Horof

شارك على مواقع التواصل

جلس أربعة شباب بعد انتهاء اليوم الجامعي بالمقهى المقابل للجامعة، يخططون لحفل يوم ميلاد أحدهم.
كعادة إبراهيم بدأ الكلام، فقال: "الليلة عيد ميلاد مجدي، ويجب أن يكون يومًا مختلفًا".
أيَّده بيتر قائلًا: "سنجعله يومًا لا يُنسى؛ فهذا آخر عيد ميلادٍ له، سيقضيه بالجامعة".
قال مجدي بخجلٍ مصطنع: "لا تتعبوا أنفسكم يا رفاق، حقًا لا يستحق، هو مجرد عيدُ ميلادٍ!".
ربَّت عمر على كتفه بقوةٍ، وقال: "لا داعي لهذا الاصطناع اليوم، سنخرج إلى المقهى الكبير المجاور لمنزلك عند الحادية عشرة والنصف مساءً، لنحتفل بعيد ميلادك الحادي والعشرين"، ثم صمت لدقيقة وفجأة التمعت عيناه بالحماس، وقال: "ما رأيكم بأن نرتدي جميعًا بذَّات سوداء للسهرة؟".
استحسن الجميع الفكرة، وانطلقوا إلى منازلهم ليَعدُّوا الحفل، في حين أكمل عمر بصورة تقريرية، وهو يلحق بهم: "سأحضر كعكة عيد الميلاد!".
عند الحادية عشرة والنصف دخل مجدي المحل، فوجد رفقاءه الثلاثة قد انتهوا من ترتيبات الحفل، كان مجدي يرتدي بذة سوداء، وقميصًا أسود، ورابطة عنق سوداء، مما جعل أصدقاءه يسخرون منه، وهو يبتسم ابتسامة غامضة، جلسوا حول طاولتهم يضحكون، وابتسامة مجدي الغامضة تلاحقهم.
أقبل العاملون بالمحل قبل الثانية عشرة بدقائق، يحملون قالب الكعك، ويغنون أغاني عيد الميلاد، دقت ساعة المحل تمام الثانية عشرة، فانطفأت الأنوار، ثم أنيرت بلونٍ أحمر قانٍ، جعل مجدي يهتف غاضبًا: "ماذا فعلتم أيُّها التعساء؟ ألا تعلمون أني أخاف من الظلام؟ ولِمَ هذه الإضاءة الدموية، وما الداعي لهذا الرُعب؟".
لم يتلقَ أيَّ إجابة، فصرخ فيهم: "فليجبنني أحدكم! هل أحضرتموني إلى هُنا للاحتفال بعيد ميلادي أم لترعبوني؟".
جاءته الإجابة من فتاة صغيرة، لا تتعدى الخمس سنوات بنبرة ناعمة: "لا تخف يا مجدي، أنا ليلى أختك جئت لأحتفل معك بعيد ميلادك".
صرخ مجدي قائلًا: "مستحيل! أنتِ ميتة! ابتعدي عني!".
ردت عليه بهدوء: "أتقصد أنك قتلتني؟ أتتذكر هذا اليوم يا مجدي؟".
تلعثم مجدي، ورد برعبٍ: "لم أقصد قتلك! كان موتك حادثًا!".
صرخت فيه قائلة: "لا تكذب يا مجدي! أنا أعرف الحقيقة! عمي عزيز.. هلا أتيت لتخبره بما نسيه؟"
كان عزيز رجلًا بالخمسين من عمره، صوته عميق مخيف، هز مجدي بقوة، وهو يقول: "أهلا يا مجدي، كل عام وأنت سعيد!".
صرخ مجدي: "ابتعد عني، فأنت ميت! ابقَ مكانَك".
