وعندما دخلت فتحية غرفة نومها وجدت زوجها يصلي وهو يبكي فجلست بهدوء على سريرها ونظرت إلى زوجها بعيون باكية وحزن شديد فهي تعلم جيدًا أن عزيز هو كل شيء لأمجد هو العائلة هو ذكريات الماضي الجميلة كلها، إنه أخوه وإبنه وصديقه ورفيق دربه فهو لم يعرف معنى العائلة إلا مع عزيز فهو حزين مثلها على فقدان أختها ولكنها فقدت أختها وطفلتها فقط، أما هو فحزنه أصعب منها.
بمجرد انتهاء أمجد من صلاته كانت فتحية تقف خلفه مدت يدها وربتت على كتف زوجها وقالت له أعلم ما بك، أنا جانبك أنا عائلتك أنا من سنشيب معًا، سنظل سويًا، ستظل ذكرياتنا دائمًا، سأظل أحبك وستظل ليّ كل شيء أخ وصديق وحبيب وسند أنتَ دائمًا مأمني طوال سنين عمري، دائمًا تمسح دموعي دائمًا تحمل حزني، فهل تسمح لي لأول مرة أن نتقاسم حزننا معًا دعني أمسح دموعك وأكون رفيقتك في هذه الأيام الصعبة فالتفت إليها أمجد وهو غير قادر على كتمان دموعه فجلست فتحية على طرف السرير ومدت يدها لزوجها وطلبت منه أن يجلس بجوارها وبمجرد أن جلس أمجد جذبته بين أحضانها بدأ صوت بكائه يعلو تدريجيًا فتحتضنه أكثر وهي دموعها تسيل على وجهها.
كان الصمت هو المسيطر على هذه الليلة
ثم ذهبوا للنوم وأتى الصباح استيقظ الجميع واستعدوا وبعد تناول الإفطار نهض أمجد وقال سأذهب إلى عزيز وبعد ذلك اتجه إلى عملي
قالت له فتحية حسنًا في أمان الله، أنا وكمال سوف نذهب لنيرة قال لها حسنًا
نادت فتحية على كمال هيا يا بني رد أنا قادم يا أمي خرجوا جميعًا إلى باب البيت
قال أمجد: سعيد وصَّل كمال ووالدته عند نيرة وانتظرهم حتى ينتهوا من زيارة نيرة وأوصلهم إلى البيت وبعد ذلك عد إليّ في المستشفى
فقال له تحت أمرك،
دخلت المشرفة الغرفة لتوقظَ الفتيات فقد حان وقت الاستيقاظ لقد أتى الصباح الجميع هيا باعلى صوت فاتبدأ كل بنت في الصحيان
قالت بصوت عالٍ استيقظوا جميعًا فاستيقظت نيرة وبدأت في فتح عينيها وهي لا تستطيع النهوض.
فقالت لها المشرفة هيا يا نيرة استعدي للإفطار ثم حضور حصصك
قالت حسنًا بغضب، دخلت إحدى المشرفات الغرفة وقالت: نيرة لديكِ ضيوف في انتظاركِ
قالت نيرة أكيد هذا أبي سوف آتي بسرعة فنظرتا المشرفتان إلى بعضهما وصمتا، دخلت نيرة غرفة الإستقبال وهي سعيدة، نظرت أمامها وجدت خالتها وكمال فقط.
قالت فتحية طفلتي اشتقت إليك، ذهبت مسرعة إلى حضن خالتها قالت لها: وأنا أيضًا اشتقت لكم كثيرًا ولكنّي ظننتُ أن والدي هو الذي أتى لزيارتي، لقد وعدني ولم يأتي إليّ بعد.
ارتبكت فتحية غير قادرة على الرد فرد كمال: إنه في أفضل حال لا تقلقي لقد تحسن ولكن ظروف العمل اضطرته إلى السفر لإنهاء ورق خاص بالعمل، سوف يأتي بعد أيام قليلة هو من طلب أن نحضر إليكِ اليوم حتى نقول لكِ على سفره وأنه مشتاقٌ إليكِ كثيرًا قالت أنا أيضًا اشتقت له جدًا
نظرت فتحية إلى كمال وابتسمت له على تصرفه وقالت لنيرة: هل أنتِ بخير في هذا المكان؟
قالت لها نعم أنا بخير لا تقلقي ياخالتي قالت هيا تعالي وانظري ماذا أحضرت لكِ لقد أحضرت لكِ كل ما تحبيه، سعدت نيرة وقبلت خالتها وقالت لها أحبكِ كثيرًا، مد كمال يده داخل أحد الحقائب وأخرج علبة وقال لنيرة هذه مني لقد أحضرتها لكِ في الصباح الباكر، مدت يدها لتأخذ العلبة وتقوم بفتحها وجدته الكريز الذي تحبه ففرحت كثيرًا وقالت له شكرًا يا كمال واحتضنته من فرحتها بالكريز وقالت له أنا أحبكَ حقًا فيبتسم كمال لأنها قد نست حزنها وموقفها منه وأنه استطاع أن يجعلها سعيدة، فرحت فتحية كثيرًا لسعادة نيرة.
ودّعوا نيرة وخرجوا من عندها واتجهوا إلى البيت وفتحية سعيدة وقلبها مطمئن على بنت اختها أما كمال فهو يفكر في حضن نيرة له وسعادتها بسبب إحضاره الكريز لها وأنها اخيرًا تحدثت معه.
أنهى سعيد مهمته ووصلوا إلى البيت وأكمل سعيد طريقه إلى المستشفى كما قال له أمجد، وجد أمجد حزين وعلم منه أن عزيز حالته تدهورت ودخل في غيبوبة قال له ياسيدي لا تحزن فإن الله سبحانه وتعالى قادرٌ على كل شيء، فطلب منه أن يوصله المزرعة فهو يحتاج أن يجلس بمفرده وليس لديه طاقة لمتابعة العمل اليوم فاتجه سعيد إلى المزرعة ودخل أمجد إلى مبنى الإستراحة المتواجد بالمزرعة وطلب عدم ازعاجه نهائيًا