حضرنيكولاس ذات مرة اجتماعًا للنادي الراديكالي الأول، في منزل خاص، غير بعيد عن
هذا الذي دخله الآن. أعاد المشهد في الردهة إلى ذهنه جلسة المفكرين المتقدمين. كان حوالي
اثني عشر رجلًا وامرأة، من ذوي المظهر التقدمي بشكل أو بآخر، جالسين على مقاعد أو
أرائك، يستمعون إلى مقالة يتمتم بها رجل طويل، يقف في أحد الأركان، ويقرِّب الورقة من
نظارته. لم يَبدُ أن المقالة أثارت الكثير من الحماس؛ فقد فاق عدد المقاعد الخالية، عدد
المستمعين.
وحين أدُخِل نيكولاس وتيثامي، نهضكل الرفاق تقريبًا، وحيَّوا الأخير تحية صامتة،
لكنها مفعمة بدلائل الاحترام العميق. في الواقع، كانت التحيات أشبه في تأدُّبها بالتحية
الشرقية.
«! إنك أشبه بديكٍ مختالٍ هنا يا تيثامي » : همس فانس باستخفاف
صه! لقد كنتُ أنا أول من جلب هذه الفكرة من هايدلبرج إلى » : همس تيثامي بدوره
«. بوسطن. إنهم ممتنُّون فحسب لهذا الإنعام العظيم. لكن استمع إلى المقالة
لنسلِّم بأن المبدأ الذي نعتنقه هوسرالأسرار، والفردوس » : كان المتحدث يقول آنذاك
الأرضي الحقيقي، ولنسلِّم أيضًا بأننا سنرتقي من المادي إلى الفكري، في تطويرنا لهذا
المبدأ، فمن الذي يمكنه أن يهرب من نتائج هذه المقدمات المنطقية؟ كلما أحرزنا تقدمًا في
الانضباط الذاتي الذي يمَكِّننا بالفعل من استخلاص أقصى متعة جسدية من الأحاسيس
التي طالما عُدَّت لعينة، منذ أول مغصأحسبه قابيل، سنجد أنه ما زالت هناك متع أسمى
في مجال الألم العقلي. إنني على يقين تام من أنه لن يمضيوقت طويل حتى يصير موت
زوج أو زوجة أمتع للمبتدئين من القبلة الأولى عند المذبح، وتصير خسارة ثروة مصدرًا
للسعادة أكثر واقعية من تسلُّم تركة، وتصبح خيبة المطمح أجدر بالاحتفاء بها من تحقُّق
«… الأمل. وليس ذلك سوى المنطق
لم يستطع نيكولاسأن يتمالك نفسه أكثر من ذلك. كان يعرف هذا الصوت، وأسلوب
التفكير، والنظَّارة. لقد استمع إلى محاضرات البروفيسور سوردتي، في جامعة هارفارد،
مرات عديدة، وباهتمام كبير، لا يمكن معهما أن يخلط بينه وبين شخصآخر. أطلقصفيرًا
خفيضًا. ونظر إليه تيثامي وهو يوشك أن يُطلق صفيرًا آخر.
أولًا وقبل أيشيء، لا تُبدِ أي اندهاش من أيشيء قد تراه أو تسمعه. » : همس قائلًا
واحذر خصوصًا من إبداء معرفتك بأي شخصتلتقيه، حتى لو كان جدتك نفسها. آداب
«. المكان تُلزمك بذلك القدر من الحذر
إن هذا ممل؛ » : ثم نهضتيثامي وأشار إلى نيكولاسأن يتبعه إلى خارج الغرفة. وقال
البروفيسور يميل إلى الإسهاب. تحب قلة أعضائنا الرجعيين الجلوس والاستماع إليه. إنهم
يحاولون على الأرجح الوصول بمبدئه إلى حد استمداد الإثارة من ملل مؤلم. يجدر بنا ألا
«. نُضيع وقتنا هنا. لنذهب إلى الندوة
أفضىبنا دهليز تكسوه ستائر ثقيلة إلى غرفة إضافية، أنُشئت في الأصل لتكون صالة
عرضفنية. لم يكن فيها أي نوافذ. أزيلت الكوَّة التي كانت في الأعلى، وكانت الغرفة معزولة
تمامًا، مثل الحجرة الداخلية في أحد أهرامات الجيزة. ومُدت أسمطة الطعام على مائدة في
وسط الغرفة. كانت المائدة محاطة بأرائك واسعة، تشبه الأرائك الرومانية، وكان يتمدد
عليها بضعة أشخاص. قلة منهم كانت تأكل، أما الغالبية فبدت مستغرقة في حالة من
الاسترخاء البالغ. وفي أركان الغرفة، لحظ نيكولاس كثيرًا من الآلات الخشبية الضخمة. بدا
المكان وكأن نصفه قاعة للولائم، ونصفه الآخر صالة رياضية.
