تذليل العقبات /بسنت أحمد الوكيل.
أيامٌ فاضت فيها الأزماتُ فصرنا نشتهي إلى جفاف السكينة، القلبُ يخفق من القلقِ والعين من الخوفِ سالت مآقيها، كل مِنا يحمل همومًا على كفٍ كادت أصابعه أن تُبتَر، صوت أنياب الخوف وهي تفترس لُبّنا مُؤرَّق، عيش يمرَّ وصِعاب لا تَمُر.
هُنا الأرض تتمرد وتثور ويسور الغضبُ والبحر يقود جيشًا من الأمواجِ ناويًا على عطبِ، وهُناك حرب قتل رصاصُها غصن الزيتون قتبعثر مُتدنس بالدماءِ، مَنسوب الإنسانية يقل ومازلنا نصر على بناء سدودًا بيننا.
ولكي ينطوي أجلُ تلك الفتْرة ونستطيع أن نعبر هذه الصعاب دون أن تتعثر أقدامنا أو يلحقنا أذى أو ضِرار علينا تذليل العقبات؛ فنُصهر كل عقبة بشظايا عزيمتنا، نجتمع بقلبِ رجل واحد واثقين أن الصخرة التي يحملها جماعة ريشة وأن الحائط المائل يعتدل إن ساندهُ الجميع.
يا نفس رقي وتسابقي الخيرات وصنع كل جميلٍ لله لا للمالِ، لا تنم خفيفًا ونفس أخيك مُثقلة بالأحمالِ بادله ابتسامة المواساة كُن له سدًا على الخدين يُجفف دموعه الجارية وفيضان يُطفئ لهب فؤاده المشتعل، أقم أعمدة إنارة في طريق أخيك مهما أشتد ظلام ليله لا يُهدم، كُن دفء الاطمئنان لعيون من البرد تسهد وتبغى المناما، كُن لمن احتاجك حارس خلفه وحصنًا أمامه.
آن لنا أن نسترد من إنسانيتنا ما ضاع فنبحث في مناجم ماضينا عن أصلنا ونستخرج معدن التعاون ومنه نصنع عكازً لمساندة من انحنت ظهورهم من فرط المصائب، آن لنا أن نُعمر ركن السلام الذي تداعى من زلزال الحرب فنبَذَرْ أرضه بأشجارٍ غصنها يتمايل من لحن الزيتون وعطر العصفور ونسقي زرعه بماءٍ نقي فرات من لعاب الأفاعي وبصمة الذئاب، آن لنا أن نمضي وثيقة اعتذار للطبيعة عن ما بدا مِنا من دمار ولامُبالاة مُتعهدين أنه لن يصعد من مصانعنا إلا عطر لا دخان وستنبت أرضنا سنابل لا قنابل.
نحن كبشرٍ لنا دم واحد يجري في عروقنا ومن الواجب ألا تبحر فيه سوى سفينة الود وقوارب الخير لا أساطيل العدوانية وقراصنة الشر، علينا مُعاونة بعضنا البعض؛ فنقدم أدلة وبراهين صارمة لتذليل العقبات أمام أخوتنا المتضررين.. نُملئ قلوبهم يقينًا بأن لهم يد ستنتشلهم من طيات الضررِ وأحضان دافئة تهدأ من روعتهم، وأن حالهم سيتبدل من جوع وعُرْي وسُقْم إلى شبعٍ ودفءٍ واطمئنان تنقرض به الأوجاع والأوجالِ.
القصص أشجار وثمارها المغزى. بسنت الوكيل. كاتبة قصص قصيرة ومقالات.