أكوان للنشر والترجمة والتوزيع

Share to Social Media


مفهوم الحب في اللغة
يعرف الحب في اللغة العربية بأنه الوداد، ويعرف لدى الفلاسفة بأنه ميل إلى الأشخاص أو الأمور الغالية والعزيزة، أو الميل نحو الأشياء النافعة والجذابة.
والحب هو عكس البغض (الكره)؛ ومعناه المودة، ويدل أصل الكلمة على اللزوم والثبات. ويرجع اشتقاق الحب من أحبه إذا لزمه، ومنه قول: أحببت الشيء فأنا مُحب وهو مُحب.

مفهوم الحب في الاصطلاح
يعرف الحب في الاصطلاح بأنه الميل نحو الشيء الغالي والمحبوب، وهو ميل النفس إلى ما تراه وتظنه خيرًا. وهو تعلق القلب بين الهمة والأنس في البذل والمنع على الإفراد. ويتفق العلماء على أن المحبة لا يمكن أن تعرَّف تعريفًا جامعًا وشاملًا، ويقول الإمام القشيري، رحمه الله: (لا يمكن وصف المحبة بوصف، ولا تحدد بحد أوضح ولا أقرب إلى الفهم من المحبة).

أنواع الحب
درس الإغريقيون الحب وكل ما يتعلق به، وصنفوه إلى ثمانية أنواع، هي:

1- الحب غير المشروط أو ما يسمى بالإغريقية بـ (Agape)
وهو الحب الذي يُؤْثِر فيه الشخص غيره على نفسه، وينكر ذاته، ويتخلص من الأنانية في سبيل إسعاد الغير، واعتقدوا قديمًا أن هذا النوع من الحب نادر؛ لأن القليل من الناس يشعرون به فترة طويلة من الزمن.



2- الحب الرومانسي
هو نوع من الحب المسمى بالإغريقية بـ(Romantic love)، وهو الحب المرتبط بالمشاعر، والشغف الجسدي الذي يمكن أن يُفقد الشخص السيطرة على نفسه.

3- الحب العاطفي المسمى باللغة اليونانية بـ (Philia)
هو الحب الذي يشعر به الإنسان تجاه غيره من الناس، مثل: الأصدقاء، وقد بيَّن أفلاطون أن الانجذاب الجسدي تجاه شخص ما لا يعني الحب بالضرورة، ويطلق على هذا النوع من الحب أيضًا الحب الأفلاطوني.

4- الحب الجسدي
يمثل هذا الحب المسمى بـ (Eros) الانجذاب الجسدي الشهواني الأقرب إلى مفهومنا العصري عن الحب، وهو من أنواع الحب الذي يشبع رغبة الإنسان في الإنجاب والبقاء.

5- حب العائلة
هو الحب المسمى بـ (Storge) المختص بالحب العائلي الموجود بين الأهل والأبناء، ويبرز أكثر عند الأطفال الصغار. ويشير هذا الحب إلى الشعور الذي ينشأ عن الألفة والمحبة والتبعية، وعندَ مرور الوقت يتحوَّل الحب الجسدي إلى الحب العائلي.

6- الحب غير الملتزم
الحب غير الملتزم أو اللعوب والمعروف باسم (Ludus)، وهو يعبِّر عن حب الإنسان لأشياء معينة، مثل: الموسيقى، أو الرقص، أو البحث عن المزيد من المرح والمتعة من خلال الحب ومن دون أية التزامات وقيود.

7- الحب العملي (Pragma)
من اسم هذا النوع من الحب، يتبين أنه شعور بالحب يعتمد على القرارات العملية، والعقلية، والواجبات، والمصالح، والأهداف المشتركة، وهو أكثر شيوعًا في الزواج التقلدي المدبَّر، والزواج السياسي الذي له مصالح محددة.

8- حب الذات
حب الذات أو حب النفس المسمى بـ (Philautia) الذي يمكن أن يكون صحيًّا، أو يمكنه أن يدمِّر حياة الشخص؛ إذ يمكن أن يصل حب الذات إلى الغرور والغطرسة، وهو أمر غير طبيعي، ويمكن أن يؤدي إلى دمار الشخص، أو أن يخلق له أعداء، أما حب النفس المعتدل مثل تقدير الذات، فهو أمر طبيعي وصحي للإنسان، فحب الذات يساعد الشخص على تقبُّل نفسه، ويحسِّن من صحته الجسدية والعقلية، ويمكن تعزيز هذا الحب من خلال تخصيص الوقت الكافي للنفس، والقيام بنشاطات معينة مثل التذكير اليومي، وأداء تمارين التأمل، وكتابة المذكرات، وغيرها من النشاطات.