وكما كان الحال في الردهة الخارجية، نهض جميع الرفاق وحيَّوا تيثامي باهتمام
ملحوظ. حيَّوه بطريقة أقرب إلى الميكانيكية، وكما لو أنه أمر بدهي. أما حضور نيكولاس،
فلم يبدُ أن مستعذبي الألم الأبيقوريين انتبهوا له أكثر مما قد ينتبه مرتادو وكر أفيون
صيني. كانت هناك دَعَة حالمة خيمت على الرفاق، جعلت المكان لا يبدو مختلفًا عن وكر
أفيون.
ذهب تيثامي مباشرة إلى مقصف جانبي، وسكب من دورقٍ جرعةً مترعة.
إنه حامضالنتريك، المخفَّف بالطبع، لكنه قوي بما يكفي لسلخ الجلد » : شرح قائلًا
عن الشفاه، وإشعال النار في الفم والحلق. هل ستجرب كأسًا؟ لا؟ لن يكون أقوى لذائقتك
من البراندي لذائقة طفل. يكبر الطفل، ويتعلم أن يحب البراندي. وأنت ستكبر لتقدِّر هذا
«؟ الشراب. آه، يا دكتور! اجلب لي كأسًا معك. هل تستمتع بحياتك هذه الأيام
ميَّز نيكولاس في الرجل الذي اقترب في تلك اللحظة ووجَّه إليه تيثامي حديثه، واحدًا
من أطباء بوسطن البارزين، مشهورًا بكونه ممارسًا ماهرًا في جميع أنحاء الولايات الشرقية.
هز الطبيب رأسه لدى سماعه السؤال المهذب الذي طرحه تيثامي.
بقدر ضئيل، ضئيل جدٍّا. لم يعد الكيُّ يجلب لي متعة أكبر مما يجلبه » : وردَّ قائلًا
مجرد استخدام كاسات الهواء أو العَلَق. إنني على استعداد لمنح نصف دخلي، في سبيل
«. التمكن من الاستمتاع بألم عصبي بسيط، مثلما اعتدتُ أن أفعل سابقًا
نظر تيثامي إلى نيكولاس نظرةً ذات معنى.
ومع ذلك، فإن العميان الحمقى الجاهلين الذين » : وتابع الدكتور بطريقة تدعو للتأمل
يستعينون بي باحتراف، يصرون على استخدام الكلوروفورم في عملية جراحية تافهة. أظن
أنهم لن يخلعوا سنٍّا دون تخدير. من المؤسف أن رفاهيةً مثل الألم، لا يمكن أن يحتكرها
«! أولئك الذين يمكن أن يقدِّروها
حريٌّ بك، بما تملكه من مصادر ومعرفة بعلم الأمراض، أن » : نصحه تيثامي قائلًا
«. تتابع تقدُّم ألمك، وأن تتجنب السأم
وتابع «… جرَّبت كلشيء، أَلَمْ يخطر لك من قبلُ يا تيثامي » : ردَّ رجل الطب متنهدًا
أنه لو استطاع المرء أن يجد مُنشِّطًا يستثير الجهاز العصبي كله إلى درجة » : بحيوية أكبر
حساسية أشد مما يحققها أي عاملٍ معروف، فقد يجعل نفسه واعيًا بالدورة الدموية؟ كم
سيكون مبهجًا أن يشعر المرء حقٍّا بالمد المنطلِق عبر الشرايين، المتخلل للشعيرات الدموية،
«. المتدفق في الأوردة، المندفع إلى الوتين! والسبب، أن ذلك سيمنح الوجود لذوعة جديدة
