هل أيقظك الحنين من نومك ذات ليلة، فاستيقظت مهمومًا محزونًا،
لا شيء حولك سوى الفراق والفراغ،
فاستسلمت لنوبة بكاء حادة لا نهاية لها؟
هل فتحت دفاتر ذكرياتك القديمة المهترئة وقلبت صفحاته باحثًا عن زمنٍ جميل وقف عمرك فيه سنين ولم يتحرك؟
هل سرت في الطريق وحدك ممسكًا بيدك الأخرى، مبتسمًا وتمنِّي نفسك بمصادفة جميلة تعيد إليك الحياة من جديد؟
وهل فتحت أجندة ذاكرتك ليلة العيد، ولمحت بقايا حروف من أسماء كانت معك، وأرقامًا ضاعت بين السطور، وأحداثًا مررت بها وابتسامات تاهت في الدرب؟
هل زرت الأطلال بعد رحيل من أحببت ومررت بالديار الفارغة، وتسللت الرياح الباردة إلى جوفك، وشعرت بالاختناق حين رأيت أكوام التراب تتوشح المباني وأشباحًا ترقص على النوافذ؟
هل قادتك قدماك إلى شاطئ البحر فجلست فوق الرمال، ولعبت بالحصا ورميت البحر بالحجارة، واستمعت إلى نحيب الأمواج، وتساقطت دموع السماء وبللت روحك الذابلة،
وامتلأت بالغربة والوحشة وكل ذرة في جسدك تستصرخ؟
أتظن أن كل هذا سيعيد الزمن القديم؟!
مسكين أنت.. تعيش كتلة فراغ تتحرك على الأرض خاوي النفس.. فارغ العقل.. ضعيف القلب..
ومااااذا بعد؟!
كم ستعيش في هذا؟
ألم تفكر يومًا أن تقاوم شبح الاستعمار الداخلي وتقاوم كل هذه المشاعر التي تقبع في أعماقك؟!
ألم تسأل نفسك لماذا تعيش هذه الأجواء الكئيبة وماذا ستجني وإلى متى؟
كم ستسافر في خط الزمن القديم الوهمي وكم ستترحل؟
لم تعش اللحظة ولا تفكر في المستقبل.
مكسورٌ وأسير.
قلبك ممتلئ بالحسرة على الماضي والراحلين.
انفض غبار الحزن وبدد شعور الألم، وقاوم رغبة الاستمرار في الانكسار.
فما زالت في عمرك أيام وسنين،
عِشها بكل قوة، وبيقين أن ما فات لايعود ولن يعود.
كن عاقلًا.. حكيمًا.. راجحًا.. متزنًا.. ولا تهدر وقتك في ما لايفيد.