mohamedibrahim

شارك على مواقع التواصل

أمتلئ مطعم (الاكل المصرى الاصيل )برواده كالمعتاد وازدادت الطلبات سواء داخل المطعم او كطلبات خارجية يذهب بها راكبى الدراجات النارية ممن يطلقون عليهم اسم (الطيارين) نسبة الى سرعة تلبيتهم طلبات الزبائن او عملاء المطعم الخارجيين ,ومن هؤلاء صديقنا مصطفى فى حوالى الثلاثين من عمره او اكثر قليلا ,انيق الثياب فى غير تكلف ,متوسط الطول ,تغلب على ملامحه قليل من سمرة النهر الخالد,نراه واقفا بجوار دراجته النارية بجانب زملاءه ينتظرون تلبية الطلبات الخارجية لتسليمها لاصحابها فى منازلهم او اماكن عملهم , وبين الفينة والاخرى تجد احد زملاءه يرجع غاضبا لعدم وضوح العنوان الذى ذهب اليه او لعدم وجود ذلك العنوان اساسا , فقد يتكم احدهم من عنوانا وهميا ,كما قد يشكو احدهم لانه لم يحصل على بقشيشا مناسبا رغم طول المسافة وبعد المكان الذى يذهب اليه , وهكذا يقطعون الوقت بتلك الاحاديث حتى يجىء لاحدهم طلبا فينطلق بدراجته النارية مسرعا كى يلحق طلبا آخر بعده و هكذا , وعندما جاء دور مصطفى وقد كان طلبين معا فى مكانين متجاورين فقد انطلق مسرعا و هو يمنى نفسه ببقشيشا جيدا و عودة سريعة على امل اللحاق بعدة طلبات أخرى قبل انتهاء ورديته هذه.
وبينما مصطفى على دراجته البخارية ذاهبا الى وجهته فقد لفت انتباهه فتاة يبدو انها اجنبية وما اكثر الاجنبيات فى شرم الشيخ, وقد رأها تمشى ببطء و تتحامل على نفسها على رصيف الطريق ويظهر عليها التعب و الارهاق ولكنه لم يعطى للموضوع اهتماما وسط انشغاله بما لديه ,وهكذا انهى تسليم مالديه من طلبات ثم قفل راجعا بسرعة ليلحق اية طلبات اخرى ,لكنه ولدهشته راى نفس الفتاة فى نفس المكان وقد جلست على احدى المقاعد بجانب الطريق و قد ظهر عليها الارهاق الشديد و يبدو انها تتنفس بصعوبة أو أنها تعانى من مرض ما ,وقد مالت برأسها على احدى جانبى المقعد , وقد بدأت تعانى من قىء شديد و يبدو انها على وشك السقوط على الارض,وهنا لم يتمالك مصطفى نفسه فمال بدراجته ناحيتها مقتربا ببطء , وعندما وصل أمامها فقد وقف قليلا متحيرا ماذا يقول لها أو ماذا يفعل في هذا الموقف , ثم قرر أن يسألها اذا كانت تحتاج لمساعدة فهي كما يبدو مريضة و الجو حار في هذا الوقت , و الطريق خالى من المارة والسيارات .اوقف مصطفى دراجته و اقترب منها وسألها باللغة العربية , اذا كانت تعانى من الم او مرض ما ,وعندما نظرت اليه وقد بدا عليها انها لم تفهم شىء مما قال, و عندما رأى علامات المرض و الالم الشديد عليها ,وتبين له انها قد تكون اجنبية , فقد كرر عليها السؤال بكلمات بسيطة باللغة الانجليزية التي يعرف بعضها , لعلها تفهمه. و هنا اجابت الفتاة بأيماءة من رأسها انها فعلا مريضة و قالت بعض الكلمات باللغة الروسية لم يفهم منها شيئا ’فكرر سؤاله باللغة الانجليزية محاولا ان تسعفه ببعض الكلمات التى قد تفهمها هذه الروسية قائلا:Are you sick? Can I help you?? وهنا اومأت كاتى برأسها ,واشارت الى عنقها والى صدرها ,كما لو انها تقول انها تشعر باختناق و الام بالصدر و صعوبة بالتنفس ,ثم كررت بعض الكلمات بالروسية التى لايفهم منها مصطفى الا القليل جدا ,فقال كلمتين يعرفهما باللغة الروسية:هل انت روسية ::وهنا انفرجت اسارير الفتاة وهى تأمل ان يفهم كلامها ,ورددت كلمات بالروسية لم يفهم منها مصطفى شيئا فكرر سؤالها بالانجليزية ,ففهمت ما يقول و اجابته بالانجليزية انها مريضة جدا و تريد ان تذهب لاى مستشفى قريب الان و بسرعة ....