إنه واحد من أكثرنا تقدُّمًا، لكنه يمضي » : بعد انصرافالدكتور، قال تيثامي لنيكولاس
أسرع مما ينبغي. إنني أومن بالاعتدال في الألم، كما في جميع المتع الأخرى. باعتدالي في
إشباع رغباتي، فإنني أبقي على تشوُّقي للمزيد. أما الدكتور، فبلجوئه إلى الكي ثلاث مرات
في اليوم أو أربعًا، فقد قتل الإوزة التي كانت تضع له بيضاتٍ ذهبية. إنه لم يبلغ من
«. الفلسفة ما يكفي لجعله أبيقوريٍّا
«؟ هل وصل كل أصدقائك هنا إلى مستوًى متقدم مثل الدكتور » : سأل نيكولاس
أوه، لا يا عزيزي! تدرك أنه مع تقدُّم الشخصيجب أن تزيد الجرعة. فبينما قد يسعد »
شخصمبتدئ بألم الأسنان، أو قد يتخم نفسه بتناول البطيخ الأخضرلعلاج المغص، مثل
ذلك الشاب هناك، أو غرس الإبر في ربلة ساقه، مثلما يفعل في هذه اللحظة أولئك السادة
الجالسون على الأريكة التي إلى يسارنا، فإن هناك آخرين، لديهم شهيات أكثر تهذيبًا، يجب
أن يحصلوا على أعلى درجات الألم. ولكن الأمر هو نفسه في كل المراحل؛ بعضهم يسعده أن
يكون عقلانيٍّا في انغماسه في الملذات؛ بينما يُغرق فيها البعضالآخر إلى حدودها القصوى.
أذكر مصرفيٍّا، ليس حاضرًا هنا الليلة، أصبح مولعًا بشدة باستخدام مكبس أصابع عتيق،
اقتناه من متجر تحف، وهو أداة تعذيب يضغط بها على الأصابع، وراح يأخذه في جيبه إلى
مكتبه، ويستخدمه خفية خلال ساعات العمل. لا يمكنني تحمُّل مثل هذا الرجل. لا بد أنه
«. انحدر إلى الشبق السري، أو أنه يقدم مثالًا سيئًا لموظفيه
«! ينبغي أن أوافقك الرأي » : قال نيكولاس
والآن لدينا شخصية مختلفة » : وإذ اقترب رجل ألماني قوي البنية، تابع تيثامي قائلًا
«. تمام الاختلاف. إنه قانع بأبسط المتع. عِمْت مساءً يا سيدي. تبدو هانئ البال الليلة
يا إلهي! لكن لدي مصيبة محببة واحدة في الرأس. لقد كنت — كيف » : قال التيوتوني
«. تقولونها بالإنجليزية؟ — أخبط رأسيفي الجدار
وذلك الذي هناك واحد من أندر نماذج » : وتابع تيثامي بعد تهنئة الألماني على أسلوبه
الحمقى المسلوبي العقول الذين يمكنني أن أرُيكهم. ذلك الرجل ذو اليد المضمدة والابتسامة
الرائقة المرتسمة على وجهه، كان يومًا ما من الغباء بحيث يقطع أنملة من خنصره، في
سبيل الاستمتاع المؤقت بالألم الشديد. إنه ممارس جيد للمحاماة، وحريٌّ به أن يكون
أكثر وعيًا. حسنٌ، التأم الجرح، وانقضت متعته؛ ولذا قطع قطعة أخرى، إلى الأسفل قليلًا.
