#مذكرات_ذو_الألف_وجه
#نعيق_الغربان
" يظهر دوما من حيث لا يتوقع أحد، يطلق عليه ذو الألف وجه، رؤيته تعنى الموت لا محالة، فلم ينج من مواجهته أحد قط، العلامة الوحيدة للتعرف عليه هى صوت نعيق الغربان الذى يصدر قبل ظهوره بدقائق قليلة"
أطلق الشاب مفتول العضلات ضحكة عابثة ساخرة و هو يتبادل نظرات الاستهزاء مع زميليه ليلتفت نحو ذلك النادل العجوز الذى انتهى من قص حكايته على مسامعهم و هو يقول من وسط ضحكاته:
- و طالما لم ينجو احد قط من مواجهته، فكيف تعلم بوجوده من الأساس ايها المأفون.
احمرت وجنتى العجوز و هو يحمل الصينية التى عليها الاكواب و يبتعد منكسرا عن المائدة التى يلتف ثلاثتهم حولها ليقول أحدهم:
- يا لها من اسطورة غبية، يخيفون بها الاطفال.
قهق ثلاثتهم ضاحكون، لينهوا اكوابهم سريعا و يدفعون الحساب و ينصرفون نحو سيارتهم ذات الدفع الرباعى المتوقفة على قارعة الطريق، تردد صوت نعيق الغربان بشكل مفاجئ ليبدد سكون الليل بتلك الساعة المتأخرة، انتفض جسد أحدهم فقهق مفتول العضلات ضاحكا مجددا و هو يعلق قائلا:
- لا تقلق يا صديقى، اننا ثلاثة من القتلة المحترفين مدججين بالسلاح، اذا ظهر صاحب الألف وجه هذا فسنجعله عديم الوجه.
انهى جملته و هو يقهق ضاحكا مجددا و كأنما راقت له دعابته، لمح بطرف عينه ذلك النادل العجوز بالشارع الجانبى الضيق و هو يتخلص من القمامة، فغمز لصديقاه ليتبعاه و هو يتحرك بثقة نحوه و يقول ساخرا:
- اتعلم لماذا اتينا هنا اليوم؟
رفع النادل العجوز عيناه المرهقتان نحوهما و هو يتساؤل بحيرة:
- لماذا يا سيدى؟
صوب مفتول العضلات سلاحه النارى لرأس العجوز و هو يقول بثقة:
- لدراسة مداخل و مخارج ذلك المكان لقتل مالكه، انها مهمة جديدة كلفنا بها، لكن الموضوع تافه بشدة و لا يستحق التخطيط أو الانتظار للغد لتنفيذه، فمالك المكان بالداخل دون حراسة تذكر، و يمكننا انهاء هذا الأمر الأن.
صمت لثوان قليلة و هو يراقب رد فعل العجوز الذى لم يبد عليه أدنى انفعال مما اثار غضب مفتول العضلات ليكمل قائلا:
- لكننى سأقوم بمهمة اضافية مجانية، سأقتلك أولا أيها العجوز الحقير فمنذ رؤيتى لك بالداخل و أنا لا استسيغك.
انهى جملته و هو يستعد لضغط زناد سلاحه المصوب لرأس العجوز لكنه سمع صوت نباح قوى قبل إن ينقض ذلك الكلب على ذراعه لينهش لحمه، ترددت صرخاته و هو يستغيث بزميليه، لكنه وجدهما يحدقان مندهشان بأتجاه شيئا ما و هما يقولان عبارات اعتراضية، ليسمع صوت صراخهما المروع ليسقطا بعدها كجثتان هامدتان عند قدميه ممزقان الاعناق، سمع صوت نعيق الغربان يتردد مجددا، ليترك الكلب ذراعه التى مزقها بأنيابه و يبتعد عنه بضع خطوات، ليقف أخيرا على مقربة منه ينظر له بشراسة و ينضم له كلب أخر أكبر حجما و قوة، حاول مفتول العضلات ايقاف النزيف من ذراعه و هو يمسك مسدسه بأحكام، لا يعلم ماذا حدث بالضبط، من قتل زميليه بهذه البساطة و من أين اتى هذان الكلبان و اين ذهب ذلك النادل العجوز؟
سمع صوت اقدام قادمة من خلفه تقترب ببطء فألتفت نحوها مسرعا ليجد النادل العجوز، خفض الكلبان رأسهما امامه بخضوع، تحدث العجوز بصوت مختلف قاس قائلا:
- أنا ذو الألف وجه، لقد كانت مهمتى قتلكم أنتم الثلاثة، لقد ارتكبتم خطأ قاتلا عندما قمتم بأيذاء تلك الطبيبة منذ بضعة اشهر، فرغم نجاتها فلم ينس والدها قط فعلتكم الدنيئة، انه صديق قديم لى، أنه النادل الحقيقى الذى يعمل هنا، طلب منى رد دين قديم له معلق بعنقى و كان على سداده دون تأخير.
اتسعت عيناى مفتول العضلات ذعرا و هو يحاول التماسك و يرفع ذراعه الممسك بسلاحه النارى لكنه لم يمنح الوقت لهذا، فبحركة سريعة شق ذو الالف وجه عنقه ليسقط عند قدميه جثة مفصولة الرأس.
تردد نعيق الغربان مجددا ليشق سكون الليل و ذو الالف وجه يتحرك بهدوء و ثقة مبتعدا بصحبة كلباه.