tafrabooks

شارك على مواقع التواصل

" قد لا تشير لمعة العين الى السعادة ربما هي دموع ترقرقت في مجراها ولكبريائها أبت السقوط"
على ضوء القمر كانت تعزف لحنا جديدا قامت بتأليفه ليمزج بين تلك الحياة التي تعيشها مع مقتطفات من الخيال، بين الفينة والأخرى كانت تغمض عينيها فتتساقط عبرة متمردة تتلألأ تحت ضوء القمر وكأنها قطعة من الألماس تناثرت على البيانو لتتراقص على معزوفتها الرائعة الحزينة التي أخرجت فيها كل معاني الحزن الذي يختلج صدرها ويحرق فؤادها ثم تنظر إلى القمر نظرة في صمت كأنها تريد إخباره بالكثير ولكنها لا تستطيع . . . نعم لا تستطيع النطق بحرف واحد وكأن الحروف أضخم ما يكون لتخرج من مخارجها وتنطلق لتجتمع معا لتعبر عن مكنونها. يا لهذه المعاناة ويا لهذه النظرة التي تبث التوسل والحسرة . . . لو أنك أيها القمر تستطيع مواساتي ولو بكلمة واحدة ليس لدي شخص يواسيني لا أصدقاء لدي، أنت صديقي الوحيد الذي طالما رافقني في كل مكان وسمع أحاديثي الطويلة وثرثرتي وهذياني ليلا بتلك العبارات التي لا تبدو مفهومة أغلب الوقت لأنني لا أستطيع التركيز ليلا ولا أعلم ما أتفوه به فتخرج كلماتي مبعثرة غير مرتبة على الإطلاق، وربما غريبة أحيانا هل يمكن أن أمتلك صديقا مثلك يوما يسمع كلماتي الغريبة ولا يمل، يحاول ترتيب تلك الكلمات دون أن يسألني ماذا تقصدين؟، لا أظن أخبرتك يوما أنك صديقي الوحيد وستظل رفيقي دائما فلا أستطيع أن أثق بأحد غيرك ولا أستطيع أن أفضل أحدا عليك، كل هذا كان يجول في خاطرها وهي تنظر إلى القمر ولكنها لم تتفوه بكلمة واحدة وتوقفت عن العزف وأخذت تبكي بكاء شديدا عله يطفيء تلك الأوجاع التي لم ترممها الأيام بعد، تلك الأوجاع التي تأكل من جسدها الصغير وتضعفه وتجعلها لا تنام الليل وحين تخلد إلى النوم تشرد بعيدا لتتذكر وتتألم وكأن الطعنات تتوالى عليها طعنة تلو الأخرى فتبكي ويعتصر قلبها من الألم فتحتضن وسادتها بقوة وتستغيث لتخبرها بأنها تتألم كثيرا علها تنجدها من هذا العذاب، فلا يسمع أنينها أحدا ولا يرى أي شخص ما تعانيه في وحدتها لا يرى دموعها التي تفقد السيطرة عليها إلا تلك الوسادة التي تحمل جميع مآسيها وذلك الصديق الصامت
الذي تحدثه كل ليلة ولو أن هذه الأشياء تشعر لبكت وجعا على تلك الفتاة التي لم ترى في حياتها سوى الحزن والألم.





