في إحدى أمسيات الشتاء الممطرة، تحديدًا عام ١٩٣٠في الجزيرة المحرمة في إنجلترا.
شابٌ يُدعى " أبيليو" كان ذاهبًا لباحث, وكان مشهورًا بالورع، الحكمة، وخداع الناس بالكلمات؛ بأنه يفعل ما لم يفعله أحد من قبل, فقام بإقناعهم مع مرور الأيام التي كانت لا تمر مرور الكرام، وفجأة انتشر المرض في المدينة؛ فأُصيب الجميع بالجنون والهلاوس، لم يكن أحد يعلم ماهية المرض، ولا مصدره، ولا حتى أعراضه، فالجميع أصيب بالجنون، إلا عدد قليل ممن كانوا في صفه.
في الغربة لابد أن يكون لك هواية تمارسها؛ حتى لا يقتلك الملل. وهوايته القراءة، يقبع بضع ساعات يوميًا بداخل المكتبة الكبيرة في وسط مدينة لندن، هذه المدينة الغامضة التي تشعر أنها تبتلع الكثير من الأسرار داخلها، ولا تبوح لأحد بها.
يعمل باحثًا في علوم الأمراض والڤيروسات في إحدى المنظمات الطبية، فقد أتى من مصر منذ عامين، ثم تأقلم سريعًا مع العيش في هذه المدينة؛ وقد ساعده على ذلك أنه يتحدث الإنجليزية بطلاقة.
كان يقضي وقته بعد انتهاء عمله في المكتبة، ليقرأ بضع ساعات ثم يتجول قليلًا وبعدها يذهب إلى مسكنه؛ لينام ما يكفيه من الوقت.
في أحد الأيام دخل المكتبة وقرر أن يتجول داخلها؛ كي يتفحص الكتب دون أدنى اهتمام، فليس لديه الرغبة في القراءة اليوم؛ ولكنه اعتاد على قضاء ساعات في المكتبة، أخذ يتجول إلى أن قرر أن يأخذ أي كتاب يقع في يديه، وبالفعل مد يده وأخذ كتابًا دون أن ينظر إلى غلاف الكتاب، أو يعرف اسمه، جلس وفتح الكتاب، وارتدى نظارته وأخذ يقرأ بدون تركيز، إلى أن لاحظ أنه يوجد فاصل بين الصفحات في وسط الكتاب، من الواضح أن أحدهم ترك ورقة في الكتاب أمسك الورقة وقال: يبدو أن أحدًا ما كتب بعض الملاحظات عن الكتاب، وتركها داخله ثم أغلق الكتاب، وقرر أن يقرأ الورقة. في بداية الأمر اعتقد أنها ملخص للكتاب, وفتح وبمجرد أن قرأ بضعة سطور حتى انتبه، واعتدل في جلسته، وقام بتثبيت نظارته بإصبعه، وإن تلك الورقة ليست عن الكتاب وما يحويه؛ بل هي أخطر من ذلك.
(عزيزي يا من ترى الآن كلماتي، أرجو أن تعلم أنك الآن صديقي الوحيد الذي ستعرف الحقيقة، نعم فحينما تنتهي من قراءة ما بيديك أتمنى أن تنتهي منها بأي طريقة؛ فتلك هي وصيتي لك ويحتم أن تنفذها؛ لأنك صديقي مثلما أخبرتك).
أنا اسمي "لارا" وقد تتخيل من اسمي بأني جميلة أو شقراء؛ ولكني عكس ذلك تمامًا، بل ويؤسفني أن أقول لكَ أني قبيحة الوجه، وسوداء كما زنوج أفريقيا، وهذا ليس بذنبي؛ فلقد خُلقتُ هكذا فلا تلومني.
أبلغ من العمر تسعة وعشرين عام، أعلم أني لست صغيرة, ولكني سأعترف لك أني ارتكبت كثيرًا من الحماقات سوف تذهلك، ومن الممكن أن تكون من وجهة نظرك جرائم، وأيًا يكن ما تسميها فلن نتباين، فلا أحد يعلم عني شيئًا سواك، وأرجو أن ما ستعلمه عني يبقى سرًا بيننا، أنا لا أعرفك، ولن أعرفك، ولن تراني، ولن أراك إطلاقًا.
