مقدمة
يهدف هذا الفصل أن نقدم للقارئ الكريم العديد من الحقائق والمعلومات عن اضطراب الهوية الجنسية أو ما سمي بالتحول الجنسي حتى يتضح للقارئ المقصود أولا بهذا الاضطراب وكافة الدهاليز والسراديب التي تحيط به.
ومن الموجز إلى التفاصيل
بعض الحقائق المتلعقة باضطراب الهوية الجنسية:
1- هذا الاضطراب ينتمي إلى فئة الاضطرابات الجنسية حيث ينتمي الشخص المصاب بهذا الاضطراب من الناحية التشريحية/ الجسمية إلى جنس، بينما هو في الحقيقة ومن الناحية النفسية/ الانفعالية مقتنع ويشعر تماماً أنه ينتمي إلى الجنس الآخر/ أو الجنس المقابل.
2- أن الشخص المصاب بهذا الاضطراب قد يتوافق تماماً مع هذا الاضطراب ولا يشعر بأيى ضجر أو ألم جراء هذا الانتماء النفسي إلى الجنس المقابل بل أن ما يؤلمه هو عدم (تحويله) في أقرب وقت إلى الجنس الآخر – من الناحية التشريحية حتى يستريح من هذه الازدواجية التي يحيا فيها قهراً حيث ينظر إليه الآخرون على أنه ينتمي إلى جنس محدد (ذكر كان أو أنثى) لكنه في حقيقة الأمر يشعر أنه ينتمي (من الناحية النفسية) إلى أفراد الجنس الآخر ولذا فإنه يسعي سعياً إلى التواجد بين أصحاب الجنس الآخر الذي يريد أن يكون على شاكلته من الناحية الجسدية.
3- توجد العديد من الحالات التي تم تحويلها (من ذكر إلى أنثى أو العكس) وقد أثار ظهور مثل هذه الحالات (صدمة) لدى الرأى العام من خلال:
أ- الجهل المطبق بهذا النوع من الاضطراب لدى الغالبية من أفراد المجتمع غير المتخصصين في الطب النفسي أو علم النفس.
ب- رفض أسرة هذا الشخص المضطرب لهذا التحول الجنسي خاصة إذا كان هذا الشخص ينتمي في شهادة الميلاد إلى فئة الذكور مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة الذكور مازالت أسهمها مرتفعة في المجتمع المصري والعربي وتزداد المشكلة تعقيداً إذا كان هذا الذكر – الذي يريد أن يتحول جنسياً – هو الابن الوحيد الوريث لوالديه مع ما يترتب على ذلك من نتائج وأثار.
ج- حالة الصراع والتردد والحيرة والارتباك التي يعانيها الشخص المصاب بهذا الاضطراب. وهل يصارح والديه بحقيقة ما يشعر به وخشيته من رفض الأهل التام والقاطع (لهذا الكلام الذي بلا معني).
د- الإجراءات القانونية وموقف الدين والمجتمع من إجراء مثل هذه العمليات وما يترتب عليها من إمكانية خلق أوضاع جديدة تسمي هذا الشخص (المتحول) وكذا أسرته.
ه- الأثار التي تحدث للفرد (عقب التحول الجنس) وهل يقبله الآخرون الذين كان كان يتعامل معهم من الأصدقاء والزملاء والجيران أم أنهم سوف يرفضون هذا التحول ويطلقون سيل من السخرية ما ما يؤدى إلى تأزمه نفسيا وانفعالياً.
