Horof

شارك على مواقع التواصل

كان قراراً مفاجئاً بالنسبة لي شخصياً أن أجمع كل منشوراتي المختلفة والمبعثرة على صفحتي الشخصية على الفيس بوك حول الأدب بشكل عام في كتابٍ واحد، لقد واتتني الفكرة فجأة وبدون مقدمات فقررت أن أنفذها فوراً، ربما لأنني أحببت أن أجمع بين دفتي كتاب كل ما كتبت مؤخراً عن الأدب في مكانٍ واحد.
رغبة لحظية قررت أن أحولها لفعل ولذلك شرعت في جمع كل ما كتبت في هذا الكتاب ومن ثم بدأت المرحلة الثانية من إعداد هذا الكتاب وهو تصنيف المنشورات المختلفة من خلال أربعة فصول وفق ما جمعت من منشورات وأرتأيت وقتها أنها تستحق أن تقسم على هذا النحو، الفصل الأول يتناول مقالات متنوعة عن الكتاب والكتّاب والفصل الثاني يتناول قضية النشر الإلكتروني والفصل الثالث يتناول قراءاتي السريعة أو الموجزة عن بعض الكتب التي قرأتها، والفصل الرابع يتناول تجربتي الشخصية في الكتابة وكيف آراها وأتأثر بها واتفاعل معها، رأيت أنه من المفيد أن أجمع كل ما كتبت في كتابٍ واحد لتكون متاحة كاملة أمام القاريء وأمام نفسي أيضاً لأّذكر نفسي دائماً بالمباديء التي أرتضيتها لنفسى عندما قررت أن أكتب روايات وقصص قصيرة والتي ربما أغير بعضها مع مضي الزمن فأقارن بين ما كنت مؤمناً به وما تحولت عنه فيما بعد، فكانت هذه المنشورات هي حصيلة تجاربي وقراءاتي المتعددة في عالم الأدب والحق أن العديد من هذه المنشورات كنت قد نشرتها على موقع الفيس بوك في صيغة اللغة العامية المصرية ولكن عند نقلها إلي الكتاب قررت أن أعيد صياغتها مرة أخرى لتكون كلها بالعربية الفصحى لأني أري أن مضمون الكتاب يستلزم مني أن أعبر عن أفكاري المختلفة عن الأدب فى أطار من اللغة العربية الفصحى .
وقمت بالفعل بجمع عدد من هذه المقالات في كتابين صغيرين وكتيب نشرتهم على فترات متباعدة زمنياً إلكترونياً من خلال دار حروف منثورة واليوم قررت أن أضم كل هذه المقالات إلي كتابٍ واحد فقط.
أخيراً أتمنى أن يعجبكم العمل المقدم اليوم وأن تجدوا فيه الإفادة المرجوة وأنتظر تعليقاتكم المختلفة على كل ما ورد بين دفتي هذا الكتاب.

