى بطردهم من البيت الكبير جزاء لتمرد الاول وخيانة الثانى ولكنه أعطاهم فرصة للتوبة أستغلها أدهم ولكن أدريس أصر على حقده وعناده فأستحق نهايته ، وقد وعد الجبلاوى أدهم أن يكون الوقف له ولذريته وحملهم مسؤلية ادارته وتوزيعه بالعدل .
أما عن الجزء الثانى والثالث فلو قمنا بالمقارنة بين الفتوات الثلاثة وبين عرفة سنجد عدة ملاحظات منها :
1_ أن الفتوات الثلاثة وقفوا بجانب أهل الحارة ضد الناظر ونصروهم عليه أما عرفة فوقف مع الناظر ضد أهل الحارة ونصره عليهم.
2_ أن الفتوات الثلاثة لم يكن لديهم أى مطامع شخصية ولم يكونوا طالبى سلطة أنما جائهم الامر من قبل الجبلاوى فلبوه ، أما عرفة فقد كان طامع فى القوة والنفوذ .
3_ أن الفتوات الثلاثة كانوا يحبون سكان الحارة ويرثون لحالهم ، أما عرفة فكان متعالى حاقد على اهل الحارة غير معروف النسب .
4_ أن الفتوات الثلاثة لم يستسلموا لاغراءات الناظر ولا لتهديده ،ولكن عرفة أستسلم بسهولة دون أدنى مقاومة .
5_ كان بوسع جبل أن يبقى فى وظيفته عند الناظر ، وكان بوسع رفاعة أن يكون نجار الحارة الاول ، وكان بوسع قاسم أن يهنأ بقمر وأملاكها ويعيش عيشة الاعيان ، ولكنهم أثروا الشقاء لهناء أهل الحارة ، أما عرفة فقد أشترى هناءه بشقاء أهل الحارة .
الحق أن نجيب محفوظ قد أستفاض فى تمجيد شخصية الفتوات الثلاثة ، وكيف أنهم عانوا وضحوا بكل ما هو غالى ونفيس من أجل نصرة الحق وأقامة العدل وأنهم لم يستسلموا بالرغم مما عانوه ، كما أستفاض فى تحقيرشخصية عرفة فجعله أنانى مغرور متعالى فاقد الاهلية حاقد على أهل الحارة وضعيف النفس والشخصية ، حيث أستسلم بسهولة لأغراءات الناظر، ومكنه من أستعباد أهال الحارة بسحره ، وقطع عليهم أى سبيل للثورة أن ظهر فيهم جبل أو رفاعة أو قاسم من جديد ، وأن المال أغراه فأصبح سكير خائن لزوجته حاد الطباع حتى خيل ألى أن نجيب محفوظ يكره العلم ويكره ما فعله بالبشرية من نصر الطغاة وطحن الضعفاء وأنقسام الشعوب وتناحرها .
فلو قمنا بتحليلها من خلال قراءة الاحداث سنجد أن عرفة كان يكره سكان الحارة ويحتقرهم عندما قال لحنش ( أن هؤلاء الناس طيبون على الرغم من قذارة ألسنتهم ، أغبياء على الرغم من نبابيتهم ، فهنا يسهل علينا كسب الرزق )
كان حاقد ومتعالى عليهم عندما قال ( كل ما عندى فيه فوائد للناس لكنى لا ألقى ألا الأساءة ) .
كان طامعا فى الثروة والنفوذ بسحره ( ليست الفتونة هى السبيل الوحيد الثروة)
كان مغرور متعالى عندما قال ( أنا عندى ماليس عند أحد ولا الجبلاوى نفسه )
أنصاع لأوامر الناظر بسهولة عندما قال له( لن تهلك ما دمت معى ) .
أنضمامه للناظر جعل الناس أكثر ضعفا ويأسا عندما قال له حنش( لم يعد من أمل ألا أمل حارتنا فى الخلاص والكمال ، واليوم تفاجئنا بخطة جديدة سنصبح بعدها ألة رهيبة لاستذلال حارتنا ، الة لا يمكن أن تقاوم ولا أن تبيد .)
وقد أصبح فتوته الجديد عندما قالت له عواطف ( ستكون على خير الاحوال فتوته الجديد )
وقد حولته تبعيته للناظر الى وشيطان قتل وشرب الخمر وخان زوجته ( التى ظنت يوما أنه رجلا من رجال الرباب ماهو اليوم الا وغد مثل قدرى ومثلما كان سعد الله .)
ولم ينعم عرفة فى قصر الناظر كمان ظن ، فما كان الا سجن ، وما كان خدمه ألا جواسيس للناظر ، حتى أن زوجته نفرت من تلك الحياة وفضلت حجرة أم زنقل القديمة المتهالكة عليها. لقد أغتر عرفة بعلمه وسحره ونسي الجبلاوى حتى أنهار أمام شهواته ونزواته وعاش فى كنف الناظر الظالم وتحولت أحلامه فى أنقاذ أهل الحارة ألى أغراقهم أكثر وأكثر وكان صوت ضميره يصرخ بداخله ، حتى أن العجوز التى رأها ، والتى أكد حنش له أنها لم تكن الا وهم ، والتى أخبرته أن الجبلاوى مات وهو راضى عنه ، لم يكن ألا صوت التوبة بداخله أنه يجب أن يتذكر الجبلاوى ويتذكر وصاياه بالعدل والرحمة وأنه لا منقذ له من عذابه ألا رضا الجبلاوى وقرر أن يظفر بهذا الرضا عندما قال لحنش ( لكننى واثق من أنه مات وهو راض عنى ، لم يغضبه الاقتحام ولا القتل لكنه لو أطلع على حياتى لما وسعته الدنيا غضباً ) وقرر أن يحيي الجبلاوى أو الدين من جديد لأنه السبيل الوحيد لاعادة التوازن فلا يمكن أن يقيم العلم العدل بدون دين وأخلاق وعقيدة عندما قال لحنش ( لأننى المتسبب فى موته فعلى أن أعيده للحياة ) . لقد أدت خطيئة عرفة ألى أيذاء أهل الحارة لدرجة أنهم فرحوا لموته وشمتوا به رغم بغضهم للناظر . لقد نسى أهل الحارة الجبلاوى كما نسيه عرفة وقد كلفته حياته حتى يدرك حقيقة أنه لا سبيل للنجاة من دون الجبلاوى ، فعندما قتل عرفة ،وهرب حنش ، وأعتقد أهل الحارة أنه عثر على كراسة السحرعاشوا يحلمون بعودة حنش وبكراسة السحر التى ظنوا أن فيها الخلاص كما ظن عرفة خطأً . فقد نسوا كم نسي عرفة أن العلم بدون عقيدة هو الهلاك والدمار ولكن أفة حارتنا النسيان .
سواء أختلفنا أو أتفقنا على طريقة سرده للرواية ، وعلى التشبيهات التى قدمها ، فاننا لن ننكر أنه قدم العلم بصورته الحقيقية ، مجرد وسيلة ، قد تعمر ، وقد تدمر ، وليس اله كما يراه الملحدون سواء أعلنوها صراحة أم لم يفعلوا
وبعد قرأءتى للرواية وبعد ما عرضته الى حضراتكم أريد أن يجيبنى أحد على سؤالى هذا
لماذا يحب الملحدون رواية أولاد حارتنا ؟!
2 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.