artherconan

Share to Social Media

ورمى القضيب المعدني «. احرصعلى أن تبعد نفسك عن قبضتي » : تحدَّث بعنفوقال
في المدفأة ثم أسرع بالخروج من الغرفة.
يبدو شخصًا لطيفًا للغاية. أنا لستُ في ضخامته، ولكنه » : قال هولمز وهو يضحك
وفي أثناء «. إن بقي في الغرفة ربما كنتُ أريته أن قبضتي ليست أضعف كثيرًا من قبضته
حديثه هذا أمسك بالقضيب المعدني وبقوة فاجأتَني فرده مرةً أخرى.
تخيل مدى وقاحته بأن يُشبِّهني بإدارة المباحث الرسمية! إلا أن هذه الواقعة تُضفي »
حماسًا على تحقيقنا، وآمل ألا تعاني صديقتنا الصغيرة بسبب رعونتها وسماحها لهذا
الهمجي بتعقُّبها. والآن يا واطسون سنطلب الإفطار، ثم سَأذهب سيرًا إلى كلية الحقوق
«. على أمل الحصول على بعضالبيانات التي ربما تساعدنا في هذه القضية
كانت الساعة تقارب الحادية عشرة عندما عاد شيرلوك هولمز من جولتِه، وكان يُمْسك
في يده ورقة زرقاء مليئة بالملحوظات والأرقام.
لقد اطلعتُ على وصية الزوجة المتوفاة، ومن أجل تحديد معنى محتواها » : قال لي
بالضبط اضطُررتُ إلى حساب الأسعار الحالية للاستثمارات المرتبطة بها. إن إجمالي
الدخل، الذي لم يكن يتعدَّى عند وفاة الزوجة ١١٠٠ جنيه إسترليني، أصبح الآن، نتيجة
انخفاض أسعار المحاصيل الزراعية، لا يزيد عن ٧٥٠ جنيهًا إسترلينيٍّا. ويحق لكلِّ ابنة
المطالبة بالحصول على ٢٥٠ جنيهًا إسترلينيٍّا في حال زواجها. ومِن ثَمَّ، من الواضح أنه إن
تزوجت كلتا الابنتين، فإن هذا الوسيم لن يحصل إلا على مقدار ضئيل للغاية، في حين أن
زواج حتى واحدة منهما سيسبب له خسارة فادحة. لم يذهب عملي الصباحي سُدًى؛ إذ
اتضح أن هذا الرجل لديه أقوى الدوافع على الإطلاق لإعاقة أيِّ تصرف من هذا النوع. الآن
يا واطسون، هذا أمر خطير للغاية ولا يصح التباطؤ فيه، خاصةً بعدما عَلِم هذا العجوز
باهتمامنا بشئونه؛ لذا إن كنتَ مستعدٍّا فعلينا أن نطلب سيارة أجرة ونذهب إلى ووترلو.
وسأكون ممتنٍّا لك للغاية إن وضعت مسدسك في جيبك. فمسدس أيلي رقم ٢ هو أفضل
طريقة للتحدث مع رجل بإمكانه ثني قضيب المدفأة الصُّلب ويجعل منه عقدًا. أعتقد أننا
«. لن نحتاج إلى أكثر من هذا المسدس وفرشاة أسنان
في ووترلو حالفَنا الحظ باللحاق بقطار متجه إلى ليذرهيد، حيث استأجرنا عربة
صغيرة في نُزل المحطة وقطعنا بها نحو أربعة أو خمسة أميال عبر الممرات الضيقة لسَري
الجميلة. كان يومًا رائعًا، إذ كانت الشمس مشرقة والسماء صافية إلا من بعض السُّحُب
الهشة. كانت الأشجار وأسوجة الشجيرات على جانبي الطريق تطلق براعمها الخضراء
الأولى، وكان الهواء يعبق بالرائحة العطرة للأرض الرطبة. وأحسستُ، أنا على الأقل،
بتناقضغريب بين الأمل الجميل الذي يبثه جو الربيع وهذه القضية المشئومة التي نسعى
إلى حلها. أما رفيقي فقد جلس في الجزء الأمامي من العربة وهو يعقد ذراعيه أمام صدره،
وتَدَلَّت قبعته لتُغطِّي عينيه، وغاصذقنه داخل صدره، واستغرق في تفكير عميق. إلا أنه
تنبه فجأةً ونقر على كتفي وأشار إلى المروج.
«! انظر هناك » : قال لي
نظرتُ فرأيتُ حديقة من الأشجار تمتد على منحدرٍ خفيفٍ وتحتشد في شكل بستانٍ
في أعلى نقطة من المنحدر. ومن بين أفرع الشجر برز سقفٌ محدَّبٌ رمادي لقصرٍ قديمٍ
ودعامة سقفه.
