Sottoo3

شارك على مواقع التواصل

هاديا(تمهيد)
هاديا
هاجر صبري
سطوع لخدمات النشر


جميع الحقوق محفوظة ويحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من الكتاب بأية وسيلة من وسائل تخزين المعلومات إلا بأذن كتابي صريح من الناشر


إهداء
إلىَّ كل من ساهم في إيذائي عمدًا،
إلىَّ كل من تركني بمنتصف الطريق و مضى،
أشكركم من صميم قلبي على هذا الخذلان الذي منحني القوة .
إلىَّ كل من يسكن داخله طفله البائس، عليك أن تتقبله لتساعده أن يحيا ما فاته وقت ضعفه،
إلىَّ حور ويونس، لولاكما لما حأو لت لكي أكون أفضل نسخة مني لأستحق وجودكما بحياتي، فأنتما نورُ القلب وأيامي
هاجر صبري



تمهيد
شيء ما في أفلام الأبطال الخارقين يغمرني بشعور الآمان والراحة، انبهاري في طفولتي بما يقدمونه من حماية ورعاية للمدينة و الناس من الشر؛ جعلني أحلم أن يصبح لديَّ بطلي الخاص، يحبني ويظل معي تحت أي ظرف، بطل يتقبلني كما أنا ويحميني دون شروط، لكن سرعان ما أدركت أنها مجرد أمنية سخيفة من طفلة بلهاء لا تعلمُ حقيقة الحياة ! فقد حطم أبي - بطلي الأو ل- حلمي البريء، وفعل عكس ما إنتظرته منه، فعل ما جعلني إعتزلت الأحلام والتوقعات لباقي أيام حياتي، أفعاله زرعت بعقلي الكثير من الأسئلة التي لم أجد لها إجابات مقنعة لسنوات طويلة، قضيت الكثير من أيامي أبحث عنها ليهدأ عقلي ويخمد بركان فضولي الثائر، ولكن دون جدوى، أصبحت التساؤلات عادتي المفضلة التي تشعرني بأنني مازلت على قيد الحياة، فأسعى وراء الإجابات دون كلل أو ملل، عقلي لا يتوقف عن التفكير والتحليل، لا يأخذ راحة، يخزن كل شيء ويحأو ل معرفة أسبابه، إلىَّ أن يصل إلى حقيقة كاملة، تلك الصفة المتأصلة داخلي منذ الطفولة، هي الصفة التي مازالت الباقية معي حتى الآن، تُشعرني دائمًا بأن تلك الطفلة مازالت تتنفس داخل روحي ولم تمل من كبتي لها طوال السنوات الماضية، مازالت تحأو ل التعايش رغم كل شيء!
بالطبع لم أكبتها قسوة على نفسي، بل فعلت خوفًا عليها مما عانته ومرت به في الوقت الذي من المفترض أن تُحلق بعيدًا وتمارس طفولتها بشكل تلقائي، لم تسنح لي الفرصة قط في ذلك الإنطلاق الطفولي البريء، لم أختبر تلك السعادة يوما، لإنشغال عقلي بالبحث عن إجابة السؤال الأو ل له في الحياة، برغم عدم أستيعابي للكثير من المعاني والأحاسيس سوى القليل بقدر براءتي، إلا أن نظراته المليئة بالنفور مني وعدم التقبل وسلوكه القاسي معي دائمًا، تركوا في نفسي أثرًا سيئًا شعرت به بفطرتي النقية التي ما كانت تعلم سوى الحب، ذلك الشعور إجتاح روحي وسيطر على عقلي، وولد أو ل سؤال داخلي، لماذا لا يحبني؟!
حاولت كثيرًا فهم الأسباب ولكن دون جدوى، أردت العيش بسلام كأخوتي ولم تتوفر لي فرصة قط، ازداد شعوري بإهماله وتفاقم داخلي، سيطر تماما على عقلي الصغير،
مضى الكثير من الوقت أفكر في إجابة رغما عنى دون أدنى سيطرة على أفكاري، الحزن أصبح صديق المرحلة، تدريجيا كرهت كل شيء حولي، اللعب والخروج والناس جميعا، فضلت الوحدة، لم يغرني أي نشاط طفولي مهما كان مبهجاً، فقط أجلس لأفكر في أسباب تلك المعاملة السيئة، مرت السنوات ولم أجد الإجابة التي تساعدني في تخطى الألم المُقيم داخلي، حأو لت تجاهل مشاعري و أسئلتي ولكن دون جدوى، فكيف لي إقناع عقلي بنسيان كل ما حدث وما خزنه بداخله ويتشافى قلبي من حزنه بكل تلك السهولة!! وما زاد الأمر سوءًا داخل عقلي وذاكرتي، أنه (أبي) وليس شخصا غريبا عني، جزءاً هاماً من عائلتي التي نشأت ووجدتني فردا منها دون رغبتي! هو سبب وجودي بالحياة بمحض إرادته الحرة، فلماذا ما يفعله معي ويقوم به تجاهي!؟ العائلة هي بوصلتك الأو لى في طريق معرفتك بنفسك، وخط الأمان الأو ل بحياتك، هُم شمسك المشرقة التي ترى بها عالمك الجديد، يملكون زمام الأمور في بداياتك مع الحياة، بإمكانهم إرشادك إلى النور داخلك بمنتهى الحب، أو إلى الظلام بمنتهى القسوة والجهل، يستطيعون ملء عقلك الصغير بمعاني الحب غير المشروط و التقبل و الحرية و تركك تسلك طريقك بمنتهى الدعم و الرعاية، يستطيعون أيضا ملأه بالجمود والسلبية والرفض ويسيطرون عليك إلى مالانهاية حتي تتمنى الموت سريعا للهروب منهم ومن الحياة، تكوينك العقلي أو ل سبع سنوات من عمرك، يصبح مسئوليتهم الأو لى والأهم على الإطلاق، تتشكل تسعون بالمائة من معلوماتك ومبادئك العاطفية ونظرتك لنفسك وللحياة وفقا لسلوكهم معك وتربيتهم لك وكل فعل يصدر منهم، و على أساسه تتكون مفاهيمك عن التقبل والحب والإحترام لنفسك والأَخرين، وتتشكل نظرتك للحياة بشكل عام، فعندما يمتلئ عقلك بملفات الرفض والإهمال في سنواتك الأو لى بالحياة, يُصبح من العسير تغيير تلك المفاهيم فيما بعد, وتعيش كالميت بدون روح، تعيش لأنك مضطر أن تُكمل حياة لا رغبة لك فيها، وذلك ما فعله أبى معي بكل هدوء وتلقائية، وبلا أدني شعور بالذنب!!



2 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.