الحمدلله الذى جعل العلم والعقل والفطرة السوية دليلًا للوصول إليه، والسموات والأرض والجبال وكل مخلوق فيه ألف دليل عليه، والسلام على الهُداة إليه، وبعد
لماذا الإسلام وَسْطَ الزِّحام؟!
عندما علِمنا أن هذا الكون بما يحتويه من كواكب ونجوم ومجرات وشموس وأقمار وسماوات وأراضين ومحيطات وبحار وأنهار وجبال وهضاب وجماد ونبات وحيوان وإنسان ومخلوقات متعددة، وأن هذا الكون منظم دقيق فائق الدقة كل شيء فيه بمقدار، ويسير وفق قوانين ثابتة، وشهد له علماء هذا العصر ومن قبلهم، علِمنا أن لهذا الكون خالق عظيم، مطلَقُ القدرة، مطلَقُ الحكمة، مطلَقُ العلم، مطلَقُ القوامة قيوم بذاته...
إذن؛ على كل ذي عقل وفطرة سليمة سوية أن يؤمن بأن هذا الخالق العظيم لن يتركنا سُدًى في هذا الكون، بلا دستور وقانون ينظم لنا كيفية التعامل مع هذا الكون وما يحويه، ويدلنا على كيفية الوصول إليه سبحانه، والعمل على ما يرضيه.
ولعل ما نشاهده ونلمسه في حياتنا أن النظام القويم والدستور السليم أساس الحياة؛ فالنظام من أهم الأشياء التي يجب أن تتوافر في أي مكان.. مشروعًا كان، بيتًا، أو حتى مؤسسةً -صغيرة أو كبيرة- فهو الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات والدول الناجحة؛ ولذا أن يكون منهجًا يُسار عليه، فالنظام يدفع بِعَجَلَةِ التطور والتقدم والرقى، ويرفع مستوى الفرد والمجتمع.
وهكذا الكون العظيم الذى خلقه الله -سبحانه وتعالى- يعيش وفق نظام ثابت ومحدد، ولو لم يكن منظَّمًا لَأصبح الكون كله فاسدًا والحياة فيه مستحيلة، وكذلك الإنسان إن لم يكن هناك دستور ينظم له حياته ستصبح كلها فوضى، والفوضى لا شك تؤدي إلى مزيد من الفوضى!
وبما أن حياة الإنسان ما هى سوى تعاملات، فكل مِنَّا يتعامل مع الآخَرِ، الابن يتعامل مع الأب، والطالب مع المعلم، والمُشْتَرِ مع البائع، والموظف مع العميل، والمريض مع الطبيب، والإنسان يتعامل مع سائر المخلوقات مِن جماد ونبات وحيوان وطبيعة؛ إذن فلابد وحتْمًا مِن دستور صحيح، صريح، واضح، سهل، بسيط، حكيم، قوي، متين ينظم لنا كل هذه التعاملات، وفي الوقت ذاته يشمل كل الجوانب الروحية والنفسية والعقلية والمادية، وفوق كل هذا ينظم علاقتنا بالخالق ويقربنا منه سبحانه وتعالى.
وهكذا بعد أن يصبح إيماننا بالله -عز وجل- وبدستوره مبنيًا على عِلْمٍ ويقين وليس إيمانًا سلبيًا أو سطحيًا لسد الفراغات أو إيمانًا بالوراثة وحسب، فقد عزمت على أن أخُطَّ هذا الكتاب لنثبت ما هو مثبَتٌ بالفعل، وفضلتُ أن يكون قصيرًا في عدد صفحاته وبالوقت ذاته حاولت أن يكون مليئًا بالحُجَجِ العقلية والعلمية والفطرية ليصبح في متناوَلِ القارئ العصري الذى تعَوَّدَ التصفح السريع، ووجهْتُ حديثي في هذا الكتاب لِكُلِّ مَن أنكر وجود الله وصار ملحدًا، وكذا لكل مَن آمَنَ بوجود خالق للكون، لكنه لا زال منكرًا للأديان، ولكل مسلمٍ متشككٍ في دينه، ليكون كتابي هذا على هيئة حوار بينى وصديقي الملحد الذى انتقل معي من الإلحاد إلى (الربوبية أو اللادينية) بالأدلة العقلية والمنطقية، ثم ما لبث أن انتهى بالإسلام كذا بالأدلة
وفي حقيقة الأمر هذا حوار افتراضي لكنه يشبه حوارات كثيرة حقيقية بدأَتْ بِحالِ مُنْكِرٍ وانتهت بِحال مؤمن مُوَحِّدٍ مسلم بفضل الله وكرمه.
والله الموفق والمستعان