مقومات الحب
أكدت الدراسات في هذا الشأن، أن الحب يحتاج إلى ثلاثة عناصر أساسية تؤدي إلى نشوء الحب بين الأشخاص، وهذه العناصر، هي:
1- الالتزام 2- الشغف 3- والمودة
وتتفاعل هذه العناصر الثلاثة لتولِّد حالة من الرفقة والمودة والشغف قد تؤدي إلى حالة يطلق عليها "الحب الرومانسي".
وفي الحقيقة، إن توفُّر اثنين من تلك العناصر في علاقة الحب يؤدي إلى بناء علاقة متينة، أمَّا إذا توافرت العناصر الثلاثة، فإنها تولِّد حالة من أقوى علاقات الحب.
نصائح لنجاح الحب
توجد بعض النصائح التي يمكن أن يستفيد منها الشخص بناء على خبرات الآخرين من خلال علاقات الحب التي كانوا فيها، ومن أهم هذه النصائح:
- عدم الخوض في أحاديث تخص علاقات الحب السابقة.
- الابتعاد عن السلبية في الحديث، والتحدث بصراحة، والابتعاد عن الكذب.
- مشاركة الاهتمامات والنشاطات التي تجلب الفرح للشخص.
- الحرص على موافقة الشريك على أي نشاط مشارك، وعدم إرغامه على القيام به.
- الثقة بالنفس والشعور بالراحة، والاستعداد لتجربة أشياء جديدة.
- التعبير بشكل دائم ومستمر عن المودة العاطفية والجسدية على حد سواء.
- الرغبة الدائمة في إرضاء الشريك وإمتاعه.
- تبادل المشاعر الصادقة بشكل دائم.
- الرغبة في المشاركة في النشاطات والأحلام.
- الابتعاد عن الأنانية واتباع المصالح الذاتية مع الحبيب.
- الاشتراك المناسب والمتساوي بين الممتلكات.
- المساعدة الإضافية، والاهتمام، وتقديم الحنان الكافي للحبيب.

أشكال الحب
إن الحب هو أحد أساسيات الحياة، وهو أحد المشاعر التي تربط البشر بعضهم ببعض، وهو لبنة أساسية لاستمرار الحياة على سطح الكرة الأرضية، فمن دون الحب يستحيل العيش، وذلك لأن طبيعة النفس البشرية ترفض الكراهية والبغضاء، كما أن الحياة ستتحول إلى غابة مظلمة مليئة بالوحوش البشرية، بالإضافة إلى أن فقدان الحب مؤشر على فقدان السلام وبالتالي انتشار الحروب والقتل، والجدير بالذكر أن للحب العديد من الأشكال التي سنعرض لها فيما يلي:

1- الحب الأفلاطوني
يعد هذا الشكل من أبسط أشكال الحب، لأنه غير محكوم بأي قيد أو شرط، وصاحبه لا يحمل في قلبه أي نوايا أو أهداف مادية أو خبيثة، وهذا الحب غالبًا ما يربط بين الشخص وأصدقائه، وبينه وبين أمه، وأبيه، وإخوته، وعائلته.

2- الحب الصامت
هذا الشكل أول درجات الحب التي تربط بين شخصين، حيث إن الطرف الأوّل يشعر بحبه للطرف الثاني، وغالبًا ما يكون هذا الحب بريئًا، أي أن الطرف الأوَّل لا يدرك السبب الذي يجذبه إلى الطرف الثاني، وهذا الشكل من الحب غالبًا ما يكون في فترة المراهقة.

3- حب بلا مقابل
هذا الشكل من الحب يعد من أصعب أنواع الحب، وذلك لأن المحب لا يستطيع أن يشعر بسعادة ونشوة الحب، ولا يمكنه أن يحققهما.

4- حب في الله
هذا الشكل من الحب يعد من أرقى وأنقى أشكال الحب، وذلك لأنه يقوم على النوايا الحسنة وحب الخير للآخرين، أي أنه ليس فيه أي شكل من أشكال المصالح.

