أول الحقوق النفسية المهمة جدًا جدًا، ومطلوبة أوي في كل مراحل حياتك من لحظة الحمل لنهاية العمر هي الحب، الحب الصافي النقي، الحب لذاتك، الحب عشان إنت تستاهل تتحب.
الحب شيء جميل ورائع، وكل إنسان مننا بيدور عليه، كل واحد عايز يحس إنه بيتحب لشخصه هو وبس، يحترم عشان هو إنسان وبس، يتقدر لنفسه مش لسلوكه، اللي حواليه يقبلوه زي ما هو بدون تكلف. الحق ده بيبدأ معانا زي ما قلنا من لحظة الحمل، ولازم الأهل يوفروه للجنين بإنهم يكونوا متقبلين الحمل ده أيا كان نوعه؛ ولد أو بنت. الفرحة اللي بتبان على وش الأم بإنها حامل، والفرحة اللي بيظهرها الأب بالجنين دي بتوصل للجنين، وبتساعد كتير أوي في نموه داخل الرحم بشكل صحي، وكمان بتأثر بشكل كبير جدًا في تشكيل شخصيته بعد كدا. عدم تقبل الحمل في حد ذاته مصيبة. سواء رفض للحمل نفسه، أو حتى لنوع الجنين؛ لإن ده بيوصل للجنين رسالة بإنك مرفوض ويتخزن فيه ملف الرفض. وده بيأثر عليه خلال مراحل نموه عامة، وكمان بيكون أقرب عرضة للإصابة بالاضطراب النفسي بعد كدا. الأهل يحسسوا الطفل بالحب وبس، بدون شروط ولا قيود، يعلموا الطفل إننا بنحبك عشانك إنت وبس، مش عشان سلوكك ولا مذاكرتك ولا حتى مستواك العلمي.
بنقدرك كإنسان لك كرامتك قدام الناس. تتحب عشان إنت تستاهل الحب وبس، وإنك مهم أوي عندنا لشخصك، مش لأفعالك. مع الحب في حاجة مهمة أوي محتاج الطفل يستشعرها؛ وهي التقبل والاحترام، الطفل محتاج يحس إنه مقبول زي ما هو كدا، بعيوبه ومميزاته. ومش معنى ده إننا نرضى بعيوبه؛ لإن العيوب قابلة للتغيير والتعديل، لكن التقبل له ولذاته بكل أحواله. الاحتياج ده مش قاصر على الطفل وبس وإنما ده احتياج مهم أوي وضروري لكل واحد فينا كبير أو صغير لكن بيبدأ أكتر ويتشكل في نفس الطفل في مراحل التربية الأولى من الآباء والمربين.
تعالى نمشي شوية لمستوى أعمق.
إيه هيحصل لو الحق ده متوفرش، خاصة في المراحل الأولى في الطفولة؟
إيه الصفات اللي ممكن تكون في الشخص اللي كان مقيد في الحب والتقبل، وعاش الحب المشروط؟
إيه خطورة الحب المشروط على اتزان أو اضطراب الشخصية؟
بداية الشرط مش المقصود بيه وضع حدود في التعامل مع الناس بشكل إيجابي يحافظ على حدودك النفسية، إنما بنقصد بيه إنك تكون موجود مع حد (أسرة-أصدقاء-زوج -زوجة -عمل ...) ووجودك بينهم مرهون بإنك تعمل اللي يرضيهم وبس، على حساب نفسك، ومشاعرك، واحتياجاتك، ورغباتك. عشان يتقبلوا وجودك بينهم لازم تعمل اللي يرضيهم وبس. احتياجاتهم مقدمة أولًا على احتياجاتك الشخصية، ومصلحتهم قبل مصلحتك. تتحب بشرط التضحية. اعمل عشان تتحب. خليك مؤدب عشان نحبك. اسمع الكلام عشان تبقى كذا. قدم عشان تاخد...
