جلس عالِم المصريات الإنجليزي الكبير الحاصل علي لقب السيد (sir) في حديقة بيته يشاهد الشمس المائلة للغروب، وهو يتناول شاي الخامسة عصرًا؛ تلك العادة الإنجليزية التي يرفض التخلي عنها على الرغم من اتجاهها نحو الانقراض.. قطع تأمله صوتُ حفيدته ذات السبع سنوات تناديه، وهي تركض نحوه غير أنها تعثرت في ثوبها ذي الطبقات المتعددة الذي لم تعتد ارتداءه، انتفض خوفًا عليها وجرى نحوها ليحملها بين ذراعيه، وهي تخفي وجهها في صدره وتبكي بكاءً مرًّا، أجلسها الجدُّ على مقعده، وبدأ يستكشف مقدار إصابتها، ولله الحمد كانت طفيفةً، فقد حماها فستانها.
نظر لها الجدُّ بعتابٍ، وهو يقول:
- شكرًا لله لا توجد إصابات، بكاؤكِ صوَّر لي أن هناك كارثةً!.
بادلته حفيدته نظرة العتاب، وهي ترد غاضبةً:
- أبكي لكرامتي المهدورة، لقد سقطتُ على وجههي أرضًا بسبب ذلك الفستان السخيف، لقد اتخذتُ قراري.. سوف أعتذر عن مسرحية (سندريلا).. لن أجعل من نفسي أضحوكةً.
ابتسم لها الجد، ثم سألها بخبثٍ:
- يبدو قرارًا حاسمًا، ولن تعودي فيه أليس كذلك؟!
هزَّت رأسها بقوة، فقال لها متظاهرًا بالأسف:
-يا للخسارة، كنت سأقصذُ عليكِ القصة الأصلية التي أتت منها قصة سندريلا لتقصيها على صديقاتك، ولكن ﻷنكِ لن تشاركي في المسرحية فلا داعي لذلك.
أتت حيلته مفعولها، فقد تغيرت ملامح وجهها إلى لهفةٍ وشغفٍ، وقالت باندفاعٍ:
- كلا يا جدي أنت تحبني وستقصُّ عليَّ القصة الأصلية.. أليس كذلك؟
سألها بهدوء:
-هل ستمثلين في المسرحية؟
هزت الفتاة رأسها إيجابًا، فتظاهر أنه مضطر لذلك.
جلست على المقعد المجاور له وقال:
- سندريلتي استعدي لسماع قصة (رادوبي) أو كما عُرفت إغريقيًا (رادوبيس)..
أخذت الحماسة بلبِّ الجد الإنجليزي فقال بلهفةٍ:
- لقد سُجِّلت قصة رادوبي الكمتية في مؤلفات المؤرخ والفيلسوف اليوناني (سترابو)، كما ذكرها المؤرخان (إيليان) و(هيرودوتس) تحت اسم (رادوبيس)، وقد أشيع أنَّ رادوبيس يونانية عاشت في مصر لكني أرفض ذلك بشدة، فقد وردت قصة رادوبي وأبيها (سنفرو) في برديات (شستر بيتي) المحفوظة في المتحف البريطاني..
قاطعته حفيدته وهو تزوي بين حاجبيها بغضب:
- جدِّي، أنا حفيدتك ولست إحدى تلميذاتك، أنا لم أفهم أي شيء مما قلته.. أريد القصة الآن.
ضحك الجدُّ ليداري إحراجه، ثم قال وهو يعبث بشعره كطفلٍ صغير:
- معكِ حقٌّ يا عزيزتي، استعدي لقصة رادوبي كما وردت في البرديات
قاطعته للمرة الثانية بضيق: جدِّي!
