العاشرة مساءً
الموضوع: أهلًا دكتور رضا
مساء الخير دكتور رضا
أنا "فراق".
أولًا: أعتذر فقد نسيتُ أن أُخبرك أني قد غيرت اسمي، وأصبحتُ منذ عدة شهور "شروق"... وثانيًا: أريد الحديث معك في موضوع ما؛ هل لديك بعض الوقت؟
بعد عشر دقائق
رد:
أنا لستُ دكتورًا، ولستُ رضا... يبدو أنكِ أخطأتِ في كتابة العنوان الذي تريدين إرسال الرسالة إليه.
بعد ثماني دقائق
رد:
بالفعل، وجدتُ أني قد كتبتُ حرفان خطأ من الإيميل الذي أُريد إرسال الرسالة إليه وليس حرفًا واحدًا.
أعتذر، وآسفة على الإزعاج.
بعد خمس دقائق
رد:
حرفان خطأ وليس حرفًا واحدًا! إذًا فهو خطأ مزدوج؛ على العموم لا داعي للأسف، مثل هذه الأشياء تحدث أحيانًا... وعلى كلٍ إذا أردتِ فإنه يمكنكِ الحديث معي في أي موضوع تشائين... المساء قاحل هنا من حولي، والأحاديث هجرتني؛ لذا ستجدين مستمعًا جيدًا.
بعد ساعة
رد:
حسنًا... لكني لا أعرف حتى اسمك.
بعد دقيقتين
رد:
بسيطة جدًا... اسمي أحمد.
وأنتِ، هل تحبين أن أعتبركِ فراق أم شروق؟
بعد دقيقة
رد:
شروق.
بعد خمس دقائق
رد:
كُلي آذانٌ صاغية يا شروق.
أولًا: كل عام وأنتِ بخير، غدًا أول أيام عيد الأضحى المبارك.
ثانيًا: ما هو الموضوع الذي كنتِ تريدين الحديث فيه مع دكتور رضا؟
بعد سبع دقائق
رد:
موضوع غريب بعض الشيء... هل تُصدق الأشياء الغريبة حين تسمعها؟
بعد ساعة ونصف
رد:
أستاذ أحمد، هل وصلك سؤالي؟ هل مازلت مستيقظًا؟
اليوم التالي
الموضوع: صباح الخير يا شروق
أعتذر على عدم الرد مساء الأمس، توقفَت شبكة الانترنت في البيت عن العمل وعزلتني عن العالَم، فذهبت للنوم.
أما عن سؤالكِ (هل تُصدق الأشياء الغريبة حين تسمعها؟)، فالإجابة هي: نعم، أنا أُصدق كل شيء، ومن عُشاق قصص ألف ليلة وليلة وحكايات السندباد؛ هيا أخبريني بهذا الموضوع الغريب الذي لديكِ.
صباح الخير... صباح العيد.
بعد نصف ساعة
رد:
صباح النور، وكل عام وأنت بخير... هي فعلًا حكاية تصلح لأن تكون من حكايات ألف ليلة وليلة.
لا أُخفي عليك لقد ترددتُ بعض الشيء في أن أحكي لك عن مشكلتي؛ لكني وجدتُ أنك خَيارًا ممتازًا، بعد أن فشلت كل الطُرق الأخرى معي، لدرجة أني قد طرقتُ أبواب الطب النفسي... وأعتبرك خَيارًا مثاليًا؛ نظرًا لأننا لا نعرف بعضنا البعض، ومن المؤكد أننا لن نلتقي يومًا... أرجو ألا تضايقك صراحتي.
بعد 19 دقيقة
رد:
لا تقلقي، فأنا لا تُضايقني الصراحة، ويُقال عني أني مستمعًا جيدًا؛ لذا فاكتبي كل ما تريدين وبالتفاصيل التي تريدينها، لديّ كل الوقت لقرائتها.
ملحوظة: أنا بالفعل خيارًا مناسبًا وقد أصلح أيضًا لأن أكون برتقالًا أو تفاحًا إذا أردتِ... (للتوضيح: هذه دعابة).
بعد ثلاث دقائق
رد:
لا تحتاج للتوضيح فأنا أعرف أنها دُعابة، ولقد كتبت لك في رسالتي كلمة (خَيار) بفتحة على حرف الخاء وليس كسرة.
بعد دقيقتين
رد:
للعلم، أنا كنت دائمًا الأول في المدرسة في مادة اللغة العربية ومازلتُ أعشقها حتى الآن.