5- الحب الأناني
في هذا الشكل لا يهتم أحد الطرفين بالآخر، ولا بفرحه أيضًا، وذلك لأنه قائم على المصالح الشخصية.
6- حب الإدمان
في هذا الشكل يكون لدى الطرف الأول حب عظيم للطرف الثاني، ويشعر بأنه متعلق به لدرجة كبيرة، ويعود السبب في هذا إلى فشله في علاقة حب سابقة، فيشعر في العلاقة الثانية برغبته في التمسك بالطرف الثاني بشكل مخيف.

7- الحب الرومانسي
هذا الحب يعتمد على الأحاسيس والمشاعر المرهفة، حيث إن الطرف الأول يجد راحته بوجود الطرف الثاني، ويجد سعادته بابتسامته، كما أنه يسعى بكل ما أوتي من طاقة ليحقق السعادة لقلب الطرف الثاني.

8- الحب الشهواني
هذا الشكل من الحب هو المعاكس للحب الرومانسي، كما أنه السبب الرئيسي لتلوث المعنى الحقيقي للحب، وذلك لأنه قائم على أهداف جسدية أو مادية، كما أنه غالبًا ما يكون بعيدًا عن الأحاسيس والمشاعر الصادقة.
9-الحب العفوي
هذا الشكل يكون بين الفرد وما يحيط به من كائنات، سواء أكانت حية، مثل: الجيران وأفراد العائلة، أم غير حية كحب الشخص نوعًا معينًا من الحيوانات أو النباتات أو الأشياء.

الحب في الإسلام
تعريف الحب في الإسلام الحب هو الميل إلى شخص ما والإعجاب به، وهو شعور نبيل طاهر، لا معنى للحياة من دونه، ودين الإسلام دين محبة وسلام، فإن الحب من أسس الإسلام، وقد حث عليه، وكان الرسول-صلى الله عليه وسلم- محبا لأهله وزوجاته، وأصحابه، وكل الناس، وكان رحيمًا عطوفًا في تعامله مع الجميع، وكانت أم المؤمنين خديجة، رضي الله عنها، أحب نسائه إليه، ويعتبر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قدوتنا الحسنة في محبة الناس، وكيفية التعامل معهم.
أنواع الحب
- حب الله ورسوله.
- حب المؤمنين والعلماء والصالحين.
- حب الزوجة والأولاد.
- حب الوالدين وذوي القربة.
- الحب بين الجنسين.
الحب في الإسلام
إن لله سبحانه وتعالى تسعًا وتسعين اسمًا، من ضمنها اسم الودود، وهو بمعنى المحب لخلقه وعباده، لذلك يعد صفة من صفاته عز وجل، فهو المحب الرحيم بهم.

1. وقد جعل الله سبحانه وتعالى محبته ومحبة رسوله-صلى الله عليه وسلم- أعلى درجات الحب وأرقاها وأكثرها أجرًا، وأوجبها على المسلم، وجعل طاعته بمحبته، حيث قال تعالى: « قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحب إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ».
ودين الإسلام لم يحرِّم الحب بين الجنسين، لكنه وضع له ضوابطه وأحكامه؛ حتى لا يأثم صاحبه، وحث على الزواج بين المتحابين، باعتباره الوسيلة الوحيدة والصحيحة التي تسير فيها مشاعر الحب الجياشة؛ ولأن دين الإسلام دين محبة، فقد جعل من أعظم أنواع الحب الحب في الله، أي أن يحب شخص شخصًا آخر من أجل دينه وخلقه ومحبته لله ورسوله، وليس من أجل أي مصلحة دنيوية أو قرابة، والمسلم يحب كل شيء، أي أن محبته لا تقتصر على أخيه الإنسان فقط، بل تمتد إلى البيئة، بما فيها من نباتات وحيوانات، وطيور وأزهار وغيرها.
أما مشاكل العصر الحديث التي تنتشر في العالم كالنار في الهشيم، مثل الحروب والعنصرية والنزاعات الطائفية، فإن الإسلام جعل حلها بنشر الحب بين الناس، وما يتبعه من تعاون وتضامن وتكافل، فبمحبة الناس ينتهي الحسد والبغضاء والغيرة، وما ينتج عنها من مشاكل اجتماعية.