ابتسم معتذرًا، وبدأ يحكي بصوتٍ هادئ حزين:
- في زمنٍ بعيد جدًا يعد بالآلاف، كانت مصر في أزهى عصورها؛ وفي قصرٍ يطلُّ على شاطئ النيل الشرقي جلست فتاةٌ صغيرة تدعى (رادوبي) ابنة التاجر (سنفرو) في الحديقة المشرفة على النيل بعد أن رفضت أن تلعب مع قرنائها، داعبت أنامل الصغيرة صفحة الماء بلا وعي، وعلى كتفها استقر هدهدٌ صغير فقد أمه كرادوبي، نظرت رادوبي إلى انعكاس صورتها على وجه النيل، فتذكرت والدتها الراحلة منذ أيام إلى العالم الآخر حيث ينتظرها أوزير2 محبوب المصريين، غرقت رادوبي في ذكرياتها السعيدة لفترةٍ غير قصيرة؛ غير أن هبت على فجأة وانطلقت صوب غرفتها.
ترددت كلمات أمها اﻷخيرة في أذنها وهي تركض:
"رادوبي، لقد ادخرت لكِ صندوقين ليوم عرسكِ؛ اﻷول به مجوهراتي التي ورثتها عن أمي التي ورثتها عن جدتها وهكذا، فاحرصي على ارتدائها يوم عرسك؛ أما الثاني فبه حذاءٌ خاص عندما يحين موعد عرسك ستجديه ملائمًا لقدمك حينها".
وصلت رادوبي إلى غرفتها، ففتحت خزانة ملابسها وأخرجت الصندوقين ومررت أصابعها على الصندوقين لتستشعر ملمس يديِّ أمها، ثم فتحت الصندوق تلو اآخر وتمسك بميراثها من أمها وهي تبكي بصمت.
مرت أيامٌ تعدُّ على أصابع الكف الواحد، رادوبي تجد سلوها في مجالسة النيل أو مشاهدة ميراثها، فوجئت بوالدها يأتي بامرأةٍ أخرى قاسية الملامح حادة الطباع معرفًا أياها بأنها زوجته، وأم رادوبي الثانية؛ صُدمت الفتاة لسرعة زواج والدها، لكنها وعلى صغر سنها وعت أنه لكثرة سفره تزوج بأخرى ترعاها في غيابه.
لم يمكث اﻷب في القصر سوى ثلاثة أيام، ثم انطلق مع قافلته في رحلةٍ تجارية، برحيل اﻷب ظهرت طباع زوجة اﻷب الشرسة، فقد حولت رادوبي من صاحبة القصر لمجرد خادمة فيه. تنظفه وتعد الطعام وترعى الحديقة وغيرها من اﻷعمال التي لا تناسب سنها أو مكانتها، تحمَّلت رادوبي بصبرٍ متذكرة نصائح والدتها وحبًا في والداها.
مرَّت اﻷيام ورادوبي تعيش كخادمةٍ في قصر والدها، حتى في حضوره القليل لم ينتبه لوضع ابنته، ولا شحوبها؛ فقد انشغل عنها بطفلته الوليدة التي -وعلى الرغم من فرحة رادوبي بها- كانت هي السيدة ورادوبي الأمة، بمولد الطفلة أخذت زوجة اﻷب وضعها كسيدة القصر بلا منازع، فحضور اﻷب كغيابه، فلم تعد تخشى إظهار سوء معاملتها لرادوبي؛ بل زادت حملها بالاهتمام بشئون الصغيرة، تفننت زوجة اﻷب في التفرقة بين اﻷختين، فقد عمدت على تنشئة الصغيرة كاﻷميرات واهتمت بتعليمها، بينما عمدت على إهانة رادوبي بإصرارها علي معاملة رادوبي كعبدة ليس لها الحق في أي شيء؛ فهي تعمل لكي تأكل فقط.
كان لصبر رادوبي عاملٌ في إثارة غضب زوجة أبيها، فعمدت إلى مراقبة رادوبي لتعرف سبب قوة احتمالها، لاحظت أنَّ رادوبي تجلس في غرفتها كثيرًا، فشغلت رادوبي بالعمل في الحديقة، ودخلت غرفتها تفتش فيها، فتحت خزانة رادوبي فوجدت بين ملابسها المهلهلة صندوقين فتحتهما بسرعة، فوجدت الجواهر والحذاء، أهملت الحذاء وأسرعت بإخفاء صندوق الجواهر بين طيات ثيابها، وخرجت مسرعةً إلي خارج القصر.
