Naoot

شارك على مواقع التواصل

وادي الظلام


ثمّةَ عاشقٌ
يرسِمُ وجهَ حبيبتِه
على أسطحِ البِناياتِ
لأن حبيبتَه
مَنْفِيَةٌ
في بلادِ السكونْ.

***

ثَمَّة تشارينُ
تزرعُ القُطنَ
أبيضَ
نُدَفًا
فوق حوافِّ النوافذِ
فيصيرُ عيدٌ
بغيرِ عيدٍ
ولا فرحْ.

***

وثَمَّ فرحٌ
عابرٌ
سريعُ الخَطوِ
يحقِنُ الورودَ
بماءِ قلوبِنا
فترتوي عيدانُها
وتغدو عيدانُ أجسادِنا
نحيلةً
شاحبةً
كقوسِ قُزَحٍ
يخبو في السماءْ.

***

تخِِفُّ قِبابُ الروحْ
حتى نغدوَ
هواءً
بلا وطنٍ
يطيرُ مُغترِبًا
هائمًا
فوق صفحةِ النهرِ البعيدْ.

***

ثُمَّ ثَمّةَ سيقانُ أروٍ
ترفضُ الموتَ غِِيلَةً
تتمرَّدُ على معاولِ الحطَّابين
لكيلا تغدوَ
مشاجبَ
تتأرجحُ منها الأمكنةُ
والعطورُ
عند أعناقِ الثيابْ.

***
ثَمَةَ شاعرةٌ
تجوبُ الصحاريَ
بُوْرًا
قاحلاتٍٍ
لتزرعَ الرمالَ
تمرًا
وكَرْزًا
ثم تأوي إلى جزعِ نخلةٍ
تُناجي الجبلَ الذي
حَسِبتْ صخورَه يومًا
تُغنّي
فما كان ما ظَنَّتهُ شدوًا
إلاّ
رجعَ صدى
شدوِها.

***

ثمّة عاشقٌ
حزينٌ
يزورُ البحرَ وحيدًا
لأن حبيبتَه
مدفونةٌ
في بلادِ الرمالْ
...
غير أنّه
يملأ الشاشاتِ بالهوى
ويرسمُ الأغانيَ
فوق صفحةِ الماءْ
فيتناثرُ الموجُ
فوق ضريحِ الحبيبةِ.

***

يقولُ العاشقُ:
"كوني بخيرٍ
يا رفيقةَ دربي
واسلمي
للشِّعرِ
وللحياة".

***

ثمة متوحِّدٌ
ووحيدٌ
يخافُ أن يموتَ زهرُ المشمشِ
على أغصانِه
فيصرخُ في وادي الملكاتْ:
يا أجدادي الذين رحلوا
هذه أختي
وزوجتي
وحبيبتي
فأرسلوا طيرَكم أبابيلَ
تطاردُ القبحَ الذي
في أرضِ طِيبةَ
أرضِكم
...
فلا شدوًا أُغنّي
عند بلاطِكم
حتى تعودَ حبيبتي
من أسفارِها
...
ولا قرابينَ من حقلي
أقدِّمُها
فوق مذابحِكم
حتى ترفعوا رُفاتِِ حبيبتي
من قبورِ القضاةْ
...
ولا صلاةً
أرفُعها أمام ريشةِ "ماعِتْ"
حتى تتجلّى الإلهةُ
وتُعيدَ الحقَّ
إلى وادي الظلامْ.

***
نعم
يا حبيبي
أنا ظَبيةٌ
ترنو صوبَ نبالِ القنّاصينَ
التي مُصوّبةٍ نحو جيدِها
لكنّها
تسعى إلى القنصِ الذي
لا خوفَ
بعدَه.

أبو ظبي ١١ يوليو ٢٠١٦




حتى نلتقي


سأقُصُّ
من كلِّ يومٍ
ساعتين
...
وأختَلِسُ
من كلِّ ساعةٍ
دقيقتين
...
وأسرِقُ
من كلِّ دقيقةٍ
بُرهتين
...
حتى
تَقصُرَ الأزمانُ
وتنضَغِطَ التواريخُ
فنلتقي
قبلَ موعدِِنا.