و- يؤكد الواقع هروب الكثير من الأسر من المكان الذي كانوا يتواجدون فيه إلى أماكن أخرى لا يعرفهم أحداً، وقد نشرت الصحف قصة أسرة قد انتقلت من أعماق الصعيد إلى أحد الأحياء الشعبية في مدينة القاهرة حيث تحول الابن إلى أنثى وشعور الأسرة بالقلق جعلها تتخذ القرار بالانتقال إلى مكان لا يعرفهم فيه أحداً، والمشكلة أن أحد الذكور من أبناء الجيران قد أحب هذه (الفتاة التي تحولت من ذكر إلى أنثى) بل وتقدم لخطبتها وسارت الإجراءات كالمعتاد وقلقت أسرة (الزوج) من تأخر إنجاب (الزوجة) وكلما أردات أم الزوج اصطحاب زوج أبنها إلى طبيب النساء تعللت بمئات الأعذار حتى جاء يوم اصطحبت فيه أم الزوج زوجه أبنها قائلة لها: أنها تريد أن تطمئن على حالتها لأنها تعانى من نزيف حاد وفي العيادة ابلغت الطبيب بضرورة أن يكشف على زوجه أبنها (وليس عليها هي) فما كان من الطبيب بعد أن فحص الحالة إلا أن صاح أم الزوج بأن هذه المرأة لن تنجب على الاطلاق لأنها في الأساس كانت ذكر وتحولت بفضل التدخل الهرموني والعلاج الجراحي إلى أنثى. وكانت صدمة لأم الزوج ولزوجها الذي سارع من فوره إلى طلاقها متندراً وساخراً – في الآن نفسه – من أنه كان متزوج من ذكر. وشاعت قصة هذه الفتة / المرأة في هذا الحي الشعبي فما كان من أسرة هذه الفتاة إلا أن سارعت بالانتقال إلى مكان آخر (أحد الأحياء الشعبية التي تنتمي إلى محافظة الجيزة) ولا نعرف ما أن كانت (القصة السابقة) سوف تتكرر فتواصل السرة الهروب إلى مكان جديد أم لا.
والخلاصة: أن أسرة الشخص الذي تحول من الجنس (النوع) الذي عرف به داخل أسرته وعائلته وجيرانه قد يستشعرون الحرج – والذي قد يصل إلى العار في كثير من الأحيان – مما يؤدى بهذه الأسرة إلى الانتقال من المكان الذي كانوا يعيشوا فيه إلى مكان آخر جديد لا يعرفهم فيه أحد.
4- أن عملية التحول الجنسي مسألة معقدة إذ لابد أن تمر بالعديد من الإجراءات:
أ- ضرورة المتابعة مع طبيب نفسي على الأقل لمدة عام حتى يتم التأكد من أن هذه الرغبة في الانتقال والتحول من جنس إلى جنس آخر أصيلة في النفس وليست مؤقتة أو طارئة.
ب- لابد من المتابعة بعد ذلك عند طبيب كي يحقنه بالهرمونات المطلوبة كي يتحول من الناحية الجسدية إلى الجنس المقابل.
ج- جراح يقوم بإجراء العديد من العمليات الجراحية على الأعضاء التناسلية وتركيب قناة له (خاصة في حالات التحول إلى نساء حتى يمكن الاستمتاع جنسياً في العلاقة الحميمة).
د- موافقة الأزهر الشريف على إجراء مثل هذه العمليات أو الكنسية وفقاً للحالة الدينية للشخص الذي يريد التحول.
ه- ما هو الموقف القانوني الذي سوف يترتب على هذا التحول من تغيير الاسم والنوع في السجلات المدنية والبطاقة أو الرقم القومي وما يترتب على ذلك من أثار.
و- الأهم هو موقف الأسرة قبولا أو رفضا جراء هذا الأمر وما يترتب عليه من تغيير (الهوية الجنسية) إلى جنس آخر قد لا توافق عليه الأسرة وترفضه نفسياً وعقلياً واجتماعياً.
ز- أعرف بعضا من حالات الاضطراب الجنس قد رفضت أسرهم ذلك التغير الذي حدث لهم (أو لهن) وكانت النتيجة القطيعة التامة بينهم وبين أسرهم، ومعانقتهم الحياة في مكان أخر جديد لا تعرفه الأسرة وقد انقطعت العلاقة تماما مع الأسرة والمعارف والزملاء الذين كان يعرفهم قبل (إجراء جراحة التحول الجنسي).
