hindawiorg

Share to Social Media

قلت مُكرِّرًا، بينما كان بصري ما زال مصوَّبًا نحو الزهرة والوسيطة الروحانية
شكرًا » : فهمَسَت قائلة «! أجل، جميلة، جميلة ورائعة على نحوٍ غير مألوف » : الواعدة
«! لكرمك
استحيَيْتُ من نفسيبعضالشيء لكونيشريكًا متطوعًا لهؤلاء المحتالين الرعاع، وأنا
أستمع بنفاد صبر مُتزايد إلى انشراح جوردان وهو يصف عروضتجسيدٍ أخرى للأرَواح
لا تقلُّ روعةً وإقناعًا عن عرضماري، ملكة اسكتلندا، وعاد الوسطاء إلى أشغالهم العادية
في فترة الفراغ المسائي. كان روبرتس الشقيق الأصغر والسيد هيلدر يلعبان لعبة الطاولة،
ويتحدَّثان في الوقت نفسه بأصوات مُنخفِضة، وكانت ممثلة الدكتور راش البدينة نائمة
في كرسيِّها، وكانت السيدة وورك تَحيكُ الكُرُوشِيه، بينما كانت والدتها تَحتسي شراب
الجِعَة والماء، وهو مشروب منعشٌضروري، كما كان جوردان حريصًا على إخباري، بعدما
استَنْزَفتْ قُواها الحيوية بسبب تجسيدها الأخير لرُوح ماري. كان الوضع سيُصبح مألوفًا
تمامًا لولا حدوث بعضالفرقعات الصاخبة من حين لآخر، أو سلسلة من الطَّرَقَات الحادَّة
المُتتابعة صدرت على ما يبدو من السقف، والجدران الفاصلة، وجميع قطع الأثاث، ومن
تحت الأرض.
«. إنهم مَرِحُون هذه الليلة » : قال روبرتس وهو يرفع بصره عن لوحة لعبته
أجل، إنهم مُغرمون » : قالت والدة السيدة وورك، بينما كانت تُحرِّك مزيج الجِعَة والمياه
للغاية بالسيد جوردان. إنهم يَحومون حوله دائمًا. وأحيانًا، عندما تكون رؤيتي الداخلية
أكثر وضوحًا، أرى الهواء مليئًا بأشكالهم الجميلة، يتْبَعونه أينما ذهب. إنهم يُحبُّونه
«. ويكافئونه على اهتمامه الكبير بهم وبنا
«؟ ألم تتعرَّضللاحتيال من قبل » : سألتُ السيد جوردان
أوه، كثيرًا، تارةً من الأرواح الشريرة، وتارةً أخرى من الوسطاء » : أجاب السيد جوردان
«. المحتالين
«. ثَمة عمليات احتيال في كل مهنة، كما تعلمون » : قالت السيدة بلاكويل
«. لو لم يكن هناك ألماس مزيَّفٌ لما كان هناك ألماس حقيقي » : قال هيلدر
ألم تُزَعزِع اكتشافاتُك المتكرِّرة لهذا الاحتيال إيمانَك » : واصلت حديثي للسيد جوردان
«؟ بهذه الأمور
لِمَ قد يَحدثُ ذلك؟ إن تسعمائة وتسعة وتسعين » : أجاب رئيس السكك الحديدية
تجربة سلبية النتائج ليسمن شأنها أن تُثبت شيئًا؛ لكن التجربة الألف، إذا ثبتَت صحَّتُها،
فإنها تُثبتُ كلَّ شيء. إذا نجحت تجربةٌ واحدة، فإن ذلك يصير برهانًا دائمًا على إمكانية
«. التواصل مع الأرواح غير المجسَّدة
قُوبل هذا الافتراضبِوَابِل من الطَّرْق الصادر من كل أرجاء الغرفة استحسانًا له.
