استيقظ يونس من نومه العميق على صوت زوجته ريهام تنادي عليه لإيقاظه من نومه، بدأت تعبيرات وجه يونس تتغير للدهشة من الصوت الذي يناديه، نظر يونس حوله يلتفت في غرفته متعجباً، دخلت ريهام عليه غرفته تناديه حتى لا يتأخر على عمله، نظر إليها يونس مندهشاً، سألها قائلاً، إنتي مين؟ وفين سهام؟
سكتت ريهام مندهشة من كلام يونس، ثم ضحكت وقالت، هزار بايخ يا يونس، مالك كدة في إيه؟ أجابها يونس، هزار إيه؟ فين سهام؟ وإنتي مين وجيتي هنا ازاي؟
قام يونس منتفضاً من سريره متوجهاً إلى خارج غرفته، ينادي على سهام ويبحث بالغرف وبكل المنزل، وسط دهشة وتعجب من ريهام والتي بدأت تظهر عليها ملامح خوف من فعل يونس، طلبت منه أن يكف عن هذا المزح السخيف، وهو ينظر إليها بطريقة كأنه أول مرة يراها في حياته، بدأت ريهام تبكي وتنظر إليه بعين الخوف والدهشة من تصرفاته الغير مفهومة والغريبة.
طلب يونس من ريهام أن تتركه وحده قليلاً، خرجت ريهام في حالة انهيار نفسي، ذهبت ريهام إلى المطبخ لتعد ليونس فنجان قهوة وأعدت عدة قطع من الكيك ووضعتها بجانب القهوة وذهبت إلى يونس، وضعت له القهوة والكيك أمامه وذهبت وتركته وحده، تنظر إليه بدهشة وهو يفكر بتوتر شديد.
راقبته من بعيد لتراه ماذا يفعل، أمسك يونس هاتفه المحمول يتصفح فيه وملامح وجهه تتغير ويسأل نفسه وهو في قمة الدهشة والتعجب ويقول لنفسه،
إيه ده؟ يعني إيه ده؟ بدأ صوته يعلو، تدريجياً، سألها صارخاً، إيه ده؟ جاءت إليه ريهام، سألته، مالك يا يونس في إيه؟ حرام عليك بقا، بطل هزار أنا مش مستحملة حرام عليك، انهارت ريهام بالبكاء ويونس ينظر إليها، أجابها يونس، أنا مش بهزر، أنا بجد مش عارفك، ومش عارف مين اللي فالصور ده، ومش فاكر أي حاجة من اللي بشوفها دي.
إنتي مين؟ أنا مش عارفك، أنا أول مرة أشوفك.
نظرت إليه ريهام، أمسكت به بيديها قائلة، يونس، أنا خلاص تعبت، أنت لو بتهزر يبقا هزارك بايخ، ولو بتتكلم بجد يبقا أنت يا اتجننت يا هتمثل عليا الجنان، قاطعها يونس وهو يصرخ، أنا مش بهزر ولا مجنون، أنا ما أعرفكيش، أنا مش فاهم أي حاجة من وقت ما صحيت، كل حاجة زي ماهي، بيتي سريري هدومي، كل حاجة زي ما نمت وسيبتها امبارح، صحيت لقيتك انتي هنا.
لقيت في تليفوني صور لناس ما أعرفهاش، ناس أول مرة أشوفهم، وأماكن أيوة روحتها قبل كدة لكن مش معاكي ولا مع اللي فالصور.. أنا مش فاهم حاجة، وبعدين أختي سهام المفروض تكون هنا دلوقي، ما جاتش ليه؟
أجابته ريهام قائلة، سهام كلمتك امبارح واعتذرت لك عن ميعادكم الصبح وقالتلك هتعدي عليك بالليل مش الصبح وهتجيب معاها سليم بعد ما يقضي معاها اليوم.
اندهش يونس من رد ريهام، سألها، إنتي تعرفي سهام أختي منين؟ ومين سليم؟!
انفعلت ريهام غاضبة من يونس، صرخت أمامه، إنت بتعمل كدة ليه؟
الولد لو شافك كدة هيخاف منك ويتعقد منك أكتر ما هو متعقد أصلاً..