وصلت زوجة اﻷب إلى محل الصاغة الكبير وقدَّمت له صندوق الجواهر وطلبت منه استبدال الجواهر بغيرها، أنهت رادوبي كل اﻷعمال الملقاة على عاتقها، وعادت إلى غرفتها واتجهت إلى خزانتها لتطمئن على صندوقيها وتلمس المجوهرات كطقسٍ يومي يساعدها على مقاومة ما تراه في يومها، غير أنها صُعقت باختفاء صندوق المجوهرات، تمالكت رادوبي أعصابها وأمسكت بصندوق الحذاء وأخفته بين طيات ملابسها، وخرجت تسير على أطراف أصابعها متجهةً إلى الحديقة، حددت بقعةً مميزة بجوار النيل وأخذت تحفر بيديها، ثم دفنت الصندوق بها. تلفتت حولها لتطمئن أنَّ أحدًا لم يشاهدها، ثم عادت إلى غرفتها ونامت وهي تبكي ضياع صندوق جواهر والدتها.
مرت السنون ببطءٍ شديد على رادوبي وبسرعةٍ على أختها، فرادوبي لا جديد في حياتها بينما كبرت أختها وأصبحت تدرس في بيت الحكمة - التعليم العالي- وتعزف الموسيقى وتتعلم الرقص في معبد (طيبة).
كعادة المصريين القدماء الاحتفال بالعديد من اﻷعياد والمناسبات، وفي هذا العام دعا الأمير(حور) أهالي طيبة للاحتفال بعيد الزهور داخل قصره، ملأت الفرحة ربوع المكان، وأخذ الجميع يستعد للذهاب إلى القصر في أبهى زينة، في قصر (سنفرو) التاجر المشهور كانت رادوبي تساعد زوجة أبيها وأختها على الاستعداد للذهاب للحفل.. سألت رادوبي زوجة أبيها الذهاب معهما للحفل، فنهرتها بشدة وأهانتها بقولها:
- أنتِ مجرد خادمة، كيف تجرؤين على التفكير في الذهاب إلى قصر اﻷمير (حور)؟!.
نكست رادوبي رأسها بحزن، بينما خرجت زوجة أبيها وأختها متجهتين إلى الحفل في أبهى زينة.
بذهاب زوجة الأب وابنتها إلى قصر الأمير حور حلَّ الصمت الحزين ثقيلًا على صدر رادوبي، فبرحيلهما انطفأ آخر أمل في ذهابها إلى الحفل، آثرت رادوبي الجلوس بالحديقة ملقيةً بهمومها على صفحة نهر النيل، شردت رادوبي في ذكرياتها مع جريان المياه بهدوء، عادت كلمات والدتها تشدو في أذنها بوصيتها لها بارتداء الجواهر والحذاء يوم عرسها، تنهدت متحسرةً على ضياع صندوق الجواهر، ولكنها نفضت عنها الحسرة، وانطلقت إلى مكان صندوق الحذاء، وأخذت في الحفر، أخرجت الصندوق ومسحت ما علق به من ترابٍ بطرف ثوبها، ثم فتحته وأخرجت الحذاء وهمَّت بارتدائه غير أن قدميها المتسختين حالت بين ذلك، ذهبت رادوبي إلى البحيرة التى تتوسط الحديقة، وتركت رادوبي الحذاء على حافتها، ثم وضعت قدميها داخل الماء لتغسلها؛ بينما تغسل رادوبي قدميها بحماس إذا بصقرٍ يندفع إلى الحذاء ويسرق إحدى فردتيه، وينطلق إلى السماء كالصاروخ قبل أن تأتي رادوبي بردَّة فعل.
في قصر اﻷمير المحبوب حور كان ااحتفال على أشدِّه وأهل طيبة في منتهى السعادة، وإذا بالصقر يندفع تجاه اﻷمير ويسقط في حجره فردة الحذاء، ثم حلَّق مسرعًا؛ انتابت اﻷمير الدهشة من فعل الصقر، غير أنه حوَّل دهشته لابتسامة فهمٍ ورضا، وقال لنفسه بصوتٍ هامس:
"إنها إرادة السماء.. سأتزوج بصاحبة الحذاء".