أنا متأكدٌ من ذلك. إنَّ إثبات حالة واحدة من تدخُّل الأرواح في شئون البشرمن » : قلت
«. شأنه إثبات القضية بأكملها
لكنك تعتقد أنه لن تَثبت صحة التجربة رقم ألف أبدًا، وفي هذه الأثناء » : ردَّ مبتسمًا
«. ستَحتفظُ بحقِّكَ في تفسير كل الأشياء التي رأيتها الليلة بفرضيَّة الشعوذة
قالت السيدة بلاكويل مُعرِضَةً، وقد انتَهَت الآن من احتِساء كأسالجِعَة الممزوج بالماء:
«. أنا متأكِّدة من أن السيد لا يعتقد ذلك »
ومع ذلك قد تنجح التجربة الألف، قد تنجح في أي وقت، ويمكن أن » : أردف جوردان
«. يحدث ذلك لك. تعالَ وانظر إلى لوحاتي
حاولت أن أبدوَ وقورًا بينما كان مُضيفي يؤدِّي واجب الضيافة بعرضه مجموعة
كبيرة من لوحات رافاييل وتيتيان وكوريدجو وجويدو وغيرهم، رُسِمَت جميعًا في منزله
بأيدي وسطاءَ رُوحانيين تحت تأثير الإلهام. كان لدى جوردان مجموعة ربما لا يُضاهيها
شيءٌ على وجه الأرض من الأساتذة القُدامى. وعندما سألني عن رأيي في الأدلَّة من داخل
اللوحة التي تؤكِّد أصالتها، استطعتُ الرد بصدقٍ تامٍّ بأنه لا يُمكن لِعَين أن تُخطئها.
تحوَّلتُ من هذه السرقات المُذهلة وبداخلي مشاعر ارتياح إلى لوحةٍ لمنظرٍ طبيعي
دانيال » لقد نقلتُها إلى هنا لإفساح مجال لرائعةِ كراتشي » : مُعلقة في الرَّدهة. قال جوردان
تلك اللوحة الكبيرة المصنوعة من القماش التي ربما حَظِيَتْ بإعجابك على ؛« في جُب الأسُُود
«. نحوٍ خاص
نظرتُ إلى العجوز لمعرفة ما إذا كان جادٍّا، ثم نظرتُ مرةً أخرى إلى المنظر الطبيعي
الرائع.
لم يكن مجرَّد خيال مرسوم، ولكنه كان الحقيقة ذاتها؛ مجموعة من أشجار
الصفصاف المستديرة، مصوَّرة تارةً في وضح الصباح الباكر، وتارةً أخرى مُنعكسة على
صفحة المياه الهادئة تمامًا للقناة أو الجدول البطيء المارِّ أسفل الأشجار. وهنالك زورق،
يطفو جزءٌ منه على الماء ويرسو الجزء الآخر على العشب الرطب لضفَّة النهر القريبة، وعلى
مسافة غير واضحة يمكنك رؤية برج قصر ذي قمةٍ مخروطية على الطراز البورجندي.
يلفُّ كل ذلك جوٌّ رطب رائع من اللون الأزرق والضباب، والضوء الناعم. لا أقول إنها
رسومات من الخيال، بل هي نافذة يُمكن لكل ذي عينَين أن يستكشف عبرها الطبيعة في
حقيقتها الخالدة.
هذا أقرب ما يَنْتَمي إلى عالم ما فوق الطبيعة من أي شيء رأيتُه. إنها تساوي » : قلت
«. كل ما قام به أساتِذَتُك القدماء معًا
هل أعجبتْك؟ إنها جيدة بما فيه الكفاية، على ما أظن، على الرغم » : قال السيد جوردان
من أنها تنتمي إلى مدرسة ليس لديَّ أيُّ ولع خاص بها. لقد رُسِمت هنا قبل حوالي عام
«. من قِبلِ رُوح لم تشأ تحديد هُويتها
هذا هراء، لقد مات كورو منذ ست » : قلت بعد أن فاق ذلك كل قدرة لديَّ على التحمل
«. سنوات
سيدة وورك، هل تذكرين الظروف التي رُسِمَ » : عاد جوردان أدراجه إلى المكتبة، وقال
«؟ فيها المنظر الطبيعي الكبير في الردهة، ذو اللون الأخضرالضبابي
بالتأكيد، أتذكَّر » : أجابت السيدة الشابة، موجِّهة بصرها إلينا تاركة الإِبَرَ التي في يدَيها
«. جيدًا جدٍّا. لقد رُسِمت بواسطتي
استخدمتْ في ادِّعائها تأليف هذا العمل العبقري الرائع، نبرة الأمر الواقع التي كانت
ستستخدمها عند سؤالها عن نسج طائر اللقلق وزهرة عباد الشمس بالصوف، أو غزل
هرة نائمة بالصوف البرليني.