5- سيظل يذكر التاريخ في مصر حالة سيد الذي كان طالبا في طب الأزهر وتحول إلى (سالي) وقد قامت الجامعة بفصله (بعد أن كان يذهب بعد إجراء العملية إلى الكلية بملابس البنات ووضع المكياج الصارخ وسط حشد من الذكور وتم فصله، وكذا تم إبلاغ نقابة الأطباء التي قامت بدورها بالتحقيق مع الطبيب الذي أجرى الجراحة التي تحول (سيد) بموجبها إلى (سالي) وقامت بفصله ثم جرت في البحيرة مياه كثيرة أدت إلى السماح بإجراء مثل هذه الجراحات وفقاً لجملة من الضوابط والقوانين مع السماح للطبيب الذي قامت نقابة الأطباء بفصله جراء إقدامه على إجراء مثل هذه العملية على إعادته مرة أخرى إلى مزاولة المهنة.
6- بعد ذلك تعددت الحالات التي اشتهرت بالتحول الجنسي من الذكورة إلى الأنوثة أو العكس ولم يعد الإعلام يهتم بمثل هذا الأمر بعد الضجة التي أثيرت عام 1987م (حالة سيد التي تحولت إلى سالى) وما تبعها من تشريعات وجدل اشتمل على العديد من التخصصات:
- النفسية.
- الطبية.
- القانونية.
- الدينية.
- الاجتماعية.
ولذا فإن الأطباء في مجال الطب النفسي يذكرون نماذج من هذه الحالات على حذر وسوف نخصص من هذا الكتاب لتناول نماذج من هذه الحالات التي أقدمت على فعل التحول الجنسي من جنس كانت معروفة به إلى الجنس المقابل الذي تحبه وترغبه وتريده بل وتهواه.
ولذا فإن حالة (سيد) الذي أصبح (سالي) قد أثار صدمة في المجتمع المصري وقت نشر الخبر وترتب على ذلك الآتي:
أ- زيادة مبيعات الصحف التي تنشر تحقيقات عن هذا الموضوع (الصحف القومية والخاصة نموذجاً).
ب- استضافة (سالي – سيد سابقا) في أكثر من قناة فضائية وتحقيق نسب مشاهدة عالية لفض المجهلة بهذا الاضطراب.
ج- أن (سيد السابق سالي الآن) قد قام برفع دعوى قضائية ضد جامعة الأزهر مطالباً بتعويض قدره (20) مليوناً من الجنيهات جراء الأضرار الجسيمة التي تعرض لها عقب فصله من الدراسة وكان في الفرقة الأخيرة من دراسته للطب.
د- تم استثمار هذا المناخ المتشوق لمعرفة المزيد من هذا الاضطراب في صنع مسلسل بعنوان (صرخة أنثى) والذي تناول مشكلة (سالي حاليا، سيد سابقا) بشكل دراماتيكي جذب انتباه واهتمام المشاهدين.
7- الأخذ في الاعتبار حقيقة أن القانون والإجراءات كانت في مصر وكل الدول العربية ترفض هذا الأمر (والغلابية أو كلها أن شئنا الدقة كانت تجهل مثل هذا الأمر). ولذا فإن حالة (سالي الآن سيد سابقا) قد أحدثت حالة من الصدمة في مصر والعالم الرعبي لفتت الأنظار والانتباه إلى وجود العديد من الأفراد (ذكور أو إناث لا فرق) الذين يعانون من هذا الاضطراب وأنهم بلا شك يشعرون بالألم والقهر ويريدوا من المجتمع أن ينظر إليهم بعين الرحمة والتقبل ويسمح لهم بإجراء مثل هذه العملية والتي يتم بموجبها تحويلهم إلى الجنس المقابل الذي يرغبونه.