هيا أخبريني بكل ما تريدين قوله، بتشكيل الحروف أو بدون تشكيل، لا تقلقي فسوف أفهمها.
بعد ساعة
رد:
حقيقةً رسائلك القليلة هذه بها شيء ما شجعني على أن أحكي لك، ربما رغبة صادقة منك في مساعدتي ولو بنصيحة؛ ومنذ الأمس وأنا أفكر في إمكانية الحديث مع شخص لا أعرفه ولا يعرفني، جمعنا خطأ غير مقصود... فقد يكون طرحي للمشكلة أمام شخص لا يعرفني ولا أراه هي أقل وطأة وأكثر تفصيلًا من الكلام عنها وجهًا لوجه مع الآخرين؛ وقد يساعدني هذا في أن أتخلص من عبء تراكمها فوق قلبي، وربما يؤدي لشفائي في النهاية من هذا الذي أنا فيه... لذا فقد تشجعتُ كثيرًا وقررتُ أن أخوض التجربة... وها أنا ذا قد أحضرتُ كوبًا كبيرًا من الشاي، وجلستُ أكتب إليك.
باختصار، أنا لا أراني.
بعد عشر دقائق
رد:
ما كل هذا الشرح الوافي والمستفيض للمشكلة يا شروق! (أنا لا أراني)... ماذا قد أفهم أنا من هذه الكلمات الثلاث:
1- شروق لا ترى عيوبها.
2- شروق لا ترى مميزاتها.
3- شروق لا ترى نفسها.
بعد ثلاث دقائق
رد:
3
بكلمات أدق (شروق لا ترى وجهها).
بعد ثلاثة أيام
الموضوع: ذات الوجه المختفي
عزيزتي شروق
أعتذر على التأخير في الرد؛ أمر ببعض المشاغل والصعاب التي لا مجال للحديث عنها هنا.
بالنسبة للمشكلة التي تواجهكِ وهي أنكِ لا ترين وجهكِ، أريد بعض التفاصيل أكثر حتى يمكنني أن أفهم المشكلة ككل... منذ متى حدث لكِ هذا؟ وهل حدث بعد فقدان شخص عزيز عليكِ مثلًا، أو تعرضكِ لضغوط نفسية شديدة، أو غير ذلك من هذه الأمور... وكيف لا ترينه؟ عندما تنظرين في المرآة أو عندما تنظرين في حوض مملوء بالماء أو ماذا؟
بعد ساعة
رد:
عزيزي أحمد
لم أكن قد فكرت من قبل في أن أرى وجهى على صفحة الماء؛ ماذا لو أنه لايزال هناك؟... سؤالك جعلني بسرعة أملأ الحوض في دورة المياه بالماء وأنظر فيه وكلي آمال؛ لكنها خابت كلها ولم يكن هناك غير الماء والسحابة التي هي وجهي تسبح فيه.
حدث لي هذا منذ ما يزيد عن ستة أشهر... لم أتعرض مؤخرًا لفقدان شخص عزيز عليّ أو وقعت تحت تأثير ضغوط نفسية شديدة... أنا لا أرى ملامح وجهي عندما أنظر في المرآة أو في حوض مملوء بالماء كما فعلت اليوم، أرى بدلًا من هذه الملامح سحابة تحتل المكان المخصص لوجهي، لها لون يختلف في كل مرة حسب الحالة النفسية التي أكون عليها.
وجهي أصبح كجدار تساقطت ألوانه؛ مع الفارق فيما حدث لي؛ فقد تساقطت ملامحه.
بعد خمس دقائق
رد:
وماذا عن الآخرين؟ هل يرى الناس ملامح وجهكِ أم أنهم يرون السحابة أيضًا؟
بعد دقيقتين
رد:
الناس ترى ملامح وجهي... أنا فقط التي لا أراني.
هل ترى كم هي مشكلة غريبة وصعبة.
بعد نصف ساعة
رد:
أنا أؤمن بأن لكل مشكلة حل؛ لا شيء يستعصي على الأيام وعلى الإرادة القوية؛ كل ما نريده أحيانًا يكون هو الصبر... فهل صبرتِ بما فيه الكفاية؟ هل بحثتِ بجدية عن أسباب المشكلة؟
بعد عشر دقائق
رد:
فعلت كل ما أستطيع فعله؛ وصراحةً لا أعرف إذا كان ما فعلته كافٍ أم لا.