واستمر الأمر على هذا المنوال، قطعة قطعة، حتى لم يتبقَّ له الآن سوى جذوع سبعة
أصابع، وإبهام يُبقي عليه من أجل التسلية. لقد بدأ في تقطيع الإصبع الثامن بالفعل،
«. وأراهن على أنه سيقدِّم قضيته التالية أمام هيئة المحلَّفين، بإبهام وحيد
حينئذٍ جذب صريرٌ حادٌّ انتباه نيكولاس إلى إحدى الآلات الخشبية في الركن. ولدى
ذهابه إلى هناك، يتبعه تيثامي، أبصرمشهدًا شديد الغرابة؛ كانت الآلة تشبه بطريقةٍ فجةٍ
ساقيةً دائرة. كانت تُدار بذراع يحمل عبءَ تحريكها رجلٌ أفريقي مفتول العضلات مهذب
السلوك. وكان هناك مواطن ممتلئ، في منتصف عمره، وله مظهر مهيب، مشدودًا على
حافة الساقية، وقد رُبطت يده وقدمه. كان يرتدي قميصًا ذا أكمام، والعرق الغزير يرشح عن جبينه، بينما ينطق وجهه بسعادة لا تُوصف. كلما بذل الرجل الأسود جهدًا في تحريك الذراع، كان الضغط يزيد على عضلات الأبيقوري السمين ومفاصله. بدا أن الضغط هائل، ومع ذلك فقد سمعه نيكولاسيهمسبصوت لا يكاد يُسمع، لكنه يفيضبنشوة لا تُوصف:
«… أدرها دورة أخرى، جورج واشنطن، شَدَّة … أخرى … صغيرة »
كنت أتحدَّث للتوِّ عن المراتب الأعلى من الألم. إليك أحد أمثلته: إن الرجل » : قال تيثامي
السمين رأسماليٌّ مشهور، وهو أيضًا يعيش في حالة فراغ، مثلي. يعيش في بيكون ستريت،
وهو من المتحمسين لملاحقة أحدث صيحات الألم. اشترى هذه الآلة من مدريد، وقدَّمها
،« الِمخلعة » إلى الجمعية. إنها نسخة أصلية، بلا جدال، من آلة التعذيب التي تُعرَف باسم
ويُقال إن محاكم التفتيش كانت تستخدمها. وعلى كل حال، فلم تزل تعمل بصورة جيدة.
وبوجود رجل قوي يديرها، توفِّر قدرًا من المتعة الخالصة، التي أتمنى أن تستطيع يومًا
«. تقديرها حق قدرها
ارتعد نيكولاس، وأشاح بوجهه عن المخلعة. وفي تلك الأثناء، أصبح في الغرفة
خمسة وثلاثون أبيقوريٍّا أو أربعون. زاد عدد الحاضرين بمجيء جماعة الردهة؛ إذ كان
البروفيسور سوردتي قد اختتم مقالته أخيرًا. كان هناك نشاط وصخب بين الأبيقوريين
بقدر أكبر مما كان في بداية الليلة. كانت سكرة الألم تفعل فعلها، والعربدة تزداد طيشًا
وضجيجًا.
«. دعنا نرَ ما يفعلون » : قال نيكولاس
تصرَّف وكأنك في بيتك. لقد أخبرتك بأن وجودك لن يلحظه أحد. » : رد تيثامي بتأدب
اذهب إلى أي مكان تشاء، وإذا شعرت برغبة في تجريب أيٍّ من آلاتنا، فلا تتردد في فعل
«. ذلك. لكن إذا سمحت لي ببضع دقائق، أعتقد أنني سآخذ الدور التالي على المخلعة
استمرت العربدة بفوران متزايد. اختلطت أصوات همهمات الهذيان، بصرير آلتين أو
ثلاث من آلات التعذيب. وفي أحد الجوانب، رأى نيكولاس مجموعة وقورة، تتكون من اثنين
من الفلاسفة، وستة طلاب لاهوتيين. كانوا جالسين على مقعد مكسوٍّ بالمسامير الحادة،
وكانوا يتناقشون في خلود الروح، بأسلوب بالغ الحيوية. واقتدى بضعة أبيقوريين بالرجل
الألماني، وأخذوا يخبطون أدمغتهم في الجدار. وكان هناك شاب من الواضح أنه حديث
عهد برفاهيات الألم، بدا أنه يستمد من أبسط أشكال التعذيب متعةً بالغة. أدخل إصبعًا
في عصَّارة ليمون، وبينما كان يضغط بيده الأخرى مقبضي العصَّارة، كانت تعابير الألم
ترتسم على وجهه، معسرور ينمُّ عن قلة الخبرة. وكان شخصان حاصلان على الدكتوراه في
اللاهوت قد تعرَّيا حتى خاصرتيهما، ويجلد كل منهما الآخر متطوعًا، بالتناوب، باستخدام
سوط من الصفصاف. ومما يحسب لحسِّ الإنصاف لديهما، أن الخدمة المتبادلة، كانت
تتم بالتساوي، سواء من حيث المدة، أم من حيث الشدة التي تُسدد بها الضربات. لحظ
نيكولاس أن سكرة الألم جعلت الناس أنانيين عمومًا. فلم يعبأ أيٌّ من الأبيقوريين كثيرًا
باستمتاع أولئك المحيطين به؛ لانشغاله بمتعة أحاسيسه.
