Sottoo3

شارك على مواقع التواصل

لهو الأقزام (1)
لهو الأقزام
محمد عباس
سطوع لخدمات النشر



جميع الحقوق محفوظة
جميع الحقوق محفوظة ويحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من الكتاب بأية وسيلة من وسائل تخزين المعلومات إلا بأذن كتابي صريح من الناشر


منذ الصباح والسماء يبكي بهدوء كأنه في عزاء مقيت، يغطي زرقته رمادية قاتمة من الغيوم، مر شهر على الحادثة... اتساءل أما اصاب اخي اضطراب عقلي فعلا أم شيء اخر؟ أهي مؤامرة ام فخ من احدهم؟ لكن من هذا الخبيث الذي سيلاحق شخصا حتى يقوده الى الجنون؟

رفعت رأسي أراقب بعيون كئيبة عقارب الساعة الذي ثقل حركته يشل اعصابي وصوت دقاته المزعجة تختلط مع قطر المطر فيصبحان سمفونية مستفزة للعقل ومقلقة للفؤاد، لم يبقى سوى نصف ساعة لانتهاء الاختبار، لكن لم استطع ان اكتب شيئا،... كله بسبب اخي فالأمس بطوله قضيته معه اقوم برعايته وتهدئة روعه... هل اخي متورط مع جهة ما؟ بقي يخبرني بأنهم ينظرون اليه بعيونهم المرعبة، يراقبونه،... لم ينفك يصرخ ويتشبث بي كطفل صغير والرعب متمكن منه يرجوني البقاء قربه؛ من المزعج ان تعتني بأخاك الأكبر،... اتمنى لو نجا احدهما على الأقل من تلك الحادثة ليعيناني في رعاية اخي... على اية حال، اظن ليس امامي سوى اخبار الاستاذ مرة اخرى معتذرا له سيتفهم وضعي بالتأكيد،... فقط تركت القلم الذي كنت الوح به لثلاث ساعات كاملة دون ان اخط فيه خطا على ورقة الاختبار، ومع رنين الجرس، اتجهت إلى الأستاذ تابعني بعيناه بنظرة مقلقة لنفسي حتى وصلت اليه، تنهد بضجر ثم تحدث بنبرة زاد الثقل على صدري
- ما القصة التي ستقرأها لي هذه المرة عن اخاك؟
تنهدت بأسى، هل لا يصدقني الأن أم ماذا؟ هل يظن بأني سعيد بحالي واقضي وقتي مستمتعا؟ اجبته الذل المرير يرهق قلبي اكثر مما يرهقه اخي بجنون
- لم استطع المذاكرة البارحة... هل بإمكانك أن...


قاطعني وهو يلوح لي بيده بضجر ثم تحدث وارى بسمة تكذيب وسخرية على ثغره يكتم انفاسي
- حقا، لما لا تفكر بعذر جديد يا فتى؟ فأعذارك اصبحت قديمة وانتهت صلاحيتها،... سيُعتمد العلامة التي تأخذها في هذا الاختبار وبإمكانك المغادرة

تركت الاستاذ وغادرت القاعة، ولا رغبة لي ان اجلس متوسلا اليه لأجل اختبار لعين فليذهب الجامعة الى الجحيم، فلما افعل هذا وأنا اعلم بأني لن أفلح هذا العام من اساسه،. والشكر لأخي العزيز، ليت فقط لدي من يساعدني في رعايته...



اتجهت الى المدير عرفني فور رؤيته لي، لقد كثر منذ شهر اعتذاراتي بسبب اخي ومغادرتي الجامعة، سحقا، فقط الى متى سيستمر كل هذا...
سألني المدير بأبوية حنونة
- ما الأمر يا بني؟ هل كل شيء على ما يرام؟
- انا،... اخي...
- هل هو على ما يرام؟
سألني بأسى وهو يجلس على كرسيه، طال صمتي فحدث بضجر
- لما كالأصنام تقف عند الباب هناك تعال ادخل
اقتربت منه ووقفت أمام طاولته ثم تحدثت بارتباك اخشى ان يكذبني كما فعل الاستاذ منذ قليل…
- اخي ليس على ما يرام، انا بحاجة لأذهب الى منزله،

تنهد بشفقة لحالي ولحال اخي، ثم سمح لي بالمغادرة موصيا لي أن اعتني بنفسي، خرجت من الجامعة ثم اخذت سيارة اجرة وتوجهت لشقة اخي الذي اصبح منذ شهر كمسكن لي، اتأمل في الطريق وصوت المطر يصخب في مسمعي، شردت في همس المطر وريحه العطر، اراقب المارة والسيارات،.... من العدم ظهر يد ملطخة بالدماء على زجاج النافذة، صرخت برعب وارتميت الى الجانب، فزع السائق من صرختي فأسرع في ايقاف السيارة في قارعة الطريق، أكان وهما؟ بالتأكيد... اظنه بسبب التعب... اذ لا اثر لا ليد ولا دماء على الزجاج، جسدي كله يتخبط من الخوف، انفاسي مضطربة، زاد فزعي شيء لامس كتفي، فالتفت مرتعبا... لم يكن سوى السائق... سألني
- ما الخطب؟

بلعت ريقي ثم اخذت نفسا عميقا وحدثته محاولا ضبط صوتي المرتعش
- لا،... شيء.... ارجوك اكمل
بعد ثوان قليلة عاد السائق الى الطريق سالكا الدرب حيث وجهتي، لم يطل الوقت حتى وصلت البناية، دفعت الأجرة ثم بخطوات ثقيلة صعدت السلالم، البناية يتكون من طابقين والابواب الى الخارج في كل الشقق، يتصل بينهم ممر ينتهي عند السلالم، نظرت لباب شقة اخي البالية بابه صدئ بلون الرماد يتدلى منه لوحة عتيقة بالبني الداكن نقش عليه رقم الشقة13 فتحت الباب ثم خطوت الى الداخل، تفاجئت من حال الشقة كل شيء في فوضى... كل شيء رأس على عقب، هل اصاب اخي احدى نوباته؟ لكني متأكد بأني ربطته حتى لا يتسبب بالفوضى، لكن صحيح فاليوم هو يوم ماطر، ففي اغلب الايام الماطرة هذا ما يفعله ولا يفيد حتى لو قيدته، سحقا كيف يفك القيد اللعين كل مرة؟ كل شيء في فوضى التلفاز العتيق محطم وكذلك الطاولة البالية والمقاعد قد مزق وكأن حيوانا شرسا انقض عليه، استغربت حال الشقة... لكن ما اثار قلقي هو أين أخي؟... على غير العادة اخي لم يكن له اثر في الشقة هذه المرة.... درت في الشقة ولم اجده، انا واثق بأن باب الشقة كان مقفلا عند عودتي، فأين اختفى اخي؟، خرجت من الشقة متجها الى جارنا، طرقت بابه، لكن فوجئت بأن باب شقتهم مفتوح... دفعته ببطء، لكن الجمت في مكاني من أثر الدماء،... فتحت الباب كاملا فأصابني الرعب اذ الشقة الصغيرة جدرانها كلها مكتوبة عليها بالدماء بأحرف غريبة، وجاري... طريح على الأرض مشوه الملامح وكأن وحشا ضاريا هاجمه... وضعت يدي على فمي ثم تراجعت الى الخارج مرتعبا اشعر بالغثيان، اسرعت في الاتصال بالشرطة، مستنجدا وفقط بعد ان اغلقت من الشرطة تذكرت اخي، لكن لم أجرء على التقدم...

يتبع...
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.