ولذا فأن موضوع (سيد السابق سالي الآن) ونجاح عملية التحول الجسدي الذي جعل الجسد يتطابق مع الفنس قد فتح المجال لأعداد لا يمكن حصرها لإجراء عمليات التحول الجنسي في بعض الدول الأوربية – طالما أن الصدمة مازالت عالقة في أذهان من بيدهم القرار – وأن القانون في الدول الأوربية يسمح بإجراء مثل هذه العمليات وبدون تعقيدات وأن المجتمع هناك – لأسباب متعددة – يقبل ذلك ولذا فقد تم زفاف الكثير من هؤلاء المتحولين إلى امرأة أو حتى رجل في أكبر فنادق القاهرة وهذا يعني وجود (نسبة) من التقبل لهذا التحول الجنسي، بل لا نبالغ إذا قلنا أن كثيراً من المتحولين جنسياً ق تم زفافهم – أو زفافهن – في القاهرة بعيداً عن بلادهم العربية التي ترفض مثل هذا الأمر جملة أو تفصيلاً.
8- الأخذ في الاعتبار حقيقة يؤكدها الأطباء خلاصتها أن مثل هؤلاء الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب والمذكورين في المراجع الطبية تحت عنوان: اضطراب الهوية الجنسية أو المتحولين جنسياً يعانون معاناة نفسية شديدة جراء أن الجسم – في مظهره الخارجي – ينتمي إلى جنس (نوع) في حين أن نفسيتهم لا ترتاح إلى ذلك وتود أن تغير من الشكل الخارجي والظاهري للجسم حتت يتطابق مع النفس وهم فعلا من الناحية النفسية والإنسانية يحتاجون إلى حل إضافة إلى حقيقته يؤكد عليها أطباء النفوس بأنه حتى الآن لا يوجد جراء ناجح يمكن وصفه كي يجعلهم يتقبلون الأمر الواقع ولا تثار في نفوسهم من رغبات دفينة لتحويلهم إلى الجنس المقابل، وأن مسألة الجراحة ليست هي الحل الناجع في جميع الأمور، بل مدى توافق مثل هذا الفرد مع واقعه المعاش/ النفسي، ومدى تقبل أو رفض أسرته أو المناخ الثقافي/ الحضاري الذي يحيا في كنفه، ناهيك عن كم القوانين والتشريعات والفتاوى الدينية التي تمنع إجراء مثل هذه العمليات (على اساس أنها تبديل لخلق الله تدخل – أعوذه بالله – في قدرته عز وجل، ثم بعد ذلك ظهر اتجاه ديني – وسوف تتناول موقف الدين الإسلامي والمسيحي من هذه القضية لاحقا في فصل قادم في هذا الكتيب – يصعب ويعقد ويضع الشروط والمعايير والمحاذير إذا تم أخذ قرار بضرورة إجراء تحول جنس لفرد محدد، وقد يجتاز هذا الشخص المعني بالجراحة – هذه التعقيدات وقد يفشل فلا تجرى له الجراحة.
9- أن موقف الذين يعانون من هذا الاضطراب يمكن رصده في أمرين أو اتجاهين لا ثالث لهما وهما:
الاتجاه الأول: وهم الأفراد الأثرياء الذين لا تمثل لديهم النقود أي مشكلة، هؤلاء الأفراد يسارعون إلى السفر إلى الدول الأوربية وإجراء مثل هذه العملية التي من شأنها أن تحولهم إلى الجنس الذي يريدون ويقبلون ويتمنون ثم يعودون مرة أخرى إلى أرض الوطن واضعين الجميع (بداية من أسرتهم وكافة من يعرفونهم أو يتعامل معهم أمام الأمر الواقع وتكليف محام كي يقوم بكافة الإجراءات التي تثبت أمام الجهات والمؤسسات الحكومية التغيير الجديد الذي حدث لهذا الفرد (أي تغيير نوعه من ذكر إلى أنثى أو العكس مع ما يترتب على ذلك من تغيير في الاسم، النوع، الميراث، الحالة الاجتماعية (من أنثى إلى ذكر أو العكس)... إلخ.