بعد يومين
الموضوع: الاختلاف
عزيزي أحمد
هل الاختلاف ميزة أم جريمة؟
بما أني أختلف عن العالَم كله؛ بوجه مختفي عن صاحبته؛ تُرى هل هذه ميزة أم جريمة؟
بعد ساعتين
رد:
لماذا تضعين في الاحتمالات المطروحة أن الاختلاف جريمة؟ جريمة في حق مَن؟
بعد عشر دقائق
رد:
في حق نفسي؛ وربما في حق العالَم كله لو عرفوا بها.
على صخرة الاختلاف ينكسر كل ما هو مختلف ويتحول لنشاذ في الجسد المتناسق... أنا الآن نشاذ وسط هذا العالَم واضح الملامح.
بعد 11 دقيقة
رد:
إذا كنتِ تريدين رأيي، فأنا أعتبر الاختلاف ميزة؛ أن تكون مختلفًا فهذا يعني أنك متفرد، لا يُوجد منك نُسخ أخرى بالآلاف أو بالملايين.
بعد سبع دقائق
رد:
أشكرك على رأيك هذا الذي فتح لي طاقة نور وسط بحر من الظلمات التي أسبح فيها.
في اليوم التالي
الموضوع: الظلام
صباح الخير أحمد.
أحيانًا أشعر أن هذا الذي أنا فيه ما هو إلا نوع من أنواع الظلام... ظلام أن لا أرى وجهي؛ أن تختفي عني ملامحه.
بعد ثلاث ساعات
رد:
هوني على نفسكِ يا شروق، هناك أنواع أشد من الظلام... مثل ظلام ألا نرى الحقيقة؛ ظلام ألا نرى الحق؛ وظلام ألا نرى ما بداخلنا.
بعد ربع ساعة:
رد:
هل من الممكن أن يكون قد أصاب عقلي خللٌ ما يجعلني أرى وجهي على شكل سحابة؟
بعد خمس دقائق
رد:
لا يمكنني أن أحكم عليكِ من خلال 32 رسالة تبادلناها حتى الآن، يجب أن أعرفكِ أكثر... ربما مع مرور الأيام وتزايد عدد الرسائل بيننا قد أستيطع إجابتكِ على هذا السؤال.
بعد أسبوع
الموضوع: أهلًا أحمد
هل مازلت تمر ببعض المشاغل والصعاب التي لا مجال للحديث عنها هنا؛ أم أن مشكلتي ليس لها معنى أو حل لديك؟
بعد سبع ساعات
رد:
عزيزتي شروق
لا هذا ولا ذاك... فقط كنتُ أفكر في السبب الذي قد يجعل شخص ما لا يرى وجهه... ولماذا الوجه بالتحديد؟ لماذا لا يمكنه أن يراه؟ هل الحرامي مثلًا قد تُصيبه حالة مماثله إذا شعر بالذنب بعد أن يقوم بإحدى سرقاته ويجد أنه لا يستطيع أن يرى يديه... هل عداء مسافات طويلة قد تُصيبه حالة مشابهة في أنه قد لا يستطيع أن يرى قدميه إذا خسر مباراة هامة بالنسبة له... هل الراقصة قد تفقد القدرة على رؤية جسدها إذا قررت أن تتوب وتتوقف عن الرقص ولم تستطع لظروف ما... وهكذا ظللتُ أدور في أفكار مشابهة طيلة الأسبوع... أعترف أن هذا الموضوع غريب وجديد علىّ، لكني أعتقد أنه توجد علاقة وطيدة بين وجهكِ بالتحديد واختفائه... وأنتِ الوحيدة القادرة على إيجاد هذه العلاقة.
بعد 40 دقيقة
رد:
أراك شخصًا يأخذ وقته الكافي في التفكير... أثرت فضولي بتحليلك الرائع هذا.
بعد أربعة أيام
الموضوع: العلاقة بين الاسم والوجه
عزيزي أحمد
فكرتُ كثيرًا في العلاقة بين وجهي واختفائه، لكني لم أستطع أن أجد شيئًا يربط بين الاثنين... لم أكره وجهي يومًا، ولم يسبب لي أية عقدة أو مشكلة... الوحيد الذي كنتُ أكرهه هو اسمي "فراق"، طالما شعرتُ بأنه قدم فراق على كل مَن يتقرب مني، قدم الفراق التي تُباعد بيني وبين مَن أُحب... لذلك قررتُ منذ فترة ليست بالطويلة أن أقوم بتغييره؛ حتى أنني حاولت تغييره في الأوراق الرسمية ولم أستطع لصعوبة هذا الأمر، فاكتفيتُ بتغييره في الواقع ومع مَن أتعامل معهم أو يعرفونني.
