العصر
قيل: إن أحلك ساعات الظلام هي ساعة الهزيع الأخير من الليل قبل مطلع الفجر الصادق بلحظات.
ويصدق ذلك على أوقات الظلام في عصور التاريخ، فإن أظلم أوقاته لهو الوقت الذي يسبق فجر اليقظة بقليل من السنوات، ثم تأتي اليقظة في حينها؛ فإذا هي بصيص النور الأول قبل تباشير الصباح.
وعلى هذه الوتيرة كان القرن الثامن عشر في الشرق العربي أحلك ساعات ليله الطويل؛ ليل الجهالة والجمود، ولم تكن بين العصور نسبة متصاعدة في ترتيب الزمن كتصاعد الأرقام في حساب القرون، فلم يكن القرن الثامن عشر — مثلًا — أعرق في النكسة و«الرجعية» من القرون التي تليه إلى أواخر القرن السابع عشر الذي بدأت به نهضة العالم العربي في العصر الحديث، بل كان القرن الثامن عشر أسوأ — ولا ريب — من أسوأ القرون التي تقدَّمته في أيام الجهالة والجمود؛ لأنه القرن الذي انبعثت فيه المسألة الشرقية من بقايا الحروب الصليبية، فكان نذير الخطر الأكبر؛ إذ كان الخطر قد تفاقهم وتراكم، وتجمَّع وتوسَّع، حتى لا مزيد.
وكانت المسألة الشرقية قد تمخضت عن دورٍ آخَر وراء دور الحروب الصليبية؛ وهو دور التفاهم بين دول الاستعمار على تركة الرجل المريض، فبعد أن كان الغرض من المسألة الشرقية انتزاع الأقطار المسيحية من أملاك الدولة العثمانية، أصبح هذا الغرض — كما قلنا في كتاب ضرب الإسكندرية — «هو تقسيم أقطارها جميعًا من مسيحية وإسلامية، وتنازل الأعضاء عن كل نصيب متَّفَق عليه يقع في قبضة الطامعين فيه من المتنازعين على التركة وصاحبها بقيد الحياة».
غير أن المسألة الشرقية صنعت من المعجزات في إيقاظ الشرق ما لم تصنعه الحروب الصليبية.
لأن الشرق العربي انتصر على الغرب في تلك الحروب ورد عادية الدول الأوروبية عن ذِماره، فقنع بما انتهى إليه وبقي على حاله التي هو فيها، وهبط من بعدها دركة تحت دركة، حتى أصبحت أممه بين موروث بقيد الحياة، وبين ميراث كأسلاب الغنيمة مقسَّم فيمن يقدرون على السلب والاقتسام.
لكن المسألة الشرقية جاءت في أوانها هذا فصنعت من المعجزات ما لم تصنعه تلك الحروب، وكان سر هذه المعجزة أنها فتحت أعين الشرق على مواطن عجزه ونقصه، وعلمته قهرًا ما كان يأبى أن يتعلمه باختياره، فأدرك حاجته إلى التغيير العاجل، وأدرك ما هو ألزم له من ذلك، وهو حاجته إلى علم يجهله، واعتقاده أن أمم الغرب قد انتصرت بذلك العلم عليه، وأنه لا غنى له عن ذلك العلم ليستعيد القوة التي انتصر بها على أعدائه، قبل أن ينتصروا عليه ويأخذوا عليه كل طريق غير الفناء أو التغيير، ومَنْ لم يطلب التغيير بعلم يتعلَّمه من المنتصرين عليه، فقد آمَن بأن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم، وآمَن بأن قومه غيَّروا دينهم فتخاذلوا وانخذلوا، فلا نجاة لهم بغير الرجوع إلى الدين الصحيح، مبرَّأً من لوثة البدعة والخرافة، سليمًا من شبهة الدجل والغفلة.