الاتجاه الثاني: وهم الفقراء الذين لا يمتلكون الأموال التي تتيح لهم السفر إلى الخارج ولذا فهم قد يبدوا راضون بواقعهم فقد يمارسون حياتهم ويستسلمون للظروف الاقتصادية والاجتماعية أو يحاولون طرق أبواب العلاج لدى التخصصات الطبية المتاحة له، وقد يتمرد على هذا الوضع – غير السوي بالنسبة له – وهنا يعيش كما يحلو له مع النوع الذي يحبه ويهواه. ولذا نجد بعض الإناث (من الناحية الشكلية) تتواجد باستمرار مع شلة من الذكور وتفعل مثلما يفعلون من تدخين شيشة أو معاقرة الخمر وتقوم بكافة الأنشطة الرياضية وغيرها التي يقوم بها الذكور أو العكس حين يكون الشخص يبدوا من الشكل الخارجي وهنا يتواجد جل وقته مع النساء ويقلدهم في كل شيء بل يؤكد ويشير إلى أن كافة سلوكياته تنتمي إلى الأنثى.
10- توجد العديد من التعقيدات القانونية والرفض الاجتماعي في المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه مثل هؤلاء الأفراد الراغبين في التحول الجنسي وهنا يلجأون إلى بعض الأطباء الذين يقومون بإجراء مثل هذه العمليات سراً ويشترطون عليهم عدم ذكر اسمهم حتى لا يتعرضوا لمخالفة القانون (من حيث أنه لم يلتزم الإجراءات والخطوات الواجب اتباعها قبل إجراء الجراحة) وأن هذا الأمر يتم في مصر والدول العربية وفي العديد نن العيادات أو المستشفيات ولأساتذة معروفون.
11- أن أعداد مثل هؤلاء الأفراد الذين يعانون من اضطراب الهوية الجنسية أو التحول الجنسي غير معروف نظراً لطبيعة هذا الاضطراب من ناحية، ولسرية مثل هذه الأمور الجنسية، وأن السرية التي يفرضها الكثير من الأطباء الذين يجرون مثل هذه العلميات الجراحية تجعلهم لا يقدموا حتى مجرد مؤشرات إحصائية لهذا الاضطراب ولذا فأن الموقف كالآتي:
- لا توجد إحصاءات دقيقة ولا شبه دقيقة في مصر.
- لا توجد إحصاءات دقيقة ولا شبه دقيقة في العالم العربي.
- في الدول الأوربية ونظرا للسماح بإجراء مثل هذه الجراحات توجد العديد من الإحصاءات التي تعكس نماذج من المؤشرات.
- في هولندا تكون النسبة 4.7% في سلوكيات الأطفال والذين يتصرفون ويأتون بسلوكيات ترتبط بالجنس الآخر.
- في السويد يسعي من 10 – 15 فرداً خلال العام إلى إجراء جراحة تغيير الجنس وأن الرجال يكونوا أكثر من النساء في إجراء هذه الجراحة.
- بشكل عام فأن نسب من يتقدمون رسمياً في دول الغرب إلى إجراء مثل هذه العمليات الجراحية تكون قليلة مما يؤكد قلة المصابين بهذا الاضطراب بصفة عامة.
(وسوف نخصص محوراً لعرض وبائيات انتشار هذا الاضطراب لاحقا في ثنايا هذا الكتيب)
12- قد يؤكد البعض أن تاريخ التعرف على هذا الاضطراب حديثة نسبياً إلا أن الواقع يقول أن مثل هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب وجدوا في كافة المجتمعات وأن حاولوا التستر جراء خشيتهم من ذلك، مع ما يترتب على ذلك من نتائج وأثار، لكن التاريخ الرسمي في مصر يمكن أن يتم تسجيله في عام 1987 حين تم تحويل سيد إلى سالي. وفي الدول العربية ظهرت عدة حالات يمكن – على سبيل المثال – اعتبار عام 2009 هو حدوث حالة تحول جنسي من ذكر إلى أنثى في دولة الكويت (والأمر قد تم بالاعتراف أي اعتراف الشخص نفسه أنه قد أجرى الجراحة التي بموجبها تم تحويله).
