محتاجة أودع كل شخص دخل حياتي أو لسه فيها موجود ؛ ووداعي لهم مش تهديد ولكن لإحساسي إني مكنتش كفاية لحد فيهم بمعاييرهم وتفكيرهم ؛ مكنش جمالي مبهر يخطف الأنظار ولا كان عقلي يوازي عندهم غير حبة أفكار ؛ شخصية كيوت وخفيفة الدم يدوب أتحط في الفيريند زون وخلاص ؛ اللي يجيي يشتكيلي من لوعة حبه لواحدة معذباه ومسهراه ليالي طويلة إرضاءا ليها ؛ ويبكي علي حاله ويتعذب وأنا من جوايا بيغلي ؛ وأسأل دايما السؤال الوجودي هو ليه دايما المضحية والمخلصة منسية وغير مهتم بيها ؛ واللي بتعذب فيه يبقي يرضي لها الرضا ترضي وبردو مترضاش وتفضل تعذب فيه ؟
ليه لما بيوحشني ويكون مش فاضي يقفلني ويقهرني وحجته مشغول بشغلي والتزاماتي ولما أحب أسمع صوته حتي بفويس يتحجج أنه بيقفل شغله أو حيروح يقابل صاحبه ومش نافع يبعتلي حاجة؟
علشان كده قررت أودعكم كلكم ومش راجعة لعالمكم تاني أبدا ... الوداع ⬅️
وضغطت " أمنية " رمز الأرسال والنشر للجميع علي صفحتها علي الفيسبوك بعد أن أرفقت كلماتها بأغنية " ذكريات كدابة " للمطرب " تامر عاشور " فهي ككثيرين ينشرون حياتهم الشخصية بكل أوجاعها وأفراحها ولكل أسبابه ودوافعه ؛ " أمنية " شابة تفتقر لمقاييس الجمال الجاذبة للأنظار؛ فجمال ملامحها من النوع الهادىء وليس بطاغ للأنوثة ؛ فتاة عندما تجالسها هادئة وديعة تذكرك بزمن الفن الجميل زمن الأبيض والأسود تتحدث بعذوبة ورقة وحديثها مخملي شديد النعومة والوداعة ؛ وتلك الصفات ليست بجاذبة للشباب في تلك الأيام ؛ قد تترك أنطباع بأنها فتاة لطيفة فقط ولا يزيد أحد جملة أو حرف بعد ذلك.
عاشت " أمنية " حياة غير مستقرة بين أبوين دائمي الشجار لأتفه الأسباب وكانت الحياة بغيضة بينهما ؛ مما أثرعليها وعلي شقيقها " مراد " كانت طفولتهما تحمل من الشقاء ما يكفي لأن يتصدع أعظم جبال الأرض طولا وعرضا ؛ فكان كاليتيمين بلا أب أو أم يرعاهما وحدث الأنفصال بينهما ليربي الصغيران في سن مبكرة لدي الجدة للأم فكلاهما تزوج وأنجبا ؛ وتاه الصغيران بينهما ولما يلقي أي منهما إهتمام أو حتي سؤال ؛ وكجدة كبيرة السن سلبت الأيام منها الصحة ولكن لم يستطع أن يسرق منها الحنان ؛ فحاوطتهما بحنانها وعاطفتها الجياشة وكانت تدللهما ولكن بمقدار وحساب ؛ ورويدا رويدا شبت أزهار عمرها وأينعت " مراد" أكبر زهورها تخرج وقرر أن يهاجر للخارج لعله يجد له سبيل لعيشة هنيئة يغدق بها علي جدته وأخته الصغيرة " أمنية " قرة عينه ورفيقة دربه الحنونة فهي أغدقت عليه بحنانها منذ نعومة أظافرها كأن فجر الله ينبوع الامومة بداخل روحها لتغدق عليه بحنان الأم حتي وأن كانت صغيرة .
