(بحيرة الدماء)
جلست أمام المرآة تتأمل الشعر الأبيض في مقدمة رأسها، تتحسس تجاعيد وجهها، هدوء يلف المكان فجأة تسمع صوت صريخ يدوي هناك.
نهضت السيدة "كريمة" وإتجهت نحو الصوت تسير ببطء مستخدمه عصاها تكرر الصوت حتى قادها نحو البحيرة المجاورة للمنزل ثم توقف الصوت وعاد الهدوء يلف المكان وهي أيضا رفضت التقدم وعادت لمنزلها.
وفي صباح اليوم التالي جاء (عماد) بسيارته ليتفقد حال والدته بعد أول ليلة قضتها في البيت المطل على «بحيرة الدماء» الذي إستأجره لها بأجر ضعيف؛ حتى لا تكلفه الكثير.
عماد: صباح الخير يا أمي، كيف حالك اليوم؟
السيدة كريمة:بخير يابني، ولكن لست مرتاحة بهذا البيت... بالأمس سمعت صراخ قادني نحو البحيرة ولم أجد أحد.
عماد: أمي لا أنصحك بالخروج ليلاً، قد يكون صوت الصيادون أو أنك تتخيلين الأمر فقط... إلى اللقاء أمي سوف أتردد عليكِ.
بقيت الأم وحدها طوال اليوم لم تلاحظ شيء غريب سوى أن المنطقة نائية من البشر فقط مجرد سيارات تمر على طريق سفر.
ولما شعرت بالملل خرجت ناحية البحيرة رأت إنعكاس صورتها بالمياة وكان منسوب المياة مرتفع، المياة صافية جداً ولكن الغريب أن القاع لونه دموي أحمر ورائحة البحيرة غير مألوفة
كأنها رائحة دم متجمد أو ما شابه.
لم يعجبها المنظر شعرت وكأن البحيرة سوف تبتلعها، عادت إلى بيتها... جلست تحتثي كوب شاي وإذ بالباب يدق انه احد عمال النظافة، جاء ليخبرها بأمر البحيرة.
العامل: سيدتي البحيرة غير أمنة وبعض البشر فُقدوا في ظروف غامضة هنا وكنا نجد أمتعتهم، وكأن البحيرة تبتلعهم. إن سمحتي لي سوف أطمئن عنك من حين لآخر.
السيدة كريمة: حقا لاحظت أن هناك أمر ما.
رحل العامل ومع غروب الشمس السيدة "كريمة" تراقب من شباك الطابق العلوي، لاحظت على ضفة البحيرة لافتة قديمة محاطة بالعشب مدون عليها رمز (نجمة حمراء) وظلت تراقب حتى منتصف الليل ولم تتوقف حركة السيارات بعد
وإذ فجأة تخرج كتلة مياة دموية كبيرة من البحيرة لتبدأ بسحب إحدى السيارات المارة تدريجياً إلى البحيرة، حتى غاصت السيارة بعمق المياة... السيدة "كريمة" في خوف وفزع مما رأت اتصلت بإبنها لتقص عليها ما حدث ولكنه لم يعطِ الأمر اهتماماً ونصحها ان لا تسهر لوقت متأخر، عادت تراقب لاحظت أنه انقطع السير وحل الهدوء المكان وفجأة انقطع التيار الكهربي.. تسمع صوت نعيق غراب.
لم تغادر شباكها، ضوء القمر هو مصدر الرؤية الوحيد؛ مما مكنها من رؤية شخص يحاول الخروج من البحيرة وكأنه يستغيث حتى جرى ناحيته أحد المارة يستخدم مصباح هاتفه وناوله عصا ليتشبث به حتى تمكن من سحبه... إذ بها فتاة مغطاة بالدم وكأنها سقطت في بحيرة دماء تبكي خائفة من هول الحادثة
تحاول التكلم مع الرجل لكنها منهارة.
بدأ الرجل بطرق الباب.. ترددت السيدة "كريمة" قبل أن تفتح لهم كما أنه إنتابها الخوف مما رأت وبالنهاية استغرقت وقت حتى فتحت لهما الباب... اطمئنت عندما رأت وجه الرجل عن قرب انه عامل النظافة الذي زارها صباح اليوم، ولكن فزعت لما رأت الفتاة مغطاة بالدم حاولت قفل الباب؛ فطمئنها العامل
قائلاً: لا تقلقي نحن لن نؤذيك بل إننا في حاجة لمساعدتك.
سمحت لهم بالدخول وأشارت للفتاة قائلة: الحمام من هنا.
بحث العامل في المنزل سرعان ما وجد شُعلة قديمة أشعلها لتوفير بعض الضوء.
السيدة كريمة: أليس غريباً أن تتجول في مكان كهذا؟! وبهذا الوقت؟
العامل: اسقطتُ إحدى أوراقي الشخصية نهار اليوم، واحتاجها لأمر هام صباح الغد.
الفتاة تحت تأثير الخوف تروي: لقد ماتوا جميع، رأيتهم وكأن أجسادهم تتحلل أمام عينايا.. دمائهم تتفجر كالبالون تلون الماء دماً، ولكن بقيت أنا لما لم أمت مثلهم؟.
وأمسكت بقوة سلسلة عنقها حيث لاحظ العامل السلسلة بأنها تحمل رمز نجمة حمراء.
العامل: هذه البحيرة تسكنها جنية، هي من تفعل كل هذا وكل ما تريده أن تتشبع بالدماء؛لتتمكن من العودة الى الحياة مجدداً... هذا ما أخبرني به الشيخ "فضالي" الذي يسكن بالجهة المقابلة هناك.