«؟ أهذا ستوك موران » : قال هولمز
«. أجل يا سيدي، هذا هو منزل الدكتور جريمسبي رويلوت » : رد السائق
«. ثمة أعمال بناء تجري فيه، هذا مقصدنا » : قال هولمز
هذه » : قال السائق وهو يُشير إلى مجموعة من الأسقف على مسافة بعيدة جهة اليسار
هي القرية، لكن إن أردتما الذهاب إلى هذا المنزل، فأقصرُطريقٍ للوصول إليه أن تصعدا
هذا السُّلم لعبور الجدار، ثم تسيران في ممر المشاة عبر الحقول. هذا هو، حيث تسير
«. السيدة
وهذه السيدة، على ما أعتقد، هي الآنسة » : قال هولمز، وهو يحجب الشمس عن عينيه
«. ستونر. أجل، أعتقد أن من الأفضل أن ننفذ ما اقترحت
نزلنا من العربة ودفعنا الأجرة، وعادت العربة مُحدِثةً جلبة في الطريق المؤدي إلى
ليذرهيد.
لقد فكرتُ في الأمر مليٍّا، إن هذا السائق » : قال هولمز بينما نصعد السلم على الجدار
على الأرجح اعتقد أننا جئنا هنا بصفتنا مهندسين، أو لتأدية عملٍ معين، وهذا من شأنه أن
«. يمنعه من الثرثرة عنا. مساء الخير يا آنسة ستونر، لقد التزمنا كما ترين بكلمتنا
أسرعت عميلتنا التي التقيناها صباحًا إلى الأمام لتحيينا بوجه تملؤه السعادة. وقالت
لقد انتظرتكما بفارغ الصبر. لقد سار كلُّ شيءٍ على نحو رائع؛ » : وهي تصافحنا بحرارة
«. إذ ذهب الدكتور رويلوت إلى المدينة، وعلى الأرجح لن يعود قبل الليل
وبكلماتٍ قليلةٍ شرح لها «. لقد حظينا بشرف التعرف إلى الدكتور » : قال هولمز لها
ما حدث. شحب وجه الآنسة ستونر، بل وشفتاها، وهي تستمع إلى حديث هولمز.
«. يا إلهي! لقد تبعني إذن » : قالت
«. يبدو كذلك »
إنه ماكرٌ للغاية ولا أعرف متى سأكون في مأمنٍ منه. تُرى ماذا سيقول لي عند »
«؟ عودته
عليه أن يحترس لنفسه، فربما يجد من هو أمكر منه يتعقب تحركاته. عليكِ أن »
توصدي الباب على نفسك الليلة، وإن صدر منه تصرُّف عنيف فسنأخذك بعيدًا لتمكثي
عند خالتك في هارو. والآن علينا تحقيق أقصىاستفادة من وقتنا؛ لذا أرشدينا من فضلك
«. إلى الغُرف التي سنفحصها
كان المبنى من الحجارة الرمادية التي تلطخها الأشنات الخضراء، وكان ينقسم إلى
جزءٍ مركزيٍّ مرتفع وجناحَين مقوَّسَين، كمخلبَي سرطان بحر، على جانبَي المنزل. وفي
أحد هذين الجناحين كانت النوافذ مكسورة ومغلقة بألواح خشبية، بينما انهار السقف
جزئيٍّا، فكانت الصورة كلها تنم عن الدمار. أما الجزء المركزي فكان في حالة أفضل، إلَّا
أن الجزء الأيمن كان أحدث نسبيٍّا، وأشارت مصاريع النوافذ، مع الدخان الأزرق المتصاعد
من المداخن، إلى أن هذا هو المكان الذي تعيش فيه العائلة. شُيدت بعض السقالات عند
نهاية الجدار، وأحُدث ثقب في الجدار الحجري، لكن لم يظهر أي عامل في أثناء زيارتنا.
سار هولمز ببطء ذهابًا وإيابًا على طول المرج غير المشذب، وفحصباهتمام بالغ الجوانب
الخارجية للنوافذ.
أعتقد أن هذه هي نافذة غرفتك التي كنتِ تنامين فيها، والتي في المنتصف هي » : قال
«؟ لغرفة أختك، والتي تقع بجوار المبنى الرئيسي هي لغرفة الدكتور رويلوت
«. بالضبط، لكنني الآن أنام في الغرفة الوسطى »
في انتظار انتهاء التعديلات، كما فهمتُ. بالمناسبة، لا تبدو ثمة حاجة مُلِحَّة »
«. للإصلاحات في هذا الجدار الأخير
«. لا، لا توجد حاجة إليها، أعتقد أنه كان مجرد عذر لنقلي من غرفتي »
آه! هذا مثير للاهتمام. والآن، على الجهة الأخرى من هذا الجناح الضيق يمتد الممر »
«؟ الذي تطل عليه هذه الغرف الثلاث، ثمة نوافذ فيه بالطبع، أليس كذلك
«. بلى، لكنها صغيرة للغاية، ضيقة بحيث لا تتسع لأنْ يمُرَّ عبرها أيُّ شخص »
وبما أنكما كنتما توصدان الأبواب في الليل، كان يستحيل الدخول إلى الغرف من هذه »
«؟ الجهة. والآن، أتسمحين بالدخول إلى غرفتك وإغلاق المصاريع بالقضيب الحديدي
فعلت الآنسة ستونر كما طُلب منها، وحاول هولمز بكلِّ الطرق، بعد فحص النافذة
المفتوحة بعناية، فتح المصاريع بالقوة، لكن دون جدوى. لم يكن ثمة أي شق يمكن وضع