مستويات محبة المسلم لأخيه
- مستوى الإيثار، وهو أن تفضِّل أخاك على نفسك بكل ما هو خير.
- مستوى أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك وتكره له ما تكرهه لنفسك.
- أن تكون سليم الصدر من الحسد والحقد والبغضاء.

مفهوم الحب في الإسلام
يعتبر الحب من أعظم المشاعر الإنسانية وأسماها، فهو حالة نفسية إيجابية يمر بها الإنسان، ويعبِّر فيها عن تعلقه بأمور معينة في الحياة، فالإنسان بفطرته التي خلقه الله عليها يحمل الحب في قلبه تجاه أبيه وأمه وإخوته، كما يحمل الحب تجاه أمور كثيرة في الحياة.
ولقد جاءت الشريعة الإسلامية لتؤكد على الحب كمعنى سامٍ يوطد العلاقات بين الناس ويقويها، ويجعل للحياة نكهة خاصة؛ فالحب في الإسلام هو مشاعر الإعجاب والتعلق التي يحملها الإنسان تجاه غيره، ويعبِّر عنها بالقول والفعل، وتلك المشاعر تكون بين طرفي العلاقة الزوجية، وبين أفراد العائلة الواحدة، وبين المسلم وأخيه المسلم.

أشكال الحب في الإسلام
تتعدد أشكال الحب المشروعة في الإسلام، ونذكر منها:

1- حب الإنسان لخالقه جل وعلا
هو الحب الأسمى والحب الغالب على جميع وجوه الحب الأخرى، بل إن كل حب دونه يجب أن يكون تحت ظله.
2- حب الإنسان لنبيه
هذا النوع الثاني من أنواع الحب الذي ينبغي أن يطغى على أنواع الحب الأخرى، فإيمان المرء لا يكتمل إلا إذا كان حب الإنسان لنبي الإسلام أشد من حبه لأهله ونفسه والناس أجمعين.

3- حب الإنسان لأهله
إن الإنسان يحمل مشاعر الحب تجاه والديه اللذين تعبا في تربيته، وبذلا الغالي والنفيس في سبيل تنشئته، وهو يحمل مشاعر الحب كذلك تجاه إخوته وأشقائه من أمه وأبيه.

4- حب المسلم لأخيه المسلم
وهذا شكل من أشكال الحب السامية التي تدل على صدق الإيمان، حيث يحب المسلم أخاه الذي لم يشترك معه في روابط الدم والنسب، وإنما يحبه لاشتراكه معه في روابط الإخوة في العقيدة والدين.

ضوابط الحب في الإسلام
أن يكون الإنسان معتدلًا في حبه وبغضه، فالحب المعتدل أرفق بالنفس وأرحم بها، ذلك أن القلوب تتغير وتتقلب، وقد يصبح حبيب الأمس عدو الغد، فحتى لا يتأذى قلب الإنسان بشدة تعلقه بالحبيب وكراهة تركه، فإن على المحب ألا يغالي في محبته، وفي الحديث الشريف (أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما) [مسند علي]. على أن يكون الحب ضمن حدود الله تعالى وما أحله للناس، فكثير من علاقات الحب بين الجنسين يشوبها الحرام، وتظللها المعاصي بسبب إتيان ما حرَّمه الله من مواعدة وتواصل وغير ذلك.

هل الحب حرام أم حلال؟ ( حكم الحب في الإسلام)
إن المحبة أمر قلبي، تُقذف في قلب الإنسان بأسباب بعضها معلوم وبعضها غير معلوم، ولا حرمة في ميل المرأة أو الرجل نحو شخص معين، واختياره ليكون زوجًا له، ويتخلل هذا الشعور بالمحبة والمودة، وعقد العزم على الارتباط الشرعي إذا تيسرت الأمور، وإذا كانت المحبة بسبب معرفة سابقة أو قرابة أو سماع أخبار الشخص، فلا حرج عليه، مع الالتزام بحدود الله، أما إذا أدت المحبة إلى الاختلاط، أو اللقاءات، أو النظر، أو المحادثة المحرمة، فتدخل المحبة في باب الحُرمة أيضًا. وقال الشيخ ابن عثيمين: إن تواصل المتحابين دون وجه شرعي بلاء، ولا يجوز في هذه الحالة أن يتواصل الرجل والمرأة، وإن رغب في الزواج فعليه أن يخبر ولي أمرها، أو أن تخبر هي ولي أمرها بأنها تريد الزواج ممن ترغب.