«؟ وهل أنتِ فنانة؛ أعني عندما لا تكونين في حالة الغَشية »
ثم أَبرَزَت لي من إحدى «. أوه، نعم » : أجابت، وقد قابلتْ نظرتي إليها بعينين لا تَطرُفان
مجموعات السيد جوردان رسومات زنابق مثيرة للضحك بألوان مائية. في هذه الأثناء، كان
ها هي كل اللوحات المقيَّدة بالدفتر » : جوردان يُفتِّش في مكتبِه. وجلب دفتر حسابات، وقال
وفي منتصف صفحة مما يشبه المذكرات قرأت هذا البند: «. بالأبيضوالأسود
١٣ مايو ١٨٨٠ : ادفعوا لحساب السيدة وورك لرسم لوحة تمَّ إنجازها وتسلُّمُها؛
منظر كبير (أشجار، نهر، قارب إلخ) … ٢٥ دولارًا.
كل ما يمكنني قوله يا سيدتي أنَّ نويدلر » : صِحتُ مُلتفتًا إلى السيدة وورك قائلًا
أو آفيري كانا سيدفعان عشرة آلاف دولار عن طيب خاطر مقابل تحفة كورو هذه، إنها
«! لِكورو، ويا لها من تحفة
طابت ليلتُك. بعد كل ما » : بعد ذلك بقليل قال جوردان عندما نهضت لآوي إلى فراشي
«. مررتَ به، لا أحتاج إلى تحذيرِك مِن ألا تَنزعج بسبب أيضجيج قد تسمعه في غرفة نومك
وأعقبت جملتَه عاصفةٌ من الطَّرَقَات جاءت لتُؤكِّدها. وكانت السيدة بلاكويل تقول، بينما
إنهم يحومون، يحومون حول المكان. لكنهم بمنزلة حراس » : كنت أهم بمغادرة المكتبة
«. لهذا المنزل
ذهبتُ إلى الفراش في حيرة تامة من أمري؛ فرغم كل شيء، هل كان هناك، وراء
تلك الحيل البائسة، شيءٌ غير مفهوم، شيءٌ غير قابل للتفسير، شيءٌ لا يُوصف لم يَفهمه
المشعوذون أنفسهم، فضلًا عن السُّذَّج المخدوعين فيهم؟ عندما فكرت في ماري، ملكة
اسكتلندا، وتحديقها فيَّ من خلال قناع الورق المعجَّن، وافتِتَان جوردان بجَمالها غير
العادي، بدت المشكلة أتفَهَ من أن تلفِتَ انتباه رجل ذكي لدقيقة واحدة. لكن كان هناك
كورو. كانت آلات الطَّرْق، والأيدي، والحبال، والأشباح، وآلات الجيتار، وأعمال رافاييل
وكوريدجو وكاراتشي طفولية في سذاجتها وبساطتها، ولكن مرةً أخرى كان هناك كورو.
كانت كل سلسلة من التفكير المنطقي، وكل عملية تحليلية تقودُني للعودة إلى كورو الرائع.
لا بدَّ أن أحد الاحتمالاتِ الثلاثة صحيح: إما أن تكون الصورة عادية، كحالِ أعمال
الروَّاد القُدامى الأخرى، وأن تَقيِيمِي كان تحت تأثير وهم أو هلوسة غريبة فيما يتعلق
بمزاياها، أو أن السيدة وورك وشركاءها اشتروا لوحة لكورو غير معروفة للخبراء وباعوها
بجزء من خمسمائة جزء من قيمتها السوقيَّة؛ لتعزيز خدعة تافهة، أو أن اللوحةَ أعُجوبة،
وكانت طريقة إنتاجها بمنزلة مُعجزة. كان الافتراض الأول هو الأكثر منطقية، ولكن لم
أكن لأتََقبَّلَه على حساب خبرتي وحكمتي. لا شكَّ أن ضوء النهار كفيل بتأكيد تقديري
للصورة. انطوى الافتراض الثاني على درجة من الحماقة — حماقة لا مُبَالية ومكلِّفة —
من جانب هؤلاء الوسطاء الكرام لم تتوافَق مع ملاحظاتي بشأن شخصيتهم. كان قبول
الافتراض الثالث، بالطبع، يعني قبول نظرية الرُّوحانيين. وهكذا استسلمتُ للنوم وسط
هذا الكم من التفكير، واستيقظتُ حوالَي الساعة الثانية والنصف، بسبب طَرْقٍ مكتوم أسفل
سريري مباشرةً.
توالت الأحداث التي تَلَتْ ذلكسريعًا، لكن كلُّ حدثٍ واضح ومميَّز في ذاكرتي، وأطلب
منكم أن تحتفظوا بأحكامكم حتى تسمعوني.
