نال مني الصبر أم نلت منه.. لا أدري حقا ان كانت الحياة تعبث بي بين أحضان الرياح أم أنني أركلها بقوة و أهرع بعيدا.. لكن الى أين؟!..
أتفرس أوراقي البيضاء المبعثرة أمامي محاولة رسم ألمي فوقها.. لكن لا جدوى.. رأسي يضج بالآهات
و يعج صدري بالخيبات.. أمسك قلمي كأنني أحاول إمساك الخذلان و خنقه بين أناملي.. أقترب من أوراقي فألمح بياضها يسخر مني.. يرفض أن يحمل فوقه وزر سواد أحرفي.. ظلام كلماتي و ليل أفكاري..
لم أكتب عن الألم؟ و لم أخط دمعي؟..
نكتب لنتذكر و نسترجع الذكرى فنهرب من واقع لحلم عبر قطارات الكلمات و سفن العبارات.. لم تراني أكتب عن الم يصاحبني.. يرافقني.. يضاجعني.. ينهل مني و لا يتخلى عني..
لم أخط ألما مللته و مني لم يمل.. لم أشكو ألما ما عرفت من البشر أوفى منه..
لم أبكي ألما لا يعرف للجبن و الإنسحاب طريقا..
نهضت متثاقلة و ابتعدت عن طاولتي.. من بعيد راقبت بياض أوراقي و لوهلة سخرت من براءة و سذاجة ذلك البياض..
أحب ذلك الجزء المظلم الرابض خلف صدري.. أبدا لن أتخلى عنه.. إنه ثقيل و صادق لا تسعه أوراق
و لا تصفه كلمات.. فقط تترجمه آهة تتسلل بين الفينة و الأخرى من بين أضلعي.. أو تعبر عنه دمعة حارقة حانقة تتمرد فوق وجنتي.
دمعة فدمعتان فدموع تنسكب.. و خلف سيل الدمع أركض لاهثة عساني كزهر المقل و ورود الجفون أجمعها و في باقة أقدمها..