Sottoo3

شارك على مواقع التواصل

 المصيدة(1)
المصـــيدة
محمود عبدالعزيز


المصـــيدة
((حين يجتمعان الخير والشر في شخصٍ واحد))


مُقدمه
أصدقاء الروايات الحزينة الذين تخونهم الكلمات فلا يستطيعون البوح عما يجيش ما في صدورهم، الذين يقدمون معاني أسمى وأجمل من الحب وهو الصدق، أصحاب الأشياء البسيطة والقلوب المُحمَّلة بالسلام والذوق الرفيع، بين أيديكم عمل من أعمال الروايات الواقعية، إنها لا تشبه أدب الفانتازيا، أو البوليسي، أو الرعب.
هذا العمل الذي يحمل في طياته الكثير من الصدق والحقيقة، مزيجٌ بين اللون الأبيض والأسود، الحب والكراهية، والحقيقه الكاملة لأشخاص على أرض الواقع عاشوا وتحملوا فيها الكثير من الخذلان، ودفنوا جثمانهم على ذكرى جميلة سعيدة، هذه الذكرى التي تجعلهم يتوقفون في المُنتصف لا يستطيعون المضي قدمًا، وكان لا بدَّ أن أظهر لكم جانب النور والظلام في حياتهم.
دعوني أكون منصفًا وواضحًا لكم من البداية، في الصغر كنت أحمل قلب صغير وعقل لا يفهم العالم جيدًا، كانت كلماتي تلقائية وردود أفعالي تخرج من صميم قلبي الطيب، وشخصٌ اجتماعي للحد الذي يجبرك على مصاحبته للأبد، كبرت وفهمت أنني كنت مخطئًا وساذجًا؛ لأنني رأيت الظلم والقتل.. الخذلان والخيبة والحسرة، كبرت وفهمت أن الحياة لا تتوقف على رحيل أحد، وأن موقف عابر بسيط بالنسبة لك كفيل ليجعلك محط تساؤل غير مجدي حلبة من المعارك الذاتية العقلية، كبرت وفهمت أن العلاقات مع البشر لا تحتاج لنوع من اللطف أبدًا؛ حتى لا تصبح فريسة بين الناس "أن تكون نعجة تتصنع شخصية من القطيع أفضل من أن تكون نعجة وسط القطيع" صدقوني هذه هي الحقيقة، كبرت وفهمت أن العلاقات العاطفية في بدايتها تحتاج لأكثر عقلانية؛ لأن سياسات البشر تختلف من شخص لشخص آخر.. فهناك الصادق، وهناك الذي يتلاعب تحت مسمى طاولة الحب، والخائن الذي عاهد نفسه أن يخون جسده قبل أن يخون قلبه ومشاعره، علمتُ أن العالم لا يحزن لأجلك ولا يراعي شعورك النفسي أو الانتكاسات التي مررت بها وأن العاقل المستمع أفضل بكثير من الذين يشبهون عويل المرأة، ربما كان زمن أمي وأبي أفضل بكثير من هذا الضجيج الذي نعيشه الآن.. زمن اللين واللطف.. زمن القلب الرحيم والعقل، ما الذي نحصده من قرن عمّ فيه الفساد والرقص وبرامج العُري! "زمن الدياثة".
هذه الرواية من أجلك أنت يا أنت، هذه الرواية بها بعض الحكم والنصائح لرجل كان الشارع هو بيته الثاني، جليس الأصدقاء في المقاهي والسهرات الليلية، صديق الموجوعون والمتألمون، ورفيق المهوسون بالشهرة، هذه الرواية لأصحاب القلوب الطيبة النقية، لأولئك الذين يشتكون همومهم لأصحاب الأفكار الملعونة فينتقمون منهم ما أن أتت الفرصة، ويلعبون بهم في أصابعهم مثل الدمية في يد الأطفال، كتبت هذه الرواية بين دفء الواقع وحب الأحبة والأصدقاء وبين خبث ودهاء البشر، أنت مجبر على القراءة في حال أن عينك صّبت على أول حرف من تلك الرواية، أنت اخترت وبمفردك أن تكون جزءًا أصيلًا من أبطالها، ولكن إياك والوقوع في فخِّها؛ لأنك ستجد هنا أحداث قد تُصبك بالحنين، وأحداث تجعلك تقسو على العالم، ومواقف تستدعي منك توخي الحذر، وناهيك أن تتعامل بكامل طيبتك أمام الأشخاص _حتى من أقرب أصدقاؤك_ أحثك على أن تطبق نظرة غير معاقة على كل شيء حدث معك وعلى كل شخص مر بحياتك، إن الأحداث أو الأشخاص الذين ظهروا في حياتك لم يظهروا بمحض المصادفة، عندما تتسلح بوعي أن المصادفات لا يمكن أن تحدث في