batolali

Share to Social Media

خرجت من منزلها وذهبت إلى الجامعة لسحب جميع أوراقها ، فهي لن تظل في هذا المكان الذي شهد على انكسار روحها ... كادت تغادر ولكنه أطبق كفه على ذراعها بعنف وهدر بغضب:
-"أين كنتِ طوال هذه المدة؟ولما لا تجبين على اتصالاتي؟"

نفضت يده بعنف وأجابت بإستنكار ولم تكن السخرية غائبة عن ملامحها وهي تضم ذراعيها بكل ثقة وترفع أنفها بكبرياء:
-"تريد الإطمئنان على بنك المال الذي يصرف عليك؟"

نظر لها بذهول وهي تتابع:

-"أسفة لأني سأخيب ظنك وأخبرك بأنني لن ألتقي بك مجددا وسأقطع علاقتي بك نهائيا".

تركته وغادرت ، لم يستوعب أي شيء بعدما سمع ما قالته ، ولا يعلم كيف وصل إلى مازن وقام بلكمه على حين غرة ... مسح مازن قطرات الدماء التي خرجت من فمه ورد له لكمته وبصق عليه وقال:
-"هذه لأنك ضربتني".

لكمه مرة أخرى وقال:

-"وهذه لأنك خدعتها يا حقير".

غادر مازن ولم يعبأ بعمرو الذي قذفه بأفظع الشتائم وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي رآه بها.

مر عامين ولم يعرف عمرو أو يسمع أي شيء عن مازن وسمية وأيضا لم يكف عن اللهو والإيقاع بالحسناوات ، وفي أحد الأيام كان يجلس برفقة أصدقائه الذين لا يختلفون كثيرا عنه ... ارتشف أحدهم الدخان من سيجارته وأردف وهو ينفثه في الهواء:
-"يا شباب ، تتذكرون مازن وسمية اللذان تركا الجامعة منذ عامين؟"

أومأ عمرو برأسه ليتابع صديقه:
-"لقد تمت خطبتهما الأسبوع الماضي".

زفر الشباب بضيق وحقد فقد حظى مازن بالفتاة الثرية وستتغير حياته أما هم فيجلسون يندبون حظهم ويدخنون سجائرهم.

ضيق عمرو عينيه وهو ينظر إلى صديقه وقال:

-"كيف علمت بالأمر يا أشرف؟"

أجابه أشرف ببرود:
-"أخبرني فتحى ، تعلم بأنه لا يزال صديقا لمازن وعلاقتهما جيدة".

كاد يتحدث ولكنه سمع رنين هاتفه فأجاب على الفور عندما رأى اسم "حور" يزين الشاشة:

-"كنت أفكر بكِ حلوتي ، أين أنتِ الآن؟"
أجابته وهي تبتسم:
-"في البيت ، وصلت قبل دقائق واتصلت لتطمئن ، أعلم بأنك تقلق كثيرا بشأني".

ضحك أصدقائه بشدة على سذاجة تلك الغبية التي تعتقد أنه يهتم لأمرها ... سمعت حور أصوات الضحك فعقدت حاجبيها بريبة وهي تسأل عمرو:

-"أين أنت عمرو؟ وما هذه الأصوات التي أسمعها؟"

أشار عمرو إلى أصدقائه ليصمتوا وأجاب بهدوء شديد كي لا تشك بأمره:
-"أنا أجلس في المقهي وهذه أصوات بعض الشباب الذين يجلسون على الطاولة المجاورة ويشاهدون فيلما كوميديا".

زفرت براحة وقالت:
-"حسنا ، سنتقابل غدا"

-"ابتسم بخبث وهو يقول:
-"كما تريدين يا روحي".