"ظهرت معاناتي عندما كنت على أعتاب المرحلة الثانوية، وقبلها لم يكن لدي أصدقاء، فمن سيتحمل صداقة فتاة قبيحة، انطوائية لدرجة كبيرة، ولا تتودد إلى أحد، ولكن المعاناة أني كنت أتعرض يوميًا للاستهزاء من وجهي، فكان البعض يطلقون عليَّ القردة، وبعضهم يسمونني شمبانزي، تحملت الكثير ولم أطق، وعزمت أن أنتقم من الذين يسخرون مني، ومعظمهم من الفتيات، وكانت طرق الانتقام مختلفة، وعادلة، تختلف مع كمية استهزائهم بي."
فمنهم من قمت بكسر ذراعه وأنا أختبئ في الظلام، ومنهم من قمت بأكثر من ذلك فأصبح طريح الفراش لأسابيع، ومنهم من وضعت له قليلًا من السم في طعامه؛ فيرتمي أرضًا ويتلوى مثل الثعبان وسط فزع من الطلاب، وأنا أشاهد وأبتسم دون أن يلاحظ أحد، ولن أكذب عليك كنت أشعر بسعادة وأنا أرى كل من سخر مني يتألم، وزادت المعاناة عندما التحقت بالجامعة، وكثرت السخرية من قبح وجهي، ومع ازدياد السخرية كان يزداد عنفي، ففي أحد المرات سخر مني شاب وسط تجمع كبير من الطلاب، وجعلهم يضحكون، وعندما تملك بي الشعور بالإهانة؛ قمت لكي أغادر وأنا أجري فقام بعرقلتي، وعلت أصوات
الضحك، فقمت ونظرت له نظرة أعتقد أنه لم يفهمها جيدًا، وبعد عدة أيام نشب حريق في غرفته و نجا هو، ولكن مع بعض التشوهات في وجهه، وأعتقد أنك عرفت من قام بتلك الجريمة، نعم، أنا من فعلتها ولا تندهش، هم من يقومون بتحريضي على فعل ذلك، أنا من يفوز دومًا وهم الخاسرين، فعندما تشعر أن كرامتك أُهينت سوف تفعل ما لا يخطر على ذهن أحد، أعرف أنك تتهمني بالجنون ولك الحق في ذلك، ولكن عليك أن تكمل حكايتي قبل أن تحكم عليّ، بعد ما حدث لذلك الشاب ظن الجميع أنني ملعونة، وتجاهلني الجميع، ولم يسخر مني أحد بعدها، أو بالأدق لم يسخروا أمامي، أصبحت أكثر عدوانية، وكراهية الجميع لي كانت تزداد يومًا بعد يوم، وتيقنت أن ذلك الشعور سيقتلني قريبًا، ولكن حدث ما لم أتوقعه يومًا ولم يكن في الحسبان؛ ففي يوم وأنا جالسة في حديقة الكلية وحيدة بالطبع، وإذا بي أسمع صوتًا بجانبي، وعندما التفت وجدت شابًا وسيمًا يبتسم لي، ظننت أنه أخطأ وبمجرد رؤيته لي سيغادر، ولكنه ظل جالسًا ناظرًا إليّ.
ناظرًا إليَّ ومبتسمًا، تعرفنا على بعضنا وكان يُدعي "ألبرت" وكان يحدثني بمنتهى اللطف، وللحظة شعرت أني جميلة، يا إلهي، إنه شعور جميل جدًا أن تشعر بأنك مرغوب لدى الآخرين، ولكن بالنسبة لي، كان كابوسًا مخيفًا.
كان ذلك الشاب يجلس معي يوميًا، يحدثني بلطف، ويمتدح في ذكائي، وشخصيتي، وبالطبع لم يقل أني جميلة؛ فهو ليس بهذا الغباء، ويدرك أنني لست بتلك السذاجة.
اعتدتُ على مجالسته، والحديث معه، وكان الوقت الذي أقضيه بصحبته أفضل أوقات يومي، وكنت أريد انتهاء الليل سريعًا؛ كي أذهب لكليتي وأراه، وأجلس معه، وأستمتع بالحديث معه.
جعلني أعشقه، وأعترف بهذا، وكيف لا أعشقه وهو الوحيد الذي يبتسم في وجهي القبيح؟ الوحيد الذي يحدثني بلطف؟ ويعاملني كما ينبغي لرجل أن يُعامل امرأة.