في حين أن التاريخ في العالم الغربي لمثل هذا الاضطراب نجده ضارباً بجذوره منذ القدم وأن كان الأدباء قد سبقوا الأطباء في وصف وتشخيص بل والحديث عن مثل هذه الحالات وخاصة منذ القرون السابع عشر، والثامن عشر والتاسع عشر في أوربا حيث نجد مئات من الروايات المفصلة عن الأشخاص المتحولين جنسياً من الذكور والإناث.
- جان دارك.
- الملك جيمس الأول من انكلترا.
- الفارس ديون.
- إدوارد هايد.
- وجود العديد من (الباباوات) الذين كانوا معروفين أنهم من النساء.
ثم بعد ذلك بدأ الاعتراف الطبي والقانوني والمجتمعي لمثل هذه الحالات في محاولة لتخليص مثل هؤلاء الأشخاص من المعاناة والألم الذي يعانون منه جراء هذا الاضطراب ولذا فأن القانون في أوربا يسمح وبكل سهولة وبدون أي تعقيدات إجراء مثل هذه العمليات الجراحية.
(وسوف نخصص لاحقا فصلا يتناول تاريخ هذا الاضطراب)
13- توجد فجوة هائلة بين تاريخ تواجد هذا الاضطراب وبين الاعتراف به في الدليل التشخيصي والإحصائي DSM حيث ظهر لأول مرة في الدليل التشخيصي والإحصائي الثالث حيث تم إدماج هذا الا ضطراب ضمن الاضطرابات النفسية وبداية من الدليل التشخيصي الرابع DSMIV من خلال حصر جملة من الأعراض والعلامات والتي إذا توافرت في الشخص في هذا الاضطراب خاصة الشعور بعدم الراحة لنوعه الجنسي البيولوجي مع انشغال مستمر في التحول الجنسي إلى الجنس الآخر لفترة لا تقل عن عامين من الرغبة المستمرة المستعرة والتي لا تهدأ أبداً ولا تغيب عن فكر واهتمام الفرد.
14- يؤكد ما سبق جملة من الأعراض:
حيث ينشغل الأطفال الإناث بكافة السلوكيات التي تظهر لدى الأطفال الذكور.
ارتداء ملابس الذكور.
اللعب بألعاب الذكور.
التواحد الدائم والمستمر في التجمعات التي تجمع الذكور (وكأنه واحد منهم).
الوقوف عند التبول (تماما كما يفعل الذكور).
الادعاء بأن لها قضيب (مثلها في ذلك مثل الذكور).
الاعتقاد بأنها سوف تصبح صبي أو رجل في المستقبل (بل وتعيش هذا الحلم الذي لا ينقطع).
في حين أن الطفل من الذكور المصاب بهذا الاضطراب ينشغل بكافة ما سبق (ولكن وفقا لما تقوم به الإناث).
15- بالطبع توجد العديد من النظريات التي حاولت واجتهدت في تفسير أسباب حدوث هذا الاضطراب بالطبع تعددت وتنوعت هذه التفسيرات ما بين:
تفسيرات بيولوجية.
تفسيرات نفسية.
تفسيرات اجتماعية.
الاهتمام بعملية تشكيل الأعضاء التناسلبية الخارجية وكذا الاهتمام بالمخ لديهم وهل به مكونات ومركبات وهرمونات الذكور المختلفة عن الإناث وكذا مسألة الهرمونات ولابد من الوقوف على أسباب ومكونات كل ذلك حتى إذا جاء فترة العلاج وتم إعطاء الفرد (هرمونات) فأن ذلك يتماشي مع طبيعة تكوين الفرد.
وبالطبع نحن نوافق على هذا التعدد في التفسير والاجتهاد نظراً لأنه لا يوجد سبب واحد (مهما كان تأثيره وأهميته) في تفسير لماذا حدث ما حدث وما هي جملة الأسباب التي تكمن خلفه إلى غير ذلك من تساؤلات.
16- يجب فض بعض الخلط بين:-
أ- التحول الجنسي Transsexual.
ب- الجنسية المثلية Homosexuality.