مضى في طريق مظلم وهو يشعر بالحيرة ويهمس قائلا: ما الذي أتى بي إلى هنا؟ أذكر أنني كنت ذاهبا لشراء بعض الكتب ولكن كيف أتيت إلى هذه الحديقة؟!، ثم وجمت ملامحه حينما رأى فتاة على مرمى بصره جالسة تحت شجرة كبيرة تحمل صندوقا صغيرا ولكن يبدو أنها ليست منتبهة تماما لوجوده، اقترب قليلا يريد أن يتمعن في ملامحها عله يعلم من تكون ولكنه لم يستطع وتوقف فجأة حين رآها قادمة نحوه فتوتر قليلا ولكنه استعاد ثباته توا حين وجدها تمد يدها إليه بذلك الصندوق الذي كانت تحمله، وأثناء التقاطه وقعت عيناه على قلادتها التي كانت عبارة عن قلب صغير في منتصفه حرف متدلي كان حرف " H "، لم تنطق الفتاة بكلمة واحدة فتناول الصندوق من يدها وأثناء التفافه للمغادرة سمع صوتا يناديه من الخلف: " أنقذني يا زين "، استيقظ زين من نومه فجأة على طرقات متوالية على باب غرفته كانت أمه توقظه لأداء صلاة الفجر كما اعتاد منها كل يوم، وعندما دخلت أمه أخبرها بأنه قد استيقظ وسيقوم لأداء الفريضة فأغلقت باب الغرفة وذهبت، جلس زين في جمود مما رأى في منامه، لقد سمع اسمه بصوتها وكأنها تعرفه جيدا ولكنه لم ير ملامحها ولم يحظ بالحديث معها ولو بالقليل، كل ما سمعه منها اسمه وهي تطلب النجدة " أشعر أن هناك شخصا ما يحتاج مساعدتي ولكن لا أعلم من يكون، هديء من روعك يا زين هل جننت هذا فقط مجرد حلم لا أساس له في الواقع ربما لأنك تحب دور المنقذ دائما راودك ذلك الحلم" هكذا كانت تحدثه نفسه وأزاح غطاءه وغادر سريره لأداء الصلاة وبعد الانتهاء من صلاته دعى دعوته المعتادة التي يدعو بها عقب كل صلاة " اللهم بشرني بما أنتظره منك وأنت خير المبشرين ووفقني لما تحب وترضى يا رب العالمين " كان زين كلما انتهى من صلاته ختم بهذا الدعاء قبل قيامه من مجلسه فقد كان ينتظر شيئا يغير حياته للأفضل، ربما ما يهمه في باديء الأمر هو النجاح في حياته العملية قبل كل شيء، كان طموحه متأججا وكأن عقله في سباق مع الزمن، فقد كان مجتهدا أثناء دراسته في الجامعة في السنوات الماضية، كان مغرما بدراسة علم الكيمياء لذا التحق بكلية العلوم وكان من المتفوقين من بين طلاب قسمه، كان عقله يضج بالعلم الوفير الذي كان يستنبطه من قراءة الكتب المختلفة فيما يخص مجال الكيمياء وغيره من العلوم المختلفة، فلم يكن أثناء دراسته في الجامعة يرتكز على نوع واحد فقط من العلوم بل كان يغوص في بحر الكتب الضخمة المليئة بالمعلومات النفيسة بمختلف اللغات، فكانت ساحته العلمية المفضلة هي مكتبة الجامعة التي كان يركض إليها بين الفترات المختلفة الفاصلة بين محاضراته اليومية ويعيش مغامراته في عالم الكيمياء، كان زين شابا في السادسة والعشرين من عمره في مقتبل شبابه ملامحه هادئة يبدو عليه الطيبة والشهامة، قوي البنية، جميل الهيئة، طويل القامة، وجهه مستديرا تميل بشرته إلى الاسمرار قليلا، من الشباب الناجح الطموح الذي يحاول رسم طريقا لمستقبل أكثر إثارة وأكثر نجاحا لم تكن تشغله الأشياء التافهة مثل البقية لم يكن يحب السهرات كثيرا، لم يكن يذهب مع أصدقائه إلى المقاهي ليلا ولكنه كان قد سجل عضويته في إحدى الأندية وكان يذهب أحيانا مع بعض الرفقة كترفيه، وأحيانا كان يذهب وحده