نعم فأنا امرأة بالرغم من حماقتي، قبحي، وعدوانيتي، فمازلت امرأة.
جعلني أهتم بملابسي، وأرتدي ما يظهر مفاتن جسدي، وإن كانت غير ملفتة للنظر، وأصبحت هادئة الطباع، وأقل عدوانية، وتلاشت الكراهية، بل حل محلها حبًا, لكنه له هو فقط.
جعلني أشعر أنني لستُ بقبيحة، وأنني فتاة مثل كل الفتيات، بل وتعلمت منه ألا أهتم بالآخرين، وألا تهتز ثقتي بنفسي، وأنني أفضل وأحسن من الكثير منهم.
قضيت معه ثلاثة أشهر هم الأجمل في حياتي، كنا نتقابل أكثر من مرة أسبوعيًا خارج الكلية؛ كي نتجول سويًا، ونمرح مثل كل العشاق الذين كنت أحسدهم حينما أراهم، لكن الآن أنا في قمة سعادتي.
في يوم نظر إليّ نظرة طويلة، وقام بتقبيلي، بالطبع لم أمنعه فقد استمتعت بتلك القبلة كثيرًا، بالرغم من أنها كانت ثواني إلا أني شعرت أنها استمرت لساعات، وحينها كنتُ مُغمضة العينين، وكنتُ في عالم آخر حينما فتحت عيني وجدته ينظر لي مبتسمًا، شعرت بالخجل, وكانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي أشعر بذلك، وبعدها فاجأني وبكل جرأة, قال أنه يريد أن يمارس الجنس معي.
وأقسم لك يا صديقي الذي لا أعرفه أنه لو لم يطلب ذلك لطلبته أنا!
قضيت تلك الليلة في منزله، ومارسنا بكل حب، وعنف، وكانت شهوتي التي لم أكن أعلم عنها شيئًا مرتفعة لأقصى درجة، بالطبع كنت في قمة النشوة، شعرت تلك الليلة أنني إيزيس إلهة الجمال عند الإغريق، شعرت أنني كليوباترا مع حبيبها أنطونيوس، أنني عشتار إلهة الجنس والحب عند البابليين، أو أفروديت اليونانية، شعرت أنني أكثر دلالًا من الأميرة ديانا، وأكثر إغراءً من مارلين مونرو... باختصار شعرت أنني أنثى، أنني امرأة رغم أنني كنت قد نسيت ذلك.
أنت الآن تعتقد أن معاناتي قد انتهت، وأنك تشعر بالسعادة لأجلي. أشكرك يا صديقي، على تعاطفك معي، وسوف أعترف لك أنني ظننت ذلك، ويؤسفني أن أُخبرك أن ما مضى من معاناة لا يقارن بما هو قادم.
ففي يومٍ وأنا جالسة معه في مكاننا المُعتاد نادى عليه أحد أصدقائه وذهب إليه، وانتبهت أنه قد ترك أوراقه، فأمسكتها وأخذت أقلب فيها، ورأيت ما لم أكن أتوقعه ابدًا، أو يكن في مخيلتي.
فقد وجدت رسائل من أصدقائه يحدثهم عن ما يفعله معي ونحن في غرفة نومه، بل ووجدت أقذر من ذلك، وجدته قد أرسل صورًا لهم التي رسمها لي وأنا عارية تمامًا، وقرأت تعليقاتهم الساخرة على جسدي وشكلي ووصلت إلى السب، واللعن في رسائلهم الورقية، ولكن أكثر ما جعلني أشعر بفقدان كرامتي هو أني قرأت في مراسل لأحد صديقاته يتوعد لها أن يقدمني لها؛ لكي أصبح عبدة لها، فهي سادية وقد علمت ذلك من خطاباتهم معًا.
تركت الأوراق مكانها؛ حتى لا يشعر أنني أمسكتها وبقيت ثابتة، ولكن بداخلي بركان من الغضب، وفيضان من الكراهية، وتساؤلات كثيرة، لم أجد إجابة لها.