هل تعتقد أن كُرهي لاسمي هو السبب في اختفاء وجهي؟ هل تُوجد علاقة أو رابط بين الاثنين؟
بعد ساعتين
رد:
لمَ لا؟ قد يكون هذا هو السبب، قد تكون هذه هي الحلقة المفقودة... هل أنتِ جميلة؟ بيضاء، سمراء، ما لون عينيكِ، لون شعركِ، حجم أنفكِ، شفتيكِ، طويلة أم قصيرة، نحيفة أم بدينة... أنا أريد أن أعرف كيف تبدين... كم عمركِ؟
بعد عشر دقائق
رد:
ما كل هذه الأسئلة التفصيلية؟ نسيت أن تسأل عن مقاس ملابسي ومقاس حذائي!
فلنظل أغراب أفضل.
بعد دقيقتين
رد:
أوافقكِ الرأي... فلنظل أغراب أفضل.
بعد ثلاثة أسابيع
الموضوع: هل أنت غاضب؟
عزيزي أحمد
لماذا توقفت عن الكتابة لي؟ هل غضبت من ردي في آخر رسالة مني لك؟ بصراحة أنا قد تعودتُ على رسائلك... ولكي أكون أكثر صراحة، لقد أحببتها... تُعجبني طريقتك في الكتابة والتحليل، ونظرتك شديدة الخصوصية للأمور، في وضع الأشياء في نقاط محددة وتسلسل منطقي... وأعترف لك أني قد سألت نفسي العديد من الأسئلة عن عمرك، طولك، ملامحك، ماذا تعمل؟ وأسئلة أخرى مشابهة؛ لكني فضلت ألا أسألها؛ وفاجأني وأربكني أنك سألتني هذه الأسئلة مباشرةً ودون مقدمات، لذا فقد جاء ردي حادًا كإجابة عليها، فأرجو المعذرة في ظل الأسباب التي شرحتها لك.
مودتي
شروق
بعد يومين
رد:
عزيزتي فراق
اسمحي لي أن أستخدم اسمكِ السابق؛ أراه مناسبًا جدًا لما نحن مقبلان عليه.
لا تنزعجي، (كنت أمزح)... لم أغضب منكِ، وأتفهم جيدًا موقفكِ بدون شرح للأسباب؛ ولا يهمني أن أعرف ملامحكِ أو عمركِ أو حتى مقاس حذائكِ... وأعترف لكِ بأنني أنا أيضًا قد تعودتُ على رسائلكِ وأحببتها.
ما هي أخبار وجهكِ؟ هل مازلتِ لا ترين ملامحه؟ هل مازالت السحابة هناك؟
محبتي
أحمد
بعد خمس ساعات
رد:
عودًا حميدًا يا أحمد... ظننتُ أنك لن تكتب لي مرة أخرى؛ وأحزنني هذا، لكني سعيدة الآن... شكرًا لك.
بالنسبة لوجهي، مازالت ملامحه مختفية عني، ومازالت السحابة في مكانها... أخشى أني قد تعودتُ على اختفاءه، وأخشى أكثر من عودته... لا أدري بأي ملامح قد يعود إليّ، هل سأتقبله مرة أخرى وأعتاد النظر إليه كل صباح أم أني لن أنزع الأغطية التي أضعها على المرايا في البيت؟ وإذا حدث وعاد، فربما قد أُوهم نفسي أنه مازال مختفيًا حتى لا أضطر للنظر إليه... وأحيانا أفكر هل إذا عاد لي وجهي سيعود بنفس ملامحي القديمة أم بملامح جديدة لا أعرفها؛ هل سأتقبله وأحبه مرة أخرى أم ماذا؟... أفكار كثيرة كهذه تملأ عقلي وتشغلني ليل نهار.
بعد اثنى عشر دقيقة
رد:
تضعين أغطية على المرايا في البيت! أفهم من هذا أنكِ تعيشين بمفردكِ في هذا البيت... فليس من المنصف أن تفعلي هذا مع وجود آخرين يمكنهم رؤية وجوههم في المرايا.
هل يمكنني أن أسأل كم عمركِ؟ سؤال واحد كما ترين ويمكنكِ أن ترديه إليّ في المقابل فنكون متعادلان في معرفة أعمار كل منا.