الحب والوقوع في الإثم
لا يأثم الإنسان الذي يقع في الحب الذي لا يتسبب هو فيه، مثل رؤية فتاة فجأة والوقوع في حبها، فهذا أمر لم يتسبب الإنسان فيه، ولا يُلام عليه بشرط ألا يكون وقع منه عمل محرم، مثل: تكرار النظر والمصافحة والخلوة والكلام العاطفي وغيرها.
أما الحب الذي تنشأ عنه أمور محرمة، فيأثم عليه صاحبه.

الحب الحلال
إن الحب من أسمى المشاعر التي يعيشها الإنسان، فالإنسان بطبيعته مخلوق على الحب، ولكن علينا أن نفهم الحب بمعناه الحقيقي الذي حلَّله الشرع، ولنستطيع فهمه نطرح مجموعة من الأسئلة: ما هو الحب الحلال؟ وكيف نعلم أن هذا الحب خالٍ من أية شبهة؟ وما أشكال الحب الحلال؟

أشكال الحب الحلال
للحب الحلال أشكال وأصناف مختلفة وكثيرة يمكننا ذكر عدد منها، وعلى رأسها حب الإنسان لله، وهو أرقى أنواع الحب الحلال؛ فحب الإنسان لربه يكون بالإيمان به واتباع أحكامه واجتناب نواهيه والمداومة على ذكره وشكره على نعمه؛ وبهذا يكون الإنسان قد مارس صورة من صور الحب الحلال التي شرعها الله، ونذكر أيضًا حب الإنسان لوالديه، وحب الوالدين لأولادهما أيضًا هو حب حلال؛ إذ إنه حب فطري يُوجِدُه الله في نفس الوالدين والأبناء، ليس فيه مصلحة أو هدف سوى رضا الله، أما حب الزوج زوجته، والزوجة زوجها، فهو فطرة أوجد الله الإنسان عليها، ففيه يكون الاستقرار والسكينة والمودة، وبناءً عليه ينشأ أطفال مستقرون نفسيًّا وفكريًّا وسلوكيًّا. ولأن الحب شعور فطري لا يستطيع أحد العيش دونه وجب على الإنسان أن يتحرى الحب الحلال الصافي الذي شرعه الله وحث عليه في كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم ليكون راقيًا لا زيف فيه ولا تشوبه شائبة .

الحب في القرآن والسنة
إن الحب وارد في القرآن والسنة؛ فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حبا لِّلَّهِ)، وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أن رسول الله--صلى الله عليه وسلم-- قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) [متفق عليه]، وهذا إن دل على شيء فيدل على مشروعية الحب بصورته الراقية، فما دام الحب لا يحمل تصرفًا يغضب الله، يمكن تصنيفه بأنه حب حلال. ويكون الحب نزيهًا ونقيًّا ما دام ليس فيه تصرف أو سلوك شاذ عن الفطرة السليمة، فالله خلق الإنسان الذي لا يستطيع التحكم بمشاعره؛ فهي بيد الله وحده، والإنسان لا يؤاخذ بميل قلبه لأحد، أما ما يحاسب عليه الإنسان فهو تصرفاته التي تتبع شعوره، فإن كانت خيرًا فخيرٌ، وإن كانت سيئة، فيُؤاخذ عليها ويُحاسب، لذلك يجب على الإنسان أن يراقب نظره وسمعه وحواسه كلها، فيقولون في النظرة: كل الحوادث مبداها من النظر، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وكم من نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر، ويقولون أيضًا (النظرة سهم مسموم فأثرها يستمر، وإن غاب المنظور إليه تشغل فكرًا فتورث همًّا، وتبذر شهوة فتنبت هوى، شأنها شأن السهم المسموم، فإن السم يظل يسري منه إلى الجسم، حتى إن نُزع السهم من موضع الإصابة، وهذا دليل على خطورة النظرة إن كانت في فاحشة أو ما يؤدي إليها، وهذا ينطبق على الحواس كلها، وإن راقب الإنسان نفسه ضمن أن يكون الحب نقيًا خاليًا من أية شبهة.