لماذا فعل ذلك معي؟ لماذا جعلني أشعر أنني امرأة؟ لماذا أدخلني الجنة، وجعلني سعيدة، وفجأة ألقى بي في الجحيم بكل قسوة؟ لما خدعني؟ لما تقرب مني؟ وأنا لستُ بجميلة، وهناك الجميلات حوله، لما اختارني أنا؟
لما جعلني لعبة سخيفة يلهو بها مع الحقراء أمثاله؟ لقد سقط من نظري من قمة النبل، والرجولة، إلى بئر الانحطاط، والنذالة.
جاء وجلس بجانبي بابتسامته المعهودة التي طالما عشقتها، هههه ولكن الآن أرى أنيابه بارزة، وأرى الخبث في عينيه، فلم أواجهه، أو أخبره بأنني علمت شيئًا، ولا أعلم لما فعلت ذلك؟
تركته وذهبت إلى منزلي وبداخلي غضب يكفي لتدمير لندن عن بكرة أبيها، غضب لو تدلى إلى المحيط لأحدث تسونامي من جديد، بل وأغرق مدنًا.
عدت إلى عدوانيتي من جديد، ولكن أشد مما سبق، أعلم أنك ستقول عني أنني صرت في هالة من الجنون مما حدث، وأعلم أنك ستقول لم يعد لدي مبررات جديدة من أجل عدم انتقامي "قتله"؟
أعلم ذلك تمام العلم، على العكس فأنا أعرف أنه خطأ، أيقنتُ أنه أمر لا يستحق ذلك، ولكن صرت بلا مشاعر، بلا إدراك، بلا رحمة، سلبوا مني كل شيء كان جميلًا في حياتي، بل ونهبوا كل ما كنت أحيا من أجله إذًافهو العدل عندما تأخذ من شخص كل شيء وتحاصره، ولا تترك له منفذ للضوء من أجل أن يكون صالحًا، لا تطلب منه أبدًا أن يكون ذو رحمة، أوعلى الأقل أن يفكر بعقل، عقل كيف؟ تذكرت جملة قديمة قيلت (لا تتحدى شخصًا لا يملك شيء يخسره، وخصوصًا لو امتلكت أشياء تخسرها).
فكرت أن أذهب إليه وأمزق جسده بسكين بارد، أو أُشعل النيران في جسده عاريًا، ولكني هدأت وفكرت أن أنتقم منه دون أن أفقد حياتي، مستقبلي...إلخ من تلك الشعارات الكاذبة، ولكن لابد من التخطيط بعقلانية كي أنتقم منه انتقامًا يليق بما فعله.
بقيت أيامًا في غرفتي لا أخرج منها، أفكر في أمر واحد فقط؛ كيف أنتقم لكرامتي من ذلك المعتوه المخادع؟ قررت أن أراقبه أولًا قبل أن أنتقم منه، وعرفت كل شيء عنه خلال أيام مراقبتي له، عرفت أنه سكير، مقامر، وفي بعض الأحيان يكون محتالًا بل وسارقًا، وذلك بمساعدة أصدقائه.
خلال الليالي التي لم أذهب إلى الجامعة، كان قد لاحظ غيابي
بعدها ذهبت يومًا واحدًا، وعندما سألني عن السبب كنت في هالة من الارتباك، وقلت له أنني متعبة.
وأخبر أصدقائه أن هناك أمر خفي يحدث، وعلمت هذا عندما ذهب لأصدقائه يحاكيهم، لم أكن أعلم أهم يتحدثون عني أم لا؟ فذلك لم يكن يشغل ذهني من الأساس، كان كل تفكيري منصبًا في خطة انتقامي فقط.
عندما انتهيت من كل شيء في خطتي؛ فقررت أن أنتقم، وذلك ما حدث:
ففي إحدى الليالي قررت أن أنتقم منه، وبالفعل ذهبت إلى منزله بعد منتصف الليل، أعرف يا صديقي، أنك الآن قد تسارعت دقات قلبك وتقرأ سريعًا؛ لأنك تريد أن تعلم ماذا فعلت, فأنا لم أخبرك عن كيفية انتقامي منه، سأدعك تعرف فيما بعد، ولكني أعلم أن فضولك يدفعك لذلك، وأنه ليس لك ذنب في ذلك، وسوف أخبرك كي أُرضي فضولك:
ذهبت وتسلقت جدران المنزل, حتى صعدت إلى شرفته، ورأيت ما لم أره من قبل، ولكني لم أندهش.