سكين فيه لتمريره ورفع القضيب الحديدي. بعد ذلك، فحص المفصلات بعدسته المكبرة،
لكنها كانت مصنوعة من الحديد الصُّلب، ومثبتة بقوة في المبنى الضخم. قال وهو يحك
حسنًا! تواجه نظريتي حتمًا بعضالصعوبات، فلا يمكن لأحد أنْ يمُرَّ عبر » : ذقنه في حيرة
هذه المصاريع إذا أوُصدت. حسنًا، سنرى إن كانت الغُرف من الداخل يمكنها إلقاء الضوء
«. أكثر على هذه القضية
قادنا باب جانبي صغير إلى الممر المطلي باللون الأبيض، والذي تطل عليه الغرف
الثلاث. رفضهولمز فحصالغرفة الثالثة؛ ولذلك انتقلنا على الفور إلى الغرفة الثانية، التي
تنام فيها الآنسة ستونر حاليٍّا، والتي لقيت فيها أختها حتفها. كانت غرفةصغيرة وبسيطة،
سقفها منخفض وبها مدفأة متسعة، على غرار طراز المنازل الريفية القديمة. كان بأحد
أركان الغرفةصندوق بُنِّي به أدراج، وسريرضيق بغطاء أبيضفي الزاوية الأخرى، وطاولة
زينة على يسار النافذة. كانت هذه القطع، بالإضافة إلى كرسيَّين من الخيزران، هي كل
الأثاث الموجود في الغرفة، بالإضافة إلى سجادة ويلتون في المنتصف. كانت الألواح المحيطة
بالجدران، وتلك التي تكسوها، مصنوعة من خشب البلوط البُنِّي الذي نخر فيه السوس،
وكانت بالغة القِدَم وفقدت لونَها بحيث ربما ترجع إلى وقتِ بناء المنزل لأول مرة. سحب
هولمز كرسيٍّا إلى أحد الأركان وجلس عليه صامتًا، وقد أخذ يُقلِّب عينيه في جميع جوانب
الغرفة وأعلاها وأسفلها، لاستيعاب كل تفاصيلها.
سأل أخيرًا وهو يُشير إلى حبل جرس سميك يتدلَّى بجوار السرير، بحيث تلامس
«؟ أين يرن هذا الجرس » : شُرَّاباته الوسادة بالفعل
«. إنه يصل إلى غرفة مُدبِّرة المنزل » : ردت الآنسة ستونر
«. إنه يبدو أحدث من الأشياء الأخرى في الغرفة »
«. أجل، فلم يُوضع هنا إلا منذ عامين »
«. أعتقد أن أختك هي التي طلبت وضعه »
«. لا، أنا لم أسمعها تستخدمه قط، فقد اعتدنا على إحضار ما نريده بأنفسنا »
هكذا إذن، يبدو من غير الضروري وضع حبل جرس جميل الشكل مثل هذا هنا. »
ثم انبطح على الأرض على وجهه وهو «. أستأذنك لحظات؛ فأنا أريد فحص هذه الأرضية
يمسك بالعدسة المكبرة في يده، وزحف بسرعة إلى الأمام والخلف، وفحص بدقةٍ الشقوق
الموجودة بين ألواحها. بعد ذلك فعل الأمر نفسه مع الألواح الخشبية التي كانت جدران
الغرفة كلها مكسوة بها. وفي النهاية ذهب إلى السرير وقضىبعضالوقت في التحديق فيه
وفي فحص الجدار من أعلى إلى أسفل. وأخيرًا، أمسك بحبل الجرس وشده بحدة، وقال:
«. حسنًا، إنه مزيف »
«؟ أَلَا يرِن »
نعم، إنه حتى ليس مربوطًا بسلك. إنه أمرٌ مثيرٌ للاهتمام للغاية، فيمكنك الآن رؤية »
«. أنه مربوط بخطاف فوق فتحة التهوية الصغيرة مباشرةً
«. يا له من أمر سخيف! كيف لم ألاحظ هذا من قبلُ قط »
أمر غريب للغاية! ثمة شيء أو اثنان غريبان في هذه » : قال هولمز وهو يشد الحبل
الغرفة. على سبيل المثال، أي عامل بناء أحمق يفتح فتحة للتهوية على غرفة أخرى، بينما
«!؟ كان بإمكانه بذل الجهد نفسه لتوصيلها بالهواء الخارجي
«. هذه الفتحة حديثة أيضًا إلى حدٍّ ما » : قالت السيدة
«؟ أدُخلت في الوقت نفسه الذي وُضع فيه حبل الجرس، أليس كذلك » : قال هولمز
«. بلى، في هذا الوقت أجُرِي كثير من التعديلات الصغيرة »
تبدو ذات طابعٍ خاصٍّ للغاية؛ فلدينا حبلُ جرسٍ مزيف وفتحة تهوية لا تصلح »
«. للتهوية. بعد إذنك يا آنسة ستونر، سنواصل الآن بحثنا في الغرفة الداخلية
كانت غرفة الدكتور جريمسبي رويلوت أكبر من غرفة ابنة زوجته، لكن فرشها كان
بسيطًا على النحو ذاته. كان بهاسريرٌ يُطوَى، ورفٌّ خشبيصغير مليء بالكتب، أغلبها ذو
طابعٍ تقني، وكرسيله ذراعان بجوار السرير، وكرسيخشبي عادي أمام الحائط، وطاولة
مستديرة، والشيء الأساسيالذي لفت انتباهنا كان خزانة معدنيةضخمة. سار هولمز ببطءٍ
في الغرفة وفحصكلَّ هذه الأشياء باهتمامٍ بالغ.