فإذا كانت قارة الاستعمار قد حصرت خطتها حيال الشرق في سياسة واحدة تريدها وتتعمدها، فهناك كما قلنا في كتابنا عن الكواكبي «سياسة أخرى لم تردها ولم تتعمدها تلقاها الشرق منها فهبَّ لمقاومتها، وتيقَّظ لمطامعها، ونزل معها في ميدانها الذي استفزته له باختيارها وبغير اختيارها … ونقصر القول على الشرق العربي كما كان في أواسط القرن التاسع عشر … ففي تلك الفترة كانت مصر قد ظفرت بحصة كبيرة من الحكومة الذاتية، وكان لبنان قد خرج بعد الفتن والأزمات بنصيبه المقرر من الامتيازات الداخلية، وكادت جزيرة العرب أن تنعزل بالعودة الوهابية وتوشك أن تمتد منها إلى العراق، وكان العراق في صراعه مع حكم المماليك يتقدَّم في خطى سراع إلى الخلاص من ذلك الحكم المضطرب بين الكساد والوباء … ولعلنا ندرك حقيقة الحال ونعلم أن وعود الإصلاح كانت ضرورة لازمة ولم تكن إنعامًا ولا إحسانًا من ولاة الأمور، إذا نظرنا إلى بقاع العالم العربي فلم نجد فيه بقعة راضية بما هي فيه، ولم ينهض أهلها للمطالبة بنوع من الإصلاح على نحو من الأنحاء، فتحرك السودان وتحركت الصحراء وتحركت قبائل المغرب في ثورتها، بل في ثوراتها التي تكررت ولا تزال إلى اليوم، وصدق على العالم العربي بين أطرافه المترامية قول القائلين في الغرب: «إنه مارد خرج من القمقم ولن يعود إليه.» وكان في الحق ماردًا هائلًا يتململ في الأَسْر ليخرج من قمقمه المظلم المحصور، ولكنه لم يكن ماردًا معصوب العينين كما صوَّره أولئك الراصدون للقمقم، أو كما أرادوا أن يتصوروه؛ إذ كان للمارد زمامه في أيدي الهداة من القادة الملهمين ومن رواد الثقافة الأولين، وكان لهذه الهداية بين المسلمين وغير المسلمين طابع الشرق الخالد منذ الأزل، طابع العقيدة والإيمان. وربما قال الجامدون قبل المجددين: «إن الأوروبيين عملوا بأدب الإسلام، فأعدوا العدة ونظروا إلى حكمة الله في خلقه، فتقدَّموا وتأخَّر المسلمون.»
•••
ونحن الآن نغتبط بالمصير الذي انتهت إليه المسألة الشرقية بعد منتصف القرن العشرين، ولكن واجب العظة الصادقة يتقاضانا أن نذكر في كل حين أن الشرق لم يكن سريع الخطى في انتقاله من دور الجمود إلى الخلاص؛ لأنه قضى نحو قرن كامل يجاذب بعضه بعضًا عن الطريق القويم بين مَن يحسبون أن الخلاص كله في اتباع الجديد على علَّاته، ومَن يحسبون أن هذا الخلاص مطلب بعيد المنال علينا، إذا نحن لم ننبذ الجديد بقَضِّه وقضيضه، وكأنما خرج المارد من القمقم إلى فضاء الأرض والسماء، ولكنه خرج إليه مكبَّلًا بالأغلال والأعباء التي تثقل الرءوس قبل أن تثقل الأقدام، ولبثت كل أمة من أمم الشرق الأدنى تنتظر القارعة التي تخصها بالعظة بين جاراتها وأخواتها التي تشبهها في المصاب وتشبهها في المصير، فلم تتعظ أمة من هذه الأمم بمصاب غيرها على النحو الرشيد الذي يعفيها من تكرار الجهود وابتداء المسير من جديد، وكأنما أثقال الماضي أكبر وأخطر من دواعي اليقظة والحركة في الحاضر والمستقبل، فبقيت هذه الأمم المتيقظة تجرجر وراءها تلك الأثقال شوطًا بعيدًا بعد استقامتها على منهج الإصلاح المحتوم.
وفي مصر كانت حملة نابليون هي الصدمة الكبرى التي خصتها بدروسها العاجلة، وكانت دروسًا محتومة لا تمهل المتعلم أن يتردد بين الجمود والحركة.
وربما كانت الغلبة العسكرية أضعف تلك الدروس أثرًا؛ لأن هزيمة المماليك لم تقع من الأمة موقع الدهشة، ولم يصعب على الذين كلفوا أنفسهم تدبُّرَ عواقبها وأسبابها أن يردوها إلى غضب الله، وأن يعتبروا بعبرتها عقابًا للقوم على الظلم والطمع وسوء السيرة، وغلبة الترف والنعومة في الكثيرين منهم على صفات البأس والنخوة، كما قال شاعر الجبرتي:
إنما هذه البلاد لأقوا
م حموها بالصارم المسلول
وأرى دولة المماليك مالت
لشروب اللذات (كل مميل)
واغتنوا عن تجريد سيف ورمح
بقوام لدن وطرف كحيل
ولكنهم علموا أن ظلم المماليك قد يسوق إليهم مَن يغلبهم ويقهرهم، ولكنه لا يضع في يد الغالب القاهر سلاحه الذي يصول به على عدوه فيقهره ويستذله، وإن لم يكن أحمَدَ منه سيرةً وأقل منه فسادًا، كما شهدوا بعد ذلك من سيرة «الفرنساوية» في هذه الديار، ثم نظروا فعلموا أن نابليون لم يزحف على المماليك بجيش واحد بل بجيشين؛ جيش يحمل السلاح، وجيش آخَر من جماعة العلوم والفنون يحمل الكتب والأوراق، وهو الجيش الذي حشده «الفرنساوية» في المدينة.