قولتلك بطل القرف اللي بتشربه ده هيضيع عقلك ما سمعتش كلامي، روح يا يونس ولع سيجارتك يمكن تفوق شوية.
انصرفت ريهام تاركة يونس في حيرة من أمره مندهشاً متوتراً، ذهب إلى غرفة مكتبه يبحث عن علبة سجائره التي يضع بها السجائر الملفوفة بمخدر الحشيش وبدأ يشعل سيجارته وبدأ بتوتر يسحب أنفاس تلو الأخرى من سيجارته، توجه إلى الخارج يبحث عن فنجان القهوة، أمسك بالقهوة وأخذها وتوجه نحو شرفة الفيلا المطلة على الحديقة، وجد عبدالواسع حارس الفيلا والجنايني وهو يساوي إشجار الحديقة بالمنشار الكهربائي وتوجهت ريهام منه وتوجه له تعليمات طريقة قطع ومساواة الأشجار، تعجب يونس، عبدالواسع لم يبدي أي اندهاش من ريهام وكأنها سيدة البيت ومن المعتاد توجيه التعليمات إليه كأنها عادة، تعجب يونس وذهب للداخل نحو هاتفه المحمول..
بحث يونس في هاتفه باحثاً عن رقم شقيقته سهام، وجد أنها متصلة به أمس لمدة دقيقة ونصف، اندهش يونس لأنه لم يتذكر أنها تحدثت إليه أمس، اتصل يونس بها..
ردت سهام على يونس ودار بينهم حديث..
سهام: ألو، صباح الخير يا يونس،
يونس: صباح الخير، عاملة إيه يا سهام؟
سهام – بخير يا حبيبى طول ما إنت بخير، معلش بقا ماعرفتش أجيلك النهاردة كنت لازم أروح الجوازات استلم الباسبور الجديد بتاعي علشان الحق أسافر ل رؤوف وعادل علشان اتأخرت عليهم أوي.. أه بالمناسبة، أنا اتفقت مع ريهام هعدي أخد سليم من الحضانة يتغدا معايا وبعد كدة هيقعد معايا شوية وهجيبه وأجيلك أخر اليوم، هي ريهام ما قالتلكش ولا إيه؟
يونس – اندهاش وتعجب تسيطر على ملامح وجهه والتزم الصمت..
سهام – ألو، ألو، يونس، إنت سامعني.؟ الشبكة وحشة ولا إيه؟
أغلق يونس الهاتف، اندهش من حديث شقيقته سهام.
نظر يونس من شرفة غرفته نحو ريهام في الحديقة، ذهب يونس إلى الحمام للاستحمام وقام بارتداء ملابسه، مر بصمت من جوار ريهام وهي توجه تعليمات إلى عبد الواسع، ذهب نحو سيارته واستقلها وتوجه نحو البوابة، فتحت البوابة الإلكترونية وخرج يونس بسيارته..
يسير يونس بسيارته يتذكر ليلة الأمس، يتذكر أنه كان ساهراً مع صديقه خالد يتعاطون مخدر الحشيش ويضحكون وهم يتذكرون أحداث مرت بهم منذ سنوات قبل أن يصبح يونس صاحب أعمال كبيرة، وبعد انتهائهم من جلستهم انصرف كلاً منهم مذكراً الأخر بموعد أعمال الغد حيث أن خالد المحامي الكبير صديق يونس ويدير أيضاً أعماله، تذكر يونس أنه شرب سجائر الحشيش بكثرة ليلة أمس لكنه رفض شرب الكحوليات مع صديقه خالد، لكن رغم تعاطيه الكثير من مخدر الحشيش إلا أنه لم يفقد وعيه ويتذكر عودته ليلة أمس إلى منزله وذهب للنوم مباشرة بعد أن بدل ملابسه بملابس النوم..