نظر مصطفى حوله لعله يرى سيارة مارة صدفة قد يستطيع ايقافها وفعلا مرت عليه ثلاث سيارات ظل يشير اليهم ولكن لااحد منهم توقف لهم , فقد كانوا مححلين بالزبائن , أو ربما خافوا ان يكون هذا فخا , وربما لم يلاحظوا الفتاة المريضة ,وبعد دقائق اقترب منها وعرض عليها بما تيسر له من كلمات بالانجليزية ان تركب خلفه لينقلها الى المستشفى القريبة بسرعة و توفيرا للوقت ,فوافقت , فأركبها وراءه و تحرك بسرعة فى اتجاه المستشفى الحكومى القريب التى يعرف مكانها جيدا ,وفى المستشفى عندما طلب موظف الاستقبال تسجيل اسم المريضة , فقد احتار مصطفى , ماذا يقول , لكن الفتاة بسرعة ذكرت أسمها , كاترينا ديمتريف , روسية الجنسية , فطلبوا منه دفع قيمة الكشف عليها كمريضة أجنبية و لم يستطع مصطفى الهروب من هذا الموقف الذى وجد نفسه فيه فدفع ما طلب منه , وبعد ان دخلت هى الى غرفة الكشف قام هو بالبحث فى جيوبه فاكتشف انه قد دفع معظم ما معه من نقود وانه كما يبدو قد وقع فى ورطة لم تكن فى حسبانه , نظر مصطفى للسماء قائلا : أبويا قاللي اعمل الخير و انساه, و قد قام الطبيب المختص بالكشف الطبي عليها وعمل الاشعة اللازمة لها ,ثم قام بكتابة بعض الادوية لها و التى تناولتها بالمستشفى كما تم اعطائها بعض المحاليل و استنشاق غاز الاكسجين,ثم خرج الطبيب الى مصطفى وسأله عن صلته بهذه الفتاة الاجنبية ,ولم يكن مصطفى متوقعا هذا السؤال فأجاب بسرعة :انها زميلة له فى العمل وقد ارهقت من شدة العمل فقمت باحضارها هنا على وجه السرعة .وهنا قال الطبيب : يبدو انها كانت تشكو من مشكلة قديمة فى القلب اثناء طفولتها مثل الحمى الروماتيزمية وقد اعطيتها بعض الادوية و الان هي تستنشق الاكسجين وستكون بخير بعد قليل .
انتظرمصطفى قليلا , وبعد قليل قامت الفتاة كاتى وقد تحسنت حالتها وطلبت بنفسها من الطبيب باللغة الانجليزية الخروج ,وقد نصحها الطبيب بضرورة العودة لعمل بعض الاشعات والفحوص الاخرى فشكرته واخبرته انها كثيرا ما تتعرض لهذه النوبة خاصة مع المجهود البدني الزائد , لكن مع قليل من العلاج تعاود التحسن وانها قد تجىء مرة اخرى .
ادارت كاتى رأسها فى المكان تبحث عن منقذها الذى لاتعرفه حتى وجدته خارج الغر فة فأومأت اليه كى يخرجوا من المستشفى وعندما اصبحوا بالخارج سألته بالروسية:ما الذى جعلك تحضرنى هنا ؟؟ولم يفهم مصطفى السؤال ونظر اليها متسائلا ,فكلمته بالانجليزية : أنني أشكرك كثيرا على ما فعلته معي , و أنا مدينة لك ....أجابها مصطفي بكلمتين بسيطتين ...ثم سألته : كم دفعت لى هنا ؟؟فأجابها : ليس هذا مهما الآن , اهم شىء هو اين تقيمين ؟؟ وهل احضر لك تاكسى ام يمكنك ان تركبى معى كى اوصلك ؟ابتسمت كاتى و هى تقول :اولا انت ستوصلنى ..ثانيا انا مدينة لك بالكثير .ثم قامت بالركوب فى المقعد الخلفى للدراجة دون ان يسألها و اشارت اليه ان يركب دراجته ويتحرك.