وسافر " مراد" شقيق الروح وحانيها لبعيد وأختطف قلبها معه ؛ وأبتعد الحبيب محلقا كطائر بهجرة الخريف ولكنه طائر وحيد بلا سرب يحتضنه ؛ وتباعدت المسافات لتصبح آلاف الأميال ولكن تواصله معها كان يتحدي أي مسافات ؛ وتخبطت " أمنية " بين مرايا الحياة العاكسة والتي تجبرها علي التشكل حسب كل مجلس وطبيعته المتطلبة وتعرفت " أمنية " علي شباب عدة سواء بالجامعة أو في مجال العمل وجميعهم كانوا يضعونها في خانة الصداقة والأخوة وكم صدمت في الأغلب الأعم بأنها طرف واحد أوحد معطي للحب والعاطفة بلا حساب لتختتم كل قصصها العاطفية بختم كنقش فرعوني بنقوش تمثل الفشل علي جدران معبد روحها ؛ أفتقادها لحنان الأب وأنها كأنثي غير مرغوبة منه هز ثقتها بنفسها وجعلها دائما تبرز لكل كائنا ما كان بأنها شخصية لطيفة وذات صفات ومحاسن كثيرة تؤهلها أن تكون محبوبة وأنها تستحق الحب فهي تحلم بحب جارف يعصف بعواطفها ويحتويها ويعوضها إحساس الرفض النابع من مصدر سجل بالأوراق الثبوتية بأنه يحمل صفة الاب .
وفي أحد الليالي المرهقة لها نفسيا ؛ قررت أن تكتب كلماتها علي الملأ لعل أحد يتفقد حالتها ويطمئن عليها ويقف بجوارها ؛ حلم ساذج ولكنه الخيط الوحيد لغزل معاناتها الأخير أما يلتقطه أحداهم ليحل غرز غزل معاناة السنين؛ و لينفض عنها غبار الألم النفسي القابع في بوتقة روحها .
وظلت " أمنية " تحملق في شاشة حاسبها المتنقل لعلها تجد اأستجابة ممن كانت لهم الكتف في وقت الضيق والضهر في وقت الأزمات؛ وتوالت الثواني ثقال تعقبها تعدادات الدقائق ولا مجيب أو متفاعل بالرغم من أن أصدقاء كثر كانوا في حالة نشطة ؛ وتكونت دموع الحسرة في مقلتياها لتهدد بشلال لا ينتهي من الدموع المتدفقة ؛ وتوالت الساعات وجفت الدموع لتحفر أخاديد في ملامحها الهادئة تروي بها هالاتها السوداء المتكونة حول عينيها ؛ وعند بزوغ فجر يوم جديد تعيس علي كل من هو حزين؛ وسعيد علي كل من هو أقام وأحسن إجتماعه بربه وأحسن الظن به وحصد تفاؤل لا يضام ؛ يا الله هناك إشعار برسالة ... !! ولكن ليس بأحد من الاصدقاء فلنري من هو ؟ وما تحويه رسالته ؟ وجدت حساب باسم " خالد الذكر " وهو متصل الآن وبدء حديثه :
- " مرحبا"
- " كيف حالك"
- " أنا خالد وأرغب في التحدث إليكي قليلا هل تسمحين ؟ "
فردت " امنية " :
- " مرحبا "
- " انني لست بخير "
- " كيف حالك"
- " اهلا بك خالد .. أنا " أمنية "
- " تفضل انا انصت إليك "
• " خالد " : " لقد قرات منشورك من لحظات و أستشعرت كم حزن يقطر بين حروفك ما هو عمرك ؟ "
• " أمنية " : " ٢٣ عاما ..وأنت ؟ "
• " خالد " : " لا أهمية لمعرفة عمري ؛ فالعمر لا يقاس بالسنوات ولكن بكم الفرح والأحزان ؛ لماذا قمت بنشر كلماتك ووداعك الأخير ألم تتريثي ولو قليلا أن يقرأ تلك الكلمات أحد من أحبابك ويعتصر قلبه حزنا وقلقا عليك "
• " أمنية " : 😂😂😂 لقد نجحت في أضحاكي ؛ أنك أول من بادر بالحديث معي ونحن عن بعضنا أغراب ؛قد يفسر لك ذلك لما صممت أن أنشر كلماتي التي تقطر دما ؛ كمحاولة أخيرة لعلني أجد مهتم يجعلني أجد سبب للتشبث بالحياة. "