بعد دقيقة
رد:
كم تظن قد يكون عمري؟
بعد سبع دقائق
رد:
أعتقد أنكِ في الخمسينات من عمركِ... مُطلقة، ليس لديكِ أطفال، تعيشين بمفردكِ بعيدًا عن أهلكِ... وربما كانت الوحدة هي السبب في اختفاء وجهكِ، أو توهمكِ باختفاءه.
هل تحليلي:
1- صح
2- خطأ
وإن كان (2) فلا تحيرينني أكثر من هذا وقولي لي عمركِ الحقيقي.
بعد دقيقتين
رد:
2
وقبل أن أقول لك عمري الحقيقي، أخبرني لماذا توقعت كل هذا عني؟ أرغب بشدة في معرفة الأسباب.
بعد نصف ساعة
رد:
توقعاتي هذه جاءت لعدة أسباب منها:
أولًا: عند قولكِ أنكِ تضعين أغطية على المرايا في البيت، فهذا يدل على أنك تعيشين بمفردكِ.
ثانيًا: لم تذكري أي شيء عن أبناء لكِ أو بنات وهذا يدل على أنكِ ربما مُطلقة وليس لديكِ أبناء.
ثالثًا: لا تستخدمين في رسائلكِ كلمات مبتذلة أو لها طابع شبابي، وهذا يدل على أنكِ لا بد فوق الثلاثين أو الأربعين عامًا.
رابعًا: تكتبين رسائل جميلة بأسلوب شيق ولغة سليمة، وهذا يدل على أنكِ قد قضيتِ عمرًا طويلًا في القراءة وربما الكتابة.
خامسًا وسادسًا وسابعًا و ......: هذه هي الصورة التي كونتها عنكِ من خلال رسائلنا حتى الآن، قد تكون صحيحة وقد لا تكون، فأرجو ألا تغضبي مني إذا كانت صورة خاطئة، وأنتظر منكِ تصحيحها.
بعد 22 دقيقة
رد:
استمتعتُ كثيرًا بقراءة تحليلك لي بهذه الطريقة؛ رغم أنك أصبت في شيء واحد فقط من كل ما قلته، وهو أني أعيش بمفردي، أما باقي الصورة التي كونتها عني فلا أساس لها من الصحة ولا تمت لواقعي بِصلة.
ولا أدري لماذا توقعت أني قضيتُ عمرًا طويلًا في القراءة وربما الكتابة، لمجرد أني أكتب رسائل جميلة بأسلوب شيق ولغة سليمة! فربما كنتُ مُدرسة لغة عربية مثلًا، أو كاتبة قصة أو شاعرة، أو مجرد شخص يُحب القراءة؛ ألم يخطر ببالك شيء كهذا؟
على العموم لن أُحيرك أكثر من هذا؛ عمري 27 عامًا.
بعد 50 ثانية
رد:
لا... لا يمكن، غير معقول!
وما الذي يجعل فتاة صغيرة السن مثلكِ تعيش في منزل لوحدها؟
بعد ثلاث دقائق
رد:
هذه حكاية طويلة؛ لا أُريد أن أتعب رأسك بها.
والآن دورك... ما هو عمرك؟
بعد دقيقة
رد:
أُحب أن أعترف بأنني من هواة تعب الرأس... هيا احكي لي.
بالنسبة لعمري، فنحن نبتعد عن بعضنا البعض بحوالي عشرة أعوام... أي أن عمري 37 عامًا.
بعد ساعة
رد:
يا صاحبة الوجه المختفي، يا فراق، يا شروق، يا أيًا كنتِ، أنا في انتظار الحكاية.
في اليوم التالي
الموضوع: حكايتي
عزيزي أحمد
حكايتي مثل اختفاء وجهي؛ غريبة وحزينة... نشأت في بيئة فقيرة (لا داعي للحديث الآن عن تفاصيل هذه النشأة)، كان الفراق رفيقي منذ أن وُلدت... فارقتُ أمي وهي تلدني، ثم فارقتُ أخواتي البنات الواحدة تلو الأخرى في زيجات بعيدة عنا وانقطاع شبه دائم... ثم فارقتُ أبي، ثم فارقتُ "أم سعد" جارتي والوحيدة التي آنست وَلحشة أيامي بعد موت أبي، ثم فارقتُ الشخص الوحيد الذي مد لي يد العون وساعدني في استكمال تعليمي، ثم فارقتُ قلبًا أَحبني بصدق وأراد الزواج مني، وأخيرًا ها أنا ذا أُفارق وجهي، ولا أدري كم من فراق آخر في انتظاري.