ثم أمر اﻷمير بأن ينادى في الحفل أنَّ من يلائم الحذاء قدمها سيتزوجها، تقبلت الفتيات اﻷمر بالضحكات المرحة والنكات، فما يحدث أمام أعينهن غير اعتيادي، ولولا أنه يحدث معهن ما صدقنه، فقد اصطفت الفتيات لقياسه، ولكنه لم يلائم أيًّا منهن؛ فقد كان إما صغيرًا وإما كبيرًا بشكلٍ لافت للنظر، تعجب اﻷمير مما حدث، وبدأ يتساءل كالفتيات "ترى من هي صاحبة الحذاء؟!"
أمر اﻷمير بالبحث الحثيث عن الفتاة التي تلائم فردة الحذاء قدمها في كل قصور وبيوت طيبة، انفض الحفل وعاد الجميع إلى منازلهم والكل يتندر بما حدث، وأخذ من حضر الحفل يقصُّ ما حدث على من لم يحضر حتى انتشر الخبر في ربوع طيبة، كان الحراس يطوفون بالبيوت والقصور يسألون عن الفتيات اللاتي لم يتزوجن لكي ترى هل تناسب فردة الحذاء قدمها؛ دون جدوى، تملك الحرَّاس التعب والملل، فقد شعروا بأنها مهمةٌ مستحيلة غير أن حبهم للٱمير حور دفعهم ليكملوا مسيرة البحث، وصل الحراس إلى قصر التاجر سنفرو المسافر في رحلةٍ تجارية خارج مصر، وكالعادة سألوا عن الفتيات اللائي لم يتزوجن، تقدمت أخت رادوبي الصغرى وتناولت الحذاء بقلقٍ فهي على يقينٍ من عدم ملائمته لقدمها؛ لكن نظرة أمها دفعتها لإعادة التجربة، والتي فشلت بالطبع.. لمح الحراس رادوبي فنادوا عليها وطلبوا منها ارتداء فردة الحذاء، كانت زوجة اﻷب تسخر من رادوبي وتنتظر عدم مناسبة الحذاء لقدمها حتى تشمت بها، ما إن رأت رادوبي فردة الحذاء حتى طارت من الفرح وركضت وخلفها الجميع إلى الحديقة حيث موقع الفردة اﻷخرى، والتي أخرجتها وارتدت كليهما في قدميها، قفز الحراس فرحًا، فلقد عثروا على صاحبة الحذاء أخيرًا، وأمروها بأن تأتي معهم إلى قصر اﻷمير حور.
لم تحتمل زوجة اﻷب أكثر من ذلك وقالت بغلٍّ وحقد:
- إنها مجرد خادمة، ولا يصح للأمير حور أن يتزوجها.
نظر لها كبير الحراس باشمئزازٍ وهو يقول:
- أمرنا اﻷمير بالعثور على الفتاة التي تناسبها فردة الحذاء وإحضارها إلى القصر لمقابلته، ولم يخص طبقةً بعينها فلا فارق بين أميرةٍ وخادمة.
ثم أشار لرادوبي لتتقدمه، لينطلق الموكب في تجاه قصر اﻷمير.
تقدمت رادوبي يتبعها الحراس إلى مجلس الأمير، الذي هبَّ واقفًا لها ترحيبًا، فهي اختيار السماء له، ابتسم لها الأمير وأجلسها.. أخذ يتأملها مليًا، شعر بأنها تخفي شيئًا دونه، رفع نظره إلى كبير الحراس الذي سرد عليه كل ما مرَّ به منذ خروجه من القصر حتى عثوره على رادوبي، أشاد الأمير بجهود كبير الحراس ورجاله، وأثنى عليهم وأمر لهم بعطاءٍ مجزٍ، ثم صرفهم، أعاد الأمير نظره إلى رادوبي، ثم سألها عن سرِّها، رفعت رادوبي نظرها إلى الأمير ورفضت أن تجيبه بحزم، تعجب الأمير من رفضها القاطع غير أنه احترم رغبتها ولم يحاول كشف ما تريد اخفاءه، نادى الأمير على حاجبه وأمره بإحضار كبيرة الوصيفات لتأخذ رادوبي إلى غرفتها والإعداد لحفل الزواج.