تخيل يونس أن ما صبح عليه منذ قليل ربما يكون مجرد خيال وليس حقيقي، حتى مكالمته لشقيقته سهام ربما هي الأخرى من درب الخيال، أمسك يونس هاتفه يتصفحه وتوقف بسيارته على جانب الطريق، أمسك هاتفه يتصفحه، وجد صوراً لنفسه مع ريهام وطفل صغير، صور وفيديوهات متعددة ما بين مصايف وأخرى في منزل وصور أخرى خارج مصر في أماكن مختلفة وصور أخرى تجمعهم بشقيقته سهام، وصور لأشخاص لا يعلم عنهم شيء ولا يتذكرهم.
لم يعلم يونس ما حدث له، ما هذا الذي أصبح عليه.!
بدأ يونس يتذكر حاله، يتذكر طليقته حور، يتذكر حياته معها كيف كانت، يتذكر مشاجراتهم المستمرة خاصة تلك التي كانت بسبب عدم تمكنهم من الإنجاب، يتذكر حين أخبره الطبيب أنه بخير ولكن توجد بعض المشاكل ربما يمكن أن تذهب بالعلاج أو حتى بدون علاج لكن مع الوقت وأن السبب يرجح أن يكون بسبب كثرة التدخين، يتذكر طليقته حور كيف كانت تطلب منه الإقلاع عن تدخين المخدرات حتى يستجيب للعلاج ويقلع فترة ثم سرعان ما يعود دون معرفة حور والتي تكتشف بعد ذلك انه عاد لتدخين المخدرات مرة أخرى.
يتذكر أن الطبيب أخبره أنه ربما لو تزوج بأخرى يمكنه الإنجاب، وكذلك حور لو تزوجت بأخر يمكنها الإنجاب، لكن لا يوجد أمامهم سوى الانتظار مع الالتزام بالعلاج أو الانفصال ليتمكن كل طرف من الحصول على فرصة أكبر للإنجاب.
يتذكر كيف رفضت حور أن تنفصل عنه وقررت البقاء معه وعدم التحدث فيما أخبرهم به الطبيب مع أي أحد خاصة أهل حور..
يتذكر أثناء سفرهم إلى فرنسا لإجراء عملية الحقن المجهري وكيف نجحت ولكن حدثت تلك الحادثة التي جعلت حور تجهض وينفجر الرحم وأصبحت لا تستطيع الإنجاب باقي حياتها وشعوره بالذنب تجاهها..
يتذكر يونس أيام حبه لحور وكيف كانوا يعيشون قصة حب كبيرة انتهت بالزواج بعد معاناة طويلة مع أهل حور الذين كانوا رافضين يونس لعدم قدراته المالية في حين أن حور تعيش في مستوى مالي مرتفع ومستوى يونس المادي اقل بكثير من مستوى أهل حور المادي..
يتذكر يونس كيف كان يعيش قصة حب رومانسية مع حور، كان يعيش السعادة معها بكل تفاصيلها، وواجها كل الصعاب وتزوجا رغم تدني مستوى يونس المادي.
يتذكر يونس كيف كانت أخته سهام تعاني من زوجها رؤوف الذي كان يعاملها معاملة سيئة وهي تعيش معه لحبها الشديد له وخوفها الشديد منه حيث أنه دائم التهديد لها بالسفر وأخذ ابنها عادل معه وحرمانها منه للأبد.
يتذكر كيف كان رؤوف يكرهه بشدة وينزعج وقت زيارته لسهام.
يتذكر كيف عمل بالتجارة وأصبح في خلال فترة قصيرة من أصحاب الأعمال وفى خلال عدة سنوات أصبح رجل أعمال كبير يمتلك عقارات وأرصدة فالبنوك وسلسلة متاجر شهيرة ومجموعة شركات لها العديد من الفروع.
يتذكر حور حين أجبرت أهلها مشاركة يونس في بعض مشروعاته رغم رفضهم الشديد إلا أنها استطاعت أن تجعلهم يشاركونه بعض مشروعاته..
وفى خلال جلسة يونس يتذكر عدة ذكريات في حياته قاطعه رنة هاتفه..
المتصل.. حبيبتي ريهام.. وصورتها خلفية الاتصال..
نظر يونس على هاتفه وببطء شديد فتح زر الإجابة..