هذه حكايتي باختصار شديد... سلسلة من الفراق.
بعد ساعة
رد:
عزيزتي فراق (شروق)
ولماذا الاختصار الشديد؟ لديَّ كل الوقت لأسمع الحكاية بالتفصيل.
بعد 20 دقيقة
رد:
ربما في وقت آخر.
بعد ثلاثة أيام
الموضوع: زهايمر العيون
عزيزي أحمد
هل تعتقد أن حالتي هذه قد تكون نوع جديد من أنواع "الزهايمر"، قد أصاب عينيّ ولم يُصب ذاكرتي، فأصبحَت عينايّ لا تتذكران ملامح وجهي ولا تُمكناني من رؤيته... ما رأيك في هذه النظرية الجديدة التي أتبناها هذه الأيام كسبب مُحتمَل لمشكلة وجهي؟
في اليوم التالي
رد:
أحمد... أين أنت؟ أفتقد رسائلك.
بعد أسبوع
الموضوع: الألم
عزيزتي شروق
الألم هو الألم حتى وإن كان ألمًا نفسيًا... الألم هو الألم حتى وإن كان عابرًا... الألم هو الألم حتى وإن كان اجتماعيًا... الألم هو الألم حتى وإن كان تسوس الأسنان الذي يعذبني هذه الأيام.... يتجمع كله في نقطة واحدة ثم يتحول لقطار يصدمني ولا أنجو من عجلاته إلا بمُسَكِن قوي.
ليس أمامي الآن غير أن أتقبل هذا الألم أو أن أخلع هذا الضرس الذي نخره السوس ووصل حتى العصب المتصل مباشرةً بمركز الإحساس في المخ، أو أن أقوم بعملية حشو تتطلب عِدة زيارات لا أحبها لطبيب الأسنان؛ ولقد اخترتُ الاختيار الثاني عن طيب خاطر، وسأذهب في التو والحين لخلعه... إلى اللقاء بعد أن يكون قد نقص لديّ ضرسًا، وأصبح فمي يحوي على 31 فقط.
المتألم: أحمد
اليوم التالي
رد:
يبدو أن الألم يجعل منك شاعرًا... أشكر الألم الذي جعلك تكتب هذه الرسالة الشاعرية الجميلة عن الألم.
كيف حالك الآن وأنت تنقص ضرسًا؟
مودتي
شروق
بعد سبع ساعات
رد:
أفضل بكثير بدون ألم... ها أنتِ تعرفين شيئًا إضافيًا عني بعد أن تبادلنا أعمارنا... هيا أخبريني في المقابل بشيء عنكِ لا أعرفه.
بعد دقيقة
رد:
؟؟؟؟؟؟؟
ماذا تقصد؟ أنا لا أعرف عنك شيئًا إضافيًا.
بعد 50 ثانية
رد:
بل تعرفين أنه ينقصني ضرسًا الآن.
وتكفي علامة استفهام واحدة... لا داعي لسبع علامات متتاليات.
بعد دقيقتين
رد:
أضحكتني فعلًا.
هل معلومة أنه ينقصك ضرسًا تُعتبر معلومة إضافية عنك؟
حسنًا، إليك معلومة إضافية عني بالمقابل... مقاس حذائي 36، لكني أرتدي أحذية مقاس 37.
بعد ثلاث دقائق
رد:
سعيد أني استطعت إضحاككِ... وبهذا المقاس الصغير لحذائكِ سيكون من الصعب عليّ إهدائكِ حذاءً.
ملحوظة: كانت جملة افتراضية كرسائلنا هذه... فكما قلتِ أنتِ من قبل أننا لن نلتقي يومًا... فليس هناك أي مجال لتبادل الهدايا.
بعد دقيقة
رد:
يمكننا أن نتبادل هدايا افتراضية.
بعد ساعة
رد:
فكرة رائعة... مُرفق مع الإيميل صورة بها حذاء أبيض جميل مقاس 37، وآخر أسود مقاس 36، يمكنكِ ارتداء أيهما، (هديتي الافتراضية الأولى لكِ).
بعد 25 دقيقة
رد:
هدية مقبولة... كم أعجبتني كثيرًا هذه الهدية العابرة للواقع والمخترقة لقلب العالَم الافتراضي... أشكرك.