كان مصدر الضوضاء غرفة أسفل غرفتي، وحسب ظني، كانت هذه الغرفة هي
المكتبة، وبالرغم من نصيحة جوردان، قررتُ أن أستكشف الأمر. سارعت بارتداء بنطالي
ومضيتُ بحذَرٍ نحو الدَّرَج، وعند قمَّة الدرج فُتح باب عند مُروري واستقرَّتْ يَدٌ على كَتِفي.
«! لا تنزل! لا تنزل! عُد إلى غرفتك » : وإذا بي أسمع همسًا في أذني
وإذا بشكلٍ أبيضَ يقفُ أمامي. كانت تلك الوسيطة الواعدة في ثوب نومها، وكان
شعرها الأسود مُنسدِلًا بالكامل.
«؟ لماذا لا أنزل؟ هل تَخشَين أن أحُْرج الأرواح وهم يُمارسون أعمال نِجارتهم » : سألتها
أنت تَعتقد أن كل هذا محْضُ خداع، لكنه ليس » : تحدثَتْ بسرعة وبإثارة واضحة
كذلك. يعلم الربُّ أن هناك ما يكفي من الخداع والغش؛ لأنه يجب أن يجد الوسطاء ما
«. يتكسَّبُون به عيشهم، ولكن ثَمة أشياء — نادرًا وليس كثيرًا — تُذهِلنا
«. أخبريني بحقيقة لوحة كورو »
حقيقيةٌ كحقيقة وقوفي هنا أمامك، ورُسِمت بالطريقة التي أخبرناك إياها؛ على »
حامل قماش الرسم الخاصبي، وبفرشاتي في يدي، ولكني لستُ مَن رسمها. لا أستطيع
وازدادت أصوات الطَّرْق الصاخبة «. أن أخبرك بأكثر من ذلك؛ لأنني لا أعرف أكثر من ذلك
في الطابق السُّفلِي.
«!؟ وإذا نزلتُ، فهل سأواجه أحدَ الألغاز التي تتحدثين عنها »
في هذا الوقت «. لا، لكنَّك ستتعرضلخطر كبير. إنني أطلب منك ألا تذهب لأجلك أنت »
كنت في القاعة السفلية.
في الطابق السفلي، اكتشفت أن الأخوين روبرتس كانا في غرفة جوردان الصغيرة
يعقدان جلسة استحضار للأرواح، في حين كان الوسيط الرُّوحاني الواعد، السيد هيلدر،
يفكُّ الأرقام السرية لخزانة جوردان، حاملًا في يده فانوسًا داكنًا يُمكن إخفاء ضوئه.
في خِضَمِّصراعي القصير الذي لم يُكلَّل بالنصرمع الأوغاد الثلاثة، لا بدَّ أنني تلقيت
بعضالضربات على الرأس، فقد كانت عيناي نصف مغلقتين من سيلان الدم، عندها لاحت
لي فكرة غامضة أن أصرخَ طلبًا للمساعدة عند أسفل الدَّرَج، فعدتُ مترنِّحًا إلى القاعة
السفلية، لكنني دُفعتُ بقوة مِن قِبَل اثنين من الوسطاء الروحانيين، وسمعت أحدهما
ثمَّ رأيت قضيبًا حديديٍّا ثقيلًا يُرفَع «. اضربه بقوة! يجب القيام بذلك » : يَهمس قائلًا
ويوجَّهُ نحو رأسي.
في هذه اللحظة كنت أقف أمام لوحة كورو مباشرة. حتى في ضوء غير مثالي، كان
ذلك المنظر الرائع للطبيعة بجانبي يبدو كنافذة في الحائط. في لحظة أخرى، كانت العَتَلَة
تُوشك أن تخترق جمجمتي، عندها تناهى إلى أذنيصرخة من أعلى الدَّرَج، حيث كنتُ قد
«! اقفز! اقفز داخل الصورة! اقفز بحق السماء » ، تركت الوسيطة الروحانية الجميلة واقفة
وضعتُ إحدى يديَّ على الإطار، كما لو كان عتبةَ نافذةٍ، ثم اندفعت بجرأة باتجاه
اللوحة. سقطت العَتَلة، ولكن كنت بالفعل خارج نطاقها، وسقطتُ، وصِرت أهوِي، أهوِي،
كما لو أنني أهوِي في فضاء لا مُتَناهٍ، إلا أن أياديَ خفية كانت تحملُني جزئيٍّا، بعدها
وجدت نفسيعلى العشب الرطب لضفَّة القناة. قفزتُ في القارب الشراعي الصغير وسارعت
بالتجديف عبر النهر؛ ثم بعد أن وصلت إلى الضفة الأخرى، وتحت أشجار الصفصاف غبتُ
عن الوعي تمامًا.