حيث نجد بعض الأفراد الذين يعانون من انحراف الجنسية المثلية يلجأون إلى ارتداء ملابس الحريم والتشبه بهم في حركاتهم بل يستخدمون (المكياج أو الميك اب) ويتفاخرون بأنهم تماما مثل النساء إلا أن الأمر هنا مختلف لأن الرجل:-
- يفضل شريك.
- يكون من نفس جنسه.
- يختلف الدور الذي يقوم به.
- يعرف تماما ماذا يريد (من رجل مثله).
- يكون في تناغم نفسي كامل.
- متقبل لما يفعل (أو يفعل به).
بيد أن المتحول جنسياً يختلف تماما عما يتميز به الجنسي المثلي من خلال رصد الآتي:
- غير راضي عن الجنس المكتوب في شهادة الميلاد أو الذي ولد به.
- يحاول أن يعيش بسلوكيات الجنس الذي يفضله ويريده.
- قد يرتدى ملابس الجنس الذي يفضله (ولا يقصد أبدا إغراء نفس جنسه لممارسة الجنس معه تماما كما يفعل الجنسي المثلي).
- يرى أن الحل يكمن في مشرط الجرح لحل جميع مشاكله وأن الحل يتمثل – أيضا – في عملية تصحيح جنسي أو التحول الجنسي conversion - operation .
- أخيراً يجب أن نشير إلى أن بعض رجال الاستخبارات يضطرون إلى ارتداء ملابس الجنس الآخر وذلك لإنجاز بعض المهام الاستخبارتية بيد أننا لا نستطيع أن نعتبر أن مثل هؤلاء الأشخاص بأي حال من الأحوال من المتحولين جنسياً Transvestites.
17- أخبرنا العديد من الأطباء النفسيين بوجود حالات مصابة بهذا الاضطراب وأن زوجته تجده إذا دخل إلى المنزل فأنه يسارع إلى (خلع) ملابس الرجال التي كان يرتديها – خارج المنزل – وربما يشاركها في ارتداء ملابسها وقمصان نومها وكافة أنواع ملابسها الداخلية.
والأمر كذلك بالنسبة لبعض السيدات اللاتي يرتدين ملابس الرجال بما في ذلك الملابس الداخلية لهم.
ولوحظ أن بعض النساء المصابات بهذا الاضطراب قد تطلب من زوجها ارتداء نفس نوع ملابسها، وكذا يفعل بعض الرجال وقد ذكرت على سبيل المثال في العيادة النفسية أنها على استعداد أن تلبي رغبة زوجها في أن ترتدي ملابس الرجال بشرط أن يكون هذا الأمر قاصراً بينهما فقط داخل غرفة النوم.
ولذا فأن المتحول جنسيا هو الشخص الذي يريد أن يغير من جنسه من رجل إلى امرأة أو العكس وقد يعبر عن ذلك صراحة ويسعي إلى إيجاد حل لهذه المشكلة التي تشغله، وقد لا تكون الظروف تسمح لذلك وبالتالي يضطر إلى الدخول في العديد من السلوكيات المباشرة أو غير المباشرة التي تعبر عن هذه الرغبة الدفينة داخله.
18- إذا تقرر إجراء العملية الجراحية فلابد أن يسبقها بعض الخطوات مثل:
أ- أن الرجل يتأقلم ويتوافق ويتكيف في سلوكه ولوازمه مثل المرأة.
ب- يقطع علاقته تماما بكل معارفه (الذين هم من نفس جنسه).
ج- عادة يرحل عن البيت الذي عاش فيه.
د- وبالتالي يرحل عن المدينة أو القرية أو الحي الذي كان يسكن فيه.
ه- يذهب إلى مكان جديد ويبدأ حياته فيه كأنثى (أن كان يرغب في ذلك من الناحية النفسية).
و- من الصعب أن يتم التعرف على المتحول جنسياً من قبل أفراد أخرين نظراً لتعوده واعتياده على السلوك الجديد الذي يريده،
وأن العملية الجراحية التي تجرى له تتم على مراحل ثلاث وقد تختلف من جراح إلى ـأخر والشيء الأساسي للرجل الآتي:
أ- تزال الخصيتين.