ملحوظة: أنا أرتدي الآن في قدمي اليمني فردة من الحذاء الأبيض مقاس 37 وفي قدمي اليسرى فردة من الحذاء الأسود مقاس 36، كلاهما جميلان ويناسبان قدمايّ.
ما أجمله من شعور وأنا أكتب لك هذه الرسالة الافتراضية وأنا أرتدي حذاءً افتراضيًا بمقاسين ولونين مختلفين، في مساء افتراضي هاديء.
في اليوم التالي
الموضوع: هل سأختفي يومًا؟
هل تعتقد يا أحمد أني سأختفي يومًا كما اختفت ملامح وجهي؟
أستيقظ ذات صباح لأجد أني غير قادرة على رؤية جسدي بالكامل، أو قد أجده قد تحول لسحابة كبيرة هو الآخر، أو لقطعة من السماء، أو قد يكون الأمر أفدح، فلا يستطيع أحد رؤيتي... الفراق الكامل، التام.
بعد 20 دقيقة
رد:
لا تخافي يا شروق... أنا سأستطيع أن أراكِ مهما كانت درجة اختفائكِ كُلية أو جزئية، أو أيًا كانت حالتكِ: صلبة، سائلة أو حتى غازية.
بعد دقيقة
رد:
تعطيني دائمًا الأمل؛ وهذا ما يجعلني أحب الكتابة إليك... وأيضًا قد تصالحتُ مع وجهي ورفعتُ الأغطية التي كنتُ أضعها على المرايا في البيت.
في اليوم التالي
الموضوع: ليلى
في تطور خطير للحالة التي أمر بها من إختفاء وجهي فقد استيقظتُ اليوم لأجد أنه قد أصبح لي ملامح وجه؛ لكنها ليست ملامحي وليس وجهي... هل هذا لأني تصالحتُ مع وجهي وقبلتُ به وهو على هيئة سحابة؟ فكافأني بأن جعل لي ملامح وجه يمكنني النظر إليها، لكن وجه مَن هذا؟ دققتُ النظر أكثر في المرآة وقد كان يُشبه وجهًا أعرفه من الماضي، وجهًا لا يمكنني أن أنساه رغم مرور الزمن عليه وتغيره كثيرًا... وجه أختي "ليلى" التي ربتني وأنا صغيرة، لم تكن أكبر أخواتي لكنها هي التي احتضنتني بعد موت أمي وكانت لي بمثابة الأم؛ تزوجَت "ليلى" وتركتنا عندما كان عمري حوالي سبع سنوات ولم أرَها مرة أخرى.
أخرجتُ الصورة القديمة التي أمتلكها لها من الصندوق الذي أحتفظ فيه بأوراق أبي؛ فقد كان أبي كلما تزوجَت إحدى أخواتي البنات يحتفظ بصورة لها هي وزوجها مع أوراقه، كم هي مفيدة لي هذه الصور الآن؛ طابقتُ الصورة بوجهي في المرآة وكانت هي، "ليلى"... نظرتُ لباقي جسدي خوفًا من أن يكون قد تغير هو الآخر، لكنه كان ما يزال جسدي أنا وليس جسد أحدًا آخر، وجهي فقط الذي لم يعد لي.
منذ عِدة أسابيع طلب مني المعالج النفسي الذي أذهب إليه أحيانًا أن أبحث عن أخواتي البنات وأصلهن وألتف حولهن؛ قال لي يومها (جزء من علاج مشكلتكِ قد يكون في صلة هذه الرَحِم المقطوعة)... وهزتني هذه الجملة من الداخل فأنا لا يمكن أن أكون قاطعة رَحِم، أنا فقط لا أعرف لهن طريقًا.
ربما ظهور وجه "ليلى" الآن مكان وجهي هو رسالة صريحة لي كي أبدأ في البحث عنهن، ولتكن البداية "بليلى"... التقطتُ صورة لوجهي الآن وهو بملامح أختي "ليلى" وقررتُ البدء في البحث عنها دون تأخير.
بعد ساعة
رد:
هو بالفعل تطور خطير أن يظهر مكان وجهكِ وجه شخص آخر؛ لا أعرف ماذا سيكون شعوري إذا حدث لي هذا، لكنه بالتأكيد سيكون شيئًا مزعجًا للغاية، ومُرعبًا في الوقت ذاته.