حينما يريد قراءة أحد الروايات ليجلس منعزلا بعيدا عن الجميع، لم يكن من أسرة ثرية بل كان من أسرة متواضعة ولكن كان وضعهم ميسورا إلى حد يريح باله من عناء التفكير، وكان لديه أخت تصغره 6 سنوات تدعى مليكة كانت تدرس بقسم النباتات بالمستوى الثالث في الجامعة، وكان والده السيد منصور يعمل ناظرا في مدرسة إعدادية ببلدتهم في محافظة الموصل العراقية، ووالدته السيدة تهاني ربة منزل وامرأة طيبة وأم حنون، كانت أسرة بسيطة ورائعة تصرف أمور حياتها بما يرضي الله - عز وجل - ويدا واحدة متعاونة ومترابطة فيما بينها تربطها أواصر الإخلاص والمحبة والطاعة لله ورسوله، أسرة نشأت على الإيثار وحب الخير للغير ذلك الترابط الأسري الذي يقوي العلاقات والذي ينشيء أفرادا أسوياء عقليا وفكريا واجتماعيا ودينيا وأخلاقيا، انضم زين إلى أسرته صباحا لتناول طعام الفطور ودار الحديث حول عمل زين فقد كان ذلك اليوم يوما مميزا بالنسبة له، فقد نال فرصة رائعة للعمل في إحدى شركات الأدوية وكان هذا اليوم هو يوم المقابلة واليوم المنشود الذي يتمناه ويتمنى أن يتم قبوله للعمل في هذه الشركة فهي من أكبر الشركات في الموصل، التي يطمح الكثير للحصول على وظيفة فيها نظرا لرواتبها المجزية وسمعتها الجيدة ومكانتها المرموقة بين العديد من الشركات الأخرى.



- حمدًا لله لقد شبعت .. على المغادرة الآن.
- انتظري يا مليكة سيوصلك زين في طريقه يا ابنتي.
- لا يا أمي لقد تأخرت كثيرا ستبدأ المحاضرة في الساعة التاسعة ويجب أن أغادر الآن. ونظرت إلى زين ذلك الحاضر الغائب، فقد كان مشتت الانتباه ينظر إلى هاتفه المحمول ويبدو أنه يحادث أحدهم فابتسمت ثم غادرت.
- ماذا بك يا زين؟ ماذا هناك؟
- اعذرني أبي شردت قليلا ولكن ربما لا أستطيع الذهاب لهذه المقابلة، قالها بحزن.
- لما لا تستطيع؟ كنت متحمسا منذ دقائق وهذه الفرصة التي تبحث عنها منذ سنوات ماذا إذًا؟
اعتذر زين لأبيه واستطرد حديثه: سأخبرك فيما بعد يا أبي علي المغادرة الآن سأذهب إلى النادي.
غادر زين وعلى وجهه علامات الامتعاض والحزن واليأس لأن حلمه هوى في بئر الضياع، وربما سلك طريقًا آخر وتركه في جوف يأسه إنه يحلم منذ سنوات أن يشغل منصبا مرموقا في هذه الشركة.
وحاول مرارَا التقدم للكثير من الشركات ولكن لم يحظ بقبول في إحداها على الرغم من أن سيرته الذاتية كانت جيدة بما يكفي لقبوله، وأنه من الأشخاص المتميزين والجديرين بهذه الوظيفة وهذا كان الشيء المحير له، لما يقابل بالرفض كلما تقدم لإحدى الشركات بالموصل؟
ظل هذا السؤال يجول في رأسه ويشغل تفكيره عله يعرف السبب وراء ذلك، وهو في طريقه إلى محطة المترو رأى لافتة كتب عليها: " مكتب توظيف لجميع المحافظات داخل الموصل وخارجها ورقم الهاتف (#07…………)"، سجل الرقم على جواله واستكمل طريقه.
ركب زين المترو وأخذ يقلب في هاتفه وفتح الرسائل ونظر إلى الرسالة التي صدمته في الصباح وهو يتناول فطوره، " نأسف لإبلاغك بأن المقابلة تم إلغائها لأن الوظيفة شغلت بالفعل قبل أمس "، وأخذ يتذكر ذلك الاتصال الذي أتاه منذ أسبوع من اليوم وعن مدى سعادته حينما تحدد له موعد للمقابلة، وأخذ يتذكر الأماني التي كان يمني نفسه بها بعد هذا الإتصال.