ضحك عزيز بصوتٍ عالٍ، ثم قال: "أتقصد أنك قتلتني بعدما علمتك كل ما تعرفه؟ أتذكر يا مجدي عندما كنت في العاشرة من عمرك؟ كنت تتجسس عليَّ، وأنا أعمل على طقوس السحر الشهرية، لقد حاولت التقرب مني كثيرًا، ولم تنتبه لتحذيري لك بألا تقترب لصغر سنك، ولكنك اقتحمت طقس شهر مايو؛ وأصبحت جزءً من المنظومة دون إرادتي؛ وبسبب ذلك تعرضت للعقاب من القادم ليلا، ولأكمل طقوس انضمامك خيرتك، حسب أوامره بين شرب دماء قط أسود، أو حرق قدم غول، أو قتل شخص قريب منك، فاخترت قتل أختك ليلى، وبالفعل استدرجتها بحجة مشاهدة شيءٍ ما، ثم قمت بدفعها لتسقط من فوق درجات السلم، وأنت تركض خلفها متمتمًا بالتعاويذ لتصبح بذلك مقدمًا عليَّ عند القادم ليلا، حينها كنت ماتزال تحتاجني، حتى تتعرف على علوم السحر التي أمتلكها، حتى إن لم تكتفِ بها، وأخذت تبحث عن غيرها دون علمي، ما إن بلغت الخامسة عشر حتى قتلتني لترتقي بقتل معلمك، أظنك تذكر طقس الترقي، وكيفية قتلك لي!".
ضحك مجدي بقسوةٍ، وقد تغيرت ملامحه لتصبح شيطانية، وهو يقول: "لا داعي لادعائك البرآءة، فأنت السبب فيما أصبحت عليه، ولكنك كنت دائمًا الأضعف، كنت الأبعد عن القادم ليلا"
ضحك عزيز قائلًا: "وبالتأكيد الليلة لم تكن حفلة عيد ميلاد بريئة، بل هي طقس اللقاء الذي سيجعلك تقابل القادم ليلا، لقد استدرجت رفاقك لهذا الحفل المزعوم؛ لتقتلهم أثناء خروجكم من المقهى لتستخدم دماءهم، ما لا تعلمه أيها الغرُّ، أنني عقدت اتفاقًا مع القادم ليلا، عندما عاقبني لاقتحامك الطقوس، ونص الاتفاق على أنه في حالة قتلك لي في طقس الترقي أن يجعلني أقابلك في طقس اللقاء، ولتخميني أنك ستختار قتل أختك، فقد استغللت علمي وسحري لإحضارها معي الليلة، والإعداد لهذا الحفل".
سأل مجدي بحدة: "ماذا تقصد؟"
ردت ليلى بنبرةٍ حالمة: "الليلة طقس التحرر لي، ولعم عزيز"
قال عزيز: "أقصد، لقد حان دورك لتموت!".
ضحك مجدي بصوتٍ مهزوز، ثم قال بصوتٍ حاول جعله واثقًا، لكنَّه فشل: "لا يمكنكما ذلك، لن تقدرا عليَّ، فأنا الأقوى"
ارتفع صراخ ليلى الذي فجَّر الدماء من أنفه، وفمه وأذنيه بغزارة، ويصرخ متألمًا مطالبًا إيَّاها بالتوقف، لكنها لم تتوقف، ثم ارتفع صوت قرع طبول تعزف بطريقةٍ همجيةٍ أغنية عيد الميلاد، والأضواء تزداد دمويةً مع اندلاع النيران في مجدي، وهو يصرخ متألمًا.
قال عزيز: "غرورك سبب موتك، وها أنت تموت، وأنت غيرُ قادرٍ على استخدام قواك".
ما إنْ انتهى عزيز من كلامه حتى ارتطم جسد مجدي بالأرض، بعد أن فارق الحياة، وانتهى كل شيء كأنه لم يحدث، وعادت الأضواء إلى المحل كأنها لم تُطفأ إلا للحظة، ليُصْدم الرفاق بجسد مجدي المشوي تحت أقدامهم، وارتفع صراخ الجميع!

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.