خرج "كمال" و"نبيل" من النادي واتجها إلى سيارة "كمال" القديمة . حاول "كمال" إدارة المحرك لكنه رفض الاستجابة له . أخذ يعيد المحاولة عدة مرات، ولكن بلا جدوى .
فتح الكبوت واختبر البطارية فاكتشف إنها (نائمة)، فنظر إلى "نبيل"
وقال له :
- عاوزين زقة ! .
هبط "نبيل" من السيارة بدوره، وهو يُغمغم متبرماً :
- وده وقته..هه..أمرنا لله..أنا ح أزق وانت ترمي على الغيار التاني ! .
جلس "كمال" خلف عجلة القيادة، وبدأ "نبيل" في الدفع..لكن السيارة كانت ثقيلة فسارت ببطء شديد .
هتف به "كمال" :
- يابني ماتزُّق كويس ! .
توقف "نبيل" عن الدفع، وذهب له وهو يصيح :
- والله بقى المفروض انت اللي تزُّق..مش دي عربيتك انت !! .
فتح "كمال" باب السيارة وهبط خارجها، وهو يهتف به مستنكراً :
- ياسلام ياخويا..يعني انت شاطر تركب معايا رايح جاي..ودلوقتي بس بقت عربيتي ! .
بدا على "نبيل" إنه سوف يعلق معترضاً، لكن "كمال" رفع يده أمام وجهه
قائلاً :
- خلاص..مش هنضيع الوقت في الرغي..شوف بقى..إنت هتزُّق من ورا..
وأنا هزُّق من قدام..ولما العربية تجري شوية..هنُطّ بسرعة وأدورها ! .
وبدأ الإثنان في دفع السيارة معاً، وعندما تحركت بشيء من السرعة، قفز "كمال" داخلها وحاول إدارتها، لكن سرعتها هبطت دون أن تدور .
قال "نبيل" :
- يظهر بقى لازم نشوف حد يساعدنا ! .
والتفت إلى شاب يسير على الرصيف قريباً منهما، وناداه قائلاً :
- يا أخ..إيدك معانا لوسمحت ! .
رحب الشاب بمساعدتهما، وبدأ بدفع السيارة مع "نبيل"، بينما استقر "كمال" خلف عجلة القيادة .
ولم تنجح المحاولة الأولى..وفي الثانية كادت السيارة أن تدور، وأصدرت صوتاً عالياً يوحي بذلك، لكن الموتور لم ينطق..وشعر "نبيل" بالخجل من الشاب الذي أرهقاه معهما، حتى بدأ يتفصد عرقاً، ورغم ذلك أصر على مساعدتهما..في محاولة أخيرة ! .
وكانت المحاولة هى الأخيرة بالفعل! ، لا لأن السيارة دارت وإنما لأن الشاب سقط فجأه بجوار "نبيل"، الذى أُصيب بالذهول وهتف يستنجد بصديقه :
- إلحقنى يا كمال.. الواد اللي معايا وقع على الأرض !! .
خرج كمال من السيارة منزعجا ً، وانكفأ يقيس نبض الشاب، ثم رفع نظره إلى "نبيل" وقال له مُطمئنا ً :
- ماتخافش.. هو نبضه ضعيف شوية.. بس عايش والحمد لله ! .
وقبل أن يفكرا فيما يفعلان, ازدحم المكان حولهما بالناس, الذين جاءوا من كل حدب وصوب، بعد أن شاهد بعضهم سقوط الشاب فجأة .
وكان الجميع يتحدثون فى نفس الوقت, وصنعوا ضجيجا ً هائلا ً.. ووجد
" كمال" و "نبيل" نفسيهما كأنهما غريبان عن المشهد تماما ً !! .
ومال " كمال" على أذن "نبيل" وهمس له :
- إحنا لازم نعمل حاجة.. الواد يظهر كان تعبان.. وتعب معانا أكتر ! .
رد "نبيل " بسرعة :
- عندك حق.. ضروري ننقله بسرعة لأقرب مستشفى .