ب- يزال القضيب.
ج- خلق مهبل وشفرتين على جانبي فتحة المهبل وعمل فتح ومجرى للمهبل من 1-13 سم بين مكان الخصيتين وفتحة الشرج ثم يبطن المجرى جلد القضيب الذي قطع حالا بعد قلبه من الخارج إلى الداخل، واستعمال جلد القضيب أفضل من استعمال جلد من البطن أو الفخذ لأن جلد القضيب ليس به شعر وله أعصاب حساسة تجعل المتحول جنسياً يحس بلذة الجماع وطبعا كما ترى فأن هذه العملية جد صعبة وتحتاج إلى جراح ماهر لأن أي خطأ سوف يترتب عليه العديد من الأضرار والنتائج جد السيئة.
19- غالباً يتم بعد إجراء العملية الجراحية العلاج النفسي والذي يؤهل هذا الفرد الذي تم (تحويله جنسياً) إلى شخص متوافق مع:
أ- ذاته الجديدة.
ب- مع الآخرين.
ج- مع العالم.
د- يمارس حياته كما يريد وكما تمني.
ه- ضرورة مراجعة الطبيب والمعالج النفسي لحل أي مشاكل تواجهه.
و- مزيد من التأقلم والتوافق مع الدور الجديد في الحياة الذي يحياه الآن.
ز- تقبل المتاعب الاجتماعية وقد ينجح في ذلك بعد أن تحقق له ما يريد.
ح- اختيار أو التوجيه إلى العمل المناسب الذي يتناسب مع الصورة الذهنية (لنوعه) في أداء العمل.
ط- وقد تظل الحالة النفسية السيئة ملازمة لمثل هؤلاء الأشخاص حتى بعد إجراء العملية الجراحية من خلال:-
- الانطواء.
- الوحدة.
- عدم التعامل مع الآخرين.
- تراوده أفكار من الشك وعدم الثقة في الآخرين.
وهؤلاء الأفراد لا شك أنهم في مسيس الحاجة إلى العلاج النفسي المناسب مع تعليمهم العديد من المهارات اللازمة لتيسير حياتهم وجعلهم يتواصلون بكفاءة مع ذاتهم ومع الآخرين.
20- أشارت العديد من الدراسات والملاحظات التي تمت على هؤلاء الأفراد المضطربين جنسياً بأنهم أكثر انتحاراً، وأن هذا الانتحار يتزايد في النساء مقارنة بالرجال وأن النسب الإحصائية تكون مرتفعة 5% في النساء اللاتي يعانين من هذا الاضطراب، 21% لدى الرجال الراغبين في التحول الجنسي.
في حين تشير إحصاءات أخرى إلى أن نسبة الانتحار تصل لديهم إلى 31% وأن محاولات الانتحار والتي لا تكتمل بالموت الكامل تصل إلى 50% وأن مثل هؤلاء الأفراد طالما لم تجر لهم عمليات التحويل فأنهم يعانون من القلق والاكتئاب وعدم توكيد الذات.
في حين يرى البعض أن هذه النسب العالية لدى مضطربي الهوية الجنسية تكون متزايدة نظراً لرغبتهم الأكيدة في إجراء مثل هذه العمليات والدليل على ذلك أن نسب الانتحار تقل – بنسب ملفتة للنظر – عقب إجراء العمليات الجراحية.
والموضوع – كما نرى – مازال في حاجة إلى فض المجهلة به ولن يتم ذلك إلا بواسطة العلم والدراسات (خاصة دراسة الحالة) لمثل هؤلاء الأفراد الذين يعانون من مثل هذا النوع من الاضطراب، كما ندعو إلى تكاتف فروع العلوم المختلفة التي تتعامل مع مثل هذه الحالات: علوم طبية/ علوم نفسية/ علوم اجتماعية/ علوم دينية وما يستجد من تخصصات مستقبلية.