انفجر أصدقائه في الضحك ومدحوه على ذكائه الشديد.
يعتقدون بأن ما يفعلوه هينا وأنه طيش شباب وسيزول مع مرور الوقت ولكنهم مخطئون ... لا يفكرون بأنه يمكن أن تكون إحدى هؤلاء الفتيات شقيقته أو ابنته .
في المنزل يكون الشاب حازما وصارما مع شقيقته وعندما يغادر يخلع ثوب الفضيلة ويتلاعب بالفتيات الأخريات متحججا بأنهن ساقطات وأن والدهن لم يقم بتربيتهن .
ظل عمرو وأصدقائه يضحكون ويمرحون غير عابئين بما تخبئه الأيام لهم.
••••••••••••
دلفت "حور" إلى المطعم حيث ينتظرها عمرو ، بحثت عنه بعينيها إلى أن وجدته يلوح لها بيده فابتسمت بسعادة واقتربت منه.
جلست أمامه على الطاولة وهتفت قائلة:

-"حسنا أخبرني الآن ، ما هو الأمر الهام الذي ستخبرني به؟"

أمسك كفيها بلطف وهو ينظر إلى عمق عينيها الرمادية وأردف بنبرة يشوبها المكر:

-"لقد أصبحت شقتي جاهزة ، وأخيرا اكتمل عش زواجنا".

اتسعت ابتسامتها ولم تشعر بنفسها وهي تقفز وتضحك بسعادة غير عابئة بالأشخاص الذين ينظرون لها ويستنكرون تصرفها الذي لا يمت للعقل بصلة.

قبض على يدها برفق وسحبها خلفه مغادرا المطعم وهو يحاول كبح ضحكته بصعوبة ، وتوجه نحو دراجته النارية ، واستقلها ووضع خوذة الأمان على رأسه قبل أن يعطي لحور الخوذة الإحتياطية ويشير لها بأن ترتديها ... عقدت حور حاجبيها بعدم فهم وقالت:

-"إلى أين سنذهب؟"

ابتسم وأردف ببساطة:

-"إلى شقتي ، أعرف أنك تتوقين شوقا لرؤية منزلنا المستقبلي".

شعرت كأن أحدهم سكب دلوا من الماء البارد على رأسها ، هل يريدها أن تذهب معه إلى شقته بمفردها؟!
مؤكد أنه جن أو تعرض لصعقة كهرباء أثرت على سلامة عقله!!

نظرت له بوجوم قبل أن تقتلع خوذته من على وجهه بعنف ، وتصفعه بقوة ، ثم غادرت المكان تاركه إياه يضع يده على وجنته بصدمة ويتوعد  لها.

وصلت إلى منزلها وهي تبكي وجلست على الأريكة ، ودفنت وجهها بين كفيها ، لمحتها والدتها فاقتربت منها وربتت على ظهرها بحنو وهي تجذبها إلى أحضانها وتهمس لها ببعض كلمات علها تهدئها.

تمتمت حور من بين شهقاتها:
-"كنتِ محقة أمي ، هو لا يحبني أبدا ، كل ما يريده هو أن يتسلى بي فقط".

شددت والدتها من احتضانها وهي تقول:
-"أتمنى أن تكونِ تعلمتِ الدرس من هذه التجربة ، ولن أخبر والدكِ لأني أثق بأنك لن تخطئي وتعيدي هذا الخطأ مرة أخرى من وراء ظهورنا ".

كفكفت دموعها بحسرة وهي تقول:
-"لا أفهم لما فعل هذا بي؟"
اعتدلت في جلستها وهي تتابع:
-"لقد سلمته قلبي ولكنه حطمه بكل برود ولم يهتم".

زفرت والدتها بأسف وهي تتذكر عندما دلفت إلى غرفة حور منذ يومين ورأت الرسائل التي أرسلها عمرو لها ، شقهت حور بفزع عندما رأت والدتها تقف في غرفتها ، وتمسك حاسوبها ، وتقرأ المحادثاث.

رمقتها والدتها بغضب وأردفت بهدوء محاولة كبح غضبها وهي تشير بإصبعها نحو الحاسوب:
-"ما هذا حور؟"

أردفت حور بتلعثم محاولة تبرير موقفها:
-"كنت سأخبرك بكل شيء ، أقسم لكِ".

صفعتها والدتها بقوه على وجهها وصاحت هادرة بإستنكار:
-"متى عندما ترسلين له صورك بملابس عارية كما طلب منك ويقوم بإبتزازك؟!"

أشاحت والدتها نظرها عنها ... نظرت لها حور برجاء وهي تمسك يدها وأردفت من بين شهقاتها:

-"لم أكن سأرسل له تلك الصور ، أنتِ رأيتِ المحادثة ووجدتِ أني نهرته ورفضت إرسالها".