ومع ذلك، لم تكن الحال هي نفسها فيما يخصمجموعة من النساء والرجال الذين
تجمَّعوا في أقصىالغرفة. كانت هناك همهمات من الحوار، وإبداء واضح للاهتمام بابتكار
عظيم. كان الجمع يصفقون لمخترع أداة جديدة. شق نيكولاسطريقه إلى داخل المجموعة،
وفجأة بدأ يبتعد في ذهول.
جلست امرأة في منتصف العمر على إحدى الأرائك، وقد وضعت قدمها في سلة مغطاة
جيدًا بالقماش، بينما كان حذاء وجورب مُلْقَيَيْن على الأرض. كان شعر المرأة مشعَّثًا، وكان
وجهها يتوهج بانفعال مَرَضيٍّ. ومع الاسترسال في عربدة جنونية، بدأت تغني أغنية مفعمة
بالحيوية لكنها مفككة. تهدَّجصوتها الحاد نوعًا ما، ليُصبح ارتعاشات غامضة من النشوة
«؟ ماذا لديها في السلة » : الهستيرية. التفت نيكولاس إلى أحد المارة وسأله
ستة أعشاش دبابير. أليس ذلك جميلًا؟ إنه اكتشاف العصر، ومن » : كانت الإجابة
«! الجميل التفكير في أن السيدات يجب أن يكنَّ أولًا
كاد نيكولاس يفقد وعيه رعبًا وتقززًا. كان يعرف السلة؛ لأنه اشتراها من كامبريدج.
كما كان يعرف السيدة، فهي بينيلوبي، خالة مارجريت. وخالة مارجريت هي الشخصية
المحورية في حفل عربدة كهذا! شق طريقه إلى المقدمة، ووقف أمام المرأة المحمومة. نظرت
البسي » : إلى أعلى، وخيَّم على وجهها تعبير غائم عن تذكُّر ضبابي وخزي حائر. قال بحزم
أطاعته بطريقة آلية. ركل نيكولاس السلة جانبًا، وكان هناك تنافس محموم بين «! حذاءكِ
الأبيقوريين للاستيلاء عليها وكأنها كنز. لم يُعِر الشاب تنافسهم اهتمامًا، وجذب الآنسة
بينيلوبي من ذراعها، وأخرجها من ذلك المكان الرذيل، إلى خارج المنزل. أعادها هواء الليلة
النقي إلى وعيها بصورة جزئية. طأطأت رأسها، وصحبته في صمت.
شرعت آخر سيارة متجهة إلى كامبريدج تتحرك من الميدان. وخلال الرحلة الطويلة، لم
يفُه نيكولاس بكلمة، ولا فعلت مرافقته. لم ينكسرالصمت للمرة الأولى إلا عند باب المنزل.
رفع نيكولاس نظره عن الأرض. كان القمر يضيء نافذة الغرفة التي كانت مارجريت تنام
فيها في غفلة عما يحدث.
من أجل مارجريت، ومن أجلك أنت أيضًا، » : قال نيكولاسبصوت خفيضلكنه حازم
«. عديني يا آنسة بينيلوبي بألَّا تذهبي إلى ذلك المكان أبدًا مرةً أخرى
ارتجف جسد الآنسة بينيلوبي في اهتياج، وانتحبت بمرارة. نظرت إلى نيكولاس أولًا،
ثم إلى نافذة مارجريت. وأخيرًا نطقت.
«! أقسم لك » : قالت