كلام كتير وأفعال وسلوكيات ومشاعر موجهة بشكل سلبي للشخص، خاصة الطفل اللي هو محتاج إنه يحس إنه مقبول ومتحب عشان شخصه، مش عشان سلوكه كويس أو وحش، واللي ده بيتم تعديله فيما بعد بهدوء وبتعليم الآداب، بس اللي لازم يسبقها إحساسه إن سلوكه بيتغير عشان هو في الأساس بيستاهل إنه يتحب وبس. الخلل ده والمشاعر السلبية دي بتولد جوا الشخص أفكار ومشاعر سلبية مشوهة جدًا عن نفسه، وعن الناس حواليه، وعن العالم كله، الرسالة اللي بيخزنها اللاوعي عنده هي إنك غير أهل للحب ولا التقدير، وبالتالي تقل قيمة الذات أمام نفسه، ويحس بعدم القيمة كل ما بيكبر أكتر. عشان كدا بتتشكل شخصية مضطربة نفسيًا، لها صفات كتير جدًا؛ لإنه حصل خلل كبير جدًا في الحب الصادق للطفل، خاصة من الوالدين اللي بيمثلوا له كل الحياة، ولو حصل خلل في الحب بالتالي هيفقد الطفل الإحساس بالأمان والاستقرار في حياته كلها، خاصة لو عاش طفولة كلها مشاكل وخلافات أسرية، وتهديد مستمر بالانفصال، أو الأم اللي بتهدد دايمًا -ولو بهزار- بإني هسيبلكم البيت وأمشي، أو الأب اللي بيهدد -ولو بهزار- هسافر وأسيبلكم الدنيا؛ لذلك بيتولد عند الطفل فكرة أو مجموعة من الأفكار المشوهة، اللي ممكن بسهولة تدمر شخصيته لما يكبر زي الأفكار دي:
الفكرة الأولى: أنا وحيد مفيش حد جنبي:
الإحساس العميق أوي بالوحدة، وإن كل الناس اللي مهتم بيهم وبيحبهم هيسيبوه في أي لحظة ومش هيستمروا معاه؛ إما لإنهم ارتبطوا بشخص تاني أفضل منه، أو لإنهم ممكن يموتوا في أي لحظة. ومن هنا يكون الشخص ده أكتر الناس إصابة بالقلق المرضي الشديد، بيقلق من أي حاجة ولكل حاجة مهما كانت صغيرة، بيقلق باستمرار بشكل مبالغ فيه أوي على كل اللي حواليه، أكتر شخص عرضة للاكتئاب مع أقل شيء يزعله من حد بيحبه، أو لو حد عزيز مات، ودايمًا بيعاني من القولون والعصبية الشديدة، إما عصبية بتظهر في صورة أفعال، أو الأخطر من كدا العصبية اللي بيوجهها لذاته في صورة إيذاء الذات، أو الأفكار الانتحارية.
الفكرة التانية: مفيش حد يستاهل ثقتي:
تلاقي الشخص مبيعرفش يعطي ثقته بسهولة لحد أبدا؛ لإنه مقتنع جدًا إن الناس كلها كدابة مخادعة ملهمش أمان، ولو زاد الإحساس ده عنده أوي ممكن يتحول لفكرة الاضطهاد والشك الشديد، بمعنى أنه مقتنع أوي إن الناس حواليه بيتعمدوا إيذاءه، وإن أصحابه وجيرانه بيحسدوه دايمًا؛ وعشان كدا مش عارف يعيش حياته، وإن صاحبتها أو قرايبها بيعملوا لها أعمال وأسحار؛ عشان متتجوزش، أو متخلفش، أو تتعقد في حياتها.ةالأصعب والأصعب إن الزوج أو الزوجة مبيعرفش يعطي ثقته للتاني؛ لإنه خايف بل مقتنع أوي إنه هيستغل كلامه ضده، حتى في العلاقة الحميمية وأدق التفاصيل، الناس كلها بالنسبة للشخص ده أنانية بتاعت مصلحتها وبس، وإنهم بيعاملوه دايمًا باحتقار وخداع، عشان كدا في تعاملاته دايمًا بيسيء الظن بالناس، ومقتنع أوي بالمثل: "اتغدى بالناس قبل ما تتعشى بيك".
