ماذا لو آخينا بين الشعر والحكي؟ بين ريشةِ القصّةِ وأنغامِ القصيدة؟ .. حلمٌ طالما راودني ولم أدْرِ بمَ أغزلُه ولا كيف أنسجُه .. فهما في النهايةِ كشاطئين يطلّان على جزيرةِ الأدب، لا يفصلهُما إلا بحرٌ هادئٌ رقيق، حاول بعضُ الأدباء أن يعبروه .. فمنهم من حدا به الشراعُ بعيداً، ليظلَّ تائهاً بين أمواجِ الخيال، ومنهم من هداه الطريق.
وكأني كنتُ ألقى هؤلاءِ وأولئك في طيّاتِ حُلمي، فكنتُ كمن لا يودّ أن ينتهي حلمُه الجميلُ، فيستفيق!
ثم راودني الحلمُ من جديد، فهمس في نفسي: ماذا لو ذيّلنا كلَّ قصّةٍ بقصيدة؟ فلا الأبياتُ تُثقلُ على غُصونِ الحكْي، ولا تكادُ القصّةُ تبلغُ تمامَها إلّا بنكهةٍ من قطوفِ الشِعْر .. فانتبهتُ، تُرى هل يتّسعُ السياقُ لمثلِ هذا الإيخاءِ، أم تُراهُ يضيق؟
للقصّةِ القصيرةِ نقطةُ تنوير، لقطةٌ من دراما الحياةِ يأسرها التصوير .. أما الشِعْر، فله منذ عهْد الخليلِ عَروضٌ وبحْر، ثم ما لبِثَ أن صار كطيرٍ حرّ، لا يلتزمُ أوزاناً ولا ينتصفهُ شطْر .. فاكتفى بكونه قطوفاً من بلاغةِ القول، له إيقاعٌ وتأثيرٌ عميق.
وفي يومٍ، كأن يمامةً حامتْ حول رأسي، ثم ضمّت جناحيْها فركنَت فوق كتفي، وبدا من عينيها بريق! .. فانسابت بقلبي حكاياتٌ تهفو وراءَها أبيات .. ومن حينها، وأنا أسعى لكي أبني بين الشاطئين ما يشبهُ الجسور، أو أصلَ بين البحرين بما يشبهُ المضيق!
فإليك وصالٌ أرجو أن يليق ..