قطع شروده مجيء فتاة جلست بجانبه فتنحى جانبَا ليفسح لها المكان، فجلست دون أن تنظر إليه وفتحت حقيبتها وأخرجت كتيبا صغيرَا، يبدو أنه دفتر اليوميات الخاص بها من هيئته من الخارج يجذبك إلى تصفحه لمعرفة ماذا يحوي.
بداخله ربما الكثير من الأسرار الرائعة الشيقة، كان قد ارتسم على غلافه منظرَا لشكل السماء ليلَا تملؤها النجوم بلونه الأزرق الرقيق الذي يوحي بأن مالكته تمتلك ذوقَا رائعَا وإحساسَا مرهفَا، تحمل قلبَا نقيَا يري الأشياء من حوله بما يحمل من مشاعر رقيقة، بداخله المعني الحقيقي للأمان ينبض بالصفاء لمن حوله لا يحمل حقدَا أو كُرهًا لأحد. وما لفت انتباهه أيضَا أنها ترتدي فستانَا أزرق طويل ذو أكمام طويلة بسيطَا في تصميمه في وسطه شريط وردي مُرصع ببعض القطع اللامعة، وكانت تُشبه الأميرات في طلتها بهذا الفستان يبدو أنها تُفضل اللون الأزرق كثيرًا وحقا الأزرق يليق بها، كانت ترتدي نظارة سوداء لهذا لم تبدو ملامحها واضحة كثيرًا لزين وهي جالسة إلى جواره، ولم تنقل أنظارها إليه فقط أمسكت بقلم أخرجته أيضًا من الحقيبة وكتبت شيئا وكأنهُ عنوان ما وأغلقت دفترها.
هم زين بالحديث معها مناديًا إياها بآنسة .... فهو لم يعرف اسمها بعد ولكنها لم تُوليه اهتمامًا وكأنها لم تسمع ما قاله، ثم توقف المترو وهمت بالانصراف وأثناء وقوفها رأى قلادًة على شكل قلب يستقر بداخله حرف "H "، ما جاء بعقله في هذه اللحظة هو ذلك الحلم الذي راوده صباح اليوم، أراد أن ينادي على تلك الفتاة ولكن لسانه تلجَم ... عن أي شيء، سيتحدث وهو لا يعرفها حقا ولم يدر بينهم حديث من قبل ولكنهُ سار خلفها، ثم توقف فجأة ولم يستطع اللحاق بها حينما اصطدم بأحد اصدقائه ...وليد؟!! ولم يستطع أن يكمل، فأخذ ينظر إلى صديقه في دهشة وعقله شاردًا تمامًا.
- مرحبًا زين ..يا لها من صدفة رائعة لم نلتق منذ زمن طويل يا صديقي أخبرني كيف حالك؟.
- رد زين بلسان مُتلعثم: ها مرحبًا أنا ب. . بخير حال والحمد لله.
- ماذا بك يا صديقي؟ لا أظن أنك على ما يُرام!
- ابتسم زين وقد استعاد انتباههُ .. إعذرني يا وليد فقد لفتَ انتباهي لافتة نُشر عليها أحد إعلانات الوظائف فتشتَتت أفكاري.
- ضحك وليد قائلًا: إن لم تفعل هذا لكنت ظننت أنك تغيَرت يا زين ... أنت هكذا دائمًا عقلك مشغولٌ بالعلم والعمل كما عهدتُك.
- رمقهُ زين بنظرة مُستنكرة ثم استطرد الحديث: وفيما تريدني أن أفكر إذًا يا صاحب الأفكار البناءة؟
- ألم تُفكر في الزواج بعد؟؟.
- الزواج!!! لا لا أستطيع فلم أحصل على عمل حتى الآن ولا أريد أن أُقحم عقلي بأشياء سابقة لأوانها.
- سابقة لأوانها؟!.
- ماذا عنك أنت؟
- لقد تقدمت لخطبة ابنة خالتي وحصلت على عمل في إحدى الشركات في قسم المُحاسبة.
- تهانينا يا صديقي ...أسعدَتني هذه الأخبار.
- والعُقبي لك يا زين وحظًا موفقًا إن شاء الله.
