هي كلمة من ذهب، كان الجميع يعتز بها حتى الرجال، لا يستطيع أحد التخَّلي عنها، لكن سلام علىٰ زمنٍ عُدمتْ فيه العفة، ماذا سأقول؟! ماذا سأكتُب؟!
الريشةَ عجزت! ولكن القلبَ الذي عجز، لأنه لم يتوقع أنه سيأتي يومًا من الأيام وسيُصبُح البشرُ هكذا.
بقلم إيمان الجرم
لقد اختار الله "العفة" لتكون من أهمّ لَبِنات المجتمع الإسلامي، ووعد من تخَلَّق بها بالغنى في قوله تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ". (سورة النور_الأية ٣٢)
عندما نتحدث عن العفة... يجب أن نذكر عفة السيدة مريم -رضي الله عنها- فهي صورة مضيئة من صور العفة، لم تعرف ما هي الذنوب والآثام، لم تعرف إلا المحراب وما اتخذته من حجاب، فاصطفاها الله لتكون أمًا لعيسى -عليه السلام- وعندما أحست مريم بالحمل يتحرك في أحشائها، تحرك معه فزعها وحزنها، حتى إذا جاءها المخاض تتأسف وتتحسر وتقول: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} [مريم ـ 23].
وهي العفيفة الطاهرة تتمنى الموت بسبب ذنب لم تقترفه ولكنه حس الطهر والعفة، وهي تعلم أن ذلك هو إرادة الله ومشيئته.
إنها نموذج من النساء تستحق أن تصطفى على نساء الأرض.
وعلى ذِكر العفة نجد المثال حيًا في يوسف الصديق -عليه السلام- فقد كان غريبًا في بلد لايعرفه أحد فيه: أي لا خوف من أن يفتضح أمره بينهم إن أقام الفاحشة، وقد كان خادمًا لامرأة العزيز -والتي كانت رمزًا للجاه والجمال في عصرها- والتي خططت لفتنته بكيدها، فتزينت بكل زينة، وأغلقت الأبواب مبررة أن " هَيْتَ لَكَ"، وما كان من رد فعل شاب بمقتبل العمر إلا أن ينجرف خلف فتنة زوجة عزيز مصر، لكن عفة يوسف غلبت وهو يعود أدراجه محتميًا بربه أن قال "مَعَاذَ اللَّهِ ". ولم تنتهِ فِتنتها إلى هنا، بل دعته لها من جديد مهددة إياه إما بطاعة أمرها أو السجن، فما كان منه إلا أن ثَبُت على عفته مُناجيًا ربه أن "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ".(سورة يوسف _ الأية ٣٣)
وقد كان ليوسف مُلكًا في الأرض كبيرًا بعد ثباته وعفته هذه.
ولم تقتصر أمثلة العفة على سالفي الذكر فقط، فلقد اختلفت الأمثلة وتعددت لتبين لنا نتيجتها على كل مسلم ومسلمة فتكون النهاية هي غنى الله للنفس العفيفة.