• " خالد " : " ما رأيك أن نشترك بلعبة سويا "
• " امنية " : “🤔 “
• " خالد " : " أتجهي لنافذة حجرتك وقومي بفتحها وأنظري للسماء ونجومها المضيئة قبل وداعها وأرسال قبلاتها لأشعة شمس الشروق المضىء ؛ وبعدها فلنغمض أعييننا سويا بعد أن ملئنا أنظارنا وبوتقة أرواحنا بذلك المنظر البديع "
• " أمنية " : " ولو أني لا أعلم ما السر وراء ذلك؟ ولكن ما الضرر أن أفعل ذلك لا يوجد ضرر ؛ ثم ماذا أفعل بعد ذلك "
• " خالد " : " فلنردد بداخلنا بعد أخذ نفس عميق وإخراجه في متوالية عددية متزايدة " إلهي بك أستجير" وهكذا وعند شعورك بالأرتياح توقفي وسارعي بالأغتسال وبداخلك اليقين بتلك الكلمات واليوم في نفس هذا الميعاد لفجر تالي لنا لقاء "
• " أمنية " : " تمام سأبدأ علي الفور الآن وسأفعل كل ما جاء بوصيتك ونتحادث علي خير في نفس الميعاد "
وسارعت " أمنية " لأداء مهمتها بكل همة ونشاط ؛ يا الله ما أروع السماء ونجومها كمصابيح مضيئة تقطف من الفجر زمن تتلألأ فيه قبل أن تهدي راياتها لتنير اشعة شمس الشروق قبل ان ترحل بعيد ؛ لتضيء سماء بلاد بعيدة لتهتدي بليل آخر لتقر عيونها نوما وتستريح؛ أحست " أمنية " براحة نفسية عجيبة وإستجارتها بالله وأن يمتلئ قلبها يقينا به لهو أمر عجيب كترياق يشفي العليل من براثن سم ثعبان أليم ؛ يا الله ما أروعك لقد أرسلت من يهديني إليك وكنت أهدي نفسي للعباد طامعة ان يؤنسون وحدتي .
ونامت " أمنية " قريرة العيون وأحتل النوم الهانىء جدران سجن روحها لأول مرة منذ ولادتها من سنين؛ صحت " أمنية " من نومها وهي تضج بالصحة والراحة النفسية وأخذت تغني كتغريد عصفور جزل من الفرحة؛ وقامت بأعداد الفطور لجدتها وهي سعيدة وكانت جدتها تنظر لها بأندهاش ؛ ولكنها مسرورة لكونها سعيدة فهي و " مراد " قرة عينيها وقلبها النابض بين الضلوع ؛ وتعهدت " أمنية " لجدتها بأن طعام الغذاء ستقوم بطهوه بنفسها ؛ فهي ورثت عنها جمال أطباقها وإجادتها للطبخ وكان أول أيامها الجميلة في عمرها وأخذت تتسابق في أعمال المنزل حتي تنقضي الساعات ويمر اليوم لحين اللقاء بالغريب " خالد الذكر " الذي أنساها الشعور بالحزن والأكتئاب وإستجداء الشفقة والأهتمام ؛ وجاء الموعد وترقبت في لهفة دخوله علي المحادثات ولم تمر إلا دقائق قليلة وأصبح هو متاح ودار الحديث بينهما قائلا :
• " خالد " : " مرحبا " أمنية " كيف حالك اليوم ؟ "
• " أمنية " : " بأفضل حال الحمد لله كيف حالك ؟ لا أدري كيف أكافئك علي ما فعلته معي بالأمس . "
• " خالد " : " انه لشىء بسيط ولم أفعل شيئا ؛ هل مستعدة لمهمة اليوم ؟ "
• " أمنية " تضج بالفرحة لقراءتها بأن هناك مهمة جديدة :" نعم وبشدة وأطوق لتنفيذها أيضا "
• " خالد " : " بعد منشورك بالأمس كم من أصدقائك تفقد أحوالك ؟ "
• " امنية " : " لا أحد غيرك للأسف "
• " خالد " : " ما رأيك أن تقومي بترتيب أصدقائك حسب تواجدهم في حياتك ومساعدتهم لكي ؛ تخيلي أن بين يديكي غربال وضعي به أصدقاءك جميعهم سواء علي وسائل التواصل الاجتماعي أو في الحياة الطبيعية وقومي بغربتلهم و بتصفيتهم حسب مواقفهم معاكي في مواقف حياتك وأزماتك؛ هل تستطيعين؟"