«وأفردوا للمدبرين منهم، والفلكيين، وأهل المعرفة والعلوم الرياضية كالهندسة والهيئة والنقوشات والرسومات، والمصورين، والكَتَبة والحُسَّاب والمنشئين حارة الناصرية، حيث الدرب الجديد وما به من البيوت، وفيه جملة كبيرة من كتبهم وعليها خُزَّان ومباشرون يحفظونها ويحضرونها للطلبة ومَن يريد المراجعة، وكان في تلك المكتبة زيادة عن الكتب العلمية والتاريخية أطالس فيها صور مَن سلف، وصور الأماكن التاريخية، وخرط البلاد والمدن، والحيوانات والطيور والنباتات، وتواريخ القدماء وسير الأمم وقصص الأنبياء بتصاويرهم وآياتهم ومعجزاتهم وحوادث أممهم، وعند توت الفلكي وتلامذته في مكانه المختص بعلم الآلات الفلكية، وأفردوا لجماعة منهم بيت إبراهيم كتخدا السفاري وهم المصورون لكل شيء، ومنهم أريجو الذي أبدع تصوير المشايخ المعيَّنين بالمجلس، وفريق منهم يحنطون الحيوانات والأسماك، وأفردوا أماكن للمهندسين، وسكن الحكيم «رويا» ببيت ذي الفقار كتخدا، ونظم دار الأدوية به ومعه عدة من الأطباء والجراحين، وأفردوا مكانًا في بيت حسن كاشف شركس لعمل التحليلات الكيميائية والظواهر الطبيعية، وأفردوا أيضًا مكانًا للنجارين وصناع الآلات والأخشاب».
وربما كان من بواعث إحياء الثقة بعد موتها، ومن بواعث الإقبال على هذه العلوم الغربية بعد النفور منها والإعراض عنها، أن أذكياء البلد فهموا أنها «بضاعتنا رُدَّتْ إلينا»، وأن الفرنسيين إنما أخذوا من علومنا في المشرق ما أهملناه وضيَّعناه، فبلغوا به من القوة حديثًا مثلما بلغناه قديمًا، ولا يزالون يبحثون عن المزيد ليبلغوا فوق ما بلغوه، ومُكِّن لأذكياء البلد من هذا الاعتقاد أنهم نظروا إلى الجلة المختارة من علماء القوة، فرأوهم يجدُّون في البحث ولا يترفعون عن التمرغ بالأتربة والخرائب، ليكشفوا بين ودائعها عن أسرار الكيمياء والفلك وأخبار الري والزراعة، ولم يتورعوا عند سفرهم عن حمل ودائع المساجد وخزائن الكتب بما اشتملت عليه من المخطوطات المطلوبة والنسخ النادرة، تنفيذًا للمادة الحادية عشرة من شروط الصلح الأخير التي تنص على: «أن أرباب العلوم والصنائع يأخذون معهم جميع الأوراق والكتب مما لا يخصهم فقط، بل كل ما يرونه نافعًا لهم.»
•••
وقد فارقت الحملة الفرنسية مصر ولم تفارقها فكرة التقدم العصري الذي سبق إليه القوم بعلوم ابتكروها أو بعلوم اقتبسوها منا، وآنَ لنا أن نردَّها إلينا.
ولكنها كانت فكرة تحوم بين بعض الرءوس ولا يظهر لها أثر في الحياة العامة؛ لاختلاف النظر بين طلاب الجديد على علَّاته وأعداء الجديد بحذافيره، ولأن التجديد في الحياة العامة مطلب تتولاه الهيئات المنظمة والحكومات المطاعة، ولا يستقل به الأفراد في جهود مبعثَرة وآراء متضاربة، فلما قامت في مصر أول حكومة ذاتية بعد حملة نابليون، لم تلبث أن أحسَّتْ وطأة الضرورات العملية وإلحاح المطالب الموقوتة، ولم تكن هذه الضرورات مما يحتمل التسويف بين الآراء المتشعِّبة والوجهات المتعارضة، ووجب على ولاة الأمر أن يوطِّنوا أنفسهم على مصير كمصير المماليك، أو يبتدروا الزمن إلى الانتفاع العاجل بتجديد التعليم والتصنيع، فأخذوا في بناء المدارس، وإرسال البعوث، وإنشاء المصانع، وتنظيم الدواوين، وضبط موارد الثروة، وعملت المطبعة عملها في نقل المؤلفات النافعة وإحياء الذخائر السلفية، وتداولت أيدي المثقفين القلائل كُتُب الأجانب في علوم التاريخ والفلك والجغرافية والطبيعة والكيمياء وشئون الحكم والاجتماع، كما تداولت كتب الأدب والثقافة من آثار السلف المهجورة، واتجهت الهمم إلى جمع هذه الآثار من مظانِّها في المساجد والزوايا وخزائن القصور، فلم يمضِ جيلٌ واحدٌ بعد الحملة الفرنسية حتى ظهر «الرجل المثقَّف» في البيئة المصرية، ولم تخلُ منه بيئة من بيئات التقليد والرجعة إلى القديم، وهي على عادتها في الأزمنة المختلفة أعدى أعداء التحول والتجديد.