ريهام – ألو، يونس، حبيبى طمني عليك، هموت من القلق.
يونس – صامتاً.. بدأت ملامح يونس تتبدل إلى الحزن
بدأت عين يونس تنهمر بالدموع، بدأ صوت بكاء يونس يعلو ثم يعلو
ريهام – يونس، علشان خاطري اهدأ، طب قولي إنت فين دلوقتي، علشان خاطري تعالي، أنا غلطانة إني سيبتك تمشي، صدقني ما أعرفش إنك بتتكلم بجد، أنا فكرتك بتهزر هزار سخيف كالعادة، بس أنا بجد غلطانة، حقك عليا.
بدأت ريهام تبكي هي الأخرى لبكاء يونس.
قام يونس بخبط هاتفه عدة مرات في تابلوه سيارته ثم ألقاه من شباك سيارته.
بدأ صوته يعلو بالصراخ والبكاء حتى أن الناس المارة بالشارع بدأت تلتفت نحوه، جاءت إليه إحدى الفتيات، شابة حسناء المظهر، سألته، إنت كويس؟ أنا أسفه بس أنا سامعة صوت حضرتك من بدري بس مش عارفة أجي أسألك، إنت كويس؟ طيب ممكن أساعد حضرتك ازاي؟
نظر يونس إليها بعيناه الممتلئتين بالدموع، شعر يونس بالإحراج، سكت يونس وبدأ يلتفت حول سيارته، وجد بعض الناس على بعد قليل منه تنظر إليه وهو في سيارته، نظر يونس إلى الشابة الحسناء ولم يتحدث إليها، قام بتشغيل سيارته وذهب مسرعاً مبتعداً عن المكان.
ذهب يونس مسرعاً لم يكن يعلم أين يذهب.
جاءت في باله أن يتصل بصديقه خالد، حاول أن يلتقط هاتفه ليتصل بخالد، تذكر أنه خبطه عدة خبطات ثم ألقاه فالشارع.
فكر يونس أن يعود للمكان ليأخذ هاتفه، لكنه قرر الاستكمال وعدم العودة.
قرر يونس الذهاب إلى صديقه خالد الذي يعمل محامي شهير ومديراً لأعماله.
وصل يونس إلى مكتب صديقه خالد وصعد إلى مقر مكتب خالد.
دخل يونس مكتب خالد في حالة غضب.. طلبت منه السكرتيرة الانتظار قليلاً حتى يخرج من بالداخل مع خالد، لكنه رفض..
دخل يونس على خالد مكتبه معتذراً للعميل الذي معه وأنه بحاجة إلى خالد بصفة عاجلة، قبل العميل الأسف وأخبره أنه كان قد انتهى بينهم العمل منذ قليل وكان سيخرج..
استقبل خالد صديقه يونس مرحباً به سائلاً يونس ماذا به، حيث تظهر عليه ملامح الحزن والغضب الشديد.
أجابه يونس بأنه ليس بخير مطلقاً وأنه منذ الصباح يمر بأحداث صعبة.
سأله خالد ماذا به وطلب منه أن يروي له ما حدث به.
بدأ يونس يحكي لصديقه خالد قائلاً له..
النهاردة الصبح صحيت والمفروض إن أختي سهام كانت جاية زي ما قالتلي أول امبارح تقعد معايا وتقضي معايا اليوم وهنخرج نتغدا برة، يعني، علشان أخرجها برة جو الذكريات المرعبة اللي مرت بيها الفترة الأخيرة وتنسى جو المصحة اللي كانت عايشة فيها الفترة اللي فاتت، لقيت واحدة بتصحيني من النوم، وبتقول إنها مراتي، بتتعامل عادي كأنها فعلاً مراتي، الغريب إني مسكت التليفون بدور فيه لقيت صور ليا معاها ومعانا طفل بتقول إنه ابني وأنا متصور معاهم صور عائلية فكذا مكان ومن ضمن الصور دي صور لأختي سهام ومعاها ابنها عادل اللي مات مع رؤوف.
لقيت عبد الواسع بيتعامل معاها كأنها فعلاً ست البيت وبياخد منها أوامر عادى.