• " أمنية " : " أكيد ؛ وماذا بعد من مهام آخري ؟ أريد المزيد في الحال 😂
• " خالد " : " أراكي وقد تحمستي للمهام أيما حماس ؛ سأزيدك من المهام مهمة ستسعدين بها كثيرا "
• " أمنية " : " إذا أبلغني في الحال "
• " خالد " : " أسعدني حماسك ؛ اليوم سنصلي ركعتين إمتنان لله يوميا ونختار كل يوم نعمة انعم الله علينا ونصلي ركعتان دون فريضة ولنسميها ركعتي الأمتنان وتصبح عادة يومية؛ كل يوم نمتن لله علي نعمه علينا من دون فرض الفجر ولحين بلوغنا الشروق علي حافة نافذتك أنثري القليل من الحبوب كالقمح او الأرز لعصافير السماء مع آنية بلاستيكية بها ماء ؛وراقبي العصافير ودوني في مفكرة لكي عن أحساسك كل يوم ؛ أتفقنا ؟ "
• " أمنية " : " بصوت مبتهج أتفقنا "
• " خالد " : " سعيد بأبتهاجك الي اللقاء أيتها العصفورة المغردة "
• " أمنية " : " 😊
وأسرعت " أمنية " للوضوء والأستعداد للصلاة وتفكرت في أيا من نعم الله عليها تبدأ بحمده عليها ؟؟؟ فهي كثيرة ولا حصر لها وبدأت يومها الأول للأمتنان بنعمة قول الحمد لله وكانت مبتهجة وهي ساجدة لله ممتنة في صلاتها وأنهت صلاتها و أسرعت للمطبخ لتعد وجبة أفطار عصافير السماء وآنية لمياه الشرب لهم وكم عجيب تلك الكائنات تنتظرهم وهم يرفرفون دون أقتراب ؛ وتملكتها خيبة الأمل فلا عصفورة أقتربت أو حتي فرد حمام ؛ وتسمرت " أمنية " بلا حراك تنتظر عصفورة من عصافير السماء لتلتقط طعامها وتسعد قلبها " ياااه أقتربي أيتها العصفورة وأنهلي من خيرات الرحمن " تمتمت " أمنية " راجية مستعطفة وجاءت العصفورة تستطلع في ريبة وشك وكأنها تحادث نفسها أهذا الطعام متاح ؟ هل رق قلب أحد لنا أم هذا درب من دروب الأحلام ؟ و" أمنية" من وراء النافذة وكأنها تستعطف العصفورة للأقتراب وتوعدها بكامل الأمن والأمان ؛ ودارت بداخلها حوار أشبه بحوار معلق رياضي في مباراة كروية... وتقترب العصفورة ثم تراجعت.... هيا يا عصفورة... ويا سلام لقطت العصفورة أول حبه في المباراة للفطور وعندها ضحكت " أمنية " بملأ فييها ضاحكة علي هذا الحوار الكوميدي؛ ولكن ياللعجب ...لماذا طارت بعيدا ؟!!! لم تعجب بفطوري؟!!! ولم يطل بها الحزن طويلا فلقد جاءت العصفورة بكم من العصافير رفيقاتها وضحكت " أمنية " وسعدت برؤيتهم سعادة لا توصف ولم تعشها من قبل ؛ تعجبت " أمنية " من عظمة خلق الله وكأن تلك العصفورة آبت ان تستأثر بالطعام وحدها بل تحققت منه أولا قبل أن تدعو رفيقاتها ورفقاءها لوجبة الطعام الشهي وكم كانوا يشكلون مشهد بديع للغاية بألتقاطهم الحبوب وينظرون للسماء كأنهم يحمدون الله علي تلك الوليمة الشهية كم هي مخلوقات لو تأملها البشر لن يشعر بالحزن طيلة حياته .
وتوالت الأحاديث بين " خالد " و " أمنية " حتي إنها غابت عن كل وسائل التواصل الإجتماعي ولم تآبه لمن سأل عنها أم لا أو تفاعل مع منشورها الحزين ؛ فهي قد أبدلتها بعادات متعددة وكثيرة وصلتها بالله ازدادت وأصبحت متينة وأستغنت عن البشر ب رب الناس فهو دائما كان احن عليها من كل الناس .