- "سلمت يا وليد" قالها زين مُبتسما لوليد ثم توقف المترو وغادر وليد مُودعا زين
عاد زين إلى مقعده لينتظر وصوله إلى محطته القادمة وهو يتذكر القلادة التي رآها في عنق الفتاة أنها تشبه القلادة التي رآها في حلمه، ترا هل تكون هذه الفتاة هي نفسها أم هذه محض صدفة، وفوجيء بشيء ما لمحه موضوعَا على الكُرسي المجاور.
أمسك زين بالمُفكرة وأخذ يُحدث نفسه:
- يا الهي إنها لتلك الفتاة التي كانت تجلس بجواري منذ قليل .. ترا ماذا على أن أفعل؟، أظن أنها تحتوي على الكثير من الأشياء الهامة، ولكني لا أعلم شيئًا عنها لا اسم ولا عنوان.
فضوله لمعرفة من تكون هذه الفتاة وربما ليس فضول، ربما أراد مُساعدتها حقَا أراد أن يعرف من تكون علهُ يجد بداخله شيئا يُوصله إليها جعله يهم بفتح المفكرة الصغيرة، ولكنه لم يستطع أن يرى شيئًا لأن المترو توقف عند محطته المنشودة فأغلقها وغادر المترو متجهًا إلى النادي.
" في الجامعة"
كانت مليكة تجلس في المكان الذي اعتادت الجلوس فيه بكافتيريا الجامعة وهي تحتسى القهوة وتقرأ إحدى الكتب بعنوان (تربية نباتات المحاصيل)، فشعرت بيدًا تُغمض عينيها من الخلف فضحكت قائلة:
- أعلم أنك ءآلاء ... أيتها الشريرة متي ستكفين عن هذه الحركات الطفولية؟
- لن أكف أبدًا تعرفين صديقتك لا تمل ولا تتعب من مشاكستك دائمًا.
ردت مليكة بجدية: توقفي عن المُزاح إذًا أيتها المشاكسة ودعينا نسترجع بعض المعلومات لدينا اختبار بعد قليل.
- ماذا؟! هل قلتي اختبار؟ لقد نسيت ذلك يا إلاهي ووضعت وجهها بين كفيها.
- ردت مليكة وقد أبدت تعابير اليأس: لا أعلم بماذا أصفك لست مشاكسة وحسب بل ومستهترة أيضًا، لقد أخبرتك أمس في نهاية المكالمة. أين كان عقلك وقتها يا فتاة؟!
- ضحكت بمرح: ههه كنت أتناول الطعام وقتها ولم أنتبه إعذريني .. حين يأتي الطعام يتوقف عقلي عن العمل.
- تأففت مليكة: أعلم أعلم كعادتك لا جديد... هيا إفتحي كتابك الآن وإدرسي.
- أخبريني أي جُزء علي قراءته جيدًا؟
- حسنًا ... الاختبار سيكون عن التهجين في نبات الذرة الشامية.
- هل درسنا شيئا بهذا الاسم حقًا؟؟!.
- اللهم ثبت ديني وعقلي، منذ متي لم تفتحي هذا الكتاب يا ءآلاء؟
- لم أفتحهُ منذ بداية العام.
- صفقت لها مليكة بسخرية قائلة: أحسنت.. إذُا ستكونين موفقة اليوم وستكون علامتك صفرًا.
- إنتهيت من سخريتك؟ هيا ساعديني ألست صديقتك ؟، وداعبت وجنتي مليكة.
- هدأت مليكة من روعها وقالت: نعم سأساعدك اضطرارا فقد ابتُليتُ بك حقا ماذا سأفعل غير ذلك؟!.
- أحبُك كثيرًا ...هيا نبدأ.
جلسا يتناقشان حول الأسئلة الهامة وانسجمت مليكة في شرح الكثير من الأفكار الخاصة بالذرة الشامية وتهجينها وتلقيحها الذاتي والتزهير والتربة الداخلية وإنتاج السلالات النقية، وحاولت تبسيطها حتى تستطيع آلاء استيعابها بسهولة، وبعد مُضي ساعة من الزمن غادرا الكافيتريا متجهين إلى قاعة الاختبار.

