alogin

Share to Social Media

« كان كشعورِ تناولِ الثوم على معدةٍ خاوية»

_____________

الخامس عشر من مارس/ الرابع والعشرون بعد الألفين من الميلاد/
الثامنة والثُّلت مساء الجُمعة.

.

.

يا لها من ثرثارة!
متى ستتوقف عن الحديث؟
الصداع بدأ يداهمني!
سأبكي، لا.. حقًا!

'أحضرتُ له الكثير من الحلوى ودبًا محشوًا! وقلمًا ثمينًا صُنِع من الذهب! اشتريتُ له سيّارة وكدتُ أن أحضر له منزلًا فخمًا في حيّنا! لا أستطيع استيعاب ما حدث!'

تدركون ذلك الشعور، أن يكون لك صديقٌ _ثريٌّ _جدًا؟

إنه الأسوأ والأفضل في ضربِ الأمثال عن التفاهة!

ها هي تنظف وجهها من آثار البكاء وتحاول إعادة ضبط المساحيق التجميلية كي تسنح الفرصة للدموع الجديدة بتدميرها مرة أخرى!

' لقد خدعني! كان يتقرب مني لأجل مصلحته! أنا حقًا مصدومة!'

بكاؤها المكتوم مجددًا، إنها على وشك الإنهيار.

هيّا أريج.. عليكِ التدخل!
لا بد من مساعدة صديقتكِ الحمقاء،
قومي بمواساتِها.. الآن.
الناس يحدقون بنا!

_كانت أريج تغوص داخل المقعد الجلديّ، رأس الشفاط بين شفتيها، والعصير يُسحب دون انقطاع.
_

لا أقدر، أشعر بالكسل،
ستهدأ بعد قليل.

يا إلهي! ليس الآن،
أن تبكي بصوتٍ عالٍ هو أسوأ الأسوأ، سنكون أُضحوكة!

تحدثي.. ماذا أقول؟

اهدأي يا جُمانة إنه أحمق؟
أم
أنتِ الحمقاء لاتباعك لكلِ مُبتسمٍ في وجهك؟

سأُربّت فوق رأسها فقط.

_لا زالت أريج مكانها تستعد نفسيًّا لمواساةِ صديقتها في هذه المحنة.

جُمانة صاحبةُ الشعر المصبوغ بالأحمر، كان وجهها لا يقل حُمرة عنه!
جوار الكحل الذي دمر عينيها كانت لوحة بائسة.

وبعد نقاشاتٍ مُطَوّلة بين أريج ونفسها استطاعت مد ذراعها صوْب جُمانة لكنه لم يصل لرأسها بفضلِ الطاولة بينهما، فحركت إصبعها بأمرٍ للاقتراب، لكن جُمانة لم تفهم ما ترمي إليه فقطعت وصلة سحب العصير لتتحدث بضيق_

'اقتربي قليلًا.'

_جمانة بشفاهٍ مقوّسة تحدثت_
'لماذا؟'

'افعلي فحسب.'

_كادت جمانة أن تُقرّب مقعدها من الأخرى لكن أريج صاحت بقوة_

'لا!'

_توقفت عن فِعلها فتابعت حِنطية البشرة_

'قرّبي رأسك فقط!'

_امتثلت لها لكن رأسها لم يصل لباطن يد أريج فأعادت الشفاط لفمها وهي تقول_

'أكثر.. أكثر قليلًا، هيّا لم يبقَ الكثبر.'

_نهضت جُمانة ثم انحنت بجذعها كاملًا، ربتت أريج فوق رأسها قائلة_

'لا تبكِ.'

◦•●✿࿚༺.༻࿙✿●•◦

خمنوا ما حدث،

لقد غادرت دون دفع الحساب!

أيُّ صديقةٍ هذه؟
بعد استماعي لصياحِها كل ذا الوقتِ أنا من دفع ثمن المشروبات!

أشعر أنه يتم استغلالي.

لن أتحدث كثيرًا عن ضجري رأفةً بمشاعركم المضطربة لغلاء الأسعار.
.


.

_كانت أريج تسير عائدةً لمنزلها وأمارات الضجر ظاهرة، فبالنسبةِ لها احتضان صديقتها من أمور الفتياتِ الدبقة، هي تفضل المواساة عن بُعد.