وجاء يوم وحسب موعدهما في المحادثة وبادرت " أمنية " بسؤال " خالد " بعد مرور ما يقرب من العام من محادثات عبر الإنترنت دون أن تتلاقي الوجوه في حقيقة الحياة متسائلة : " لقد مر عام ويدور تساؤل في نفسي لماذا أستجبت لمنشوري وأنت غريب لا تعلم عني شيء ؛ ولم يحاروني أحد من أصدقائي ممن أعتقدت أنهم من القريبين؛ وحسنا فعلت بأن نبهتني لغربلتهم أنهم حتي لم يشعروا بألغائي لصداقتهم وكأنني كنت لهم كنسمة ريح هبت في حياتهم وتلاشت تذروها باقي الرياح ؛ اتشوق لسماع الأجابة منك"
" خالد " : " مر عام بالتمام والكمال ولم افصح لك عن سبب تواصلي معك ؛ أنا مريت بما مررتي به بل تعديت تجربتك بأني كنت مدمن للمخدرات بدون أرادتي "
• " أمنية " : " بدون أرادتك كيف؟ .. أنه حقا لشىء غريب !!!"
• " خالد " : " بدأت قصتي بترك أهلي لي فوالدي ووالدتي أنفصلا بعدما احدثا ندوبا بروحي من ضرب وأهانة وكان أنفصالهما وأنا في سن مبكرة وتملك العند منهما فتسابقا في الأسراع بالزواج قبل الآخر وكنت أنا الضحية ؛ ربنا أهداكما جدتكما بارك الله في عمرها لتحتضنكم ؛ أنا أبتلائي أن تركني والدي وأنا سني عشر سنوات في شقة وحدي وتكفل بأيجارها وترك مبلغ ألف وخمسمائة جنيه فقط لأعاشتي وأمي تترك لي ألف جنيه ؛ تخيلي معي طفل يبلغ من العمر عشر سنوات مسئول عن نفسه وتعليمه بالكامل وأطعامه لنفسه وعلاجي أن مرضت ؛ وندوب روحي ونفسي لما تعرضت له من أذي نفسي وجسدي جعلتني اغوص في بئر عميق من الأسي والحزن والحرمان ولكن الله لا ينسي عبده أصبحت كل نساء من الجيران أهلي فمنهن من تتولي أمر ملابسي وكلا منهن تطعمني من طعام بيتها يوميا ويوم الجمعة يتم أستضافتي في منزل كل واحدة منهن كتعويض لي عن حرماني من دفء البيت والعائلة عشت معهن أحلي أيامي وأسعدهم ؛ إلي ان حطم حياتي زلزال ولكنه ليس أرضي ترصده مراصد حلون والقياسات بالريختر ؛ ولكنه زلزال من الحي بضرورة أزالة العقار لتصدعه وكان الشارع هو موطني الجديد ؛ فلا مجيب من أبي فهو سافر للغربة ليغدق علي أبناؤه الجدد من النعيم اشكال وألوان وسقوطي من ذكراته كسقوط الثمار من الأغصان بعد نضجها لحد العطب ؛ فلا الفروع أحتضنت الثمار ولا أنها دافعت عنها ضد الأعفان ؛و أحتضنني أهل السوء والشر حتي أكتسب قوت يومي؛ هربت من عصابات تجارة الأعضاء تارة ومافيا التسول مرات ؛ فكان الله يبعث لي من يغدقني بكرمه ويعطف علي بطعام أو ملابس أو حتي القليل من الأموال وكنت أهرب ولا استقر في مكان خوفا من تحرير محضر تشرد لي وإيداعي في ملجأ أيا ما كان؛ إلي أن تم أيداعي غصبا في أحد قلاع مافيا المخدرات وليضمنوا عملي معهم تم حقني بالأرغام بالمخدرات حتي أصبح أسير لديهم بلا مقاومة وأقوم بتوزيع بضاعة الموت الخاصة بهم علي زبائنهم من سني وقتها و ممن هم أدني أو أعلي سنا مني .