«؟ ماذا بالداخل » : سأل وهو ينقر على الخزانة
«. أوراق عمل زوج والدتي »
«؟ آه! إذن أنتِ رأيتِ محتوى الخزانة »
«. مرة واحدة، منذ عدة سنوات. أذكر أنها كانت مليئة بالأوراق »
«؟ لا توجد بداخلها قطة مثلًا »
«! لا، يا لها من فكرة غريبة »
وحمل في يده صحنًا صغيرًا به لبن كان يوجد «! حسنًا، انظري لهذا » : قال هولمز
فوقها.
«. لا، نحن ليس لدينا قطة، بل لدينا الفهد والبابون فقط »
حسنًا، بالطبع! فالفهد هو في الواقع قطة كبيرة، ومع ذلك فإن صحنًا من اللبن لن »
ونزل على ركبتيه «. يُلبِّي احتياجاته الغذائية، على ما أظن. ثمةشيءٌ واحدٌ أريد التأكد منه
أمام الكرسيالخشبي وفحصمقعده باهتمام بالغ.
شكرًا جزيلًا، عرفتُ ما » : بعد ذلك قال وهو يُعاود الوقوف ويضع عدسته في جيبه
«. أردته. عجبًا! ثمةشيءٌ مثيرٌ للاهتمام
كان الشيءُ الذي لفت نظره سوطًا صغيرًا لتدريب الكلاب مُعلَّقًا على أحدِ جوانب
السرير. إلَّا أن السوط كان ملفوفًا حول نفسِه ومربوطًا ليُشكِّل عقدة من الحبل المجدول.
«؟ ماذا تستنتج من هذا يا واطسون »
«. إنه سوط عادي، لكني لا أعلم لماذا رُبط »
هذا ليس عاديٍّا، أليس كذلك؟ يا إلهي! إنه عالم خطير، وعندما يُحَوِّل رجلٌ ذكيٌّ »
تفكيره إلى ارتكاب الجرائم يصبح الأسوأ على الإطلاق. أعتقد أنني رأيتُ ما يكفي يا آنسة
«. ستونر، وبعد إذنك سنخرج الآن إلى المرج مرةً أخرى
لم أرَ وجه صديقي قط متجهمًا على هذا النحو، أو جبهته مُكْفهرَّة كما رأيته عندما
ابتعدنا عن موقعِ التحقيق.سرنا بضع مرات ذهابًا وإيابًا على المرج، ولم نَشَأْ أنا أو الآنسة
ستونر قطع حبل أفكارِه حتى تَنَبَّه هو نفسه من استغراقه وقال:
«. من الضروري يا آنسة ستونر أن تتبعي نصيحتي بالضبط في كلِّ ما أقوله لكِ »
«. بالطبع سأفعل »
«. المسألة في غاية الخطورة ولا تحتمل أي تردُّد؛ فقد تتوقف حياتك على مدى التزامك »
«. أؤكد لك أني منصاعة تمامًا لك »
«. أولًا، لا بدَّ أن أقضيأنا وصديقي هذه الليلة في غرفتك »
نظرتُ أنا والآنسة ستونر له بذهول.
أجل، لا بدَّ من هذا، دعوني أشرح لكما، أعتقد أن هذا هو نُزل القرية الموجود هنا، »
«؟ أليس كذلك
«. بلى، هذا نُزل كراون »
«؟ رائع، يمكن رؤية نوافذك من هناك، أليس كذلك »
«. بالطبع »
عليكِ التزام غرفتك مدعيةً إصابتك بصداع، عند عودة زوج والدتك. ثم، عندما »
تسمعين دخول زوج والدتك إلى غرفتِهِ في الليل، يجب عليكِ فتح مصاريع نافذتك، وفتح
مشبك النافذة، ثم تضعين مصباحك كإشارة لنا، ثم تذهبين بهدوءٍ مع كلِّشيءٍ قد تحتاجين
إليه إلى الغرفة التي كنتِ تنامين فيها. فأنا متأكد أنه على الرغم من الإصلاحات يمكنك
«. النوم فيها لليلة واحدة
«. آه، أجل، بالتأكيد »
«. أما الباقي فعليكِ تركه في أيدينا »
«؟ لكن ماذا ستفعلان »
«. سنقضيالليلة في غرفتك، وسنحقق في سببِ الضوضاء التي تزعجك »
أعتقد أنك يا سيد هولمز » : قالت السيدة ستونر، وهي تضع يدها على كُمِّ صديقي
«. توصلت إلى نظرية بالفعل
«. لعلِّي بالفعل »
«. إذن، أستحلفك أن تخبرني بسبب وفاة أختي »
«. أفُضل الحصول على أدلةٍ واضحةٍ قبل أن أتحدث »
على الأقل يمكنك أن تخبرني عما إذا كانت فكرتي صحيحة أم لا، وعما إذا كانت قد »
«. تُوفِّيت إثر نوع من الذعر المفاجئ
لا، أنا لا أعتقد هذا. أعتقد أنه على الأرجح كان ثمة سببٌ آخر ملموس أكثر. والآن »
يا آنسة ستونر، عليكِ أن تتركينا نذهب لأنه إن عاد الدكتور رويلوت ورآنا فإن رحلتنا
كلها ستصبح عديمة الجدوى. إلى اللقاء، كوني شجاعة؛ لأنكِ إن فعلتِ ما قلته لكِ، يمكنك
«. الاطمئنان إلى أننا سنعملسريعًا على التخلصمن الأخطار التي تهددك
لم نجد أنا وشيرلوك هولمز صعوبة في العثور على غرفة نوم وغرفة جلوس في نُزل
كراون. كانتا في الطابق العلوي، وكان باستطاعتنا أن نرى من نافذتنا البوابة المطلة على
الطريق، والجناح المأهول في منزل عزبة ستوك موران. عند الغسق رأينا الدكتور جريمسبي
رويلوت مارٍّا بجوار النُّزل، وبرزت هيئته الضخمة بجوار الجسم الصغير للفتى الذي كان
يقود السيارة. واجه الفتى قدرًا من الصعوبة في فتح البوابة الحديدية الضخمة، وسمعنا
صوت الدكتور الصاخب الأجش، ورأينا كَمَّ الغضب الذي حرَّك به قبضته تجاه الفتى.
