قصة بين السطور: من البداية إلى النهابة
الفصل الأول: ما لم يُقل
كانت "سارة" تجلس في المقهى المفضل لديها، تنتظر "يوسف" كما اعتادا كل يوم جمعة. لكن اليوم كان مختلفًا. كان الجو بينهما ثقيلاً، كضباب خفيّ يفصل بين وجهيهما.
جاء يوسف متأخرًا قليلاً، مبتسمًا ابتسامة لم تصل إلى عينيه. جلس وقال: "أنا بخير."
بين السطور: لكني لست بخير. يومي كان صعبًا، وشعرت بالوحدة طواله.
سألته سارة: "هل تريد أن تخبرني بشيء؟"
رد بهدوء:"لا، لا شيء جديد. كل شيء على ما يرام."
بين السطور: كل شيء ليس على ما يرام. أخشى أن أزعجك بهمومي التافهة. أخشى ألا تتفهمين.
لم تصرّ سارة، عازفة على كوب قهوتها. ثم سألته عن خططه لعطلة نهاية الأسبوع.
قال:"ربما سأبقى في المنزل، أستريح قليلاً."
بين السطور: أتمنى أن تدعوني للخروج. أتمنى أن تقترحي شيئًا، أي شيء، لنتجاوز هذه الرتابة التي تشعرني بأني اختنق.
شعرت سارة ببرودة جوابه، فسحبت يدها من على الطاولة. رأى يوسف حركتها، وتنهد في داخله.
قال:"الوقت متأخر، ربما يجب أن نذهب."
بين السطور: لا تذهبي. ابقي. اخلقي سببًا لتبقى. اخلقي ذريعة لنعود كما كنا.
لكن سارة لم تسمع هذا الصوت الخفي. كل ما سمعته هو رغبته في الرحيل. وقفت وقالت: "حسنًا، أراك لاحقًا."
بين السطور: أنا أحبك، لكني أتألم من هذا الصمت. لماذا لم تعد تتحدث معي؟
غادرا المقهى، كلٌ يحمل صندوقًا من المشاعر غير المعلنة، ثقيلاً جدًا على كتفيه. مشيا في اتجاهين متعاكسين، والجسر الخشب الذي كان يربط بين قلوبهما يتحطم، ليس بفعل الكلمات القاسية، بل بفعل الصمت المليء بما لم يُقل.