الحب عند الفلاسفة
الحب هو عبارة عن حاجة إنسانية عظيمة تعادل في مفهومها معنى الحياة، وتتعدد أوجه الحب وأنواعه تبعًا لاختلاف المراحل التي يمر بها الإنسان أثناء حياته، بالإضافة إلى اختلاف الظروف المحيطة التي يعيشها منذ صغره، فمثلًا يبدأ الإنسان حياته بحبه والديه وتعلقه بهما، ثم ينشأ الحب الأخوي مع أصدقائه، ثم يأتي الحب للجنس المختلف. والجدير بالذكر أن الإنسان أيًّا كانت ظروفه وصفاته فلا بد من أن يتوق إلى إنسان آخر يحبه، وعادة ما يسمى هذا الإنسان بالنصف الثاني، ويمكن القول إن الإنسان في محاولة دائمة لأن يجعل من نفسه شخصًا محبوبًا، ويبذل جهدًا كبيرًا ليجذب إليه الآخرين، وللتأكيد على أهمية الحب في حياة الإنسان، فإن علمي النفس والاجتماع يظهران أن المشكلات الأساسية في حياة الإنسان والاضطرابات في سلوكه ونفسيته تكون نتيجة نقص الحب في حياته.

الحب في الفلسفة
الحب في الفلسفة هو عبارة عن كلمة غير مرتبطة بشيء حقيقي أو محسوس، ويمكن القول إنه شيء لا يمكن إدراكه بالعقل أو شرحه بالمنطق، وإن الحب هو ما يجعل الإنسان يظهر بشخصيته الحقيقية. وقد بدأت فلسفة الحب عند الإغريق، حيث كانوا يرون أن الحب من الدعامات الأساسية للفلسفة، وشرعوا في بناء النظريات المتعددة التي طوَّرت الحب من مفهومه المادي إلى مفهومه الروحي في أعلى سماته، مرورا بكون الحب صفة أساسية وجينية تظهر آثارها في سلوك الكائنات الحية.
أما في التقاليد الغربية، فقد ظهر الفيلسوف أفلاطون الذي نادى بكون الحب سلسلة من المشاعر والأحاسيس التي تسيطر عليها الرغبة الحيوانية، وقد عبَّر أفلاطون عن الشخص الباحث عن الحب بأنه نصف يبحث عن نصفه الآخر، كما رأى أن الحب ما هو إلا وسيلة للخلاص؛ فهو الطريق نحو التحرر الفكري والعاطفي الذي يقود الإنسان إلى حريته.
أما أرسطو فقد خرج بنظرية تفيد بأن الحب هو علاقة تعبِّر عن جسدين بروح واحدة، وقال في الحب إنه شيء لا منتهٍ، فالحب الذي ينتهي لا يكون حبا حقيقيًّا، كما عبَّر عن الحب بأنه أسطورة من الأساطير التي تعجز البشرية عن إدراك ماهيتها، ولا يعبِّر عنها إلا من صدَّقها في معناها، ومن وجهة نظره فإن الحب قوة لا يمكن إدراكها أو شرحها، وهي تدخل الإنسان في عالم آخر، وتبدل شخصيته لتظهرها على حقيقتها، ومن ثم تظهر الأنا المختفية في الأعماق، حيث إن ما يخفيه الإنسان من مشاعر عادة ما يظهر حين يحب، فيتخلى عن حب السيطرة والتملك والأنانية ويطلق العنان لمشاعره، أما سقراط فيرى أيضًا أن الحب الذي ينتهي ليس حبا، وهو يعطي الحب رفعته ومكانته المقدسة، فيقول فيه إنه شوق النفس إلى الجمال الإلهي الذي لا ينضب ولا ينتهي، وقد فسر الحب وفلسفه فلاسفة كُثر عمدوا إلى عدة تصريحات وتفسيرات تربط الحب بالحياة البشرية والطبيعة بطرق مقنعة، وذلك اعتمادًا على الطبيعة البشرية، والأخلاق، والرغبة الجسدية.
طبيعة الحب عند الفلاسفة
إن أي مناقشة فلسفية عن الحب تبدأ بالحديث عن طبيعته؛ فقد رأى بعض الفلاسفة أن الحب لا يمكن التعبير عنه منطقيًّا أو إدراكه بالعقل، أما النقاد لهذه النظرية فرأوا أن الحب يمكن التعبير عنه، فهو إخراج الإنسان لمشاعره التي تتحدى العقل.