الفكرة التالتة: مفيش حد بيفهمني:
هنا بقى الشخص مش بس عنده قناعة إن مفيش حد بيحبه وبس، لا ده مفيش حد بيحبه، ولا بيفهم مشاعره، ولا بيحترمه، وإن مهما اللي حواليه عملوا عشانه فبرضو كل اللي بيقدموه مش هيعطيه الحب والاهتمام اللي يرضيه ويشبعه، ومفيش حد هيعرف يقدمه له النصيحة اللي بيحتاجها في وقتها؛ وعشان كدا الشخص ده لما بيختار أصدقاء أو شريك حياة بيختار ناس مبتعرفش تعبر عن العطف والحب، أو يتعلق بحد بشدة أوي، ويلتصق بيه أوي لدرجة تخلي الشخص التاني ميتحملش الارتباط ده ويبتعد عنه، أو إنه في تعاملاته مع الناس يهاجم بعنف مبالغ فيه، لو حصل أي موقف، مهما كانت تفاهته. كل دي أساليب بيستخدمها؛ عشان يأكد صحة الاعتقاد اللي بيتبناه.
الفكرة الرابعة: أنا سييء ومش مرغوب فيا:
من شدة إحساس الشخص في التعاملات مع الغير -وخاصة الطفل- بعدم الحب والاهتمام، ومقارنته دايمًا بغيره كتير أوي، والنقد المستمر له بيحس إنه حد مش كويس، وإنه سيء متدني، وإنه أقل من الناس، ملوش قيمة ولا أهمية، وإنه غير مرغوب في وجوده؛ بسبب عيوبه والنقص اللي فيه، دايمًا يقارن نفسه بغيره ويرجح كفة الغير، مش عارف يحس بالأمان، خاصة مع الناس اللي بيعتقد إنهم واثقين في نفسهم ومعندهمش عيوب ظاهرة. عشان كدا بيحط نفسه -لاشعوريا- في مواقف تخلي الناس تنتقده؛ أو يعلقوا على تصرفاته. وأي نصيحة بتتقال له بياخدها على محمل النقد اللاذع، وكمان لما ينتقد حد بينتقد بقسوة وسوء ظن وعدم فهم، ومتسرع جدًا في إصدار أحكام عامة على الناس، بيبعد كتير عن أي علاقات اجتماعية؛ لإنه ميستاهلش يكون بين الناس.
شايف بقى الحب المشروط ممكن يعمل إيه؟!
شايف النقص في التقبل والحب والاحترام والاحتواء أد إيه هو صعب أوي، وبيدمر الشخص، خاصة لو ده بدأ من أيام الطفولة؟!
طب الحل إيه؟
الحب والتقبل والاحترام أد إيه مهم جدًا لكل انسان، احتياج الطفل إنه يحس بالأمان في علاقته بوالديه، ومحتاج للي يسمعه ويفهم مشاعره مهما كانت بسيطة، أو مش مهمة، أو إنها مشاعر طفولية. مفيش حاجة اسمها مشاعر طفولية مش مهمة؛ لإنها في الوقت ده عند الطفل هي كل حياته، ومحتاج للي يقبلها ويحتويها ويتفهمها منه. المستوى ده من الحقوق مستوى متبادل، يعني بيبدأ أولًا من خلال البيت، وبعد كدا منك لنفسك، وبعدين منك للي حواليك والعكس.
البيت اتكلمنا عنه. طيب منك إزاي؟
لو إنت مش بتحب نفسك وتقدرها، مين هيحسسك بالحب والتقدير ده؟
لو أنت مش مستشعر قيمتك وكيانك، مين هيديك الإحساس ده؟
لو أنت مش عارف إنك تستاهل وتستحق الحب، مين هيعرفك ده؟
أهم شيء لسعادتك في حياتك وإحساسك بقيمتك هو إنك تحب نفسك أوي؛ عشان تعرف تحب اللي حواليك وتعيش اتزانك النفسي.
طب أحب نفسي إزاي؟
أول حاجة لازم تعرفها: إن حبك لنفسك مش أنانية ولا شيء محرم، بالعكس، لو محبتش نفسك كويس عمرك ما هتعرف تحب حاجة، وهتيجي على حساب نفسك كتير أوي؛ عشان ترضي غيرك وهتتعب كتير. اعرف إن ربنا -سبحانه وتعالى- خلقك ومنحك نعم كتير أوي، ولولا إنك تستاهل الحب والوجود مكانش خلقك من الأساس، ولا حتى نفخ فيك من روحه، ولا حتى منحك كل النعم دي.