عندما عدتُ إلى وعيي، كنت مستلقيًا في ثيابٍ كتانيَّة ثلجية في فندق ديو في ديجون،
مع ممرضة طيبة تقوم على رعايتي. هاكم تفاصيل دخولي الواردة في دفاتر المستشفى:
٢١ مايو ١٨٨١ : استُلم من السيد عُمدة فلافيني شخص مجهول الهُوية، عُثرَ
عليه في وقت مبكر منصباح اليوم، فاقدًا للوعي، نصفعارٍ، علىضفة القناة من
بورجندي، بالقرب من حدود المنطقة. الإصابات: جرح بالغ في فروة الرأسوكسر
بسيط في العظم الجِداري الأيمن للجمجمة. المقتنيات:سروال واحد، وقميصنوم
واحد، وزوجٌ من النعال. وسائل إثبات الهوية: لا يوجد.
أيها السادة، هذه نهاية بياني للحقائق. أنا الآن في طريقي عائدًا إلى أمريكا،
ولسوف أبَُرهن على تدخُّل الأرواح في الشئون الإنسانية من خلال تقديم دليل
قاطع على وجود لوحة رائعة رسمها فنان ميت، وأنَّ الأرواح قد استخدمتها
نِيابة عنِّي كوسيلة للهروب من خطرٍ قاتل، وأنني، بواسطة تَحليقٍ هو الأكثر
استثنائيةً في سجلات البشر، قد حُمِلت جسديٍّا لأكثر من ثلاثة آلاف ميل في بضع
ثوانٍ.
لا تضحكوا بعد؛ فسأعرِض للعالم العِلميِّ وجميع المحقِّقين المنصفين
لحقيقة الرُّوحانية، الأدلة على صحة ما أقوله:
١) سجلات فندق كونتيننتال في فيلادلفيا بتاريخ ١٩ مايو ١٨٨١ ؛ فقد )
توقَّفتُ هناك في طريقي لزيارة جوردان. ستجدون اسمي تحت هذا التاريخ.
٢) شهادة السيد جوردان وعائلته بأنني كنت برفقتهم في برين ماور بتاريخ )
٢٠ مايو ١٨٨١ ، حتى الساعة الحادية عشرة ليلًا.
٣) التسجيل الموَثَّق في حينه لدخولي المستشفى في ديجون، فرنسا، بتاريخ )
. ٢١ مايو ١٨٨١
٤) اللوحة الرائعة في حوزة جوردان الآن. )
سيدي العزيز: ردٍّا على رسالتك الاستفسارية، اسمح لي أن أقول إنَّصديقنا
المشترك، السيد جون نيكولاس، قد ظلَّ تحت رعايتي لأكثر من عام، باستثناء
شهرين قضاهما في مقاطعة كوت دور تحت رعاية طبيب آخر.
إنَّ الحقائق التي يَسردُها في قصته المؤسفة مسرودة بدقَّة (حتى نقطة
معينة)، كما هو موضح من قِبَلك. فذاكرة السيد نيكولاس ليست جديرةً بالثقة
فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت بعد أن تعرَّض لضربة قوية على رأسه إثر
مواجهته بعضاللصوص.
أما بالنسبة لقيمة تقديره لمزايا اللوحة التي أسَّسَ عليها وهْمَه، فليس لدي
ما أقول؛ إذ لم يَسبِق لي أن رأيتُ ذلك. غير أنه قد يجدر بنا أن نقول إنه قبل
رحيله إلى فرنسا، اعتاد السيد نيكولاس أن يَنسب اللوحة إلى فنان أمريكي تُوفيِّ
قبل بضع سنوات. وحسب روايته للقصة، لم تكن بورجندي هي الجهة التي
حُمل إليها، وإنما وادي ويساهيكون.
اسمَح لي أيضًا أن أقول إن هذا الهَوَس لا يؤثر على سلامة العقل في جميع
النواحي الأخرى، ولا أرى سببًا لليأس من شفائِه الكامل.
مع فائق احترامي
د. هوراس إف دانيالز
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.