استمرت المركبة في التحرك، وبعد بضع دقائق رأيناضوءًا مفاجئًا ينبعث من بين الأشجار،
مع إشعال المصباح في غرفة الجلوس.
أتدري يا واطسون، أنا فعلًا متردد » : قال هولمز ونحن جالسان معًا في الظلام الدامس
«. بعضالشيء في أخذك معي الليلة، فثمة عنصرخطر كبير
«؟ أيمكنني مساعدتك »
«. إن وجودك معي لا يُقدَّر بثمن »
«. إذن لا بدَّ أن أذهب بالتأكيد »
«. إنه لطف كبير منك »
أنت تتحدَّث عن خطر، فمن الواضح أنك رأيت في هذه الغرف أكثر مما كان »
«. واضحًا لي
«. لا، لكن ربما استنتجتُ أكثر بقليل. فأنا أتصور أنك رأيت كلَّ ما رأيته أنا »
«. أنا لم أرَ شيئًا مميزًا إلا حبل الجرس، ولا يمكنني أبدًا تخيل الهدف منه »
«؟ ورأيتَ فتحة التهوية أيضًا، أليس كذلك »
بلى، لكني لا أعتقد أنه من الغريب وجود فتحة صغيرة بين غرفتين. إنها صغيرة »
«. للغاية بحيث يصعُب مرور فأر عبرها
«. لقد علمتُ أننا سنجد فتحة تهوية قبل أن نصل حتى إلى ستوك موران »
«! أحقٍّا يا عزيزي هولمز »
أجل، لقد علمتُ، فأنت تذكر أنها قالت في قصتها إن أختها كانت تستطيع شمَّ رائحة »
سيجار الدكتور رويلوت، وبالطبع أشار هذا على الفور إلى حتمية وجود نوع من الاتصال
بين الغرفتين. ولا بد أن يكون هذا التواصل صغيرًا للغاية، وإلا لورد في تحقيقِ مسئول
«. التحقيقات؛ ولذلك افترضتُ وجود فتحة تهوية
«؟ لكن ما الضرر الذي قد تُحدثه هذه »
حسنًا، على الأقل ثمة تزامن في التواريخ مثير للاهتمام؛ فتُصنَع فتحة تهوية، ويُعلَّق »
«؟ حبل، ثم تموت السيدة التي تنام في السرير. ألا تجد هذا مريبًا
«. لا يمكنني حتى الآن رؤية العلاقة »
«؟ ألم تلاحظ أيَّشيءٍ غريبٍ في السرير »
«. نعم »
«؟ لقد كان مُثبَّتًا في الأرض. هل رأيت من قَبلُسريرًا مثل هذا »
«. لا يمكنني قول ذلك »
لم يكن باستطاعة السيدة تحريكسريرها، فلا بد من وجوده في المكان ذاته بالنسبة »
لموقع فتحة التهوية والحبل، أو هكذا سنُطلق عليه إذ لم يكن يُقصد به أن يكون حبلًا
«. للجرس قط
هولمز، يبدو أنني بدأت أرى بصعوبةٍ ما تُشير إليه، فلقد وصلنا في الوقت » : قلتُ عندها
«. المناسب لنمنع وقوع جريمة ماكرة وبشعة
نعم، ماكرة وبشعة للغاية. فحينما ينحرف طبيبٌ عن طريق الصواب يصبح أسوأ »
المجرمين؛ فهو يتمتع بالجرأة والمعرفة. لقد كان كلٌّ من بالمر وبيتشارد من أشهر الأطباء.