قاطعته " أمنية " قائلة: " عفوا للمقاطعة ففضولي يغلبني ؛ كيف أصبحت بهذا الأتزان ان عقلي لا يستوعب كل ما عانيته وما أصبحت عليه الآن !!! عقلي لا يستطيع إستيعابه "
أجاب " خالد " : " أعلم بفضولك الذي طالما عاصرته لمدة عام ؛ وأتعجب بأنك لم تقاطعيني وأنا أسرد حكايتي 😂 ؛ في أحدي الليالي الممطرة تم إبلاغ الزعيم وهو من يدير شبكة المخدرات بأن هناك كمين من أجهزة الأمن ترصده منذ فترة طويلة ؛ ولأنه ملك الشيطان زمام أمره ضحك ساخرا بأن اجهزة الأمن لن تجرؤ لدخول وكره الذي لا يصل إليه أنس حتي ولا جان ؛ وكأن القدر أراد أن يوقعه في عواقب أفعاله لسنين طوال ؛ وهجمت حملة أمنية مكبرة وأستطعت أن ألوذ بالفرار عند سماعي دوي صفارات السيارات الأمنية وفي أشتباك عنيف تنهمر فيه الرصاصات كسيول أمطار غزيرة ؛ وقتل من قتل من أفراد الأمن وأصيب والعصابة بأكملها أبيدت علي الأخير بما فيهم الزعيم ؛ وحمدت ربي علي إعطائه لي الفرصة للنجاة وأستشعرت أن يده الرحيمة تمتد إلي لتنتشلني بطوق النجاة ؛ وأنهكني التعب لأسقط في الطريق وغبت عن الوعي لا أدري كم من الوقت تغيبت واستكملت مسيرتي متخبطا وقد أنهكني التعب ؛ ولم ألحظ وجود أحد يراقبني ويراني وأنا متخبط كنت وقتها في سن الخامسة عشر وجسدي النحيل يوحي بأنني قد تمكنت بالفرار من أحد المجاعات الافريقية ؛ وكان هناك رجل يرمقني بنظرات تحمل حنية وحنان الكون الذي لم اراه في عيون أبي وتلك النظرات غمرني بها عندما أفقت من غيبوبتي لأجد نفسي علي سرير مرتب ومهندم وفي حجرة نظيفة جميلة تنبعث منها رائحة النظافة وتبددت دهشتي لما طمأني هذا الرجل الغريب : " لا تخاف يا وليدي أنت بأمان من أيا ما كان أو من يهددك أو يخيفك ؛ وجدتك بالطريق هزيل وسقطت علي الأرض من الإعياء والإجهاد والنحول ؛ أنت في منزلي لا تخاف يا قرة عيني سأتخذ منك ولدا يا منة الله لي بعد أن بلغت من العمر نهايته وأرزله ولم انعم بنعمة الأنجاب ؛ عم " عبد الرحمن " هذا أسم ملاكي الحارس هو من أنتشلني بعد ضياع وعذاب وأهانه ومهانة قام بتصديق روايتي وعالجني وأعادني للحياة والدراسة ؛ وأتممت دراستي في هندسة الحاسبات والبرمجيات ؛ وأعمل معه في أحدي شركاته المتعددة وها أنا الآن مواطن صالح غير مهدد كما كنت منذ زمن سحيق "
" أمنية ": " يالها من قصة ولا في الأفلام السينمائية أنني أقف عاجزة أمام ما عانيت وأنا لمجرد أحساسي بالوحدة وعدم الأهتمام بعد سفر شقيقي أطلقت كلمات بمنشور أستجدي العطف والشفقة لعلني أستشعر بأنه يوجد سبب لأعيش من اجله ؛ وادأنت عانيت كثيرا وتفرغت لمساعدة فتاة غريبة عنك ؛ التساؤل بداخلي يكبر ويزيد ... لماذا قررت تساعدني يا خالد ؟!!! "
" خالد " : " لان يا " أمنية " من عاني وضاع في الطرقات وذاق عذاب التشرد يخاف علي غيره من هذا المصير وأما أن ينحرف لطريق المخدرات أو الأنتحار "
أختتمت " أمنية " قائلة : " بعد عام كامل تفهمت معني اسمك علي الفيسبوك " خالد الذكر " فأنت خالد خلود تاريخ البشرية ؛ وذكراك العطر يفوح في حياة كل من دخلت حياته حتي وأن كنت طيف "
" تمت "
بقلم / رشا سالم
Rashasalem58@gmail.com