سألها مصطفى عن مكان اقامتها فأجابته باسم الفندق الذى تقيم فيه ,وقد كان يعرفه ,فركب الدراجة وانطلق بها تجاه الفندق حتى وصل اليه . نزلت كاتى من الدراجة وشكرت مصطفى بشدة وسألته للمرة الثانية :كم دفعت لى فى المستشفى ؟؟فأجابها بمنطقه الريفى :ان هذا شىء بسيط والمهم ان تكون هى بخير..قال هذا وهو يفكر كيف سيعوض هذا المبلغ.
وقفت كاتى قليلا ثم سألته عن رقم تليفونه المحمول ,فسألها :لماذا ؟فأجابته كى اسدد لك ما دفعته لى .تنهد مصطفى كمن وجد حلا لمشكلته ,لكنه فوجىء بها تخلع سلسلة ذهبية صغيرة حول رقبتها , وتضعها حول رقبته بسرعة قائلة :هذه لك اذا لم استطع تسديد ما دفعته لى بالمستشفى . هنا رفض مصطفى اخذ السلسلة و قام باخراج تليفونه المحمول قائلا :هذا العمل عندنا من اسوء الاعمال , ان تفعل شىء طيبا ثم تأخذ ثمنه بهذه الطريقة ,خذى سلسلتك و هذا هو رقم تليفونى .ثم اخذ فى املائها رقم التليفون قائلا باللغة العربية التى لاتفهمها:يابنت الناس هاهو رقم التليفون معاك ,لو كلمتينى و احضرت الفلوس خير و بركة و انقذتينى من المطب اللى انا فيه,,كلتى علي الفلوس يبقى برضه كما يقولون ,اعمل الطيب و ارميه البحر ,ثم نظر للبحر خلفه و هو يقول :والبحر عندنا كبير و ياخد أي حاجة ,هى برضه كانت عيانة قوى و هي غريبة يا ولداه هنا و كان لازم واحد يلحقها و يذهب بها للمستشفى ,ومثل ما انا وقفت لها ,اكيد سأجد من يقف لى لو حدث لى شىء مشابه .
كتبت كاتى رقم التليفون ثم سألته بالأنجليزية :ماذا تقول باللغة العربية عنى ؟؟شعرمصطفى بالحرج ,لكنه اضطر ان يكذب قائلا :اننى كنت افكر ماذا اقول لرئيسى فى العمل عن سبب تأخرى .قالت له كاتى اخبره بما حدث معى ,هذا يحدث فى كل زمان و مكان ...ثم استدارت و دخلت الى الفندق تاركة مصطفى يضرب اخماسا فى اسداسا ويقول :كده فى نصف ساعة راحت 200 جنيه,انا شخصيا عارف جبتهم ازاى لكن مش عارف إزاي طاروا منى بسرعة كده,ايه اللى خلانى اقف لها و اخدها على المستشفى .ثم تراجع قائلا :لاتنسى يا مصطفى قولك منذ قليل اعمل الخير وارميه البحر وبعدين دول سياح آخر حاجة عندهم الفلوس,هو ال200 جنيه دول حاجة فى مصاريفهم الكثيرة ,ولو احد سألك الفلوس راحت فين ؟اخبرهم بالحقيقة ,انت مكسوف من عمل الخير اللى انت عملته ......
وصل مصطفى اخيرا الى المطعم فسأله زملاءه عن سبب تأخره,ولم يستطع ان يخبرهم بالحقيقة كما كان ينوى ,فأخبرهم ان الدراجة قد تعطلت به كما ان احدى العنوانين الذين كان ذاهبا اليهما لم يستدل عليه بسهولة وظل وقتا طويلا يبحث عنه حتى وجده.
بعد قليل رجع كل منهم الى عمله بينما مصطفى يحمد الله ان احدا من زملائه لم يراه فى هذه المغامرة والا كان قد اصبح مضغة فى افواههم لعدة ايام,خاصة ان ادارة المطعم تمنع منعا باتا اركاب اى شخص على المقعد الخلفى للدراجة,وتمنعهم من التدخل فى اية مشكلة على الطرق.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.