والغريب إن سهام اتصلت بيا بتقولي إنها بتعمل باسبور علشان تلحق تسافر ل رؤوف وعادل، رؤوف اللي المفروض إنه انتحر بعد ما قتل عادل، وكمان هتعدي تاخد اللي المفروض إنه ابني من الحضانة وهيتغدا معاها وهيقضي اليوم معاها فبيتها..
كان يونس يروي لخالد تلك التفاصيل وهو يبتسم بدهشة.
بينما خالد مكشر وجهه وبدأت ملامح وجهه تتبدل للتعجب والدهشة لكلام يونس.
نظر يونس إلى خالد ثم تعجب لنظرات خالد إليه.
سأله خالد، مالك يا يونس؟ فيك إيه يا حبيبى؟
أنا استغربت لما ريهام كلمتني بتسألني يونس ماله وعملتوا إيه امبارح وكنتوا فين، بس افتكرتها غيرة نسوان وكده، بس ما أعرفش إن الموضوع وصل لكدة.
سأله يونس، ريهام مين يا خالد؟
أجابه خالد، ريهام مراتك يا يونس، أم ابنك، سليم..
صدمة كبيرة أحلت بيونس، نظر يونس إلى خالد مندهشاً،
خالد أيضاً ينظر ليونس مندهشاً،
طلب خالد من يونس الهدوء قليلاً ويحاول أن يسترخي أعصابه..
نظر يونس ل خالد نظرة تعجب، سائله لماذا ينظر إليه هكذا..
أجابه خالد، كل اللي بتحكيه ده يا يونس طبيعي مفيهوش مشكلة، ردك إنت وطريقة كلامك هو المشكلة دلوقتي، كويس أوي إن سليم ماكانش فالبيت النهاردة، ومش لازم حد يشوفك بالشكل ده لحد ما تهدا ونشوف حصلك إيه بالظبط..
نظر يونس ل خالد وعيناه تنهمر بالدموع بلا صوت، سأل خالد بصوت يكاد يكون مسموع، يعني إيه يا خالد؟ يعني هما كلامهم صح؟ يعني أنا اللي مش طبيعي؟ إزاي يا خالد؟ بين يوم وليلة أنام أصحى ألاقى عندي زوجة وابن مش فاكرهم وألاقي أختي اللي لسه خارجة من مصحة نفسية لما جوزها رمى نفسه بعربيته من فوق جبل ف لبنان ومعاه ابنه، بتقولي بتجهز للسفر لجوزها وابنها، ناس ماتت بتصحى وناس مالهاش وجود بتظهر فحياتي.! إزاي يا خالد؟!
أنا أعرف إن اللي بيفقد الذاكرة ده بينسى كل حاجة، اللي بيتجنن عقله بيروح ومش بيفتكر أي حاجة، لكن فجأة يبقا عندي ابن وزوجة!
أجابه خالد، أنا مش عارف أقولك إيه يا يونس، هو لو إنت مش قاصد يبقا فعلاً حاجة غريبة وحاجة فعلاً تقلق، ممكن توريني تليفونك؟
نظر يونس ل خالد قائلاً، كسرته ورميته فالشارع، ممكن يا خالد تحكيلي كل حاجة عني إزاي قابلت ريهام وخلفت إمتى وإزاي وأختي واللي حصلها، كل حاجة عني عاوزك تحكيهالي كأني فاقد الذاكرة ومش فاكر أي حاجة، إنت صاحب عمري اللي طلعت بيه من الدنيا، إنت اللي ممكن أثق فيه اكتر من أي حد، دلوقتي كمان هثق فيك أكتر من نفسي..
أجابه خالد، يا يونس إحنا الأول لازم نشوف دكتور كويس يشوفك..
وكمان عاوزك تقولي رميت تليفونك فين علشان ندور عليه ولازم نجيبه..
نظر إليه يونس قائلاً، ماشي يا خالد، شوف دكتور، بس مش عاوز حد يعرف حاجة من اللي شغالين معانا، بمناسبة الشغل، أنا زي ما أنا صاحب شركات ولا شغال عند حد ولا أنا لسه فقير زي زمان ولا إيه بالظبط يا خالد؟!
