Horof

شارك على مواقع التواصل

كعادته اتجه نور إلى سور الأزبكية حيث زاوية عم علي كما يحب هو أن يطلق عليها. كان عم على هو أول من أشترى نور منه الكتب، وأستمر فى أمداده بالكتب فى مختلف المجالات، فنور الابن الأصغر لتاجر كبير معروف فى مجال الجلود، وهو العقل المفكر؛ فقط يأتى بأفكار، وأساليب عجيبة لعمل أبيه وتنجح، وأحب فيه أبيه ميله للثقافة فشجعه ولم يمنع عنه مال حتى ولو كانت من وجهة نظره لا قيمة لبعض الكتب التى يشتريها نور.
أخذت نور الخطوات يميناً وإذا به فى مواجهة عم على بنظارته القديمة التى لازالت تؤدى مهمتها على أفضل وجه.
" السلام عليكم" قالها نور بمحبة ليتلقى سلام حار من عم علي.
جلس نور بجواره فى هدوء وصمت لئيم. قطعه عم علي قائلًا:
- ماذا تريد يا نور؟ فأنا أعلم أن صمتك دائماً ما يكون ورائه طلب غريب.
اتبع كلامه بضحكة وغمزة.
نظر له نور وقال بلؤم:
- لا شئ محدد. بعض كتب التاريخ والجغرافيا ولا مانع من بعض الأساطير والسحر. أنت تعلم عقلى المتعب دائماً لا يحتمل الكتب العلمية المعملية.
ضحك عم على ونحى الجريدة جانباً وهو يلقي إليه بمقترحاته من الكتب التي يظن أنها تناسب نور، وهو يخطو بين أكوام الكتب، ومن ورائه نور يتابع مقترحاته حتى خطف نظره مجموعة كتب غير مرتبة على غير العادة.

غمز نور لعم على وقال له بخبث:
- وأخيراً كتب غير مرتبة.
ضحك عم على ورد ببساطة:
- أنها لسيد المجذوب. أنت تعلم أنى لا أستطيع رده، فيوم يأتينى بكتب، يكون يوم خير ورزق وبركة. بيعي وفير، فأشركه فيه ببعض المال مقابل ما يأتيني به من الكتب، بالأمس أتاني بهم قبل أن أغلق المحل، غدًا أرتبهم وأصنفهم.
رد نور بفضول:
- سألقى عليهم نظرة حتى تأتينى بما طلبته.
جلس نور على ركبتيه يقلب فيهم، فإذا بها كتب قديمة؛ منها المكتوب بخط اليد، أغلبها يعود إلى عهد المماليك. لفت نظره مخطوط معنون بالبداية. أمسك به فإذا بقشعريرة تسرى بجسده كنبضة كهربية تمر بطول جسده وعرضه. وقعت عينيه على حروف الغلاف فإذا بها تضئ. ترك المخطوطة من يده وحمّل خياله وزر ما حدث له. التفت إلى الخلف فإذا بعم على يعود بثلاث كتب فى مجالات التاريخ والجغرافيا والأساطير انتقاهم له. بعد تفاوض ممتع بينهم اتفقوا على السعر، وهم عم على بوضعهم فى كيس بلاستيك. طلب نور منه كتاب البداية فرد عم على:
- أنا لم أفرز الكتب لأعرف تصنيفها وقيمتها يا نور.
ولكن مع إصرار نور بخفة ظله المعتادة أعطاه عم على الكتاب دون فحص ودفع السعر الذى طلبه عم على دون فصال، فقد كان زهيد على غير العادة، وجامل فيه عم على نور بحب. لاحظ نور أن عم على عندما أمسك بالمخطوط لم يشعر بشئ فتأكد من صدق خياله. شعر بغبطة لا يدري لها سببًا، فضم كتبه إلى صدره بمحبة، وودع عم علي ببشاشة وذهب ليزيد حدود ثقافته بهم.

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.