Naoot

شارك على مواقع التواصل

لم تكن سوى مُتعةٍ واحدة


جلستُ فوق ركبته
وهو
قطَّرَ العصيرَ من قشورِ البرتقال
داخل عينيّ،
ثم نسيَني،
وأشعلَ سيجارتَه،
وأنا
لم أقدرْ أن أبعُدَ عنه
فانزلقتُ من فوق حِجره
وأرحْتُ خدي فوق حذائه.
الأصواتُ مختلفةٌ جدٍّا من تحت الطاولة

أصواتُ الضيوف
أصواتٌ مكتومة.
وفراغٌ مخنوقٌ،
بالكاد،
بالكادِ اتسعَ لأهدابِ عينَي
التي جفّت للتوِّ من بللِ البرتقال،
لم تكن سوى هذه المُتعة
المتعةِ الواحدة.


مَنْ زرعَ رسالتي؟



ربما فوق قضبانِ القطار
تمامًا في عُمْقِ الحديدِ الصامت
غُرِسَتْ رسالةٌ
كانت دون شك
مرسَلةً إليّ.
تُرى
أين سوف تنبتُ رسالتي؟

تركتُ عينَيّ في كلِّ بوصةٍ
أبحثُ
وليس من علامةٍ في أي مكان،
مَنْ
-من أجلي أنا-
سوف يغدو خفيفًا كحُلُم
بحبي؟


المسافرون
لا يعرفونني!
لذلك
من غير المعقولِ أن يرموا من النوافذ
أمتعتهم
-حتى تلك الفائضة عن الحاجة-
كي ينقذوا رسالتي المزروعةَ
من وطأة ثِقل القاطراتِ الغاشم.

لكنْ
ثمة صبيٌّ صغير
اشترى من المحطة السابقة
بالونًا مملوءًا بهواء
خرج من رئتيْ عجوزٍ مجهولة
بالونًا مربوطًا بحبلٍ مطويٍّ طيّاتٍ ثلاثا
لكنّ القطارَ يغدو أثقلَ وزنًا
في كلَّ محطة

لذا:
على السيداتِ
أن يأتين في أحذيةٍ دون كعوبٍ عالية،
كما على الرجال كذلك
أن يأتوا في بذّاتٍ دون أزرار!

رحتُ أفكرُ
لابدَّ أنه خطأهُم
ذاك أنني
مازلتُ أتجوّلُ
من دون أن أجدَ
علامةً!

وتعفّنتْ جذورُ الأشياءِ في الغرفة

ومثل برعمٍ صغير،
موفورِ الصِّحةِ وطَريّ-
قذفتِ الطاولةُ الكبيرةُ طاولةً صغيرة،
والكرسيُّ الكبير
قذفَ بدوره كرسيًّا صغيرًا.
وكان ثمة مكتبتان،
واحدةٌ تحتضرُ
وواحدةٌ وليدة
بكتبٍ نحيلةٍ مثل رأس الدبوس
وزجاجٌ ناعم.
لكنْ
مِن قلبِ القَدمِ الغليظة للبيانو الضخم العجوز
نَبَتَ بيانو في حجم إصبعٍ صغير.
يا للجمال!
ببعض الابتساماتِ الشفافة سوف أروي هذه الغرفَ
وسوف أربّي الأشياء على طريقتي الخاصة،
مثل الزهور.

الأطفالُ بالكاد يستخدمون الملابس

نعم، هذا هو ما جعلني أتعرّفُ على الأشياء بوضوح.
سوف آتي هنا، قلتُ،
وهُم
أوقعوني هناك بهدوء.
الأشياءُ خلعتْ أوشحةَ رأسِها،
لذلك بوسعيَ أن أرى
كيف نمتِ الآذانُ الكبيرةُ
والكلماتُ التي كنتُ قد سمعتها
كانت ترقبُ المشهدَ من بعيد
فتعرّفتُ على الغرفة،
وما بها
ثمة طفلان مصمتان
يتسلقان سريري.
أخبِروا زوجي


أخبروا زوجي
أن وشاحيَ هذا قد نما من الجمجمة،
مثلما الحليبُ الدسمُ ينزُّ من الشقوق المحمصة،
الوشاحُ هو دخانُ المَدْخَنة،
وأنا المَدْخنةُ المُعتمة،
أو أنا شرفةٌ دافئة،
تلك التي أُربّي داخلها
كُريّاتِ الحليبِ الدسمةَ تلك
في الأمكنة التي لا رجوعَ منها،
عالية جدًّا...
أخبِروا زوجي،
أن روحَ أمّي هي وشاحٌ
طار مُتلهفًا داخل شَعري
وجعلني أترنّحُ-
لكنَّ هذا الألمَ
مازال يتسكعُ في لحمي،
مثل رصاصةٍ من الألماس.
أخبِروا زوجي
أنني سوف أُطْلِقُ فرخَ حمامٍ من السُّكر
مثل وشاحٍ فوق مؤخرةِ رأسي،
أو أنني
سوف أستخدمُ رسائلَه مثل غطاءٍ
بدلاً من وشاحي،
فقط
حينما أطعنُ في العمر وأتغضّن
مثل زهرةٍ
تسبحُ في ماءٍ مغليّ.

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.