وأثناء سيرِها دعست قدمها فوق شيءٍ مُدبب جعلها تتراجع وهي تئن، نظرت لما آلمها فكانت جوهرة سوداء لها سنٌّ حاد كالسكين، قرفصت تتأملها بصمت ثم التقطتها، كان بها صدعٌ يخل بنظامِها.

_

﹏﹏﹏﹏

هاويةٌ لجمعِ الأحجار أيًّا كانت نفسيةً أو غير ذلك، فالأمر لم يتعلّق بمقدارِ سِعرها، بل كان لها راحةٌ في النظر نحو الومضات اللامعة على تلك الأسطح الزجاجية.

وضعت الجوهرة داخل قالبٍ صغير من الطين في الردهة ثم اتجهت للمرحاض، حملقت قليلًا في المرآة، وجهها الدائريّ مُتضرر بحبات العرق رغم كونهِم في الشتاء.

حدقت في بنّيتيها لوقتٍ ليس بالقصير،
كادت تتابع لعبة التحديق هذه لولا ريحٍ شديدة هبّت من خلفها، لم يعجبها الأمر فوجهت نظرها نحو المغسلة وهي تُغمغم.

'هذا مريب!'

بعد مدةٍ متوسطة خرجت وهي ترتدي منامتها، وفوق رأسِها منشفةٌ تحيط بشعرها الداكن الخِصال المبتلة.

جلست على طرف الفراش ثم راحت تتصفّح في هاتِفها، وبينما هي تقلب في منشورات صديقتها البكاءة انقطعت الكهرباء.

رفعت رأسها تنظر في الظلام بضيق وهي تتحدث.

'لن أدفع فاتورة هذا الشهر!'

"

ليس عليكِ فعل ذلك"

تصلّبت الفتاة بموضعها وبسمةٌ غبية لا تفارق شفتيها، قد يكون صوتًا من داخلها، ضميرها ربما.. أو معدتها، لم تتناول الكثير اليوم، تنهدت مبتسمة.

"هييه أجل، إنها معدتي فقط"

"ليس كذلك، لستُ بمعدة، أنا مُندس"

'غبية.. لم تنالي قسطًا من الراحة، عليّ أن أضجع، تهيّآت المساء'

قهقهت وهي تستلقي في فراشها متمتمةً.
"مضحك"

"أترينه مضحكًا حقًا؟ "

صرحت أريج بصوتٍ غليظ ويدها بدأت ترتعش.

"أقسم بمن خلقني إلّم تُغلق فاهك لأُبلغنّ الشرطة!"

" افعلي"

أتاها صوته باردًا مستفزًّا، فقالت بقوةٍ خلفها ارتباك جعل من أصابعها لا تدرك أين تضغط على لوحِ هاتفها.

"حسنٌ.. لصٌّ ثرثار، بدلًا من إضاعة الوقت اسرق ما تشاء وغادر، لكنك أبله.. هه"

"لا تملكين شيئًا يستحق أن أسلبه منك، أنتِ فقيرة"

أصابت الكلمة فؤادها فاكفهرت ملامحها، لو كان الضوءُ منارًا لرأى التماع الدموع في محجريها، تدثرت بالغطاء وقد انتقل الرعاش لسائر جسدها، وبصوتٍ مرتجفٍ قالت والهاتف فوق أذنها تنتظر استجابة الطرف الآخر.

"آذيتَ مشاعري يا وجه الخردل"

"مشاعري؟ ماذا تعني؟"


"من فضلك، خذ ما تشاء واذهب، فقط لا تؤذِني"

"

لمَ ضرباتُ قلبك مضطربة؟ هل تعانين من مرضٍ ما؟"

أسرعت أريج بالبكاء وهي تتمتم.

" اذهب فحسب، أيها اللعين"

" اللعين كلمة مشينة، لا تقوليها مجددًا"

تم تحويل المكالمة من خط الانتظار أثناء صراخها بانفعال
"مرحبًا معك شرطـ__ "

" اصمت!"