***

سأُوشْوِشُ
للنَجمِ اللامعِ الذي
يُرشِدُكَ إلى طريق بيتي
كيما يرسُمُ على الأرضِ علاماتٍٍ
وأسهُمًا
لا يعرفُها الملاحونَ
ولا القراصنةُ
حتى تختَرِقَ الجبالَ
كماردٍ
لا يعرفُ الحواجزَ
...
وتختصِرَ البراريَ
مثل شِهابٍٍٍ
خاطِفٍ
يقطعُ الأرضَ
في لمحِ البصرْ.

***

سأُقنِعُ "أطلسَ"
أن يأمرَ رساميْ الخرائطِِ
أن يشطُبوا
من كلِّ محيطٍ
بَرزخين
...
ويختصِروا
من كلِّ بحرٍ
زَبَدًا
وموجتين
...
وأن يمسَحوا البحيراتِِ
والأنهارَ
ومن كلِّ حقلٍ
يختَلِسوا هِكتارينْ
...
ومن كلِّ هِكتارٍ
فدانين
...
ومن كلِّ فدانٍ
تُرعةً
وجسرًا
وقيراطينْ
...
ومن كلِّ صحراءَ
واديًا سهلاً
وجبلين.

***

سأرشو اللصوصَ
كي يخطِِفوا
من كل فرسخٍ
مِيلين
...
ومن كلِّ مِيلٍ
ذِراعينْ
...
ومن كلِّ ذِراعٍ
بوصةً
أو بوصتين
...
حتى تنكمشَ المسافاتُ
وتتقلّصَ التضاريسُ
والخرائطُ
فيقصُر طريقُكَ
إلى حيثُ خَيمتي التي
تسألُني كلَّ نهارً:
متى سيأتي؟
متى يأتي حبيبُكِ؟

***

فإنِ جئتَ
إلى حيثُ قلبي
همستُ إلى "أبولو"
أن يقرعَ الطبولَ
ويُطلقَ الموسيقى من إسارِها
لتَرُجَّ أرجاءَ الكونْ
...
ثم أُناشِدُ "زيوس"
أن يُرسِلَ البرقَ
والرعدَ
في سماءِ الله
حتى ترتبكَ الأرضُ
وتكفَّ عن الدورانِ
حول الشمس
...
فلا يمرُّ العمرُ الذي يجري
ويصمِتُ الزمانُ
عن مسارِه المنذورْ
فأعيشُ معكَ
آبادًا
ودهورْ.

القاهرة/ ٧ يناير ٢٠١٦



إغماءةُ الزهور


حقائِبُ السَّفرِ
واقفةٌ
في رُدهةِِ البيتْ
...
تُنبِؤُ عن الرجلِ الذي
يُلملِمُ أشياءَه الآن
من خِزانات الثيابْ
يوشكُ
أن يمضي.

***

غدًا
يعودُ المُسافرُ
إلى حيثُ ألقَتْ
ومن حيثُ أتَى
...
وتَفرُغُ ديارُ الوطنِ
من ركامِ الملابسِ
والحقائبِ المنثورةْ
على أرضياتِ التَعبْ
...
غدًا
ينفتحُ البابُ
ويُصَكُّ
لمرةٍ أخيرةْ
دون معاركَ
دون مُناهَدةٍ
ودون صُراخْ
...
وغدًا
تَسكُتُ أجراسُ الكنائسِ
ومقاماتُ المآذن
ووشوشاتُ العصافيرْ
كلما انفتحَ بابٌ
أو اِنغلَقْ
...
وغدًا
يصْمِتُ صَخَبٌ
وتَهمُدُ معاركُ
وتَفِلُّ جيوشٌ
...
وغدًا يعودُ الوحيدون
وحيدين
...
غدًا
يتوقفُ فورانُ الدمِ
في شرايين القلبِ
ويسكُنُ خفقٌ
ويكُفُّ أنينٌ
كان يُزعِجُ أوراقَ الشجرْ
...
وغدًا تطيّرُ العنادِلَ
عن أعشاشِها
وتقتلُ الفراشاتِ التي تحوُّمُ
حول أزهارِ المشمشْ
...
وغدًا
يعودُ الهدوءُ
إلى أركانِ الأيكةِ الصموتْ
وتُفيقُ الوردةُ
من إغماءةِ الشهورِِ الطوالْ
...
غدًا
تعودُ الوردةُ
للإشراقِ

والزهوْ.


0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.