"في النادي "
- مرحبًا زين .. لم تُخبرني أمس بأنك ستأتي إلى النادي.
- أهلُا مالك، نعم لم أخطط للمجيء للنادي اليوم ولكن .... قاطعه مالك قائلًا:
- أخبرتني أن لديك مُقابلة اليوم في إحدى الشركات .. هل تغيَر الموعد؟
- لا لم يتغيَر يا صديقي بل تم إلغاؤه نهائيًا.
- رد مالك بصدمة: ماذا؟! وما السبب في إلغاؤه؟؟.
- لا أعلم ...على كل ليست المرة الأولي، في كل مرة أتقدم فيها لإحدى الشركات تبوء المحاولة بالفشل.
- أشعر بالريبة في ذلك .. أظن أن هذا الأمر لا يحدث عبثًا ربما هناك من يتربص لك ويفسد عليك كل شيء.
- ومن يكون هذا؟ لا أظن ذلك.
- ألم تقل إنك تقدمت إلى العديد من الشركات؟ إذا فهذا شيءٌ وارد.
- امممم لا أعلم ربما، ثم واصل حديثه: صحيح لقد نسيت أمرك تمامًا. . . ماذا أتى بك إلى هنا؟ لمَ لم تذهب إلى الجامعة؟
- ليس لدي محاضرات اليوم يا زين.
- لكن مليكة.. قاطعهُ مالك: أعلم مليكة لديها اختبار اليوم في مادة النباتات.
- هل أخبرَتك؟
- نعم سألتني أمس عن الأسئلة التي وردت في الاختبار الذي اجتزته منذ يومين.
- جيد
- ما هذا ي زين؟! هل اعتدت على كتابة يومياتك؟، وضحك ساخرًا.
- نظر إليه زين بتعجب: أي يوميات؟ وانتبه إلى المفكرة التي كان يُمسك بها ضاحكًا:
أتقصد هذه؟، لا إنها ليست لي.
- إذًا لمن هذه المفكرة؟
- إنها لأحد أصدقائي تركها في المترو فاحتفظت بها لحين إرجاعها إليه.
- ضحك ممازحًا: آها. ظننتُك استحلت كاتبًا يا زين.
- لا ليس كذلك..
- ترا ماذا ستفعل الآن؟
- أفكر في الذهاب لاصطحاب مليكة إلى البيت، لا أريد أن تعود وحدها في وقت متأخر ولكن... صمت زين برهة وكأنه في حيرة من شيء ما.
- لكن ماذا يا زين؟
- لا شيء ..انسى الأمر.
- إذا كان لديك موعد فيُمكنك الذهاب ولا تقلق على مليكة سأذهب لاصطحابها إلى المنزل.
- نعم لدي موعد مع صديق وكنت سأعتذر منه.
- لا لا تلغي موعدك سأتولى الأمر يا صديقي ... وابتسم لزين.
- جيد .. سأذهب الآن يا مالك.
- لوح لهُ بيده اليُمني ...وداعًا زين.

انطلق زين في طريقه مُتحمسًا لذلك الموعد، ربما يُسفرعن شيء يختم يومه بنهاية مشجعة، أو ربما يستطيع معرفة السبب الحقيقي وراء عدم قبوله للشركة التي تقدم إليها، فربما لو علم بالحقيقة لارتاح قلبه ولكنه في حيرة مما يحدث حوله، إنه يُحاول دائمًا ولا يرى سببًا واضحًا لهذا الفشل الذي يواجهه، فلم يعتد الفشل في حياته قط، يشعر أن جهوده ومهاراته غير مرئية لا يمكن للآخرين رؤيتها وتأييدها وتشجيعه على التقدُم ولكنه لم ييأس، كان هذا الموعد مع صديق له ذلك الشخص الذي ساعده على التقديم بهذه الشركة ويحتل مكتبه ركنًا من أركانها وربما يُخبره بما حدث وعن سبب رفضه.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.