بعد عشر دقائق
رد:
إنها ليست المرة الأولى التي يحدث لي فيها هذا، لذلك كانت ردة فعلي أقل من ذي قبل... منذ أشهر قليلة تناوبَت أفراد أُسرة بأكملها أب، أم، ثلاثة أولاد، وبنتان، على الظهور في ملامح وجهي لمدة أسبوعًا كاملًا، أُسرة لم أكن أعرف عنها أو عن أصحابها شيئًا، ظهورهم هذا جعلني أبحث عنهم وأعرف أسماءهم وقصتهم؛ لكني لم أستطع الذهاب أبعد من هذا ولا أدري حتى الآن لماذا كانوا يظهرون في ملامح وجهي وماذا أرادوا مني.
بعد خمس دقائق
رد:
حكايتكِ غريبة يا شروق... تُضاهي قصص ألف ليلة وليلة في غرابتها... لولا خطابكِ الأول الذي أرسلتِه لي عن طريق الخطأ، لقُلتُ أنكِ تختلقين كل هذا، وما هي إلا خيالات في رأسكِ.
المهم أنكِ لم تُخبريني من قبل عن أسرتكِ... لماذا ستبحثين عنهم؟ ألستِ على صلة بهم؟
بعد نصف ساعة
رد:
ربما يجب أن أُخبرك الآن عن أسرتي.
باختصار، نحن سبع بنات، أنا البنت السابعة؛ أبي كان حفارًا للقبور، ونشأت معه في المقابر؛ ماتت أمي وهي تلدني، ومات أبي بعد أن أنهيت الثانوية العامة واستطاع أن يجد لي عملًا في مكتبة... أما أخواتي البنات فكلهن تزوجن وذهبن بعيدًا عن المقابر، وكان أبي يطلب منهن عدم العودة لذلك المكان مرة أخرى، وبالفعل ذهبن بلا رجعة، وانقطعت أخبارهن عني تمامًا.
بعد خمس دقائق
رد:
قصتكِ ليست غريبة فقط، بل مأساوية أيضًا... وأنا متأكد من أنكِ شخصية قوية، لأن الله تعالى أعطى لكِ كل هذه المحن والاختبارات وهذه الأشياء الغريبة، وهي لا تُعطَى لأي أحد، بل لمَن يقدر على حملها... لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها... وأنتِ تسعين كل هذا يا شروق.
بعد عشر دقائق
رد:
كم هي جميلة رسالتك الأخيرة هذه يا أحمد... أعطتني قوة كنت أحتاجها لما أنا مُقدمة عليه في عملية البحث عن أخواتي البنات... أشكرك
في اليوم التالي
الموضوع: دروس في قيادة السيارات
مساء آمن وجميل لك ولي يا أحمد؛ مساء له أربع عجلات تجرها الحياة: عجلة أمان، عجلة هدوء، عجلة سعادة، وعجلة وصول.
قررت منذ عِدة أشهر أن أشتري سيارة جديدة، وهذا يتطلب تعلم القيادة أولًا... لذا فأنا أتلقى دروسًا في تعلم قيادة السيارات منذ حوالي شهر؛ وكان آخرها اليوم، وقد أكد لي المدرب الذي يقوم بتعليمي القيادة أنني أصبحتُ الآن قادرة على قيادة السيارات؛ وسأذهب في الأسبوع المقبل لاستخراج رخصة القيادة وشراء سيارة جديدة كي تساعدني في رحلة البحث عن أخواتي البنات.
أقرأ الآن على الانترنت " 8 نصائح للقيادة تجنبك الحوادث"، هل تريد معرفة هذه النصائح؟
بعد 11 دقيقة
رد:
لا، شكرًا لكِ؛ أنا أقود السيارات بشكل جيد ولستُ في حاجة للنصائح، وستُصبحين أنتِ كذلك بعد أشهر قليلة من القيادة الفعلية؛ فقيادة السيارة مثل الحياة، نتعلمها بسرعة، ونعتادها مع مرور الوقت.
بعد دقيقتين
رد:
على العموم لا تثق كثيرًا في الحياة كما لا تثق في إشارات الدوران، كلاهما يخدعان في أحيان كثيرة.
بعد دقيقة
رد:
احترسي يا شروق من النقل الثقيل؛ أقصد احترسي من محترفي القيادة مثلي، فأنا لا أخاف من الطُرق الجديدة ولا تخدعني إشارات الدوران.
مساؤك جميل ومنطلق بأقصى سرعة على طريق تحقيق الأمنيات... مبروك تعلم القيادة.
********************************************