احتضنه خالد بشدة قائلاً، ما تقلقش يا يونس، أكيد شوية وقت بس وهتبقا أحسن، هي بس ضغوطات الشغل والتوتر بس ممكن يكون أثر عليك شوية، بقولك إيه، ما تاخد أجازة من الشغل وتطلع مع مراتك وابنك تغير جو شوية..
أجابه يونس، ماشي يا خالد، بس محتاج أتكلم مع دكتور نفسي، يا ريت تشوفلي حد دلوقتي علشان أنا تعبان ومحتاج اعرف إيه اللي حصل لي ده وتفسيره إيه..
التقط خالد هاتفه وبحث فيه ثم اتصل بأحد أطباء النفس من معارفه وطلب منه لقاء عاجل بعيد عن عيادته في مكان بالخارج.
فهم يونس مطلب خالد بأن يكون اللقاء بعيد عن عيادته بحيث يبعد أي أعين وكاميرات الصحفيين وخوفاً على يونس من أي إزعاج حول زيارته لطبيب نفسي..
ذهبا الصديقين بعدما ألغى خالد كل مواعيده واعتذر للحضور في مكتبه ثم انصرفا للقاء الطبيب في إحدى الكافيهات القريبة من عيادة الطبيب بناء على طلبه.
التقيا خالد ويونس بالطبيب وعرف خالد الطبيب ليونس قائلاً..
دكتور رابح، من أشهر أطباء علم النفس، صديقي يونس.. صاحب عمري يا دكتور، بعد تبادل التحيات وطلبهم مشروبات الضيافة دار بينهم الحديث..
خالد – شوف يا دكتور رابح، يونس صحي النهاردة ناسي شوية حاجات كدة..
قاطعه الطبيب رابح – بعد إذنك يا أستاذ خالد، محتاج أسمع من أستاذ يونس..
يونس – الحقيقة يا دكتور مش عارف أقول لحضرتك إيه، أنا صحيت الصبح على صوت غريب، واحدة بتصحيني وأنا مش عارفها ولا فاكرها، المفروض إنها طلعت مراتي، مسكت التليفون أشوف فيه أي حاجة أو أتصل بحد، فتحت الصور لقيت صور عائلية لأسرة المفروض إنها عيلتي، ولد عمري ما شوفته المفروض إنه ابني، أختي المفروض إن جوزها وابنها ماتوا فحادثة برة مصر، لقيت إن ده ماحصلش وهما لسه عايشين برة مصر عادى.. بس كدة.
الدكتور رابح – طيب ممكن تحكيلي إمبارح قبل ما تنام عملت إيه؟
نظر يونس لصديقه خالد وأجاب على استحياء، إمبارح كنت سهران أنا وخالد شربنا كام سيجارة حشيش، بس كنت واعي جداً ما وصلتش لدرجة غياب العقل يعنى، ولفينا بعدها شوية بالعربية وكنا مبسوطين وبنضحك، بس وروحت غيرت هدومي ونمت على طول من غير ما أعمل أي حاجة تانية، صحيت لقيت حصل اللي حكيته لحضرتك كدة بالظبط.
الدكتور رابح – طيب قبل ما تنام كنت بتفكر فحياتك مثلاً؟ افتكرت ذكريات قديمة أو تخيلت حاجات غريبة مثلاً؟
يونس – لأ خالص، أنا نمت على طول، كنت مجهد جداً فنمت على طول.
أوقات تانية بفكر فعلاً في ذكريات قديمة، بفكر كتير فطليقتي اللي كنت بحبها جداً وكنت سعيد جداً معاها وأوقات بندم على طلاقنا لكن إمبارح ما إفتكرتش أي حاجة من دي خالص ونمت بعد ما وصلت البيت..
الدكتور رابح – لما كنت مع زوجتك الأولى هل فكرت قبل كدة إنك تتجوز عليها أو تعرف واحدة ست عليها.؟
يونس – لأ يا دكتور ما فكرتش أتجوز عليها، لأ عمري ما فكرت..