" عذرًا؟"

تقوس فاهها للأسفل.
"ليس أنت! سيدي الشرطيّ، يوجد لصٌّ في منزلي"

" لا تقلقي آنستي، ابقِ حيثُ أنتِ مختبئة، ومُدّينا بالعنوان تفصيلًا"

شعرت أريج أن كل ما يحتويه عقلها قد حلّق نحو السماء، ولم يترك للسانها سوى التأتأة، عاد الصوت يتحدث ليدفع مزيدًا من دموع الخوف.

" مع من تتحدثين؟"

علت شهقاتها وهي تجيب الشرطيّ.

" تتبعوا موقعي أو افعلوا أي شيء، أنا خائفة"

____________________________

أريج تحتضن نفسها في الزاوية والشرطة يفتشون المكان حولها، كان كل شيءٍ ثمينٍ أو غير ذلك بموضعه، حتى النوافذ مُغلقة من الداخل بإحكام، لا أثر لخطواتِ غريبٍ مرت بمنزلها، ورغم هذا كانت مصرة أن أحدهم اقتحمه، تماشى الضابط مع عقلها وقد ظن أن به خطب ما، وأمر رجاله بالانصراف وقد كان آخرهم، متملصًا منها.

توقفت أمام الباب تنظر نحوه بيأس، قد قال الضابط الكثير من الحديث المُطمئن، لكن قلبها يأبى الهدوء.

نظرت حولها بخوف، تخشى سماع صوته مجددًا، تنفست الصعداء، ثم وبخطواتٍ حذِرة أخذت تخطو نحو غرفتها دون إغلاق المصابيح.

" يا لكِ من يائسة!"

صرخت وركضت لأسفل الغطاء.

مرت تلك الليلة بالكثير من الهواجس والتخيلات المرعبة، حتى أنها كلما غفت تنهض فزِعة على إثر كابوسٍ ما، وبقيت على هذا المنوال حتى حلّ الصباح، رنّ منبهها فوق المنضدة، أخرجت يدها من أسفل الغطاء ثم ضغطت عليه بقوة.

كشفت الغطاء عن وجهها تنظر للأشعة المنكسرة على زجاج النافذة، أغمضت عينيها وهي ترفع حاجبيها ثم عادت للنوم.

لم تبقَ في الفراش كثيرًا عند تذكرها ما حدث في المساء، قامت بحذرٍ وعيناها تمشطان الغرفة.

وجهها، شعرها، منامتها كل شيءٍ فوضويّ!

تأملت احمرار وذبول عينيها لكثرةِ البكاء في المرآة، وسرعان ما تحسرت.

' لا بد أن ما مررتُ به البارحة كان من أثر تلك الجُمانة، سآخذ قسطًا من الراحة اليوم'

أعلمت أريج مدير المتجر التي تعمل فيه كبائعة بكونها لن تأتي اليوم لظروفٍ خاصة، قابل الرجل طلبها بود ولم يرفضه، وضعت سماعةُ الهاتف.

ومضاتٌ متتالية ضربت زاوية عينيها، نظرت لجانبها الأيمن فرأت تلك الجوهرة السوداء.

" تبدين سعيدة"

همست وهي تتأمل وهجها الغريب، سكتت لحظة ثم قالت.

" أنتِ جوهرةُ مارس"

فرقعت إصبعيها بإعجاب وهي تتجه للمطبخ، كوب قهوةٍ سوداء هو الحل الأمثل لتخطي تلك الهلوسات.

___

' بهذا الهدوء الذي يحتويني، واثقةٌ أن ما مر البارحة مجرد هلوسات'

ضحكت بخفة وهي تهمس.

" إلهي كم بدوتُ غبية!"

كانت تجلس في شرفتها، تحتسي قهوتها وتتأمل عصفورة تعتني ببيضها في عشٍ من الأغصان الصغيرة، على شجرةٍ طولها جاور شرفة الطابق الخامس حيثُ تقطن.

شردت في ذلك المشهد اللطيف ولم ينقطع شرودها إلا عند جلوس أحدهم على المقعد المجاور، بقيت تحدق حيثُ العصفورة لكن بنفَسٍ قد خُطِف، وببطء أدارت رأسها لتقابل ذلك الوجه الذي لم ترَ مثيله قبلًا، ليس لوسامته، بل لتقرّحه وزُرقة بشرته، وأيضًا ضخامةُ حجمه، كان يرتدي قميصًا قد اصفر بياضه وبنطالًا بنيًّا وكأنه من زمنٍ مضى.