جلست والدتها على السرير وهي تستعيذ من الشيطان علها تهدئ ولا تقدم على قتل ابنتها الساذجة وقالت:

-"أنا لن أسمح لكِ بالإستمرار هكذا ، نية هذا الشاب واضحة وضوح الشمس ، هو لا يريد سوى التسلية فقط ، لن أنتظر حتى يدعوك للذهاب إلى منزله".

شهقت حور بإستنكار وأردفت بثقة:
-"عمرو لن يفعلها ، هو يحبني ويستحيل أن يطلب مني هذا الأمر المشين".

فركت والدتها جبهتها بغضب وهتفت بسخرية:
-"واضح جدا أنه يحبك ولهذا أرادك أن ترسلي صورك وأنتِ عارية".
استكملت وهي تصرخ بغضب:
-"أين عقلك يا فتاة؟! إذا كان يحبك فلن يطلب منك أن تفعلي هذا الأمر المخجل".

نكست حور رأسها لأسفل وبدأت بالبكاء ، لم تحتمل والدتها رؤيتها بهذا الوضع فأردفت بهدوء وهي تحاول مجاراتها في حديثها:
-"أخبريه بأن يأتي إلى المنزل كما يفعل الرجال ويطلبك للزواج ، وأن يتوقف عن طلباته التي لا تدل سوى على أنه مخنث حقير".

رمقتها حور بذهول لتتابع:
-"إذا كان يحبك فسيأتي حتما إلى والدك ويطلبك للزواج".

كانت والدتها محقة بشأن عمرو فهو نذل وحقير ويتلاعب بها ... دلفت إلى غرفتها وتدثرت جيدا في فراشها وغطت في سبات عميق.

ذهبت في اليوم التالي إلى عملها وعندما انتهت وغادرت كادت تستقل سيارة أجره ولكنها رآته يقف أمامها وينظر لها بغيظ ... حاولت تجاهله ومتابعة سيرها ولكنه أحكم قبضته على معصمها مما جعلها تلتفت إليه وتصفعه بقوة وهي تزيح يده من على ذراعها بغضب وقالت:

-"كيف تجرؤ وتلمسني هكذا يا حقير؟"

وضع يده على وجنته يتحسس أثر صفعتها قبل أن يرفع يده ويحاول صفعها ولكنها أمسكت يده بقوة ودفعته وهي تصيح هادرة:

-"إياك وفعلها مرة أخرى وإلا أقسم بأني سأجعلك تندم".

كبح غضبه بصعوبة وابتسم بخبث وهو يخرج ظرفا من جيبه ويعطيه لها.
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تلتقط الظرف قبل أن تفتحه وتنصدم مما رأته بداخله.

التوت زاويتي شفتيه بابتسامة ماكرة وهو يهمس بمكر:

-"والآن ستفعلين كل ما أريده منكِ وإلا سأرسل هذه الصور لوالدك".

احتقن وجهها بغضب وأردفت بإزدراء وتهكم:

-"إذا كنت تعتقد أنه يمكنك ابتزازي بهذه الصور فأنت مخطئ ... إن أردت أرسلهم لوالدي وستنفتح في وجهك أبواب جهنم ... أنت لا تعرف شيئا عن عائلتي ولا يمكنك تصور ما سيفعله أبي وأخي وأعمامي بك عندما يروا تلك الصور ... سيقتلوك حتما أو ربما يتركوك على قيد الحياة ولكن ليس قبل أن يفعلوا شيئا سيجعلك غير قادرا على الزواج والإنجاب طوال حياتك".

ظهرت ملامح التوتر على وجهه مما جعلها تتابع بفخر وثقة:
-"أصول عائلتي تعود إلى محافظة سوهاج ، وأنت تعرف جيدا ما يفعله أهل الصعيد عندما يحاول أحدهم تدنيث شرف ابنتهم بصور مزيفة".

ألقت الظرف في وجهه وتركته مشدوه الفاه ، وغادرت وهي ترفع رأسها بشموخ وكبرياء ... تدرك جيدا أنه لن يرسل تلك الصور لوالدها بعد ما قالته وإن تجرأ وأرسلها فسيعرف أباها أنها مزيفة لأنه لا يوجد بها أثار الحروق التي توجد في كتفها نتيجة إصابتها بالماء الساخن عندما كانت طفلة ، وشقيقها لن يصدق بأنها كانت مرتبطة بعمرو بعدما يتأكد بأن تلك الصور غير حقيقية .
#يتبع
#batol

1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.