تاني حاجة: إنت مش موجود في الدنيا عالة ولا كمالة عدد. لا، إنت موجود في الدنيا لإن لك هدف ورسالة هتأديها، ولولا إن ربنا عالم إنك أد الرسالة دي والهدف ده وتستاهل، مكانش أعطاك القيمة دي.
تالت حاجة: حب نفسك؛ لإنك حقيقي من جواك نقي وطاهر، وفيك حاجة حلوة، وإن نفسك وروحك تستحق الحب، مهما كانت فيك من عيوب أو نقائص ف دي متعيبكش ولا تقلل منك ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾، دي عند كل البشر بلا استثناء مش إنت وبس.
رابع حاجة: مهما كانت الحاجات الوحشة اللي جواك، أو الحاجات الوحشة اللي عملتها في حياتك، دور عن الحاجة الحلوة فيك وقدرها أوي، وطلعها ونميها، وقول الحمد لله، واتعلم من الحاجات اللي عملتها كويس؛ عشان تحقق معنى ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾. فاختار لنفسك إنك تخرجها وتكبرها وتنميها ومتستسلمش؛ لإنك تستحق.
خامس حاجة: لو حبيت نفسك صح وقدرتها، مش هتنتظر الحب بقوة من الآخرين؛ لإنك عارف قيمتك كويس، وفي نفس الوقت هتقدر تنتقل للمستوى اللي بعد كدا، وهو إنك زي ما إنت عايز الكل يحبك ويقدرك ويحترمك بلا شروط ولا قيود، حب خالص من أي مصلحة يبقى الكل محتاج منك برضو نفس الاحتياج ده، إنك تتقبل الكل زي ما هما بلا شروط، إنك تعذر أفعالهم ومتصدرش أحكام مسبقة على سلوكهم.
سادس حاجة: مهما كانت المواقف اللي مريت بيها في طفولتك، أو الصدمات اللي تعرضت لها في حياتك، فهي خلاص راحت وعدت وانتهت، ملهاش وجود، بل بالعكس، المواقف والصدمات دي هي اللي المفروض علمتك، فكر فيها بطريقة مختلفة، واعرف أنا اتعلمت من المواقف والصدمات دي إيه، ممكن يخليني أحب نفسي؟
سابع حاجة: التمس العذر بشكل متزن للغير.
يعني أهلك وطريقة تربيتهم معذورين فيها، يمكن لضغوط عايشينها، يمكن لمشاكل بينهم مش عارفين يحلوها، يمكن.. ويمكن.. ويمكن... المهم إنك متفضلش دايمًا مربوط بحبل تربية غلط كان لها ظروفها الخاصة. كمان الناس مش كلها وحشة، لا ده في ناس شبهي كتير أوي، وفي ناس أفضل مني في بعض المواقف، وفي مواقف أنا الأفضل فيها؛ لإن دي طبيعة الحياة، وكلنا بشر وزي ما إنت لك عيوب ونقائص، فكمان كل البشر كدا؛ لإن الكمال المطلق لله وبس.
تامن حاجة: متطلبش الحب والاهتمام من حد؛ لإنه مبيطلبش. إنما ده بيحصل مع المواقف والتعاملات بين الناس وبعضها، مفيش شخص بطبعه قاسي ولا صعب، وإنما المواقف والتجارب والخبرات هي اللي بتصنع ده، فزي ما هتنشر حب صادق هتلاقي حب؛ لإن ربنا قال ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾. قانون إلهي للجذب، مفيش حاجة هتقدمها بقوة ونية وإخلاص شديد، إلا وهتترد بنفس القوة والنوع، ولو حصل غير كدا فأكيد بسبب خطأ معين حصل منك.
كفاية كدا.
دور بقى أنت واتعب شوية إزاي تكتشف نفسك أكتر؟
ممكن أساعدك بإنك ترجع لكتابي (الألعاب النفسية؛ عشان تكتشف نفسك شوية)، اقرا كتير عن حب الذات، ومارس الاسترخاء، وتأمل كتير.
يلا بينا نكمل باقي الروشتات النفسية.