وشرط الرجل المثقف في كل عصر أنه «ابن عصره»، وأن طابع عصره يلازمه في تفكيره وعمله كما يلازمه في نظرته إلى العالم من حوله، فلا يعيش في الزمن الحاضر بعقل الزمن الماضي، ولا يترجم الواقع والحقيقة بلغة الوهم والخرافة. وقد وُجِد هذا الرجل المثقف في كل بيئة من بيئات التقليد والتجديد، فثبت طابع العصر على أبناء القرن التاسع عشر قبل انتصافه، ولا نعني بثبوت طابع العصر في تلك الفترة أنها أخذت كل ما يعطيه العصر من علومه وفنونه وأفكاره وخواطره، ولا أن المثقفين في الأمة غلبوا على أفكارها وخواطرها، أو غلبوا على كل ما بقي في رءوسهم وصدورهم من ميراث ماضيهم، لكن ما نعني أنهم استطاعوا أن يفتحوا أعينهم على النور بعد الظلمة، فأبصروا غاية ما تمتد إليه تلك الأعين من منظور معروض بين أيديهم تحت أضواء النهار، ولم يزل فيهم بعد ذلك حديد النظر وكليله، بل لم يَزَلْ فيهم مَن هو طويل النظر ينظر إلى البعيد ولا ينظر إلى القريب بين يديه، أو ينظر إلى القريب اللاصق به ولا يعدوه إلى ما وراءه.
كان القرن الثامن عشر أحلك ساعات الليل قبل مطلع الفجر، فلما طلع الفجر وأشرق من بعده النهار تيسَّرت الرؤية لمَن يستطيعها كما تستطيع عيناه، وهذا هو الفارق بين المثقف ابن عصره في منتصف القرن التاسع عشر، وبين الجامد على قديمه قبل ذلك بخمسين أو ستين سنة، فارق بين مَن ينظر بعينه، وبين مَن يتخبَّط في الظلمة أو يُقاد.
من هؤلاء الناظرين بأعينهم إلى النور بعد منتصف القرن التاسع عشر، بل في الطليعة من أولئك الناظرين البصراء إلى حقائق زمانهم، نابغتُنا الريفي الأزهري الذي علِم عِلْمَ اليقين، بل آمَن إيمان الدين المتين، أن «التقدم العصري» رهين بعلوم — لنا — أهملناه وهجرناها، وعلوم للمعتدين علينا سبقونا إليها ولم نلحقهم في غير القليل منها، وهي حقيقة من «بديهيات» أيامنا هذه بعد منتصف القرن العشرين، ولكن نابغتنا الريفي الأزهري — محمد عبده — كان يقررها بعد منتصف القرن التاسع عشر، فيجد أمامه مَن يخاطبهم بمثل ذلك المقال الذي كتبه في صحيفة الأهرام الأسبوعية، وتحرَّى فيه أن يكتبه بأسلوبه المخضرم بين القديم والحديث، فقال:
ليت شعري إذا كان هذا حالنا بالنسبة إلى علوم قد أُرضِعت ثدي الإسلام، وغُذِّيت بلبانه، وتربت في حجره، وتقلَّدت في إيوانه منذ زمن يزيد على ألف سنة … فما حالنا بالنسبة إلى علوم جديدة مفيدة هي من لوازم حياتنا في هذه الأزمان … لا بد لنا من اكتسابها وبذل المجهود في طلابها؟ … كنا نؤمل أن المبنَّج يفيق بشم روح النوشادر … في زمان جرى فيه سيل العلوم حتى عمَّ أنحاء الكرة على العموم … وظهر فيه التوازن بينها وبين أحوالنا المهجنة؛ كثروتهم وفاقتنا، وعزتهم وذلتنا، وقوتهم وضعفنا، وقدرتهم وعجزنا، وصَوْلتهم وانهزامنا، وغير ذلك من المزايا والرزايا التي لا تُعَدُّ … لكن صُمَّت الآذان وعُميت الأبصار، ختم الله على قلوبهم وسمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم.
وقد كان الشاب محمد عبده يدعو هذه الدعوة وهو في الطليعة من أبناء جيله، ولكنه سجَّل بها طابع العصر كله من منتصف القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر، ومن هزيع الليل الأخير، إلى مطلع النهار.