مروان محمد
القاهرة
2 أكتوبر 2017


تقديم كتاب كلام في الأدب
آراء تُحَلِل أم قناعات ترى


تساءلت كثيرًا ماذا استفدت حينما طالعت هذا الكتاب الشيّق في موضوعه، الشائك في تناوله، الهادم لأصنام تجارة الأدب، و الضارب على وجوه مساحيق الكلام بألف صفعة من نقد يفضح كلّ تافه. يسعدني أن أقول - وبكل حياديّة - معرفة الأديب الصحيح المتواري عن الأبصار خير وأرقى من التعارف على الكاتب المبهرج الذي يوازي جميع الأنظار، وهذا لا يعني أنَّ كلّ ما هو متعارف عليه بين جماهير الأدب صار مهرجًا في سيرك الكلمات، يضحكون بين سطوره بالإعجاب و قهقهة الثناء، كما أنّي لا أقصد أنَّ جميع ما يتعارف عليه الناس لكاتب ليس بالمعروف أو بالمشهور هو ملاك مُنزل بوحيّ لا يقبل النقاش في المعايير الفنية لأعماله، ولا يتقبل الحوار حول ما انطوى بين دفتيّ كتابه الأخير. وهل من ملاك في هذه الظلمة الأدبية؟! وهل من ضياء في ولوج الظلام في السواد؟! أو ربما يوجد شخص في ركن لا يُنير، جالس على كرسي متكحل بالأمل، لابس لنظارة هويتها التحديق، آخذ بعينيّه الوسيعتين يترجم الأعمال الكتابية إلى قناعات تجنح لشيء بين السلم والحرب للمعايير المتداولة في النثريات، ألقى كسوفًا لعود من الكبريت الذي يودع الاشتعال إلى شمعة تستقبل اللهب النقدي ذي التوهج و السطوع. أمنذ انطفى عود الكبريت بزغت الشمس تلقي السلام على فجر لهب الشمعة؟ أجل حدث كلّ هذا مع الناقد الكاتب القنوع بمرجعيات الأفكار المستمدة من اعتدال الرؤية، وآراءه التي لا تعتدل إلا على اقحام وضع الكاتب - رغمًا عنه - والزج بعمله في قمامة ناسخ جديد من أدب غربي من أمثال أجاثا كريستي في الجريمة، و ستيفن كينج في الرعب، أو إعادة تصنيع رسام مقلد من التراث العربي مثل الجاحظ، المنفلوطي، وبديع الزمان الهمذاني ، ثُمَّ الإفصاح: شكرًا ناسخ الخزعبلات و رسام التخاريف، فأنت في عالم لغة الأدب لا محل لكَ من الإعراب.
ولكني استفسرت لأوفر من مرّات. هل يقصد الأستاذ مروان من مقالاته ذات القناعة والتأمل في حقائق الأدب أن يعرب هذا وذاك وتلك إعرابًا تحت خطر يهدد الكتابة أم إعرابًا يضعهم في حصّالة الأرقام العادية؟! أم يا ترى غير هذا وذاك؟ فما سيجيبنا عليه الكتاب إجابات غزيرة المنظور، ولكنْ، قبل أن ندخل في جولة لا تمل منها - عزيزي القارئ - ولا تكل منك، سانبري لبعض التأملات المطروحة في العمل، لتصبح على دراية تامة بما اتفقنا فيه مع غربلة الكاتب، و تحليل رؤياه من زوايا عديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر في فصل الكاتب الذي يزن قيمته الأدبية بالكيلو: ( " فأخيرًا أقول: لا يكمن السر في العدد، ولكن فيما تكتب، هل يستحق أن يخلد؟! " ) تخيل لو سأل الكاتب نفسه هذا السؤال بجديّة غير قابلة للهزل، هل ينشر في العام الواحد كتابًا واحدًا فقط؟! بل يمكنه أن ينشر كتابًا مفردًا بعصارة فكره كلّ ثلاث سنوات كحد أدنى من الطباعة. وهل إذا استخدم الكاتب نفس الآراء المطروحة و ذات نوع العمل سيكرر نفسه من اللا قديم، أم سيحدد طريقه الأدبي؟! ماذا عن الكتابة؟ وناقل الكلام في الأدب يخبرنا بتجربة الكتابة في سطرين هامين: ( " الكتابة بالنسبة لي شعور بالمسئولية. هو التزام اتجاه القارئ. " ) وراح المتكلم المروانيّ يتناقش باحثًا عن نصف حل مع معاناة الكتابة سائلًا: (" وكيف تكون الكتابة والمعاناة النفسية التي يعانيها الكاتب في محاولته لإنهاء رواية ما؟! " ) بالطبع هي معاناة تبديل الوصف و هوس المراجعة و تغيير الأسلوب من بسيط إلى وسيط، ومن جزل إلى سامي، وهكذا. وما عرضته للتو صورًا سريعة منوّعة في رحاب كتاب لكاتب يغذي النقد الأدبي، و لناقد يهضم الكتابات الأدبية، فالفصول تنقسم إلى خمسة أبواب، الباب الأول يظهر فيه الناقد الناقم على أجيال الأدب الذي وصلت إلى قاع الحضيض، ويتناول الكتابة هل هي وهم الموهبة أم مهارات مكتسبة من القراءة والتدريب على فعل الكتابة مع خيال خصب؟ أيهما الأرقى أدبيًا الخيال الخصب بلا قضية وبلا رسالة ومن غير هدف، أم القضية والرسالة والهدف من دون خيال؟! وخلاصة اللا خلاصة في هذا الفصل ستتعرف على مفردات تسيء للنص الأدبي، إشكالية بناء اللغة وانتقاء اللفظ، أشكال البنيات العمرانية في رُواة الرواية، نصائح عامة للقراء والكُتّاب، مواصفات تحلل أدباء هذا الزمان. آراء في صبغة الأعمال القصصية والروائية المعاصرة. أمّا في الفصل الثاني ستلتقي بمروان الروائي للقصة والقاصّ في رواياته: ماذا قال عن مشاريعه القادمة ككاتب، هل يصاب بالخمول والكسل في عطلة نهاية السنة؟! كيف يتردد في اضطرابه بين مشروع مصور أم رواية جديدة أم قصة قصيرة للطفل. الذكريات بالنسبة إليه: ( " استرجاع الذكريات ليس بالأمر الصعب، ولكن ترجمتها إلى حروف مكتوبة عمل مرهق بحق، ويستدعي الكثير من التركيز، كأنك تحاول أن تعيد تأليف تلك الذكريات، أن تراها متجسدة حيّة أمامك، أن تنقلها من داخل صندوق الذاكرة إلى صندوق الكتابة فعل متعب وأحيانًا ممل. " ) أما الفصل المشتاق لكَ أيها القارئ والذي تتشوقه وأنت تجري إليه في قراءتك لهذا الكتاب، هو فصل أقرأ ولا تقرأ وما يليه. ذاك الفصل على الأخص يختلط فيه النقد بالذائقة الأدبية عند قامة تقرأ وتكتب وتنقد وتتذوق، يترنح الفصل ما بين قراءات متنوعة في كتب سياسية ودينية، وربما أقرب إلى المقارنات العقائدية، كما في فصل مراجعات الكتب ينقد الكاتب جوروج أورويل نقدًا هجوميًا لاذعًا، ويدافع ( في أقرأ ولا تقرأ ) عن مئة عام من العزلة لماركيز دفاعًا مستميتًا، ويقصف تماثيل الإيفيون الكتابي بالهدم في هذا الزمن، ويعنف روائيًا أخذت اللغة زمام الفكرة من روايته التاريخية، وينصف أديبًا وضع فكرة الجوع في رواية قصيرة، ولكن أغلب ما في هذين الفصلين على الخصوص فكرة متوحدة ستصيبك بالتشائم الشديد، وسيعتريك الفضول في هذا الخمول إلى شيء معرفيّ زاخر بالتعارف. مَنْ يرضي ذائقة ذاك الذي لا يشبع ولا يجوع؟ طالما القراءة عنده وجبة للذة المضغ والتذوق.
أو مَا يمكنك أنْ تتهم الكتاب والكاتب معًا بالذكورية، وذلك بسبب قلة التفتيش عن نساء في هذا الكتاب، والنساء فيه قليلات جدًا، فإذا بهذا الأستاذ يخبرك بتعريف الأدب في جودة العمل الأدبي ("الأدب أدب، لا فيه نسوية، ولا رجولية، ولا أدب مسيحي، ولا أدب إسلامي... ولا أدب عبدة البقر! " )
والفصل الأخير تحت عنوان النشر الإلكتروني، و تجربته في تأسيس دار حروف مثورة للنشر الإلكتروني، وسيادة المستقبل باسم هذا النشر الجديد، وأسئلة تتجول في طرح فكرة انقراض النشر الورقيّ، ونصيحة للقراء أن يشتروا الكتب المزورة، بسبب غلاء سعر الكتاب الورقي، حتى رغم أنَّ دار حروف منثورة لها إصدارات ورقية، فيقول ذاك المثقف المتفتح: ( " عزيزي القارئ إذا أعجبتك أي من إصدارات دار حروف منثورة، و وجدت سعرها غير ملائم لكَ، و وجدت بديلًا عنها سواء من خلال طبعة مزورة، أو نسخة pdf متاحة لا تتردد، وأفعل ذلك، وأنا سأكون سعيدًا بهذا. “) وكنوز أخرى في جميع الفصول ستكتشفها بعد هذه المقدمة، والأفضل أن أصرح بأنّني أختلف مع أخي مروان في بعض الأمور، أو قُلْ بالأحرى أن خلايا الأدب تتجدد و تبني نفسها بقلمها، وما بيننا من اختلاف لا ينجب الخلاف الإنسانيّ الغير جدير بالذكر هنا، لأنَّ ما نتوافق عليه ونترافق فيه أكثر بكثير من قيد أنملة نختلف على طرحها.
والقضية أنَّ البعض يرى مروان متحاملًا على أجيال الشباب خاصة، والبعض الآخر يراه مُهَدمًا للكُتّاب عامة. وكما قال الشاعر: وهل يبلغ البنيان حق تمامه * إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم. وكلّ ما هدمه الكاتب أبراجًا من ورق مغمورة بمياه الركاكة والضعف، فإذا بالبرج تالف مهدد بالسقوط، كما أنه مهدد بالدمار، أمّا ما وضعهم مروان للبناء وهم ثلة قليلة، فهؤلاء أهرامات صغيرة وكبيرة تقف أمام عوامل الزمن بشموخ قوة النتاج الفكريّ.
وحَسْب النشر من هذا العمل كما خبرني الصديق مروان ("الذكرى الهباب وأيام العذاب " ) وسأردد على أنغام صداه، وعلى منوال التذكير بهذا العمل الجوهريّ مترنمًا: ( كلام في الأدب هو مجهر يحاسب الكتب و الكتّاب والثقافة والنشر بمكيالين الأول: للثواب، والثاني: للعقاب.
وأخيرًا وليس آخرًا هذا الكتاب هو معجم لآراء وقناعات وتأملات ترى وتحلل وتعرض، فإذا أصبت من الكتاب كوّنك قارئًا فحسب، فأنت لم تقرأه بعد، وإذا أصبت من الفصول الربيعية في هذا المجلد التحليليّ أنّك كاتب فقط، فأنت لم تفهم ما قرأت. أمّا إذا طالعت بعيون تترقب، وعقل يتفكر، فهنيئًا لنا بالكتاب، لأنّه الذي قرأكَ.
مؤمن عفيفي
في الرابع والعشرين من مايو 2020/ الموافق أول يوم من عيد الفطر
تنويه قبل بدايتك في مطالعة العمل: إذا تمردت على رأيّ الكاتب في جيل أواخر الثمانينيّات و جيل التسعينيّات، فحسبك أن تعرف أنَّ كاتب هذا التقديم من أواخر التسعينيّات!




0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.