مكثوا قليلاً حتى عاد التيار الكهربي، ولكن مازالت حركة السير منقطعة
خلود: علينا الإتصال بالشرطة أو اي احد للمساعدة.
العامل: أعرف من سيساعدنا، سنذهب للشيخ "فضالي" وأقنع "خلود" بالذهاب معه وأنها الوحيدة الذي تمكنت من الخروج من البحيرة واخبرها ان الجنيه لن تتركها على قيد الحياة ولا احد يمكنه مساعدتها سوى الشيخ "فضالي"
خلود: أعتقد أن "سارة" أختي مازالت على قيد الحياة لأني لم أراها عندما سقطنا الي القاع انا ورفاقي.
وافقت ولكن بصحبة السيدة "كريمة" وبالطبع ذهب الثلاثة الي الشيخ "فضالي" ليقصوا عليه الأمر... وكان يتبادل النظرات مع العامل في خفاء حول سلسلة "خلود"؛ حيث أن النجمة الحمراء يكمن بها سر تذليل جنية البحيرة وتسخيرها لحامل السلسلة.
الشيخ فضالي: جميلة هذه السلسلة، من أين حصلتي عليها؟
خلود باكية: جدتي أعطتنا اياها انا واختي وطلبت أن لا ننزعها أبداً، واختي سقطت معنا في البحيرة واختفت.
الشيخ فضالي طلب من "خلود" والعامل ملئ قارورة من مياة البحيرة حتى يتمكن بمساعدتهم لمنع أذى الجنية حتى لا تبتلع أحد مرة أخري. وأخبرها بأنها الشخص الوحيد حتى الآن الذي سقط في البحيرة وخرج سليم.
ولمّح "الشيخ فضالي" للعامل بأن يسرق سلسلة خلود ثم يلقي بها في البحيرة.
ذهبت خلود وعامل النظافة الى البحيرة لملئ قارورةماء وبقيت "السيدة كريمة" عند "الشيخ فضالي"، وهم في طريقهم انقطع التيار الكهربي وساد الظلام المكان بالكامل.
" خلود" انتابها الخوف تنادي عامل النظافة: سيدي أين أنت؟ أين أختفيت؟
استمرت في السير شعرت بأنفاس خلفها تسارعت دقات قلبها بدأت بالجري نحو منزل السيدة "كريمة" أحست أحدهم يجري خلفها تهتدي بضوء القمر
حتى رأت عامل النظافة هناك توجهت نحوه لتستغيث به واجهها بضربة قوية أفقدتها الوعي، ما ان استدار حتى تلقى هو ضربة أقوى سقط عن إثرها مغشى عليه.
لم تمر دقائق حتى استعادت "خلود" وعيها وجدت أختها "سارة" أمامها مغطاة بالدماء احتضنا بعضهما وقاما بجر عامل النظافة وإلقائه في البحيرة.
قصت "خلود" كل ما حدث لأختها، "وسارة" أخبرتها: أما انا جرفتي المياة حتى تمكنت من الخروج هناك ولم أتأذى مطلقاً، رأيت هناك لافتة تحمل رمز (النجمة الحمراء) هذه نفسها الموجودة على سلسلتنا... يبدو ان الأمر له علاقة بهذه السلاسل. هيا بنا الى "الشيخ فضالي"؛ لنعرف منه حقيقة هذه البحيرة.
وصلا إلى بيته تفاجئ برؤية "سارة" وهي مغطاة بالدماء، سألهم: أين "سعيد" عامل النظافة؟ وكيف خرجتي أنتي؟
سارة بنظرة حادة: أخبرنا عن سر البحيرة... ولما أنت تسكن هنا بالقرب منها؟
الشيخ فضالي: هذه البحيرة قاعها سبائك ذهبية تحرسها جنية متعطشة للدماء تستمد قوتها من دماء البشر تمنع أي احد من الإقتراب من هذه الثروة الذهبية، فقط ان ارتوت الجنية سوف نتمكن من الحصول على هذه الثروة وأنتم تمتلكون الحل تلك السلاسل الحمراء بعنقيكما، سوف تمكننا من السيطرة على الجنية.
خلود: ونحصل على الذهب؟
سارة: الأهم كيف نوقف الجنية عن قتل البشر؟
للشيخ فضالي: علينا الذهاب معاً إلى البحيرة قبل شروق الصباح.
ذهبوا جميعاً وبدأ "الشيخ فضالي" بقرأة بعض الطلاسم وأمسك بحفنة تراب ومزجها مع مادة حمراء اللون ثم نثرها بالبحيرة وطلب من الأختين إعطاؤه السلاسل... أمسكهم بقوة وقال: هيا أيها الجنية أنا أمرك بمغادرة البحيرة، وأخذ يكرر نفس الجملة حتى ظهرت أمامه إمرأة ضخمة الحجم وكأنها صنعت من الدماء.
ثم تبخرت بالهواء حتى أصبح لون السماء أحمر دموي.
ما ان تبخرت حتى جفت البحيرة وظهرت أمامهم سبائك ذهبية متناثرة بقاع البحيرة وتلك السيارة التي ابتلعتها البحيرة بالأمس... أشرقت عليهم شمس يوم جديد، أخذوا يلتقطوا أنفاسهم فرحين بإنتهاء هذا الكابوس... دقائق وجاء "عماد" بسيارته ليتفقد حال والدته اندهش مما رأي.