أما هذا الرجل فهو أدهى، لكني أعتقد يا واطسون أنني سأكون أدهى منه. غير أننا
سنواجه من الأهوال كمٍّا هائلًا في هذه الليلة؛ لذا دعنا رجاءً نُدخِّن الغليون في هدوء ونُحوِّل
«. أذهاننا لبضع ساعات إلى التفكير في أشياء أكثر مرحًا
عند التاسعة تقريبًا انطفأ الضوء القادم من بين الأشجار، وعمَّ الظلام من جهة منزل
العزبة. بعدها مرت ساعتان ببطء شديد، ثم فجأة، عند دقات الحادية عشرة، ظهر ضوء
ساطع واحد أمامنا مباشرةً.
«. هذه إشارتنا، إن الضوء قادم من النافذة الوسطى » : قال هولمز وهو ينتفضواقفًا
عند خروجنا أوضح لصاحب النُّزل في كلمات مقتضبة أننا ذاهبان في زيارة متأخرة
إلى أحد معارفنا، وأننا ربما نقضي الليلة هناك. لم تمضِ لحظات حتى كنا في الطريق
المعتم، وهبَّت رياح باردة على وجهَينا، وضوء أصفر وحيد يلمع أمامنا ليُرشدنا في الظلام
الموحش إلى وجهتِنا في هذه المهمة القاتمة.
لم نواجه صعوبة كبيرة في الدخول إلى المكان؛ إذ مررنا عبر فتحات لم تُصلح في جدار
الحديقة القديم. تحسَّسنا طريقنا عبر الأشجار، ووصلنا إلى المرج وعبرناه وكنا على وشك
الدخول عبر النافذة عندما اندفع من بين مجموعة من شجيرات الغار ما بدا كأنه طفلٌ
بشعٌ ومُشوَّه، وألقى بنفسه على العُشْب على أطراف ملتوية ثم ركضبسرعة عبر المرج إلى
داخل الظلام.
«؟ يا إلهي! هل رأيت هذا » : همستُ قائلًا
أصيب هولمز بالدهشة مثلي تمامًا لبرهة، وأطبق على معصمي بيده مثل الكلَّابات في
انفعال. ثم انفجر في الضحك بصوتٍ منخفضوتحدَّث إليَّ في أذني، وهمس قائلًا:
«. إنه منزل لطيف، هذا هو البابون »
كنتُ قد نسيت الحيوانات الأليفة الغريبة التي يقتنيها الطبيب. كان ثمة فهد أيضًا،
ربما نجده فوق أكتافنا في أيِّ لحظة. أعترف أنني ذهنيٍّا شعرت براحة أكبر، بعدما حذوت
حذو هولمز وخلعتُ حذائي، ثم وجدتُ نفسي داخل غرفة النوم. أغلق رفيقي المصاريع
دون إحداث صوت، ووضع المصباح على الطاولة، ونظر في جميع أرجاء الغرفة. كان كلُّ
شيءٍ كما رأيناه في ضوء النهار. اقترب مني ببطءٍ ثم لفَّ يده حول فمه وهمس في أذني
مرةً أخرى بصوت خافت للغاية لدرجة أنه كان عليَّ الانتباه للغاية حتى أستطيعَ تمييز
الكلمات:
«. أقل صوت يصدر سيُدمر خطتنا »
أومأت له برأسيلإظهار أني سمعتُ كلماته.
«. علينا الجلوس دون إنارة الضوء، فيمكنه رؤية الضوء عبر فتحة التهوية »
أومأتُ مرةً أخرى.
إيَّاك أن تنام؛ فقد تتوقف حياتك على هذا. كذلك كن مستعدٍّا بمسدسك في حال »
«. احتجنا إليه. أنا سأجلس على جانب السرير وأنت اجلس على الكرسي
أخرجتُ مسدسيووضعته على جانب الطاولة.
أما هولمز فقد أخرج عصًا طويلةً ورفيعة، ووضعها على السرير بجواره، ووضع
بجوارها علبة أعواد الثقاب وشمعة. بعدها أطفأ المصباح وجلسنا في الظلام.
كيف يمكنني نسيان هذه المراقبة المروِّعة؟ لم يكن بإمكاني سماع أي صوت، ولا
حتى صوت التنفس، ومع ذلك كنت أعلم أن رفيقي يجلس مفتوح العينين، على بُعد بضع
أقدام مني، في الحالة نفسها من التوتر العصبي التي كنتُ عليها. حجبت المصاريع الضوء
الخافت القادم من الخارج، وجلسنا ننتظر في ظلام مطبق.
ومن الخارج كانت تأتي من حين لآخر صيحة أحد الطيور الليلية، وفي إحدى المرات
صدر بجانب نافذة غرفتنا صوت أنين يُشبه أنين القطط، مما أوحى إلينا أن الفهد بالفعل
طليق. ومن بعيدٍ كان بإمكاننا سماع الدقات العميقة لساعة الأبرشية، التي كانت تنطلق
كل ربع ساعة. وكم بدت هذه الأرباع طويلة! دقت الثانية عشرة، ثم الواحدة ثم الثانية ثم
الثالثة، وما زلنا جالسين وننتظر في صمت ما سيحدث أيٍّا كان.
