ظالم لنفسه
هل سبق لك أن صادفت ضحية جراء ظُلم أحدهم؟! لا شك أنك قابلت أحدا كذلك، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن؛ هل أعطيت نفسك فرصة وقررت أن تستمع للحوار كاملا من الضحية والجاني قبل أن تُقرر من هو الجاني ومن المجني عليه؟!
في بعض الأحيان يقتل الناس أنفسهم قبل أن يفعل غيرهم، وبعضهم هو كارثة على نفسه ويشكلا خطرا على ذاته، والبعض يدمر ذاته قبل أن يفعل الناس؛ لذا أوصنا الحبيب المصطفى أن نردد دائما " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" ويروي في الأثر " أن الله إذا غضب على عبدا من عباده تركه لنفسه، فهي كفيلة أن تهلكه "، وعليه أود أن أقول أننا أحيانا نكون المجرمين، وأننا من نجني على أنفسنا، ولأن بالمثال يتضح الأمر؛ أقول" هب أن جارك أتى يسلبك دارك ووقفت مكبول اليدين وتركته يُسيطر عليها، ثم خرجت للناس تبكي وتنعي حظك وتتهم جارك بأنه الجاني وأنت الضحية، وحينما نروي الموقف من الخارج وبدون تفاصيل فأنت تستحق التعاطف، ولكنك في الحقيقة كنت المتخاذل؛ الذي سهل لجاره فعل ما يشاء؛ فأنت هنا ظالم لنفسك، وعند الله ستكون معاقب وليس مثاب على صبرك على بلاء سلب الدار؛ وهذا لأنك لم تبادر بالدفاع حقك، وفعل كل ما يمكنك فعله حتى توقف الظلم الواقع عليك.
من الأمثلة التي أُفضل أن أرويها؛ هي تعرّض إحدى الأمهات إلى السب والضرب من أحد أبنائها؛ فاتصلت بشيخ تسأله" ابني يفعل لي كذا وكذا وأنا لا أرد له ما يفعل، فهل سيجزيني الله خيرا على عقوقه؟ فأجابها الشيخ بلا، بل يجب عليك دفعه، وإعادة تربيته من جديد إن أمكن، والسعي بكل جهد لإصلاحه فإن لم يٌجدي ذلك فلك أجر صبرك على عقوقه، ولكن يجب عليك ردعه عما يفعل حتى لا يؤذيكِ، ويمكنك الاستعانة بالأقارب إن استلزم الأمر. "
وهذا يعني أن الاستلام للأمر الواقع والرضا بدور الضحية دون بذل ما نستطيع؛ يجعلنا ظالمين لأنفسنا.
والنهاية أذكركم أن رد الأذى، وعدم الرضوخ للأوضاع المزرية، والسعي لتغيير الواقع المفروض وعدم الاستكانة للظروف، وبذل المستطاع؛ واجب ديني ودنيوي إلا سنكون ظلمة نُعين الظالمين على أنفسنا.
بقلم خلود محمد عاشور.
❤❤💗