أوقف " كمال " سيارة تاكسي وتعاون مع " نبيل " على حمل الشاب إليها, وطلب من السائق أن ينطلق إلى أقرب مستشفى، وأصر ثلاثة أشخاص - بدافع الشهامة - على الذهاب معهما واستقلوا تاكسياً آخر .
وعندما وصلوا إلى المستشفى تبخرت الشهامة، وأخذ الثلاثة "الجدعان" يتسرسبون واحدا ً وراء الآخر.. بعد أكتشافهم إنها واحدة من المستشفيات الاستثمارية !! .
وكشف الطبيب على الشاب، ثم قال لهما :
- دي غيبوبة سكر.. ماتقلقوش.. إحنا هنعمل اللازم .
انتظرا بعض الوقت بإستراحة المستشفى, حتى عاد الطبيب يخبرهما بأن الشاب قد فاق، لكن ضغطه منخفض للغاية, ولابد من إجراء بعض التحاليل والفحوصات للاطمئنان عليه، وسوف يتطلب ذلك حجزه بالمستشفى بضعة أيام..ثم قال لهما إن عليهما أن يضعا مبلغا ً تحت حساب العلاج, بحد أدنى 2000 جنيه !! .
بحث الإثنان فى جيوبهما ولم يجدا سوى خمسمائة جنيه وشوية فكة !, فاضطرا إلى وعد الطبيب بتوفير المبلغ بسرعة, على أن يبدأ فورا ً فى علاج الشاب .
واتصل " نبيل " بوالده كى يقترض منه, لكنه وجد الموبايل غير متاح !.. فقام " كمال " بإجراء عدة اتصالات ببعض أصدقائهما, ولم يجد مع أي منهم ما يستكمل به المبلغ المطلوب.. إلا واحداً فقط, أطلع والدته على الموقف فوافقت أن تقرضه, بعد أن اشترطت عليه أن يعيد إليها نقودها فى خلال يومين فقط.. وإلا فلن تقرضه أبداً بعد ذلك !! .
علق " نبيل " فى غيظ :
- الناس بقت وحشة أوي يا أخي..مافيش حد عاوز يعمل حاجة لوجه الله !.
فقال له " كمال " وهو يرفع يديه مستسلماً :
- هنعمل إيه بقى.. إحنا اتورطنا وخلاص ! .
واضطرا إلى ركوب مترو الأنفاق ومن بعده أحد الميكروباصات, حتى يصلا إلى منزل صديقهما, ثم عادا بذات الطريقة إلى المستشفى ودفعا مقدم العلاج واتجها إلى السيارة, التى كانت تقبع فى مكانها بلا حراك ! .
وللمرة الثانية, التفت "نبيل" إلى رجل يسير بجوارهما, وكاد أن يطلب منه مساعدتهما, ورآه " كمال" وهو يوشك أن يفعل, فوضع يده بسرعة على فمه, وهتف به مُحذراً :
- اسكت يا مجنون.. هوه احنا ناقصين.. هنعيده تاني !! .
نزع " نبيل " يده، وصاح فيه :
- طب هنتصرف إزاي يا ناصح ؟! .
قال " كمال " :
- إحنا نشوف أي كهربائي عربيات.. وهوه يصلحها أحسن ! .
وأخذا بالفعل يسألان المارة عن أقرب كهربائي, حتى عرفا مكانه واتجها إليه.
وأثناء سيرهما, نظر " كمال" إلى "نبيل" وقال له ساخراً :
- مش شايف إن وشك حلو أوي عليا النهارده !! .
هتف " نبيل " :
- ياسلام.. وده ليه يعني ؟! .
قال " كمال " :
- أولاً : العربية تعطل معانا.. وثانياً : الواد اللي يساعدنا يقع من طوله كده !! .
صاح " نبيل " مدافعاً عن نفسه :
- طب وأنا مالي.. ما هى عربيتك اللي من أيام " أحمس" !.. وكمان الواد كان شكله زي الحصان.. وماكنش باين عليه أبداً إنه تعبان !! .
قال "كمال" :
- لا يافالح..أكيد كان باين عليه..بس انت ماخدتش بالك ! .
اعترض "نبيل" :
- أبداً والله..زي مابقولك كده..و..!
...وسارا يتجادلان هكذا طوال الطريق !! .