وفجأةً، ظهر ضوءٌ خافت خاطف من جهة فتحة التهوية، واختفى على الفور، لكن
تبعته رائحةٌ قويةٌ لزيتٍ مشتعل ومعدنٍ ساخن؛ فقد أشعل أحدٌ مصباحًا في الغرفة
المجاورة. سمعتُ صوتًا خفيفًا للحظة، ثم ساد الصمت مرةً أخرى، على الرغم من زيادة
حدة الرائحة. جلستُ لنصفساعة مصغيًا متوترًا، ثم فجأةً سمعناصوتًا آخر؛صوتًا خافتًا
للغاية ومريحًا، مثل صوت البخار القليل الصادر باستمرار من الغلاية. وبمجرد سماعنا
للصوت، قفز هولمز من على السرير، وأشعل عود ثقاب وأخذ يضرب بانفعال بعصاه حبل
الجرس، وصاح:
«؟ أنت تراها يا واطسون، أليس كذلك؟ ألا تراها »
لكني لم أرَ شيئًا. وعندما أشعل هولمز الضوء سمعتُصوتصفير منخفضوواضح،
لكن سرعان ما جعل الضوء المتوهج المفاجئ في عيني المتعبة من المستحيل تمييز ماهية
هذا الشيء الذي كان صديقي يضربه بوحشية. إلا أنني استطعتُ رؤية أن وجهه كان
شاحبًا للغاية ويعلوه الرعب والاشمئزاز. توقف عن الضرب وظل ينظر إلى الأعلى باتجاه
فتحة التهوية، وحينها سمعنا فجأةً في صمت الليل أكثرصرخة مرعبة سمعتها في حياتي.
زادت الصرخة علوٍّا وعلوٍّا، فكانتصرخة بصوتٍ أجش اجتمع فيها الألم والرعب والغضب
في صيحة واحدة مروِّعة. يُقال إن هذه الصرخة أيقظت النائمين من أَسِرَّتِهم، في القرية
وصولًا إلى بيت القس. لقد بثَّت الرعب في قلبَينا، ووقفتُ وأنا أنظر إلى هولمز وهو ينظر إليَّ،
حتى تلاشت آخر أصدائها في الصمت نفسه الذي اندلعت منه.
«؟ ما يمكن أن يعني هذا » : سألتُ وأنا ألهث
يعني أنَّ كلَّشيءٍ انتهى. وربما، في النهاية، إلى الأفضل. خذ مسدسك، » : أجاب هولمز
«. فسندخل إلى غرفة الدكتور رويلوت
أشعل المصباح بوجهٍ جادٍّ وسار أمامي في الممر. دقَّ مرتين على باب الغرفة دون أن
تصدُر أيُّ إجابة من الداخل. ثم أدار مقبضالباب ودخل، وأنا في أعقابه، مُشهرًا مسدسي.
كان المشهد الذي رأيناه فريدًا من نوعه. كان على الطاولة مصباحٌ أغُلق بابه
جزئيٍّا، يشع ضوءًا ساطعًا على الخزانة المعدنية، التي كان بابها مفتوحًا جزئيٍّا. وبجوار
الطاولة جلس الدكتور جريمسبي رويلوت، على الكرسيالخشبي، مرتديًا رداءَ نومٍ طويلًا
رمادي اللون، يظهر من أسفله كاحلاه العاريان، ويرتدي في قدمَيه خُفَّين تُركيَّين مسطحَين
لونهما أحمر. وعلى ركبتَيه كان يوجد المقبض القصير المربوط فيه السوط الطويل الذي
رأيناه في أثناء النهار. كان ذقنه مرتفعًا إلى أعلى وعيناه ثابتتين في نظرة مروعة وصارمة
على زاوية السقف. ورأينا حول جبهته عصابة صفراء اللون غريبة الشكل مرقطة بنقاط
بُنيَّة اللون، بدت ملفوفة بإحكامٍ حول رأسِه. ومع دخولنا لم يُصدِر أيَّ صوت أو حركة.
«! العصابة! العصابة الرقطاء » : همس هولمز
أخذت خطوة للأمام، وعلى الفور بدأ غطاء رأسه في التحرك، وخرج من بين شعر
رأسه رأس صغير مُعيَّن الشكل وعنق منتفخ لحيَّة بغيضة.
إنها أفعى المستنقع! أشد الثعابين فتكًا في الهند. لقد مات في » : صاح هولمز قائلًا
غضون ثوانٍ من عضِّها له. فالعنف، في الحقيقة، يرتد على صاحبه، ومَن حَفَر حفرةً لأخيه
وقع فيها. دعنا نُعِدْ هذا المخلوق إلى وكره، وعندها يمكننا نقل الآنسة ستونر إلى مكانٍ آمن
«. ونُخبرشرطة المقاطعة بما حدث للتوِّ
سحب في أثناء حديثه سوط الكلب بسرعة من على ركبتَي الرجل المُتوفى، ووضع العقدة
حول رقبة هذا الحيوان الزاحف وسحبها من مَجثمها الشنيع وحملها على طولِ ذراعِه،
وألقاها داخل الخزانة المعدنية، ثم أغلقها عليها.
تلك كانت الحقائق المتعلقة بوفاة الدكتور جريمسبي رويلوت من ستوك موران.