وقف شعرُ جسدها بأكمله، التصق ظهرها بظهر المقعد وتشبثت يداها به، فتحت فمها وقد علا صدرها وهبط، بينما هو يتأمل بعينيه الزرقاء ما كانت شاردةً فيه.

وبعد استيعاب ما رأته صرخت صرخة أفزعت العصفورة وكل من بالحيّ، قفزت من فوق مقعدها لباب شقتها، مُلقيةً بقهوتها، وُجهتها الوحيدة هي الهرب.

راقبها الأزرق بتعجب ثم نهض وقال في نفسه.

' إنها تصرخ كثيرا!'

ركضت نحو المصعد بهلع تضغط على زرّه بتكرار، خرجت من باب الشقة المقابلة سيدة سمينة، مُنمقة المظهر واقتربت منها، رمقتها المرأة من شعرها المبعثر لأخمص قدميها بنوعٍ من الاستنكار، وقد انزعجت من مظهرها غير اللائق، لكن أريج لم تلحظ انزعاجها حتى، فقد تشتت نظراتها بين مدخل شقتها وباب المصعد، قالت أريج وهي تنظر نحو المصعد.

" سحقًا لك!"

ومن ثم ركضت مسرعةً لتنزل من السلم، والمرأة تعقد حاجبيها بعجبٍ واستنكار جم.
" يا إلهي! ما هذه الوقاحة!"

نظرت لحيث شقة أريج فوجدت جسدًا ضخمًا يخرج منها، راقبته المرأة بتعجب، طريقةُ سيره كأنه أعرج، ولون بشرته أزرق مُخضر.

حين مر جوراها اشتمت رائحة كريهة قلبت ملامح وجهها مئة وثمانين درجة، فُتِح المصعد فهرولت لداخله وهي تزيح الرائحة عن أنفها بكف يدها الممتلئ.

_____

على السلم أسرعت أريج هرولتها، نظرت للأعلى فلمحته من أحد الطوابق، ولسهوها التوى كاحلُها فتدحرجت على السلم كسجادةٍ مطوية فُرِدت.

وكانت في آخر محطاتها مقلوبة رأسًا على عقِب، تعكر وجهُها بملامحِ الألم، وقد انزلقت دموعها لداخل فمها.

كادت تعتدل لتنهض فرأت حذاءه أمامها أعلى الدرج، فأخذت تزحف على السلم لأسفل، وبنحيبٍ تستنجد بأي شخص.

" فليساعدني أحد.. النجدة!"

كانوا في الطابق الثاني، حيثُ تبعد شقة أريج ثلاثة طوابق عنهم، ببطء تخطّى الدرجات نحوها، كلما زاد هدوؤه خدّر الرعب أعصابها، وكأنه يخبرها أنها داخل شبكته الآن، والتصقت أطرافها بخيوطِه اللزجة.
أصبح فوقها مباشرةً، جثا على ركبتيه ثم أحكم قبضتيه فوق ساقيها، حينئذٍ صرخت أريج

لآخر مرةٍ ربما.


.


.

◦࿚༺.༻࿙◦

" قفزت في الماء، فسقطت من السماء"

◦࿚༺.༻࿙◦


.

.



صرخت حتى كادت أحبالها الصوتية تتقطع لولا كتمه لفمّها بكفّه الضخم، بللت دموعها الدافئة أصابعه فصبغت مكان وقوعها لونًا غير الأزرق، لونٌ أشبه بلونِ الأحياء، علَم حينها أنها خلاصُه من عالمه حالك الزرقة، رمق دموع عينيها بغموضٍ زاد من انزلاقها، ثم وبصوته البليد تحدث.

" سأرفع عنكِ يدي، لكن لا تصرخي"

بدا أنها لم تعِ ما قاله، فحدجها بنظرةٍ أرعبتها وهو يؤكد كلماته.

" إياكِ والصراخ"

أومأت مِرارًا فأبعد يده، ولم تترك ثانية حتى صرخت.

" النجـ_.."

بتر صراخها بكفه مرة أخرى، تعكر صفو محياه وأردف بانزعاج.