الحب في نظر الأدباء والفلاسفة العرب
للحب في نظر الأدباء والفلاسفة العرب وجهات وآراء عديدة، وله مؤلفات خاصة متعددة، فقد عبَّر الجاحظ عن الحب في كتابه النساء، وفي كتاب رسالة القيان، بأنه ذلك الشعور العقلاني البعيد عن اللهو، وقد طالب الناس بأن يقاوموه، أما ابن حزم الأندلسي فقد رأى في كتاب طوق الحمامة في الألفة أن الحب يبدأ بالهزل وينتهي بالجد، وهو شيء لا تُدرَك معانيه، ولا يوصَف إلا بالمعاناة، كما يقول إن جميع أنواع الحب القائمة على المنفعة الحسية تزول بسرعة، وتنتهي بانتهاء عللها باستثناء العشق المتأصل والمتوغل في النفس، فلا ينتهي إلا بالموت. ورأى أبوبكر الرازي أن الإنسان يُبتلى بالعشق، لذلك نادى بضرورة الابتعاد عنه؛ حيث وجد أن العشق يقع لمن هو قليل الحظ، ومن يفضِّل الرغبات الحسية على الروحية، وقد كان رأي ابن سينا مماثلًا لرأي أبي بكر الرازي في أن الحب علة ومرض، وقد تطرق في كتابه القانون إلى العلامات التي تظهر على من يُحب، مثل: تشتت الذهن واختلاطه، وفساد مخيلته، بالإضافة إلى الهذيان والحماقة، كما قارن بين العشق وحالة الاكتئاب عند فراق المحبوب وهجرانه؛ ففي الاكتئاب تتغير الحالة النفسية للفرد من الفرح إلى الحزن، ومن الضحك إلى البكاء.


درجات الحب
للحب درجات ثلاث، وهي:
الدرجة الأولى: الهوى
الذي يعبِّر عن الميل العاطفي الذي ينشأ من نظرة عابرة.

الدرجة الثانية: الحب
الحب الذي يُعبَّر عنه بالميل العاطفي مثيل الهوى غير أنه يقوم على الإخلاص، ويختار الإنسان فيه محبوبًا واحدًا لا يتجاوزه إلى غيره، وأخيرًا تأتي

الدرجة الثالثة: العشق
العشق الذي يعني المحبة بإسراف، فتستولي المشاعر الجياشة على صاحبها وتسيطر عليه، لدرجة أنه لا يشعر بأحد إلا بمحبوبه الذي يغنيه عن الكون بأكمله.

أجمل ما في الحب
الحب من أسمى المشاعر الإنسانية، وهو خليط من مشاعر الانجذاب والإعجاب تجاه شخص ما. ويحتفل العديدون حول العالم بعيد الحب في الرابع عشر من فبراير من كل عام، وفي الحب الكثير من القيم الجميلة والراقية، ومنها:

1- التوافق
يعتبر التوافق العقلي أحد أجمل الأساسيات في الحب، حيث يعزز انسجام الطرفين كل منهما مع الآخر، كما يُحافظ على علاقتهما.

2- التعبير عن المشاعر
يحتاج كل طرف لمعرفة مشاعر الجنس الآخر تجاهه، ويوجد العديد من الوسائل التي يُمكن استخدامها للتعبير، ولعل أهمها المصارحة الكلامية، التي تسهم في تقوية العلاقة والحفاظ عليها.

3- التجاوز عن المشكلات
لا شك في أن كل علاقة تعترضها العديد من المشاكل، ولكن يفضل تحملها وتجاوزها، والخروج منها بأقل الخسائر.

قيم ومواقف جمالية أخرى
1- تبادل الهدايا:
تعتبر الهدايا إحدى الوسائل الرمزية التي يتم التعبير فيها عن الحب بشكل واضح وصريح. والعناية بالطرف الآخر عند مرضه، فذلك كله يخلق شعورًا جميلًا عنده.

2- العلاقة الجسدية بين الطرفين
تعتبر العلاقة الجسدية هي أحد أنواع التعبير عن الحب، كما أنها تُضفي طابعًا مُثيرًا على العلاقة.

3- الاهتمام بالطرف الآخر ومدحه أمام الآخرين.
4- تجنَّب سماع الأقاويل والشائعات.
5- الثقة بالطرف الآخر، وائتمانه على الأسرار الشخصية.
6- التقدير والعرفان بالجميل للطرف الآخر.
7- الاستماع إلى الطرف الآخر عند تعرُّضه لمشكلة معينة، ومساعدته على حلها.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.