وليسضروريٍّا أن أطيل قصة، طالت بالفعل، بذكر تفاصيل توصيل هذه الأخبار الحزينة
إلى الشابة المذعورة، وكيف نقلناها في قطارِ الصباح إلى رعاية خالتِها الطيبة في هارو،
وكيف توصَّل التحقيق الرسمي ببطءٍ شديدٍ لاستنتاج أن الطبيب لقي مصرعه بينما كان
يلعب بحمقٍ بحيوان أليف خطير. أما التفاصيل الصغيرة التي لم أكن أعرفها عن القضية
فقد أخبرني بها شيرلوك هولمز في أثناء رحلة عودتنا في اليوم التالي.
لقد توصلتُ يا عزيزي واطسون إلى استنتاجٍ خاطئ تمامًا؛ مما يظهر كم » : قال
هو خطير دومًا الاستنباط من معلومات غير كافية. فكان وجود الغجر، واستخدام كلمة
التي استخدمتها الفتاة المسكينة، دون شكٍّ، لوصف الشكل الذي رأته رؤية ،« عصابة »
خاطفة في عود الثقاب الذي أشعلته، كافيين لوضعي على طريقٍ خاطئٍ بالكامل. ومع ذلك،
فإن دفاعي الوحيد أنني أعدت النظر في موقفي عندما أصبح واضحًا لي أنه أيٍّا كان الخطر
الذي هدد قاطنة هذه الغرفة، فلا يمكن أن يكون قد جاء عبر النافذة أو الباب. وتوجَّه
اهتمامي على الفور، كما أشرتُ بالفعل إليك، إلى فتحة التهوية هذه، وحبل الجرس الذي
يتدلَّى فوق السرير. وأدى اكتشافي أنه حبل زائف، وأن السرير مثبت في الأرض، إلى إثارة
شكوكي بأن الحبل قد وُضِع في هذا المكان ليكونَ جسرًا لعبورشيءٍ عليه يأتي عبر الفتحة
ويقصد السرير. فخطرت لي على الفور فكرة وجود ثعبان، وحينما قرنت هذا بمعرفتي
بأن الدكتور جاء بعددٍ من الكائنات من الهند، شعرتُ بأنني على الأرجح أسير في الاتجاه
الصحيح. كما أن فكرة استخدام سم لا يمكن اكتشافه بأيِّ اختبار كيميائي لا ترد إلَّا على
ذهن رجلٍ ذكيٍّ وقاسي القلب حصل على تدريبٍ شرقي. كما أن السرعة التي يُحدث بها
السم تأثيره كانت ميزة من وجهة نظره. فالأمر يحتاج في الواقع إلى مُحقق حاد البصرحتى
يستطيع تمييز الثقبَين الداكنَين الصغيرَين اللذين يُمثلان مكان سريان السم عبر الأنياب
السامة. بعد ذلك فكرتُ في الصافرة. فيجب عليه بالطبع استدعاء الثعبان قبلما ينكشف
في ضوء النهار لضحيته؛ لذلك درَّب الثعبان، على الأرجح باستخدام الحليب الذي رأيناه،
على العودة إليه وقتما يستدعيه. فكان يضعه في فتحة التهوية هذه في الساعة التي اعتقد
أنها مناسبة، وهو على يقين بأنه سيزحف إلى الأسفل على الحبل ويصل إلى السرير. ربما
يلدغ قاطنة الغرفة وربما لا، فيمكنها على الأرجح النجاة من لدغته كل ليلة لمدة أسبوع،
لكنها آجلًا أو عاجلًا لا بد أن تسقط ضحية للدغتِه.
لقد توصلتُ إلى هذه الاستنتاجات قبل حتى أن أدخل إلى غرفته. كان فحصالكرسي
قد أظهر لي أنه اعتاد الوقوف عليه، وهو الأمر الضروري بالطبع حتى يتمكن من الوصول
إلى فتحة التهوية. وكانت رؤيتي للخزانة وصحن الحليب والسوط المعقود كافية لتزيل في
النهاية أي شكوك لا تزال موجودة عندي. أما الرنين المعدني الذي سمعته الآنسة ستونر
فمن الواضح أنه كان صوت إغلاق زوج والدتها باب الخزانة بسرعة على قاطنها المرعب.
وبمجرد توصُّلي إلى هذه الحقائق، اتخذت الخطوات التي تعرفها من أجل إثبات الأمر.
سمعتُ صوتَ حفيفِ هذا المخلوق، ولا أشك في أنك سمعته أيضًا، فأشعلتُ الضوء على
«. الفور وهاجمته
«. فدفعته نتيجةً لهذا إلى العودة مرةً أخرى عبر فتحة التهوية »
ودفعته أيضًا نتيجة لهذا إلى الانقلاب على سيده على الجهة الأخرى؛ فقد أصابته »
بعض الضربات من عصاي وحفَّزت فيه نزعة الثعابين، ومِن ثَمَّ انقضَّ على أولِ إنسان
يراه. هكذا لا شكَّ في أنني مسئول مسئولية غير مباشرة عن وفاة الدكتور جريمسبي
«. رويلوت، ولا يمكنني القول إن هذا سيُعذِّب ضميري كثيرًا
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.