يكفي أن تعرف أن ما يدور بخلده حاليًا عشرات الذكريات، تتدفق كصور تمر أمام عينيه بسرعة.
بعضها يستطيع ملاحقتها، البعض الآخر يمر أسرع مما تستطيع عيناه ملاحقتها.
بعض الصور جامدة، الآخرى متحركة، بعضها ملون بلون واحد.
بني ...أزرق ... وبعضها أبيض وأسود، وصور أخرى مفعمة بالألوان.
ليس الجو الشاعري الذي ينغمس فيه حتى أذنيه هو ما يدفع إليه بشريط الذكريات ويرسم تلك الملامح المستكينة المتأملة على وجهه.
أبداً!
وليست أيضاً لحظة صفاء ذهني.
كل ما في الأمر أن هناك ذكريات قررت أن تتدفق إلى رأسه بدون مقدمات.
يضرب بإصبعه طرف السيجارة ليطير منها رمادها، ومن ثم يسحب نفسًا آخر.
تتوهج السيجارة بين شفتيه، يطوحها بعيدًا.
ودخان كثيف يفلت من فمه في أشكال غير منتظمة.
ينظر هناك إلى اللاشيء؟!
لأنه ليس هنالك شيء محدد ولكنه فقط ينظر هناك.
لا تعلم هل يتأمل؟! يشرد ... يستعيد ذكريات أخرى.
ولكنه يلتقط هاتفه الجوال من جيبه يقلب في الأسماء
يتوقف عند اسم معين ثم يقوم ...
بمسحه..
من السخافة أن نتصور أنه بحذفه لهذا الاسم، أنه ينهي كل شيء بينهما للأبد..
ولكنه يقنع نفسه بذلك على الأقل.
- جاهز يا أحمد.
يلتفت إلى الصوت من خلفه، يهز رأسه ويغادر المكان معه.
خطواتهم تبتعد ولكن وقع أقدامهم مسموع، يضرب الأرض بوضوح.
الصالة تظلم، حزمة من النور الخارجي تتسلل من باب الشقة المفتوح إلى الداخل، ثم ينسحب النور بسرعة إلى الخارج والباب يغلق هو الآخر.
الصمت مطبق.
ليس غير الستائر التي تتطاير كل حين بسبب نسمة هواء تتسلل من خلال النافذة المفتوحة وضوء باهت للقمر ينفذ من خلال الستائر البيضاء شبه الشفافة إلى الداخل.
10/10/2013