#مذكرات_ذو_الألف_وجه
#البداية
العرق يغمر جسدى بأكمله، حلقى جاف بشدة و لسانى تحول لقطعة من الحجر الصلد بداخل فمى، اتلفت حولى و أنا انظر للصحراء برمالها الممتدة بلا نهاية، اشعر كأن الشمس تطاردنى و ترسل اشعتها الحارقة نحوى بلا هوادة، أين أنا؟ و ماذا أتى بى لهنا؟ كلها اسئلة لا املك اجابتها الأن، امشى بخطى متثاقلة اطارد السراب، خيط رفيع من دمائى يسيل خلفى، مع كل دقيقة تمر ازداد ضعفا، أنا المهندس أحمد وحيد، شاب كغيرى من الشباب بأواخر العشرينات من الطبقة المتوسطة احلامى بسيطة و صغيرة، تمكنت بالعمل بشركة بترول متعددة الجنسيات منذ عام واحد فقط براتب لا يحلم به الكثير من اقرانى، قابلت هناك حب عمرى و كان من المفترض ان يكون اليوم اسعد ايام حياتى بعدما تمكنت أخيرا من اقناعها بمقابلتى، لكننى لم اكن اعلم ما ينتظرنى بكل أسف.....
سقطت أرضا..... الدوار يسيطر على رأسى، أحاول النهوض مجددا بلا فائدة، اعلم ان نهايتى تقترب، تسللت الدموع من مقلتاى و أنا اتذكر والدى الضرير الذى لا يملك فى الحياة غيرى، فأنا سنده و عكازه، ماذا سيفعل من بعدى؟
شاهى.... حب عمرى رأيتها ملقاة على بعد بضعة امتار منى، على رمال الصحراء الساخنة تلك الملاك البريئة التى لا ذنب لها، ملابسها ممزقة و الدماء تغمر جثتها الهامدة بلا حراك...... هؤلاء الاوغاد الحقراء.... لم اتمكن من حمايتها منهم.... دفعت جسدى المتهالك بأتجاه جثتها بأخر ما املك من قوة بداخلى، امسكت بأناملها الرقيقة الدامية، نظرت لعيناها الزجاجتين اللتان فقدتا بريق الحياة، انهمرت الدموع غزيرة من عيناى، لم اعد املك الرغبة فى الحياة و لم اعد قادر على مقاومة شبح الموت الذى يقترب منى رويدا...رويدا.... لقد فقدت كل شيء حلمت به يوما بلحظة واحدة.....حدقت بالشمس للحظات قبل أن اغلق عيناى للأبد.
######
فتحت عيناى ببطء ..... لا أعلم أين أنا.... استغرقت بعض الوقت لأستيعاب الموجودات حولى، ممدد على بساط مخملى مفروش على الأرض الرملية و يرتفع فوق رأسى سقف لخيمة قماشية و جروحى تم تضميدها بعناية شديدة، رأيت باب الخيمة يتحرك ببطء ليظهر من خلفه ذلك الرجل الضخم الملثم، نظر لى بتمعن قبل ان ينحنى ليفحص جروحى، اخرج من كيس جلدى معلق بحزامه قبضة من عشب ما وضعه بداخل اناء فخارى و اضاف عليه كوب من الماء ليخلطهما معا بمهارة، ليلتقط جزء منه و يبدء بوضعه على جروحى، حاولت الأعتراض، فتحدث لى لأول مرة بعربية ركيكة قائلا:
- لا تقلق، أنها اعشاب طبية لقد توارثنا تلك المهارة جيلا بعد جيل، ستساعد على علاج جروحك بشكل سريع.
اذردت لعابى و أنا انظر لعيناه الظاهرتان فقط من خلف اللثام و اتسائل بضعف:
- أين أنا؟
اجابنى ببطء:
- أنت الأن بضيافة الطوارق.
#######