هذه الرواية ما هي إلا رسالة شكر لكل مَن أسهم في تكون شخصيتي ككاتبة، وساعدني لأضع أولى خطواتي على طريقي في عالم الكتابة الرحب.
البداية كانت مع أجاثا كرستي الأم الروحية للأدب البوليسي التي مثلت لي نموذجًا خاصًا أحببته منذ كنت بالعاشرة من عمري، عندما قرأت روايتها جريمة في قطار الشرق السريع، فتعددت لقاءاتي مع قلمها في العديد من رواياتها وقصصها البوليسية، فهي مثال يشار له بالبنان كأحد أقوي الأقلام النسائية -إذا كنت من محبي تصنيف الكاتب حسب نوعه الاجتماعي- والتي فنَّدَت المزاعم بكون المرأة لا تصلح أن تكون كاتبة، وأن كتبت فإن الروايات الرومانسية والواقعية هي التي تناسبها دون غيرها، فإن كنت اتجهْتُ لأكون كاتبة، فالفضل لها بعد الله في هذا الاختيار.
مومياء ممصوصة تعيش على النتروجلسرين، والتي تصبح كهلًا فاتنًا عند ارتداءها بذة كحلية، هذا يعني بالضرورة رفعت أسماعيل -بطل سلسلة ما وراء الطبيعة الصادرة عن المؤسسة العربية الحديثة، الذي رسم شخصيته المرحوم الدكتور أحمد خالد توفيق- رفيق الصبا والشباب، الذي هرمنا بموته في العدد 81، لم يكن مجرد بطل من ورق بل كان خليطُا من الصديق والأخ الأكبر والمرشد، فهو أول من كسر تابوه الأبطال الإغريقي، فلم يعد يلزم أن يكون البطل شابًا شديد الوسامة قوي البنية ساحر البيان، فكل شخص يصلح أن يكون بطلًا، بل إنه في الواقع كل منا بطل في روايته الخاصة، فهو المؤلف لقصة حياتك، وصاحب تقرير المصير، ترددت كثيرًا في الواقع قبل أن أقرأ العددين اللذين توفي فيهما رفعت، لقد خشيت تلك النهاية، فالفراق دائمًا له مرارة العلقم، ولكني ومع كل هذا واجهت هذا الموقف بالكثير من الجسارة، والحزن، فلم أشأ أن أتركه دون وداع يليق به، لذلك أعددت له هدية وداع أتمنى أن تليق به، وأن يسعد بها.
عالم الرسوم المتحركة، هذا العالم الساحر، هو رافد من روافد الفانتازيا، الذي وعلى الرغم من بغض الواقعيين للفانتازيا إلا أنهم وفي مرحلة ما من حياتهم عشقوها عبر إدمانهم لمشاهدة الرسوم المتحركة، للرسوم المتحركة الفضل الأكبر في إبحاري في عالم الخيال، واستمتاعي بكل ما هو غريب، وغير واقعي، وغير بشري، ربما كان ذلك سببًا بشكل غير مباشر في كون أغلب رواياتي تميل إلى الفانتازيا التي تمتزج بالرومانسية أو الخيال العلمي أو التاريخ والرعب.
ياسر العظمة أشهر ممثل كوميدي في العالم العربي، وهو سوري الجنسية، انتشرت أعماله مثل مسلسلات مرايا، وحكايا، وحكايا المرايا من المحيط إلى الخليج، والتي عبرت عن واقعنا المرير بطريقة ساخرة لطيفة، والذي انتقد الأوضاع التي نعيشها بشكل جذاب دون مشهد خادش للحياء، ودون بذاءة لفظية، كان يعتمد على كوميديا الموقف، وسهولة تنقله بين العديد من اللهجات الشامية، وحبه لمصر الذي تجلي في استشهاده بأمثالنا الشعبية، وتقليده للهجتنا بطريقة تشبهنا بشدة، وغيرها الكثير، كما أنه له من القدرة على التلون بين الكوميديا والتراجيديا بشكل سلس يشد المشاهد له، لينقل لك ما يريده دون وساطة، فمن قلبه لقلبك دون حجاب، إنه لنعم الفنان القدير الحامل لهموم وطنه وأمته، فنحن من المحيط إلى الخليج شعب واحد مهما قسمتنا سايكس بيكو أو غيرها.
مع نهاية الرواية كان يجب أن أتوجه بالشكر للمؤسسة العربية الحديثة التي عرفتنا على أدب الخيال العلمي عبر سلسلتي نوفا للأستاذ الدكتور رؤوف وصفي -والذي أخذ بيدي ووضعني على بداية الطريق بنشره لقصصي في مجلة العلم التابعة لأكاديمية البحث العلمي، مع إرشاداته ونصحه، فجزاه الله عني خير الجزاء- وسلسلة ملف المستقبل للدكتور نبيل فاروق، لذلك كانت الخاتمة مع الخيال العلمي، والتي كُتِبَت بنفس الأسلوب وخط دراما روايات المؤسسة، في محاولة مني لشكر المؤسسة على تعريفنا بالعديد من الألوان الأدبية وخاصة الخيال العلمي، والذي كان بدايتي الأدبية بالقصص القصيرة، وأتمنى أن يكون رفيقي في كتابة الروايات.