شاهدته وهو يمارس الفحشاء مع صديقته السادية، التي قد وعدها أن يقدمني لها كي أصبح عبدة لها، كل ذلك لا يهم, فهو عبد لها، كانت تعذبه وهي تضحك بصوت عالٍ، وهو مستمتع بضربات السوط على ظهره، رغم كونه يصرخ أعجبني منظره وهو يتعذب، وبقيت أُشاهده، قررت ألا أقتله، بل عزمت على شيء آخر أكثر حماقة، قمت بالتسلل داخل البيت من الشرفة الثانية، ووجدت زجاجة الخمر على طاولة خارجة من الغرفة، فقمت بوضع الحبوب المخدرة داخلها، ثم اختبأت في إحدى الغرف، وبقيت ما يقارب الساعة حتى سمعت صوتهم يخرجون من الغرفة، وصوت ضحكاتهم يملأ أركان المنزل، لكنه كان مثل الحطب يزيد اشتعال النيران بداخلي.
بعد وقتٍ لم يكن بطويل ، خيم السكون في المنزل، فخرجت من مخبئي، ووجدتهم فاقدين الوعي وهم عراة، فابتسمت وقمت بفعلتي الحمقاء، لكن قبل أن أخبرك ماذا فعلت أود أن أسألك ماذا سيكون شعورك، أو رد فعلك عندما تستيقظ وتجد جثة امرأة معلقة أمامك؟
ملحوظة هي ليست معلقة من رقبتها, لأنك ستجد رأسها بجانبك، على سريرك الذي تلطخه دماؤها!
قبل أن تندهش، أو يصيبك الذهول سأعترف لك,
نعم، أنا من فعلتها، وقد تطلب الأمر ما يقارب الساعة والنصف من الوقت، بل ومجهودًا لم أبذله قط، ولا أخفي عليك لقد استمتعت بمشاهدته وأنا مختبأة في الشرفة عندما أفاق ورأى المشهد، وأخذ يصرخ بهستيرية، بعدما انكمش في زاوية الغرفة، غادرت المنزل وأنا أبتسم ابتسامة نصر، وأستمتع بصرخاته التي يقل سماعي لها مع ابتعادي عن المنزل، وذهبت إلى منزلي منشرحة الصدر، بل ونمت على سريري نومًا هادئًا، مطمئنًا دون الشعور بأي ذنب بل كنت سعيدة أنني انتقمت لكرامتي، ولم أكن أعلم أن هذا سيسبب لي كثيرًا من الصعاب.
في الصباح ذهبت إلى كليتي، وعلمت أنه أُصيب بالجنون، لم تستطع الشرطة معرفة شيء منه.
ابتسمت وفرحت؛ لأنني حققت انتقامي كما أريد، نعم، فقد كنت عازمة على أن أفقده عقله، أن أراه مجذوبًا، مجنونًا يطوف وأنا أسخر منه، عرفت حينها أن أصدقاءه علموا أنني من قمت بذلك؛ فلم يخبروا الشرطة، وقرروا الانتقام لصديقهم.
وبعدها قررت الرحيل، وأنت الآن تتساءل إلى أين؟ سامحني صديقي لا أستطيع أن أخبرك، وأعلم أنك ستخمن أنني رحلت إلى مدينة أخرى؟ أو دولة أخرى؟ أو ربما انتحرت؛ كي لا يتمكنوا من الانتقام مني؟
أرجوك يا صديقي، أود مساعدتك، فهم كثر وأنا لا أتمكن من مقاومتهم وحدي. الوداع يا صديقي (لارا).
خلعت نظارتي وجففت عرقي بمنديلٍ، وأخذت نفسًا عميقًا؛ كي تهدأ دقات قلبي؛ فالذي قرأته ليس بالأمر الهين، وتحدثت بصوت ضعيف.
(لارا) سأحاول قدر استطاعتي تنفيذ وصيتكِ لي، وسأحتفظ باعترافكِ لي وحدي، وأعاهدكِ ألا أخبر أحدًا مهما حييت، وأنا أعتز بصداقتكِ، رغم أني لم ولن أراكِ، أعدكِ أن أكون بجانبكِ، وسأقوم بأخذ اعتباركِ
***