الدكتور رابح – واضح يا أستاذ يونس إنك كنت بتفكر كتير فحياتك القديمة قبل زواجك من واحدة تانية وحبك لزوجتك الأولى ده عمل عندك اضطرابات نفسية وبدأت تعيش جوة حالة إنت حابب تعيش فيها، ده فقدان جزئي للذاكرة، عقلك الباطن مصورلك إنك ماعملتش خطأ وإنك لسه عايش على ذكرى حبك لطليقتك، يمكن كمان شعورك بالذنب إنك كنت سبب ضياعها منك ده كان له تأثير مباشر فحالتك دي، أنا هكتبلك دواء تمشي عليه بانتظام وتحاول تتعايش مع كل حاجة دلوقتي وتستعين بأصدقائك أو الأهل القريبين منك ويساعدوك إنك تستعيد ذكرياتك وحياتك الطبيعية أول بأول، ساعات هتلاقي نفسك ناسي حاجات وترجع تفتكرها أو ممكن تنسى حقايق حواليك إنت عاوز تنساها، حاول ما تضغطش على نفسك كتير فشغلك ويا ريت لو تبعد شوية عن الشغل وتخلي حد بتثق فيه يدير الشغل الفترة دي والفترة دي لازم تقرب من عيلتك اكتر وتسمع أكتر ما تتكلم، ولو حصلت حاجة إنت مش فاكرها إسأل حد قريب منك عنها، واحدة واحدة هترجع تفتكر كل حاجة في وقتها المناسب.
وياريت أشوفك بعد إسبوع من دلوقتي بس ياريت تلتزم بالدواء بانتظام.
انصرف يونس وخالد وذهبا إلى مكتب خالد حيث كان يونس ذاهباً مع خالد بسيارته تاركاً سيارته تحت العمارة التي بها مكتب خالد.
سأل خالد يونس ماذا سيفعل الآن.؟ أجابه يونس أنه سيذهب لبيته لرؤية ريهام فهو يحتاج أن يسمع منها.
سأله خالد عن مكان إلقائه لهاتفه المحمول ليذهب ويبحث عنه.
أجابه يونس أنه لا يتذكر وأن هذا شيء غير مهم الآن.
ذهب يونس بسيارته متوجهاً إلى بيته، دخل يونس منزله بالسيارة وجد الحارس عبد الواسع جالساً عند البوابة، سأله عبد الواسع، مالك يا يونس بيه، شكلك كنت مضايق الصبح؟ أول مرة ما تصبحش عليا وإنت ماشي.!
نظر يونس إليه قائلاً، معلش يا عبد الواسع، ضغط شغل بس.
أجابه عبد الواسع، ربنا يكون فعونك يا بيه ويحفظك لينا. الست هانم فوق شكلها كانت قلقانة على سياتك قوى.
توجه يونس إلى داخل منزله بخطوات بطيئة، يقدم خطوة تلو الأخرى ببطء، لا يعلم كيف سيتعامل مع هذا الموقف؟
دخل يونس المنزل، كانت ريهام في انتظاره، هرولت إليه ريهام واحتضنته بشدة، سألته ماذا به؟ دار بينهم الحديث..
ريهام – وسط دموع وحزن شديد ولهفة للقاء يونس، أنا آسفة يا يونس، حقك عليا يا روحي، بس بجد صدقني ما أعرفش إنك بتتكلم بجد، أنا بس مش مستوعبة اللي حصل، مش متخيلة إنك ممكن فعلاً تصحى فمرة من النوم تكون ناسي مراتك وابنك، واللي خلاني مستغربة أكتر إنك فاكر كل حاجة ماعدا أنا وسليم، مش فاهمة ده ليه وإزاي؟ بس برضه حقك عليا، ما كانش المفروض أسيبك تنزل كدة، حقك عليا.
أنا كلمتك كتير تليفونك مقفول، هو فاصل شحن ولا إيه؟
أجابها يونس أن هاتفه ضاع منه، سألته كيف ضاع هل أحد سرقه؟
أجابها لا وأنه قام بتحطيمه وإلقائه فالشارع..