عالم مُوَجَّه من قبل عقل واعي وذكي، ابدأ بإعطاء انتباه أكبر وعلى كل حدث وظرف وعلى نحو أدق، تلك التي تنتج من انتقالات حزينة كدليل من ذلك العقل الواعي، على مر التاريخ كان هناك الكثير من الأسماء الشائعة لهذه القوة التي تلهم الكائنات البشرية؛ كي يختاروا السير في اتجاه يثمر الجمال، الحب والحقيقة، هذا العقل غير مرئي أزلي وأبدي معك، وهو يُقدمُ شيئًا من أجلك في كل لحظة وكل لقاء وحالة، هناك شيء أمامك مباشرة يُحدق في وجهك ويقدمُ لك خيارًا؛ لكي تمسك بالمقبض وتسافر نحو عالم جديد..
لديك دائمًا الخيار الأمثل لكي تُعير انتباهك وتأخذ مسارًا غير مألوف، أو ربما محفوفٌ بالمخاطر تمامًا، كما تستطيع ألا تعيد لنفسك نسختك الباهتة القديمة المضللة التي تسيطر على وحدتك وعالمك الكئيب مع نسخهِ حياتك المغروزة فيك من قبل التأثيرات العائلية والثقافية التي تُملي عليك على وجه التحديد ما يجب أن تكون عليه حدودك وتطلعاتك.. قد لا يبدو الأمر مهمًا على وجه الإطلاق لأي شخص حولك، وقد يظهر حتى أنه منافي للعقل بالنسبة لك، ولكن اعلم في النهاية أنه لن يخيب أملك.
أُحثك أيضًا على معرفة القواعد والأسس التي تُهمك كقارئ قبل قراءة الرواية، والتي يجب أخذها في الاعتبار كونك فردًا وبطلًا منها.
- عندما تبدأ أن تسمع لتساؤلات عقلك ابدأ بالتناغم معها، ولا تدع أبدًا أي تفكير خارجي يسيطر على أفكار عقلك.
- ابق مع حماستك، صرح لنفسك كي تكون في حالة إيمان وثقة.
- القوة تكمُن في معرفة ما يدور بإذهان المحيطين بك.
- تأمل في رؤيتك وسيظهر الدعم في النهاية، إنه يخدم حماستك الداخلية بسبب أنه في تلك اللحظات المعروفة لك فقط، أنت في محاذاة مع من تكون عليه حقيقته.
- كن على خطوة واحدة من الهدف ولا تبتعد عنه كثيرًا.. وأيضًا لا تقترب.
- ناهيك عن استخدام عقلك والتذاكي على شخص أرهقته الحياة ورسمت على جبينه خطوط الفقر واليأس والكآبة.
- على الإنسان ألا يفكر في الأمور التي تستهلك منه طاقة في التفكير، ولكن على الأرجح بأنه لن يستطيع أن يتوقف عن محاربة ضجيج رأسه التي تأتيه سهوًا، والتي تعانقه ليلًا قبل منامه، ولن يستطيع أن يثبت لنفسه أنه الطرف المجني عليه في هذه الحياة.
- نحن كـبشر مسيرون في خدمة الآخرين قبل أن نخدم أنفسنا، فلو تأملت الأشجار ستجدها بأنها لن تستطيع أن تبتلع ثمارها، ولو نظرت للبحار لن تستطيع بلع أسماكها، ولو نظرت إلى الأنهار لن تستطيع بلع مياهها، فقط كل شيء مسخر لخدمة الإنسان.. كذلك الإنسان يستطيع أن يقدم العون الكامل الواعي لغيره، ويأتي بينه وبين نفسه لا يستطيع أن يتصرف في أتفه الأمور التي تخصه.
والآن بعد ما أخذت جولة بسيطة في المقدمة عزيزي القارئ، وبعد ما آثرت نفسك في معرفه المزيد والكثير عن أعماق الرواية دعنا نخوض في جوفها بهدوء وصمتٍ تام.. فأهلًا بكَ كونك فردًا منها.

الإهداء.

ذات مرة كنتُ أسير بسيارتنا المُتهالكة أسفل الشمس الساطعة، فأوقفني مُنظف السيارات الذي يبدو على هيئتهِ الفقر _لم أعِر الاهتمام له_ ألح عليّ لأخذ قدرٍ من المال، نفختُ ضيقًا من صدري وبادلته بأساليب بَذَّاءَة وقلت له: "إليك عني!"
أوقفتني كلماته التي ضربت آذان مسامعي قائلًا:
"الأرزاق تأتي من عند الله.. الشيء الذي بيدك ليس لك".
أهدي إليك تلك الرواية وأقول لك:
"إنني أعتذر لك كثيرًا، وأشكرك؛ فلقد أحييت قلبي من جديد، وأعطيتني درسًا هامًا في الحياة لن أنساهُ أبدًا."

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.