حركةٌ محمومة شملت قصر الأمير كله للانتهاء من تجهيزات العرس، تمَّ إخبار كبير الكهان للإسراع بإعداد ما يلزم لطقوس الزواج، استبدلت زينات عيد الزهور بزينات العرس الفاخرة. انتشرت رائحة العطور والبخور في أرجاء المكان حتى أنَّ القادم من المعبد إلى القصر يسير منتشيًا بعبقها.
في ليلة الزفاف ذهب الأمير إلى غرفة رادوبي، وقدم إليها صندوق جواهر، ما إن رأته حتى اختطفته وفتحته بفرحةٍ عارمة هاتفة:
- صندوق جواهر والدتي!
تعجب الأمير، وطلب منها أن تكشف سرها، وللمرة الثانية تجيبه رادوبي بالرفض القاطع، استشعر الأمير بأنها لن تبوح بسرها أبدًا فترك الغرفة من فوره وتوجه إلى مجلسه وجمع حاجبه وحراسه، وأمرهم بإحضار صاحب الصاغة الذي اشترى منه الصندوق، حضر التاجر وهو يرجف وبقليلٍ من الأسئلة علم الأمير الحقيقة، وأنَّ رادوبي ليست خادمةً ولكنها ابنة التاجر الثري سنفرو صاحب القصر الذي كانت تعيش فيه، وأنَّ والدها قد تزوج بأخرى بعد وفاة والدتها لتعتني بها نظرًا لعمله الذي يستلزم سفره خارج البلاد لشهورٍ طويلة.. غير أنها لم تصن الأمانة وأهانت رادوبي وجعلت منها خادمة.
غضب الأمير وأمر بطرد زوجة الأب من القصر وإسكانها لمدة عشر سنوات في كوخٍ بسيط عقابًا لها، طارت الأخبار إلى رادوبي، فهبت مسرعةً إلى مجلس الأمير دون إكمال زينتها، وطلبت الأذن بالمثول بين يديه، تقدم الأمير إلى الباب ليدخلها بنفسه تكريمًا لها، اندفعت الكلمات من فمها تسأله العفو عن زوجة أبيها.. تملَّك العجب من الأمير من طلبها وقابله برفضٍ قاطع منه، وقفت رادوبي وقالت بحزمٍ:
-هذا شرطي الوحيد لإتمام الزواج
زاد عجب الأمير ودهشته، فقالت له دون أن يسأل:
- لقد علمتني أمي قبل ذهابها إلى العالم الآخر أن أتذكر دائمًا تعليمات حكمائنا العظام، وهنا يحضرني قول الحكيم (آني): "على الإنسان أن يقاوم أي رغبة في الانتقام، وأنَّ الحياة تزدهر بالتسامح، كما تزدهرالزهور بالشمس والماء والهواء".
أنهت رادوبي كلامها، وانتظرت حكمه، غير أنها تركته في حيرةٍ من أمره هل يعاقب زوجة الأب لتكون عبرةً لغيرها؟ أم يعفو عنها لإصرار رادوبي على فضيلة التسامح؟..
"ترى أي قرارٍ اختار الأمير حور؟"
سأل الجد حفيدته باهتمام، غير أنه وجدها غارقةً في بحار النوم العميقة، ابتسم الجد وهو يحملها بين ذراعيه واتجه صوب غرفتها لينيمها في فراشها؛ غير أنه لم يستطع منع نفسه من صب بقية معلوماته في أذنها الغافية قائلًا:
- هل تعلمين أنَّ بعض الباحثين يدَّعون أنَّ الأمير حور هو الملك (من-كو-رع) صاحب الهرم الأصغر؟
تملمت الفتاة وكادت تسقط من بين يده، فالتزم الصمت على مضض.