" يا فتاة، لن أُؤذيك، أريدك أن تستمعي لي فقط"

كان لصوتِه على أوتار قلبها شعورًا مُربكًا، مهدّئ ومخيف بالآن ذاته، بقيا على هذا الوضع قليلًا حتى بدأت نوبةُ خوفِها تخف، ويصبح تنفسها أيسر.

ابتعد عنها بحذر خشية أن تصرخ مجددًا، لكنها لم تُخرج سوى الزفير، تراجع عدة خطوات ثم نهض واقفًا، مدّ يده نحوها كي يساعدها على النهوض لكنها لم تفعل، اعتدلت في جلستها فحسب، وهي تفعل ذلك آلمها كاحلها أيّما ألم، تأوهت بخفوت وهي تمسك بساقها لم يأبه له ذا الضخم، والذي تحدث بلكنته الهادئة كأنه يصر على إرباكها أكثر.

" سنتحدث هنا؟"

تشبثت بنهاية كمّ منامتها وهي تومئ نفيًا ثم إيجابًا، وأصرت على رأيها، لن تسمح له أن يجتمع بها في مكانٍ خالٍ من أي أحد، لا تدرك ما قد يفعله بها، ولكن هذا لم يكن بمبررٍ ليتحدثا على السُّلم أمام حجرةِ الطوارئ.

لم تُرهق أريج عقلها بالتفكير في هذا الأمر، كل ما أهمها حينئذ أن تكون بالقرب من المخرج، حيثُ ستركض لمخبر الشرطة، وهم سيمدونها بالحماية، أليس هذا واجبهم؟

' لكن كاحلي لن يُساهم'

هذا ما دار بخلدها تلك اللحظة، انصاع الغريب لأمرها لكنه لم يبعُد عنها سوى بضعُ إنشات، ابتدأ حديثه بجملتِهِ.

" أنا أحتاج مساعدتك، وأنتِ قادرةٌ عليها"

صمت هنيهة وهو ينظر نحوها، يفكر أستفهمه تلك الإنسية أم أن عقلها خرِب، لكنه ابتسم، ابتسامة مخيفة، هو من خرِب عقلُهُ وليس هيَ.

تابع قوله على أي حال.

" ذلك الحجر الأسود، التورمالين الذي وجدتيه البارحة أثناء عودتك، عليكِ تحطيمه كي أتحرر"

فُتِح فاهها قليلًا فغُلق، بان على محياها عدم استيعاب ما قاله، تخلى هو عن حذره وتراجع قليلًا سامحًا للمسافةِ أن تزيد.

" الأمر ليس بهذه الصعوبة، اتجهي لردهةِ منزلك، خُذِيه وحطميه بأي أداةٍ حادة، هل فهمتِ؟"

شعرت بجفاف حلقها، وصعوبةً في فهم مطلبه، خرج صوتها خافتًا وبه حشرجة طفيفة.

" ولمَ عليّ فعلُ ذلك؟"

ضم شفتيه الباهتتين بنوعٍ من الانزعاج ثم قال.

" لأني أطلبُ منكِ هذا"

سكتت هنيهة ثم صرّحت عما خطر ببالِها.

" لكن.. يمكنني رفضُ مطلبك"

ابتسم ابتسامةً لا تظهر فيها أسنانه ثم قال بنبرةٍ هادئة حملت التهديد.

" ارفضيه إذًا"

كتمت أنفاسها وهي تنظر في عينيه الحانقتين بخوف، احتل صوت أنفاسها المكان لحوالي دقيقة ثم قالت.

" حسنًا، سأفعل ما تريده"

تنحى مفسحًا لها المجال كي تصعد، فمدت كفّها تشير للأعلى، لم يفهم ما تعنيه فقالت بارتباك.
" تفضل أنت، اسبقني"

بحمق استدار كي يفعل فاستغلت تلك الفرصة وانزلقت للأسفل على جنبها الأيمن وهي تتمتم.
" لصٌ مطارد ومجنون!"

راقبها من الأعلى يائسًا، ثم استند بظهرِه على سور السلم وجهّز كفّيه ليطبقهما بصقفةٍ رنانة قال قبلها.

" عليكِ ولوج عالمي إذًا"

ܰ

ܰ

◦•●✿࿚༺.༻࿙✿●•◦
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.